الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم وخصائص التجربة العراقية في الخصخصة خلال فترة النظام الديكتاتوري

حارث رسمي الهيتي

2016 / 10 / 1
الادارة و الاقتصاد



قبل الدخول في تفاصيل التجربة العراقية في الخصخصة ، لابد من المرور على بداية ظهورها وبعض التعاريف الخاصة بها . حيث يرى بعض الاقتصاديين إن نشأة الخصخصة في الفكر الاقتصادي جاءت على يد آدم سميث في كتابه ثروة الأمم الذي نشر عام 1776م بالاعتماد على قوى السوق وتشجيع المبادرات الفردية من أجل دعم التخصص وزيادته وتقسيم العمل مما يساهم بطريقة أو بأخرى في الى تحقيق الكفاءة الاقتصادية .
بينما يرى البعض الاخر أن جذور الخصخصة تعود الى العام 1676م حيث بدأ العمل بتنفيذ أول عملية تحويل من الملكية العامة الى الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن حولت بلدية نيويورك مهمة تنظيف المدينة التي كانت تقع على عاتق مؤسسة حكومية الى شركة خاصة . ويذهب البعض الى ظهور إن ظهور فكرة الخصخصة تحت هذا المسمى ظهر عام 1979م بعد ان نادت السيدة مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا بتطبيق سياسة الخصخصة اذ تم تحويل كثير من المشاريع التي تملكها الدولة الى ملكية القطاع الخاص .
إما بالنسبة لتعاريف الخصخصة فهي تختلف من دولة الى أخرى ومن نظام اقتصادي الى آخر فهناك من يرى الخصخصة هي ( الكفاءة في إدارة وتشغيل المشروعات العامة والاعتماد على آليات السوق والتخلص من المركزية ) وهنا الحديث عن الإدارة مع احتفاظ الدولة بملكيتها للمشاريع .
وهناك من يرى إن الخصخصة هي ( نقل أو تحويل مشروع ما كلياً او جزيئاً من القطاع العام الى القطاع الخاص ) . وآخر يرى أن الخصخصة هي ( تحويل الملكية العامة الى ملكية خاصة عن طريق بيع المشاريع بكاملها الى القطاع الخاص ) .
وتعرف أيضاً على انها ( سياسة لإنعاش تراكم رأس المال الخاص ، فهي تعيد توزيع الثروة والدخل لصالح القطاع الخاص وبدورها تؤدي الى دعم مقدرة هذا القطاع على ادخار الأرباح واستثمارها في عملية إنتاج جديدة تخدم في خاتمة المطاف القطاع الخاص والقائمين عليه ) .
فيما تعرف منظمة الأونكتاد الخصخصة على انها ( جزء من عملية الاصلاحات الهيكلية للقطاع العــام في البـنيان الاقتصـادي وتتضمن إعادة تحــديد دور الدولة - دون الإشـارة الى إلـغاء دور الدولة – والتخلي عن الأنشطة التي التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها على أن يستهدف هذا القطاع بوجه عام رفع الكفاءة الاقتصادية ) .
إما البنك الدولي فيعرفها على إنها ( زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة ملكية الأنشطة والاصول التي تسيطر عليها الحكومة أو تملكها ) والحديث هنا زيادة مشاركة وليس عن رفع يد الحكومة بالمطلق .
إما فيما يخص تجربة الخصخصة في العراق ، فبعد ان عانى اقتصاد البلد وعلى مدى ثلاث عقود من الزمن من حروب بدأت بالحرب العراقية – الإيرانية في أيلول 1980 نجم عنها الكثير من المشاكل والاختلالات في الاقتصاد العراقي وحدثت أضرار كبيرة في البنى التحتية وقطاعات الإنتاج الرئيسية من الصناعة الى الزراعة ومروراً بقطاع النفط الذي تأتي اهميته من إعتماد اقتصاد العراق على هذا القطاع بشكل رئيسي .
وبعد تراجع الدور الذي كان يلعبه النفط بعد أن انخفضت أسعاره باشرت الحكومة العراقية بتطبيق بعض الإجراءات في مجال الاقتصاد حيث قامت بتحويل ملكية المشروعات الصناعية والتجارية والخدمية الحكومية الى القطاع الخاص عن طريق البيع الكلي أو الجزئي بعد أن رفعت القيود عن القطاع الخاص والسماح له بمزاولة العديد من النشاطات الاقتصادية التي لم يكن مسموحاً له بمزاولتها ، حيث أقدمت الحكومة آنذاك على خصخصة عدد من المشاريع العامة في قطاع الزراعة والصناعة والتجارة وكان من اكثرها في قطاع الزراعة بهدف تحفيز هذا القطاع المهم والوصول الى حالة الاكتفاء الذاتي في ، بالاضافة الى اعتماد الحكومة على مبدأ التمويل الذاتي في المستشفيات والعيادات الشعبية وقيام الجامعات الاهلية .
وبعد هذه الاجراءات تشير بعض التقارير الى ان مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الاجمالي عام 1980 ( اي قبل تنفيذ خصخصة بعض القطاعات ) كان 83% فيما نلاحظ انخفاضها الى 53% عام 1990 ، هذا مقابل ازدياد نسبة مساهمة القطاع الخاص من 16% عام 1980 الى 46% عام 1990 .
وبعد عام 1996 تخذت الحكومة العراقية خطوات اخرى ممثلة باصدار بعض التشريعات القانونية أدت الى توسيع القطاع الخاص في الفعاليات الاقتصادية والانتاجية بحيث ارتفعت نسبة مساهمة القطاع الخاص في تكوين الناتج المحلي بلغت نسبة ما يقارب 90% من ناتج القطاع الزراعي منذ بدء الحصار وحتى العام 2002 .
الى إن اتساع حدة التفاوت في توزيع الدخل والثروة والأرباح باتت من أهم مواطن الخلل في البنية الاقتصادية في العراق بالاضافة الى الى اتجاه النشاط الاقتصادي صوب الركود بسبب المبالغة في فرض الضرائب والرسوم .
وبعد هذا العرض الموجز والبسيط أرى من الضروري نثبت بعض النقاط بما يخص الموضوع :
1. إن دعاة إحلال القطاع الخاص محل القطاع العام يروجون الى إن القطاع الخاص سيؤدي الى تحفيز المنافسة في السوق ، دون الاشارة الى مفهوم السوق الذي يدعون اليه ، هل هم مع خلق سوق منتجة تنافسية تدعمه وتراقب نشاطه الدولة ام سيبقى سوقاً منفلتاً يتحكم فيه أصحاب رؤوس الاموال لصالح مصالحهم الخاصة ؟
2. الحديث عن فشل القطاع العام وتفشي الفساد فيه ومحاولة طرح مشروع الخصخصة بوصفه البديل الحتمي لكل هذا دون الحديث عن الكيفية التي سيتم فيها إصلاح هذا الوضع والتخلص من غول الفساد ماهو الا قفو على الواقع الذي نعيشه .
3. كيف سيتم ضمان عدم ظهور فئات وطبقات لديها سلطة المال ستكون وبحكم هذه السلطة مؤثرة على سلطة القرار السياسي لما يخدم مصالحها بعيداً عن المصلحة العامة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة