الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قررتُ أن أنام

جاسم المعموري

2005 / 12 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



البرد ُ يؤلمني ويؤذيني , والشمسُ ابخلُ ما خلق اللهُ هنا في سانت لويس .. لا أدري لماذا تابعت ُ- ليلة امس – القنوات الفضائية
العربية التي زادت من حزني وغربتي .. مشاهد الذبح والقتل للابرياء زادت من ازمتي الصحية وقربت شبح الموت من جسدي
المتعب اصلا .. فقررت أن انام .. لا أدري ربما خوفا من الشعور بشبح الموت , أو ربما هروبا من الواقع المؤلم .. لا أدري هل
هو اليأس من الحب والسلام والطمأنينة التي يفتقدها العالم بسبب تجاوزات الانسان على الطبيعة واعتداءاته المستمرة على الخلق وافساده لكل القيم والاعراف الحميدة التي بـُنيت عبر التاريخ بجهود الانبياء والمصلحين والمفكرين .. أم افتقادي للحبيبة التي طالما كانت السر الاكبر في بهجتي وشعوري بالكرامة وصمودي واصراري على مواصلة الطريق , فالغريبُ – كما قيل – هو
من ليس له حبيب ... ؟؟؟؟؟؟
قررت ُ أن أنام وأن أنسى كل ما أردتُ القيام به من مشاريع الكتابة والقراءة المؤجلة دائما , أو حتى غسل ملابسي او طبخ
طعامي رغم ان وقت الاجازة الاسبوعية قصير .. وهناك الكثير من الواجبات التي لم يعد لها اي احترام لدي , بل لم يعد لها اي ذكر في قاموس حياتي , كفكرة ترك التدخين والاعتناء بالصحة وممارسة الرياضة وكتابة ما تختزنه الذاكرة من صور واحداث
واشياء كثيرة اخرى ممتزجة بالدموع والخوف والفرح والقتال والسجن والغربة والمخيمات والحب والنأي والجوى والألم وغيرها , وماتبدعه الروح وماينجزه العقل من نصوص ونتاجات يولدها الاحتكاك بواقع الحياة , بل انني لم ألبي دعوة احد
الاصدقاء لحضور مؤتمر للجالية العربية والمسلمة يعقد هنا ...
قررتُ أن أنام .. فبعد تجارب كثيرة ومتكررة ومريرة مع الحياة التي اعيش لم أرَ نجاحا واحدا يتحقق .. كان الألم رفيقي الدائم ..
صداع رهيب ليس له مثيل يزداد عنفا ووحشية كلما مرت السنين وهو رفيقي منذ طفولتي .. وكان التفوق في المدرسة رفيقي
ايضا ولكن الظلم والحروب والفساد والعبث بالحياة من قبل المجرمين حجبت ذلك النجاح واغتالت الاماني النبيلة قبل ولادتها ..

( تركتُ العراقَ فتى ًيافعا ً
لأني عرفتُ بأن البقاء
جريمة ٌغدر ٍبحق العراق
وشعب العراق
واوقفتُ عمري لعشق العراق
فكان الفراق )

تركتُ وطني لأني مؤمن بأن من لم يستطع تغيير الواقع الظالم في مكان ما أن يهجره ُكي لايكون جزءا ً من مكوناته
برضوخه وخنوعه واستسلامه وضعف ارادته .. وضعوني في خيمة في الصحراء لمدة ستة اعوام في محاولة فاشلة
كي أنسى هدفي من هجرة الوطن وهو البحث عن الحرية والكرامة والمحافظة على العقيدة بعيدا عن ايدي المتكبرين
والظالمين والمجرمين .. ثم وجدت نفسي مرغما في مكان لا اريد العيش فيه بسبب اختلاف الثقافة بكل جزئياتها
وأساسياتها وجذورها .. ومرت الاعوام تلو الاعوام وسقط صدام .. شعرتُ ان سقوط الديكتاتورية في العراق كان
نتيجة للكثير من الجهود التي بذلها المناضلون العراقيون ومنها الهجرة باعتبارها الخطوة الاولى للعمل الجاد من
اجل التغيير , فتوهمت ان ذلك كان نجاحا , وصدقتُ ان صدام قد سقط فعلا , لذلك ذهبت في طريق طويل تملأه الثلوج
والمخاطر لاقترع ايمانا مني بأن الانتخابات هي الحل , ولكنني ادركت ُ بعد ذلك بقليل انني كنت واهما الى حد بعيد , لذلك لم اذهب لاقترع في الانتخابات الثانية التي جرت وقائعها في 15 / 12 / 2005 لانني عرفت بان القيام بذلك عبث لاترجى ثماره
ولم يكن السبب هو صناديق الاقتراع وبأنها انجع الحلول لضمان حقوق الناس ولكن بسبب أن أتباع وبقايا النظام
الصدامي الديكتاتوري وفئة قليلة ( أقلية ) كانت المستفيد الاكبر من وجوده ستدمر العملية الانتخابية , فهي في الانتخابات
الأولى كانت تقول انها انتخابات غير شرعية في ظل الاحتلال وذلك لمعرفتها المسبقة بانها خاسرة في هذه الانتخابات
لا محالة وانها لو خاضتها فلن تحقق شيئا مهما لأنها اقلية وهذا أمر طبيعي , ثم عادت وشاركت فيها في هذه المرة رغم
وجود الاحتلال ليس ايمانا بالعملية السياسية والديمقراطية ولكن لتدميرها من الداخل وقلب نتائجها لتصبح سببا في حرب
اهليه بدلا من ان تكون سببا للتقارب والوفاق الوطني فيقول احد الداعمين للارهاب من الذين دخلوا الانتخابات ( لن يهنئوا
بهذه السلطة ) وكان بذلك يكشف الوجه القبيح والمغرض ضد تطلعات الشعب وامانيه في الوحدة والاستقلال والامن
والحرية .. فالتقت اهداف هذه الفئة مع غايات المحتل الذي يسعى دائما – ربما تحت ضغوط جيران العراق من الانظمة
الديكتاتورية – ان لاتحصل الفئة الاكبر على حقوقها , وبهذا وذاك سوف تتدمر العملية السياسية والانتخابات الديمقراطية
وسيخسر الجميع ..
قررت ُ ان انام وحيدا دون حبيب كما هي العادة يائسا من العراق ومن العودة الى العراق ومن قادة العراق ........
ويبدو انها المرة الأولى التي استسلم فيها للبرد والظلام على سرير مبعثر في غرفة باردة في بيت مضطرب مرتبك
مزدحم بكل ماهو غريب في مدينة اغرب من عالم اكثر غربة وغرابة ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل