الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ثنيّات الوداع

فاطمة ناعوت

2016 / 10 / 2
بوابة التمدن


تتذكرُ طفولتُنا تلك الأبياتِ الحانية، المُنغّمةَ على مقام "الهزام" الهادئ، الذي يخترق شغافَ القلب ليملأه طمأنينةً وفرحًا. “طلعَ البدرُ علينا/ من ثنيّات الوداع/ وجبَ الشكرُ علينا/ مرحبًا يا خيرَ داع". ومقامُ الهُزام سُلّمٌ موسيقيّ من سلالم مقام السيكاه، وهو المقام الشرقيّ الذي يترك في النفس شعورًا بالقِدَم والطرب الهادئ والعشق الموغل. مقامٌ موسيقي ساحر، يستخدمه المقرؤون عادة في تلاوة الآيات القرآنية التي تصف الجنّة ورَغَدها، لما يمتاز به مطلعُ المقام من عذوبة ورقّة ومَسٍّ من الحنوّ والعطف.
أما كلمات النشيد، فمستقرٌّ في وعينا أن ولدان أهل المدينة المنورة (يثرب قديمًا)، أنشدوها لحظة ظهور موكب الرسول عليه الصلاة والسلام، على مشارف يثرب، مهاجرًا من مكّة المكرّمة، في مثل هذا اليوم الذي صار رأسًا للسنة الهجرية، التي نحتفلُ اليوم ببذوغ عامها الجديد 1438 هجرية. لكن أهل الحديث لم يُقرّوا بذلك، واختُلِف حول متى وأين أُنشِدت تلك الأنشودة الجميلة. فقيل إنها كانت عند قدوم الرسول من غزوة "تبوك"، ولكن الأكثر شيوعًا هو ما قاله الإمام البهيقيّ، وما نعرفه منذ طفولتنا، إنها أُنشدت لحظة اكتمال الرحلة الشاقة للرسول وصحبه من المهاجرين من مكّة إلى المدينة يثرب، عام 622 ميلادية. وكانت لونًا من احتفال الأنصار بمقدم الرسول والمهاجرين معه. وأيًّا ما كان متى وأين أُنشدَت، فإنها تظلّ ركنًا ركينًا من ذاكرتنا العميقة، وتراثنا الديني الخالد.
وأما "الثَّنيّة" في اللغة، فتعني الطريق إلى الجبل. و"ثنيّة الوداع"، هي مكان يقع عند مدخل المدينة المنوّرة، وكانت مكان توديع المسافرين منها.
شدّت بتلك الأنشودة المطربةُ المصرية "سعاد محمد"، وهي تجسّد صوت "الشيماء" شادية العرب، وأخت الرسول في الرضاعة، في الفيلم الشهير التي جسّدته بعبقرية الفنانة الجميلة "سميرة أحمد” مع الفنان الاستثنائي “أحمد مظهر” الذي أدى دور "بِجاد" زوج الشيماء، الذي أسلم اختيارًا وقرارًا بعد طول عداء للرسول عليه الصلاة والسلام. وتقول كلماتُ الأنشودة التراثية:

طلع البدرُ علينا .. من ثنيّات الوداعْ
وجبَ الشكرُ علينا .. ما دعي لله داعْ
أيها المبعوثُ فينا .. جئتَ بالأمر المطاعْ
جئتَ شرّفتَ المدينة … مرحبًا يا خيرَ داعْ

طلع البدرُ نبيًّا ... ورسولا عربيًّا
ينشر القرآن نورًا ... وضياءً قُدُسيًّا
ولكَمْ بِتنا حياري ... وارتقبناه مليًّا
فبدا اليومَ جليًّا ... من ثنيات الوداعْ

طلع البدرُ علينا … ومن النورِ ارتوينا
برسول الله قري ... يا رُبا يثربَ عينا
هبةُ الله إلينا … من يفي لله دينا
وجبَ الشكرُ علينا ... ما دعى لله داعْ

طلعَ البدرُ مُبينا … رحمةً للعالمينَ
وبشيرًا ونذيرا … منقذًا دنيا ودينا
نحن بالله هُدينا … واستجبنا فحيينا
أيها المبعوثُ فينا … جئت بالأمرِ المطاعْ

---
أنصتوا للكلمات الحانية، والموسيقى الآسرة، وصوت سعاد محمد الشجيّ على هذا الرابط، ثم صلّوا على المُصطفى:
https://www.youtube.com/watch?v=1asISuLrBL4

وكل عام واللهُ ساكنٌ في قلوبنا، لنغدو أكثر رحمةً وأكثر محبَّةً وأقل عنصرية وتباغضًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهكذا
السير جالاهاد ( 2016 / 10 / 2 - 17:37 )
وهكذا بدأت اكبر كارثة عانت وما تزال تعاني منها البشرية

والكارثة الاكبر هي ان هناك من البشر من يتمسكون بها

عجبي!!


2 - ثقافتة الأنصار الدينية
شاكر شكور ( 2016 / 10 / 2 - 19:21 )
مع احترامي لكتاباتك التنويرية استاذة ناعوت ، إلا ان الأنشودة التي جئتِ بها لا يمكن ان تكون قد نظمت كلون من احتفال الأنصار بمقدم الرسول والمهاجرين معه ، فالأنصار من قبيلتي الأوس والخزرج اللتان لجأ اليهما الرسول كانتا من القبائل المتوحشة الشرسة التي كانت تعتمد على الغزو للحصول على الغنائم ولم تكن تبالي بالتوحيد اصلا ولم يكن القرآن قد وصل الى يثرب آنذاك والرسول تعاقد مع القبيلتين المذكورتين لغرض الأنتقام من اهل قريش ولم تكن الأولوية لنشر الدعوة الدينية ، فكلمات الأنشودة تشهد بأنها ليست من ثقافتة الأنصار الدينية وقد تكون هذه الأنشودة كتبت بعد انتشار الإسلام اي بعد وفات محمد بقرون والغاية من تنظيم هذه الأنشودة هي الغيرة والمنافسة لأنشودة (إوصنا يا أبن داوود) عندما انشدها اليهود في دخول السيد المسيح الى مدينة اورشليم ، لا يمكن الوثوق في التاريخ الذي كتبه المنتصرون في الحروب وخاصة ما يدرس في المدارس وما يدون في الويكيبيديا العربية الحالية ، تحياتي وأحترامي


3 - رد رد على ابراهيم ثلجي من الفيسبوك
شاكر شكور ( 2016 / 10 / 3 - 07:26 )
تقول (وكل عام واللهُ ساكنٌ في قلوبنا، لنغدو أكثر رحمةً وأكثر محبَّةً وأقل عنصرية) ، لكن يا ثلجي واقع تصرفاتك كسلفي تختلف عما تقوله ، فكلما سكن الإله المسمى خير الماكرين في قلبك فحالتك المرضية تزداد سوءاً وتزداد كرها لمن يخالف افكارك فلا يبقى اثر للرحمة والمحبة في قلبك ، الا تظن بأن هذا الإله المتكبر المكار الساكن فيك هو نفسه الأبليس المتكبر الذي يسوقك الى قول الفاظ سوقية لمن لا يعجبك رأيه ؟ اذهب يا ثلجي وأعتمر وقبّل شفيعك الحجر الأسود لعله يغفر خطاياك ولا تنسى زيارة عمك إساف وعمتك نائلة لتأخذ منهما البركة فربك اوصاك بذلك ولا تخالف الوصية


4 - تصحيح خطأ
شاكر شكور ( 2016 / 10 / 3 - 07:42 )
ارسلت تعليق رد على ابراهيم ثلجي من الفيسبوك واود ان اصحح فيه مايلي
القول (وكل عام واللهُ ساكنٌ في قلوبنا، لنغدو أكثر رحمةً وأكثر محبَّةً وأقل عنصرية) هذا الكلام هو للسيدة كاتبة المقال وقد ضننت خطأ انه لأبراهيم ثلجي ، اقتضى التنويه مع الشكر


5 - ثنيات الوداع 1
سلام صادق بلو ( 2016 / 10 / 3 - 08:14 )
سيدتي الفاضلة دعيني اصحح لك المعلومة عن ثنيات الوداع التي يهلل لها الثلجي وامثاله وارجو ان تتحملي ثقل دمي...بخصوص معنى كلمة -ثنية- أنها منعطف أو ناصية إلتقاء طريقين، فقد جاء في كتاب (مختار الصحاح ج1 ص37، المؤلف: أبي بكر الرازي، نشر: مكتبة لبنان ناشرون بيروت 1995م، طبعة جديدة، تحقيق: محمود خاطر) -انثنى أي انعطف-، وجمع ثنية هو -ثنيات- أي إلتقاء عدة طرق في منعطف أي هي كميدان عند مفترق طرق، أما عن ذكرها ذهابا وإيابا فذلك سر خطير يكشفه لنا كتاب (خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى ج 1 ص 304، المؤلف: علي بن أحمد السمهودي) -ثنية الوداع، سميت بذلك لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهن عند رجوعهم من خيبر، وفي رواية أخرى عند خروجهم إلى تبوك، وكان رسول الله ضرب عسكره حينئذ عليها- ويؤكد ذلك ما جاء أيضا في كتاب (فيض القدير شرح الجامع الصغير ج 1 ص 42، المؤلف: عبد الرؤوف المناوي، نشر: المكتبة التجارية الكبرى مصر 1356، الطبعة الأولى) (ثنية الوداع) سميت به لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهن فيها عند رجوعهم من خيبر أو خروجهم إلى تبوك-...يتبع


6 - ثنيات الوداع 2
سلام صادق بلو ( 2016 / 10 / 3 - 08:21 )
وللتاكد جاء في كتاب (السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون ج 2 ص 235، المؤلف: برهان الدين الحلبي نشر: دار المعرفة بيروت 1400 هـ) (ثنية الوداع) سميت به لأن الصحابة رضى الله تعالى عنهم ودعوا فيها النساء اللاتى استمتعوا بهن عند رجوعهن من خيبر أو وقع توديع من خرج إلى غزوة تبوك فيها- ، وجاء في كتاب (لسان العرب ج 8 ص 387، المؤلف: بن منظور نشر: دار صادر بيروت، الطبعة الأولى) -الوداع: واد بمكة، وثنية الوداع منسوبة إليه. ولما دخل النبي مكة يوم الفتح استقبله إماء مكة يصفقن ويقلن: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع- [كما سبق أن قلت] ولعل هذا يفسر لنا ما جاء في كتاب (صحيح مسلم ج 2 ص 1025، نشر: دار إحياء التراث العربي بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي) -أَمَرَنَا رسول اللَّهِ بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حين دَخَلْنَا مَكَّةَ [ولعل ذلك كان في ميدان الوداع هذا]أرأيتم يا سيدتي العزيزة كيف كان أشرف خلق الله يحلل الزنا والاستمتاع بالنساء لتحريض المؤمنين على القتال والاشتراك في حروب دولته. فانتشار الدين الإسلامي لم يكن بسبب سمو تعاليمه بل هبوط أخلاقياته.وارجو ان أكون بينت معنى ثنيات الوداع..تحياتي سيدتي.


7 - ثنيات الوداع والزنا المزعوم
muslim aziz ( 2016 / 10 / 3 - 11:55 )

وكل عام واللهُ ساكنٌ في قلوبنا، لنغدو أكثر رحمةً وأكثر محبَّةً وأقل عنصرية وتباغضًا.
تحية للكاتبة وكل عام وانتم بخير واكثر رحمة واقل عنصرية وتبغاضا ولكن كيف ذالك وابناء يسوع اتباع اله المحبة يحرفون الكلم عن مواضعه؟ فها هي ثنيات الوداع صارت تفضح الرسول محمد كما يقول بولس اسحق(عفوا بولس اليهودي ساؤول مخرب دين عيسى). فيا بولس افندي إن كان نسل ربك يسوع وبشهادة كتابك المقدس من نسل اربع جدات زانيات فلماذا ترمون بعهركم على اطهر خلق الله؟ اختشي على دمك وطهر قلبك وكتابك المقدس فالسيرة الحلبية لا قدسية لها عند المسلمين.

اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان