الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حين قتلنا الحسين
كريم عبدالله هاشم
2016 / 10 / 8مواضيع وابحاث سياسية
لما وجدت قريش انها الفرصة السانحة للقضاء على امتدادات الثورة ( المحمدية ) ، جيشت ( كل ) القبائل العربية - بلا استثناء – بشكل مباشر أو غير مباشر فقتلت ( الحسين بن علي بن أبي طالب ) . وهي بذلك قامت بتفتيت ركن مهم وظلع قائم متبقي – مؤثر وفعال - من (الثورة المحمدية ) ومزقت ماتبقى من وجهها المشرق الذي تناوشته وتناوبت عليه قبل ذلك الأختلافات والأنشقاقات وتداعيات صراعات الخلافة والسلطة والتسلط بعد وفاة ( محمد بن عبدالله ) اذ تحول هذا النهج فيما بعد الى وسيلة لتسلط السلاطين على رقاب العباد .
ولكون الحسين بن علي يمثل فيما يمثله الأمتداد الحقيقي الصافي لمعاني الرسالة المحمدية والتي نشأ وتربى بين كنفاتها ونفحاتها وفي ظل ( علي بن أبي طالب ) الذي قتله زهده ، كان لابد لقريش والأعراب وسلسلة العصبيات والأطماع والغايات والمغانم القبلية من قتله والتخلص من هذا الطوفان والمد الذي يهددها - بجلال علمه ونسبه - وسكون معرفته - وعميق زهده . في واقعة الطف التي يندى لها جبين التاريخ العربي وجبين العرب والمسلمين جميعا .
لقد كان الحسين مقتولا منذ ( حمالة الحطب ) ولعل سيف أبو لهب ورمح أبو سفيان وسهم مسيلمة وخنجر بن ملجم في أول الصفوف ، وما واقعة الطف الا صرخة وثورة مدوية من بين تراكمات التاريخ القصير للعرب المسلمين وقتذاك , وستبقى في الضمير والوجدان العربي والأسلامي ، تصرخ في وجوهنا كشاهد على عمق فجيعتنا وخيبتنا ومدى انحطاطنا وتخاذلنا فلازلنا نتوارث تلك التراكمات ، ولازلنا نقتل الحسين كل يوم اذ نحن كالطرشان حين يأتينا صوته عبر الفلوات وعلى مدى التاريخ ( طالبا الأصلاح في أمة جدي ) . هذا الأصلاح الذي تدحرجنا بعيدا عن معانيه ومفاهيمه وأبعاده ، سواء بأرادتنا أو رغما عنا .
لم يقتل الحسين سني أو شيعي . . فقد قتلناه جميعا ولازلنا نمارس عملية قتله ونمعن فيها اذ ابتعدنا تماما عما كان يريده ويرمي اليه وتفانى وضحى لأجله ايما تضحية ( الأصلاح في أمة جدي ) وحولناه الى مجرد خرقة سوداء أو عويل يفتقد للمعاني أو طقوس وخرافات سفهنا بها عظمة هذه الثورة وعظمة أهدافها وعظمة أبطالها وبطلاتها وضيعنا المعاني الحقيقية التي يجب أن نعيها ونستوعبها ونتدارسها ونتربى عليها مطولا بلا انقطاع . لقد ضيعنا هيبة واحترام الحزن الجليل المهاب فيما نبتدع من خرافات .
لقد قتل الحسين بعصبياتنا القبلية التي توارثناها وأطماعنا التي تناسلت الينا . . بجبننا وتخاذلنا ، بتدحرجنا بين أقدام الأصنام والسلاطين والزعماء والشيوخ والأمراء ، بتقلبات وجوهنا ونوايانا وعدم صفاؤها ، بتبدل أخلاقنا وسلوكنا ، بالكذب الموغل فينا وانعدام الصدق والمصداقية وانعدام القيم والمباديء .
كلنا قتلنا الحسين :
حين تفشت بيننا خارطة الموت ، وحين بصمت الشظايا على أجسادنا وتركت ندوبا في فكرنا وأخلاقنا . . حين داستنا الأقدام وحين نفخنا الأصنام وسرنا خلفها – أي نوع كان من الأصنام وتحت أي ستار وعباءة كانوا – حين سرنا صامتين صاغرين الى محارق السلاطين والغزوات والأحتلالات وخلف مآرب الأمراء والشيوخ والزعماء غير الشريفة . . حين حولنا الدين الى وسيلة للكسب والنفع والتربح والتسلط والتسيد وشوهنا وجه الله الجميل الصافي الحلو البسيط بطقوس وعادات باعدت بيننا وبين الله . . حين سمحنا وفسحنا المجال لأن يتصارع المنظرون والمفسرون – كل الى غاية – فوق جماجمنا . . حين أصبحنا كالعميان والطرشان وفاقدي البصر والبصيرة . . حين أصبحنا نوفر لأنفسنا مبررات وذرائع للفشل والأحباط . . وغير ذلك كثير من الوقائع والحقائق التي تجعلنا في الخندق المضاد والمعادي لما أراده الحسين في ثورته ونهجه .
سلام على الحسين بن علي في ثورته ومقارعته للتحريف والأنحراف . وسلام على مناصروه أبطال وبطلات ثورته مخلدين ماجدين في ضمير الأنسانية .
كريم عبدالله هاشم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ثقافة الموت
السير جالاهاد
(
2016 / 10 / 8 - 18:05
)
من ينظر للخلف سينكفئ علي وجهه لا محالة
الحسين مات .. قتله سني او قتله شيعي او قتلتموه جميعا كما تقول .. لا فارق ولا أهمية لهذا علي الاطلاق
محمد ايضا مات .. مات مسموما او مات مهموما لا يهم ولا يجدي
لكن الارث الذي تركاه هو ثقافة الموت لا ثقافة الحياة
ما يهم ويجدي هو ان ننفض عن انفسنا كل هذا الارث اللعين وننظر للامام
هل هناك من يفهم؟
2 - استجابة لتعليق السير جالاهاد
كريم عبدالله هاشم
(
2016 / 10 / 11 - 09:39
)
شكرا :
الذي يلتفت كثيرا الى الوراء يتعثر وقد يقع ، والذي يسير الى الأمام دون أن يعرف مالذي وراء ظهره قد يقع أيضا .
لايمكن اختزالنا واختزال التاريخ بهذا الشكل ، ففي الوقت الذي نسعى فيه الى – التحديث – ونسعى لأن لانجعل الماضي بكل تبعاته يوجه و – يقود – المستقبل ، علينا ان لانجعل المستقبل يلفظ كل مكوناتنا – الماضوية - .
مشكلتنا ياصديقي ليست في الأرث الذي ورثه ( محمد أو علي أو الحسين أو غيرهم ) بل في ( كيفية ) توظيف هذا الأرث وفي الوجهة التي تمت بم بها توظيف وتوجيه هذا الماضي . وقد سبق ان أشرت في أماكن أخرى بأنه قد تم توظيف تاريخنا وصياغته وتزويره وفبركته بما يخدم السلطة والسلاطين الذي تتابعوا علينا .
النظر الى الأمام دون تسليط الضوء على جوانب مكوننا التاريخي ومحاولة فهمه وتوظيفه بما يخدم توجهنا الى - الأمام – المستقبل – سيجعلنا نتخبط بلا جواز مرور وبلا هوية .
العولمة – الحداثة – التي نسعى اليها لابد أن نضع في حساباتنا انها ليست ماركات سامية خالية من الأغراض والأهداف والأطماع – الأحتكارية – السلطوية . . تقبل تحياتي .
.. البيت الأبيض: نعتقد أن الخطة التي تنوي إسرائيل تنفيذها في رف
.. سقوط 8 قتلى بصفوف حزب الله وحركة أمل جراء غارتين إسرائيليتين
.. تطوير نحل روبوتي يزيد من نسل النحل ويمنع انقراضه • فرانس 24
.. الإعلام الإسرائيلي: الجيش يستعد لإجلاء المدنيين من رفح تمهيد
.. غواص مخضرم يكشف مخاطر البحث بمنطقة انهيار جسر بالتيمور وسبب