الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبحان الفوتوشوب

إبراهيم رمزي

2016 / 10 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سبحان الفوتوشوب

اكذبْ ثم اكذبْ ثم اكذبْ حتى يصدقك الناس [[دعاية ألمانية]]. وكلما كبِرتِ الكذبةُ سهُل تصديقها، ليس لقوة الحجة والبرهان، ولكنّ التكرار واعتيادَ سماعها قد يزحزح كذبة أخرى، أو حقيقة أخرى، .. من مكانها، فتحل "الجديدة" مكان "القديمة". وللناس دائما افتتانٌ وإعجاب بالجديد، قد يطول أمده، وقد يتبخر بسرعةِ فقْدهِ لوهجه وبريقه الخلاب.
لذلك فإن "قولبة" عقول الناس وميولاتهم، وتنميط اختياراتهم وسلوكياتهم قد تتأتى "بسهولة" نسبية، باستعمال الكذب والخداع باستمرار وتلاحُق ... وسيكون من الصعب على التنويري إقناعُ الناس أنهم مخدوعون، مستلَبون، ...
وقد نبّهت في مقال سابق لسلوك "أحد المعلقين" في الحوار المتمدن، وسمّيته آنذاك ب: مِسْتَر روابط، إذ لم يكن همّه التعليق على المقالات، ولكنه كان "نشيطا" - وباستمرار - في إلصاق مجموعة من الروابط الدعائية المعينة، في إثر أي مقال "يصوّب" نحوه "سهامه". آملا - ربما - أن تفضي الاستمرارية إلى استمالةٍ محتمَلة.

في إطار الشد والجذب بين الأفكار التنويرية، والأفكار الظلامية، نجد أنصار التيار الأخير يعمدون إلى خُدعٍ وأضاليل قد تنطلي على عقول القطيع والسّذَّج والبسطاء والأميين والجهلة، ... وقد يَسقط في شباكها حتى بعض من يُفترَض فيهم أنهم تلقّوا تكوينا عاليا في العلوم البحثة (طبيب، مهندس، باحث جامعي، ...)

ومن النماذج التي يعتمدها التيار التضليلي وينشرُها:
1 - صور لنباتات أو حيوانات .. تشكّل/أو/ يظهر على أديمها اسم الجلالة، أو النبي، ..
2 - صور لحيوانات في وضعيات يحرَّف مضمونها، لتؤوّل بأداء العجماوات لشعائر تعبديّة ..
3 - صور لكائنات أو ظواهر طبيعية، ... ، يتم التلاعب بمحتواها، لتؤوّل بمقدس ديني، أو "تِيمة" دينية معجزة، ..
4 - اختلاق ما لا يمكن حدوثه (مثل نسبة سماع الأذان على سطح القمر لأحد الرواد، بينما الأمر مستحيل لانعدام الهواء الذي يسري خلاله الصوت).

بالنسبة للنموذج الأول:
يستطيع أي إنسان أن يُظهِر على بعض الفواكه والخضروات ما يشاء من كلمات وأسماء .. بطريقة بسيطة - لا خداع فيها - وهي كالآتي:
على فاكهة (مثلا : تفاحة ما تزال متصلة بشجرتها) تكتب أي كلمة تشاء على الجهة التي تقابل الشمس، ثم تضع فوق الكتابة شريط لصاق شفّاف. ويمكنك الكتابة مباشرة على الشريط الشفاف ثم لصقه على التفاحة. وكلما كان المداد معتما غامقا، كلما ازداد حجْبُه لتسرب أشعة الشمس، فلا تصل إلى هذه المنطقة من التفاحة .. وبعد أيام عديدة، انزع اللصاق، وستظهر لك الكلمة - مباشرة - على قشرة التفاحة.
وكل واحد اشتغل في مختبر تصوير (بالأبيض والأسود .. أيام زمان) يعرف هذه الخاصية، والتي - ربما - غيّبها التصوير الرقمي.
أخطر ما في الأمر هو استغفال الناس، وإيهامهم بحدوث "معجزة"، بينما الأمر كله احتيال وتدليس وخداع.

بالنسبة للنموذجين الثاني والثالث:
لا أحد يجادل فيما بلغتْه تقنيات الخدع السينمائية المبنية - أساسا - على الخيال (أفلام: دكتور مابوس، جيمس بوند، ... هاري بوتر .. غزو/غزاة الفضاء .. إلخ ). يعزز ذلك تقنيات متطورة لتصوير الأحداث بإنارة مواكِبة وصوتٍ مدمَج .. والكل "يطبخ" - في النهاية - على طاولة المونتاج.
اليوم أصبح كل حاسوبٍ طاولةَ مونتاج، بفضل برمجيات خاصة، من أشهرها: الفوتوشوب.
تعلمتُ في التصوير - بالأبيض والأسود - بعض حيل الخداع التصويري، فأنْ أُظهِر نفسي على قمة الهملايا، أو على كرسي البابوية، أو صُحبة روّاد فضاء ... وأن أُظهِر "عدوّي" في وضع مشين ... يلزمني عدد من العمليات التي تقتضي القص واللصق الدقيقين، والتصوير وإعادة التصوير، وبعض الرتوش، .. وضبط فترة التحميض .. إضافة إلى الكثير من الصبر والوقت ... لإنتاج صورة مركبة واحدة.
الآن أصبح كل هذا في عداد الماضي .. إذ في وقت وجيز، أصبح المتمرسون بالفوتوشوب يتلاعبون بالصور حسب هواهم: إضاءة، وتلوينا، وتركيبا، ...
وهذه هي التقنية التي يعتمدها التيار التضليلي لإنتاج بضاعة مزيفة، لإيهام "من لا يعقل" بـ "المعجزات والخوارق" التي لا وجود لها في الواقع. (لاحظْ أن الظلاميين يدوسون - في صَغَار - كرامتَهم ومبادئهم ويتمرغون في وحل الغرْب، حين يوظّفون اختراعات الكفار الذين يلعنونهم صباح مساء، بدون خجل).

التصوير باعتباره أداة جمالية مغرية، ووسيلة توثيق وتسجيل .. يتم توظيفه - دِعائيا - في التطاحنات والحروب - الساخنة والباردة - بغرض إيصال الحقيقة أو تحريفها أو طمسها .. عبر صور حقيقية أو مركَّبة. يضاف إلى ذلك صناعة أنباء ومستندات مزيفة، "منبعها" اكتشافات أركيولوجية أو بيولوجية ... منسوبة لمختبرات وهمية وجهات مجهولة، بهدف نفي الشبهات عن ظنون تاريخية أو الإشادة بوقائع. وفي المقابل يتم تجاهل جهود أخرى لأنها تدحض أو تنسف أوهاما (انظر - على الشبكة - ما نشر من تحقيقات حول موقع المسجد الأقصى ومسجد الجعرانة) ...
على كل حال، يبقى خبراء التواصل والإعلام أدرى مني بتفاصيل هذا المجال.

من طرائف البناء على الوهم: صورة تبادُل رسائل نصية لأحد الظلاميين، يثني فيها على من زوده بمعلومات (مستمدة من الميثولوجيا الإغريقية) ظانّا أنها تخدم أفكاره وترجحها .. ولم يكن هدف "المزوِّد" إلا السخرية من الداعية وفضْحه وكشْف جهله واتّباعه لكل بَريق خلاّب.

الساعي إلى "قيادة" العقول لا يحتاج لترخيص أكثر مما يحتاج إلى استراتيجية مُحكمة. ولذلك ينجح الاستغفالُ والتضليل في استقطاب من ينساق وراءه دون تفكير أو تمييز .. قد يبلُغ به حدَّ الانسحاق والاستلاب حين تكبّله إحدى اللازمات المشهورة "انشرْ، ولك الأجر" أو "لا تخرج قبل أن تكتب: سبحان الله".

ولأني أقدس عقلي الذي هو نبراسي لتعميق إنسانيتي وحبي للخير، ولفهم كثير من ظواهر الحياة والكون، ونبذ الخرافات والغيبيات، ولأني ضد "من يبهر بأقوال الرحمن، ويخزى بأفعال الشيطان"، وضد خداع البسطاء، واستقطاب الأغبياء، ومغالطة النبهاء، لا أكتب إلا: "سبحانك يا فوتوشوب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دافنيه سوه
علي عدنان ( 2016 / 10 / 17 - 09:52 )
وهي جملة لها قصة طريفة حيث اتفق محتالان من شذاذ الافاق الحرامية على النصب على اهالي قرية في جنوب العراق فقاما بحفر قبر وضعا فيه حمار ميت واشاعا في القرية ان ((السيد)) فلان قد مات امامهما ودفناه في هذا القبر
جاء سكان القرية وسكان القرى المجاورة زرافات لزيارة القبر ودفع النذور ووصلت دعاية قبر السيد الى المدن القريبة والبعيدة وتم تاجير الارض المحيطة للباعة ووضع تسعيرة للنذور والخرق الخضر والرايات السود والملونة
اختلف اللصان وقام احدهما بالاستيلاء على الغنيمة كلها فجاءه الثاني مطالبا بحقه فقال له اللص الاول ان قبر السيد يحتاج الى مصاريف
فاجابه الثاني انت تعجبنب وتدهشني ياصاحبي ((مو احنه دافنينه سوا)) اي انه حمار ميت وليس انسان
وفي وطننا يكثر النصابين اللذين يقوم بهكذا افعال مستغلين سذاجة وطيبة وايمان العراقيين البسطاء وخاصة في الجنوب
اتذكر في تسعينات القرن الماضي وكان المد الاسلمي ينتشر بقوة وبتشجيع من طغاة ذلك الزمان اي ملوك وامراء الخليج ومن صدام ومبارك والقذافي والاسد الاب وعبد الله صالح وغيره ان انتشرت صورة تم تكبيرها وطبعها بالالوف وتوزيعها عن معجزة حدثت في تركيا حيث ك


2 - كل الكذب من المتاسلمين
علي عدنان ( 2016 / 10 / 17 - 09:59 )
حدث زلزال في تركيا فحول مدن وقرى الى انقاض
استغل المتاسلمين ذلك فنشروا صورة تم تكبيرها وطبعها بالالوف وتوزيعها بثمن كبير تبين ان الزلزال احال كل المباني في احد المدن الى انقاض ماعدا مبنى واحد هو مسجد المدينة
وتظهر الصورة تحول كل مباني المدينة الى حطام فيما بقى المسجد وسط الخراب شامخا يدل على معجزة هي نتاج تفكير احتيالي بارع لاحد المتاسلمين الذي حصل من وراء ذلك على ثروة كبيرة
كذب المتاسلمين حتى لو صدقوا لان افكارهم الغريبة والحاقدة على كل ماهو انساني وجميل تقف ضد الجمال والحب والحرية وكل انساني جميل فهم مجموعة من المحتالين لاغير

اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah