الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولازالنا نقول .. نحن خيرَ أمةٍ أُخرِجت للناس

كريم المظفر

2016 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



تساؤلات عديدة أطلقها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ، منها ( اين مقولة .. نحن خير أمة أخرجت للناس ) إلا إنه توقف عند هذا الكلام دون إكمال الاية القرانية ، التي تقول بعدها ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) !! فتح في نفسي جروح عديدة وتساؤلات ، في المقدمة منها ، لماذا هذا الحال للامة العربية من اقصاها الى اقصاه ، ودون استثناء ، لماذا كل هذا التامر والحقد والكراهية ، ويقولون ( نحن خير أمة للناس ) .
لا اريد الخوض في الاسباب ، التي أدت الى وصول حال الامة العربية الى هذا الحال ، لأن المنتقدين كثر ، ووجهات نظرهم بالتأكيد لا تتوافق ووجهة نظرنا ، وكل واحد منهم يحاول تبرير موقف بلده من مشاركته في تدمير هذا البلد العربي أو ذاك ، لكني سأخذ المسألة من مبدأ عربي خالص ، بعيدا عن المهاترات السياسية التي بات الكثير يتفنن فيها.
أليس غريبا أن العربي يقتل ويذبح ويهجر بأيدي عربية خالصة ( ويقولون نحن خير أمة أخرجت للناس ) ، فابناء الغرب العربي يقتلون ويذبحون ابناء جلدتهم في الشرق مدعومين باموال عربية معظمها من دول الخليج العربي ، ويمثلون بهم ويسبون نسائهم ، ويرقصون على عذابات تهجير الناس وصرخات الاطفال وجوعهم وموتهم جراء البرد والجوع ، لتكون مادة إعلامية لمحطات التلفزة العربية قبل غيرها تتباهى بسبقها الصحفي في نقل هذه المعاناة .
وأليس نحن من سمح لتركيا وإيران ( المحسوبين علينا بأنهما مسلمين ) في تدخلهما السافر في شؤون بلادنا ، ونحن الذين نخدم مصالحهما وتوسعاتهما في بلداننا ، وبأمر منهما ذبحنا أبنائنا بأيدينا ، وشردنامواطنينا بأيدينا ، وندعم أقتصاداتهما باموالنا ، وفتحنا لهما اسواقنا وبيوتنا ، وأصبحنا ماسورين لهما ، وباتت مدننا خربة ومهجورة تسكنها الاشباح وتتناثر فيها جثث قتلى ابناء جلدتنا ، ومدنهما تزداد رقي وجمالا وتطورا عمرانيا على حسابنا .
نقول ( نحن خير أمة أخرجت الناس ) وملايين السوريين يذبحون في بلادهم ويقتلون باسلحة ممولة عربية أو أجنبية ، وقاتليهم قاتليهم من السوريين يعاونهم من تعرب على حسابنا ، ويهجرون ابناء جلدتهم باشبع صور التهجير عرفها العالم ، وتدمير مدنهم العريقة ، و بلدهم بالكامل ، أقل ما يقال عنها بانها واحدة من البلدان التي أسست البشرية .

و نقول ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) وابناء عروبتنا يذبحون العراقيين بدم بارد ، بكل أطيفاهم ، قالوا أنهم جاءوا لإعاة الدين الى مساره الصحيح الذي حرفته الطائفة الأخرى ، وتبين فيما بعد أنهم لا يمتوا للاسلام والعروبة بشيء ، وأنهم أكثر قساوة حتى على ابناء طائفتهم ذبحوهم وسبوا نسائهم وباعوهن في سوق النخاسة ، وابناء عروبتنا يتفرجون ، ويمولون هذه الملة .
ونقول ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) وابناء ليبيا يتسابقون من مدينة لأخرى لذبح أهلها ، ويتفاخرون بأنهم قتلوا اعدادا هنا وفي أخرى اكثر منها ، ويدمرون مدنها الواحدة تلو الاخرى ، وكأنهم في مسلسل يبحث عن الفائز الاول في تدمير مدن بلادهم ، متناسين أن من يقتل هم ابناءهم ، ومن تدمر هي مدنهم ، حتى بات الوفاق بينهم شبه مستحيلا ، فالكل يسير وراء أطماعه في قضم الجزء الاكبر من الكعكة الليبية ، ليهدي لقمته بعد ذلك لأسياده .
وإذا كان الحال في أعلاه بحثا عن الكيكة الكبيرة في خزائن الدولة وواردات النفط ، والبحث عن السلطة والجاه ، فالحال في اليمن يختلف بشكل كبير ففي هذا البلد الفقر المدقع ، والجهل والبداوة ، اللهم فقط موقعها الجغرافي ، إلا إنهم أيضا يقولون ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) فهذا البلد العربي ، حامل لواء الاسلام منذ نشأته يتعرض أيضا لإبشع حملة تدمير وتقتيل وبسلاح عربي تارة وبيد ابناءه ، تارة أخرى ، لتزيدهم فوق فقرهم فقرا ، وفوق جوعهم جوعا .
أما في مصر العروبة ، فكلنا نعرف من هي مصر ، هي قلب الامة النابض ، فهم أيضا يقولون ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) فالدلائل تشير وللاسف الى أن أبناءها يسيرون بنفس الخطى والاخطاء التي سار بها ممن خدعوا في سوريا والعراق وليبيا واليمن لتدمير بلدهم ، وكأنهم لم يعوا الدروس التي يشهدها العالم العربي ، ويريدون تدمير مصر التي عرفناها دائما بأنها قائدة الامة نحو الوفاق والوئام .
نقول ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) ونحن اصبحنا أضحوكة ولعبة تتلاقفها إيران من جهة وأطماعها التوسعية على حساب العرب ، تدعم هذا وذاك في وقت واحد ، وتتلذلذ في قتل أبناءنا وتدمير مدننا ، وكأنها تنتقم لثأر قديم من العرب ، وبعد أن عجزت في تحقيق هدفها في حربها ضد العراق ، هذه المرة جربت استغلال ضعف العرب ، لتذبحهم بايدي ابنائهم واموالهم .
نقول ( نحن خير أمة أخرجت للناس ) ونساعد السلطان أردوغان على تحقيق حلمه السلطاني في استعادة الامبراطورية العثمانية مستغلا الانقسام العربي ، ليحرك أذنابه فينا ممن خدعوا بمواقفه وشخصيته ، وينفذون مآربه ومساعدته في تحقيق أهدافه الاستعمارية حتى وإن كان على حساب العرب وآلامهم ، التي استغلها أيضا في تصفية حساباته مع الاوربيين على حسابها .

فيا ايها العرب افيقوا ، وإن افقتم فوعوا ، وإن وعيتم فانتفعوا ، فإن من عاش مات ، وإن من مات فات ، فلم نعود ( خير أمة أخرجت للناس ) لأننا لم نعد نأمر بالمعروف ، وننهي عن المنكر ، ونكرنا معروف الله علينا ، واصبحنا أهلا للمنكر ، نقترف الجرائم باشكالها وتنوعها ، راحتنا في سبي نسائنا ، وحاجتنا نقضيها مع نساء جيراننا ، وتسليتنا في جز رقاب المسلمين كجز الشاة عند العيد .. ومتعتنا في تآمرنا بعضنا على بعض ، بغض النظر عما سيؤول عليه هذا التآمر من خراب ودمار وتهجير وتدمير ، ابناؤنا شردوا ، وقتلوا ، ونحن نتفرج ، مدننا وبلداننا اصبحت خرابا ، ونحن سعداء بما نحن عليه ، نفاقنا يسير بنا الى الهاوية النهائية ، واسيادنا يتفرجون علينا ، مزدانين بالسعادة والفخر والسمو ، لأننا نحقق مبتغاهم بأيدينا وأموالنا .
وبكل صراحة وشفافية فلم يعد المشهد في المنطقة العربية مسرا ، ولا يبشر بخير ، فالصور القاتمة فيه تدفعنا نحو مزيد من الاحباط ، فالحقيقة تؤكد سقوطنا في براثن الاحباط والفقر والجهل والقهر والاستبداد والتخلف والاستسلام هي حالة عامة تئن من وطئتها الشعوب العربية ، والهجمة الخارجية الشرسة تجعل الوضع العربي الراهن اكثر هشاشة وضعفا وقابيلة للاختراق والانصياع نحو رغبات جيرانها ومطامع القوى الكبرى ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء