الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا حل بمفاوضات قوى الهيمنة بل باستعادة خيارات الثورة

عديد نصار

2016 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


من حلب الى إدلب وأريافها إلى أرياف حماة وحمص ودمشق ودرعا، يتابع العالم ما يجري وكأنه قدر محتوم لا راد له. مئات يقتلون كل يوم أطفال ونساء وكهول.. تحت ركام منازلهم التي تدكّها الطائرات الأسدية والروسية، مئات الآلاف تحت القصف أوفي العراء ينتظرون اللجوء وعشرات الآلاف في المعتقلات ينتظرون قتلهم تحت التعذيب. ولو أنها كارثة طبيعية لكان تحرك العالم، ولكانت فرق الإغاثة تجمعت من أقصى البلدان. ولكنها جرائم ومجازر الأسد وحلفائه، لذلك نجد الشعب السوري المنكوب خارج كل اهتمام وأية حسابات.
الان وانا اكتب هذه الكلمات هناك عشرات الالاف من المدنيين السوريين المحاصرين ينتظرون الموت جوعا او تحت أنقاض منازلهم بالقصف الهمجي للطائرات الروسية والأسدية محرومين من اية حماية. هناك الآلاف منهم جرحى ينتظرون الموت لانعدام الرعاية الصحية بعد ان دمرت تلكم الطائرات كل المرافق الاستشفائية وهناك المئات تحت الأنقاض قد لا تتمكن فرق الانقاذ من الوصول إليهم بسبب تدمير مستلزمات الدفاع المدني واستهداف عناصره بشكل دائم.
اتوجه بهذا الكلام لكل من تبقى لديه حس انساني وبعض من الأخلاق الانسانية ممن يقرأون العربية في كل مكان. اقول ذلك لكل من يستطيع ان يطلق صرخة في وجه القوى المتحكمة بالعالم والتي تساهم بالمقتلة السورية مباشرة او بالتواطؤ، اقول لهم كيف تعيشون حياتكم بشكل طبيعي في حين أنكم تعرفون ما يجري دون ان تطلقوا صرخاتكم حيث تستطيعون...
واخص السوريين الذين استقرت أوضاعهم في البلدان الأوروبية، من تنتظرون؟ معارضة تعيش على التبعية ولم تبادر يوما الى التوجه اليكم برأي او مشورة او طلب؟ أم مثلها تنتظرون من قوى الامبريالية المختلفة المعادية للشعوب ان تلفحها نسمة انسانية فتوقف القصف او تضغط لوقفه؟ أم السياسة الأمريكية التي توقع الاتفاقات السرية مع موسكو لتعود فتهدد بوقف التنسيق معها ليتبين لاحقا من خلال التسريبات الصحفية الموقف الحقيقي الدائم للولايات المتحدة من سوريا والتدخل الإيراني والروسي والأسد والحلول التي يطرحها هؤلاء؟؟
وإلى الناشطات والناشطين منهم أقول، متى ستجمعون على ضرورة التحرك؟ ولماذا تتركون البعثات الدبلوماسية ترتاح من سماع هدير اصواتكم صباح مساء؟
ولمن ينتظر الحلول الجاهزة، ليس هناك من حل إلا بالعودة الى منطلقات الثورة الأولى وأهدافها، فمتى ستجمعون على ذلك؟
لقد تبين بوضوح ما بعده وضوح أن سلوك المعارضة السياسية الخارجية تحديدا طيلة السنوات الخمس المنصرمة من عمر الثورة أنها تراهن على التدخل الخارجي لقوى الهيمنة، أي تدخل خارجي يمكن أن يقدم حلولا. فأهملت تماما الإمكانيات التي يمتلكها السوريون ورهنت كل نشاطها السياسي في تتبع سياسات وألاعيب القوى المهيمنة إقليميا وعالميا ورهنت مواقفها وسياساتها لتلك القوى تتوخى منها تقديم الحلول، ولكنه بات صريحا وجليا أن تلك القوى بما فيها المنظمات الدولية التي تتحرك وفق مصالح الدول الكبرى، جميعا متواطئة على الدم السوري ولا تلقي بالا لأفضع المجازر والجرائم التي ترتكب بحق السوريين والتي تصنفها المنظمات الدولية والقانون الدولي على أنها جرائم حرب. تلك المنظمات والقوانين التي وضعت زمن الحرب الباردة والتي باتت منتهية الصلاحية تداس ببساطير المصالح الكبرى تماما كما تداس الشعوب والبلدان.
أيها السوريون! المعارضة التي لم تنظر اليكم الا كقضية لجوء تقع مسؤوليتها على بلدان اللجوء، ولم تهتم بكم كقوة اجتماعية سياسية قادرة على الفعل والتأثير حيث وجدتم، معارضة لا تتواصل معكم ولا تستمع الى هواجسكم، معارضة لا مصلحة لنا فيها أو في سياساتها. ولن تتمكن يوما من أن تنقذ طفلا يُحرق أو زورقا يغرق أو مدينة تغلق.
لا تنتظروا من القوى الامبريالية أن تقدم أو تسمح بتقديم صواريخ مضادة للطائرات للمسلحين في حين أن طائراتها الحربية لا تترك سماء سوريا. لا تنتظروا من الإدارة الأمريكية الحالية ولا الإدارة الأمريكية القادمة ضغوطا تعيد نازحا أو لاجئا أو ترد عن المقيمين المجازر والتهجير والاعتقال. ولا تنتظروا مساعدات إنسانية من منظمات دولية يمكن لنظام الأسد أن يقصف قوافلها وإن عجز تقصفها الطائرات الروسية.
الحل الوحيد هو العودة الى الثورة. الى التظاهر حيث أمكن. وإن كان بات متعذرا أو بلا فائدة التظاهر تحت النار في المناطق والمدن السورية فالتظاهر والاعتصام المفتوح أمام البعثات الدبلوماسية وبعثات المنظمات الدولية في بلدان اللجوء بات واجبا لكل من يستطيع. فلا تتركوهم يرتاحون من هتافاتكم ولا تتركوا أنظارهم ترتاح من قراءة يافطاتكم وصور ضحايا التنكيل بمدنكم وقراكم. لقد مرت فعاليات الأول من أكتوبر الحالي ولم تكن بحجم الكارثة التي تتعرض لها مدينة #حلب، وهذا أمر مؤسف. ولكنه لا يجب أن يحبطنا. لا تسمحوا للإعلام، وكله إعلام مأجور، أن يتجاهلكم. لئن تجاهلكم مرة فلن يتمكن من ذلك أمام الإصرار والمثابرة. إن حضور السوريين الدائم أمام السفارات والبعثات قضية أساسية. فلن يثابر غيرُ السوريين على الحضور حين لا يجدون سوريين في الاعتصامات، أو يجدونهم أقلية بينهم. يجب أن ننظر الى هذه الفعاليات على أنها لإنقاذ الشعب السوري ولاستعادة حقوقه ولفرض تحقيق أهداف ثورته. ولتحشيد كل المتعاطفين معه وتوسيع دائرة التعاطف تلك.
الحل الوحيد هو العودة الى الثورة. الى أهدافها الأولى. حروب الجبهات في وجه نظام تسانده كل قوى التسلط في العالم، وكل القوى المهيمنة على الساحة الدولية، أثبتت فشلها. فالمواجهة بالسلاح تفترض أن يكون هناك على الأقل توازن في القدرات وإمكانيات التسلح. وهذا لن يكون مهما حصلنا على وعود من هنا وهنالك. لا بد من تغيير جذري في قواعد اللعبة. وفي المواجهة بحيث يصبح سلاح العدو غير ذي فعالية في المواجهة. لا بد من جعل سلاح الطيران غير ذي فائدة. وهنا علينا الرجوع. لا أقصد استسلام المقاتلين على الجبهات. ولكن لا بد من تغيير عميق يتيح للمواجهة ابوابا أخرى مؤثرة وفعالة وتحمي المدنيين. هنا تصبح حرب العصابات داخل مناطق سيطرة النظام أمرا حاسما. لأنه مهما خسر النظام من مواقع يبقى قادرا على استعادتها في حين تكون كلفة الدم مرعبة. تنظيم مجموعات قتالية صغيرة وفعالة قادرة على ضرب مواقع النظام الخلفية، وضرب قياداته العسكرية، وضرب مواقع المليشيات الأجنبية في مناطق تواجدها بعيدا عن الجبهات المستنفرة، ضرب خطوط الإمداد، ضرب المرافق القيادية في المناطق الآمنة التي يسيطر عليها النظام وحلفاؤه، بحيث يتم تحاشي إيقاع أية اضرار بالمدنيين.
هذه العمليات السرية المباشرة والمباغتة والمتباعدة هي الأقدر على شل قدرة النظام وحلفائه في الحركة وفي الاستمرار. في حين أنها لا تحتاج إلى تسوّل الإمكانيات العسكرية من القوى الخارجية التي طالما استخدمت ذلك لتحقيق أجنداتها التي لن تكون يوما متساوقة مع تطلعات الشعب والثورة السوريين.
لا حل الا باستعادة الثورة. لم يفت الوقت. لا رهان الا على الشعب وقدراته وإرادته سواء في الداخل أو في الخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا