الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا وكيف يصبح النَّص مُقدَّسًا؟ (1)

ناصر بن رجب

2016 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا وكيف يصبح النَّص مُقدَّسًا؟ (1)
بعض الأفكار حول تاريخ القرآن

تأليف:
غيليوم دي*

ترجمة وإعداد:
ناصر بن رجب

قال أبو بكر [لزَيْد بن ثابت]:
"إنّ عُمر أتاني فقال: "إن القتْلَ قد استَحرَّ يوم اليمامة(1) بِقُرَّاء القرآن وإني أخشى أن يستحرّ القتْلُ بالقُرَّاء بالمَواطِن فيذهبُ كثير من القرآن وإنّي أرى أن تَأْمُرَ بجمع القرآن". قلت لعُمر: "كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم". قال عمر: "هذا والله خَيرٌ". فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: "قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنتَ تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتَتَبِّع القرآن فاجْمَعْه". فوالله لو كلَّفوني نقْل جبل من الجبال ما كان أثقل عَلَيَّ ممّا أمرني به من جمع القرآن، قلت: "كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2).

يوجد على خلفيّة هذه القصّة عنصر صحيح (وما تبقّى فهو مشبوه فيه جدّا): فكرة أنّ القرآن هو عبارة على مُدوَّنة أكثر منه كتابًا، أي أنّه مجموعة من نصوص مستقلّة نسبيًّا وغير متجانِسة لم تكن في البداية مرصودة لكي تجتمِع في مُصحف واحد وأنَّ جمْعَها في كتاب واحد لم يكن أبدا أمرا مفروغا منه. وعندما نتحدّث عن مُدوّنة، فهذا يعني بالضرورة تكوين هذه المدوّنة وتركيبها، ويكون من الطبيعي حينئذ أن نتساءَل: لماذا (ومتى) وقع تكوين مدوَّنة مرصودة لكي تُصبِح قانونيّة (مقدّسة)، وكيف تمّ ذلك؟ قد يذهب بنا الظنّ أنّ الجواب على هذه الأسئلة معروف حقّ المعرفة. أَلَم يُقدِّم لنا المأثور الإسلامي، عن عمليّة جمع القرآن، روايات عديدة بأدقِّ تفاصيلها تدور حول مختلف الأطوار والنقاشات التي حفّت بالأشخاص الذين كانوا فاعلين في عمليّة الجمع هذه؟ ولكنّ المُقلْق في قضيّة الحال هو أنّ ما يقوله المأثور عن ذلك غير واضح أبدًا، وبالرّغم ممّا يعتقده تيّار فكري، هو في الحقيقة متعلّق شديد التّعلّق بالمصادر الإسلاميّة(3)، فإنّ كلّ تاريخ القرآن الذي ينبني بالأساس على روايات المأثور الإسلامي يصتدم بعقبات ثلاث: الأجوبة التي يقدّمها لا تتمتّع إلاّ بمصداقيّة نسبيّة جدًّا؛ والمعطيات إمّا أنّه يتمّ تجاهُلها، أو يقع تأويلها بطريقة جائِرة ومتحيِّزة؛ وهناك أسئلة لم تُطرح على الإطلاق.

إذًا، يجوز لنا أن نفتح هذا الملف ونتناوله من جديد، وهو ملفّ يضلّ حديث السّاعة باعتبار أنّ دراسات مختلفة شدّدت مؤخّرا على الأهميّة البالغة لحقبة حكم عبد الملك بن مروان في عمليّة تَشكُّل القرآن(4). غير أنّنا لا نستطيع، في إطار مقال بسيط كهذا، أن نستوفي الموضوع كامل حضّه. ولذلك فإنّني سأسعى فقط لإظهار مسألة لماذا تبقى بعض الأجوبة التي قُدِّمت غير مُقنِعة، وسأحاول قدر جهدي أن أجلب النّظر إلى نقاطٍ وقع في الغالب تجاهلها تجاهلا كبيرا أو وقع سوء فهمها، في حين أنّها تستطيع أنّ تشكِّل دروبًا وآفاقا واعِدة. يتعلّق الأمر هنا خصوصا بالبدء بفكّ عقدة خيوط مسألة مُلتبِسة التباسا شديدًا.

ولكن، قبل كلّ شيء، يَليق بنا أن نتوخّى منظورا أكثر اتِّساعا من مجرّد دراسة القرآن وحده، وذلك باقتراح بعض الاعتبارات العامّة حول مفهوم "القانون".

قانون وقانونيّة وقَونَنة
إنّ الدراسات الحديثة والكثيرة عن تكوُّن النصوص القانونيّة – سواء المتعلِّقة بالمأثورات الثقافيّة، والأدبيّة، والتشريعيّة أو الدينيّة(5) – ركّزت كلّها على نقطة جدّ أساسيّة، والتي تتمثّل في أنّ تشكُّل هذه النصوص القانونيّة كان مُرتبطًا، بصورة أو بأخرى، بمسائل تعريفٍ ذاتي جَمْعي [أي أنّ الجماعة هي التي تُضفي ذاتيًّا هذا التعريف على نصوصها]، ولذلك: "يجب فهم مسار القَوْنَنة على أنّه جزء وقسم من المسار الديني والاجتماعي للهُويَّة"(6).

مهما كانت الطريقة التي يتمّ بها مسار القوننة (وقد يتّخذ أشكالا مختلفة جدّا)، فإنّ القضيّة تفترض فعلا أمْرَيْن على الأقل: من جهة، وجود نصّ (ليس بالضرورة أن يكون مكتوبا وذلك بالرغم من أنّ التدوين يمكن أن يُساهِم في عمليّة القونَنة)؛ ومن جهة أخرى، وجود سُلطة (اجتماعيّة، دينيّة و/أو سياسيّة)، تكون سلطة مركزيّة أو مُتفشِّية بصورة أو بأخرى، تتمتّع بقدر كاف من النّفوذ، أو بقدر كاف من الاعتراف بها، بحيث تستطيع أن تجعل من النّص المَعني بالأمر نصًّا يتمّ القَبول به كنصّ مركزي ومِعياري داخل الأمَّة(7). وهذا يتطلّب عمليّة ديالكتيكيّة مُعقَّدة بين الجماعات المُهيْمِنة والجماعات المُهَيْمَن عليها، الشيء الذي يجعل من قَونَنة نصٍّ أو مُدوَّنة [مجموعة نصوص] تخضع ولا شكّ أكثر إلى اعتبارات سُلطويّة منها إلى اعتبارات أدبيّة. وبعبارات أخرى: "تُشكِّل القَوْنَنة، بارتباطها بالنّص، السّلطة والهويّة الجَمْعيّة"(8).

يجب إذن وجود نصوص تأسيسيّة بمقدورها أن تُحدِث معنى وأن تتحمَّل عِبْءَ السُّلطة؛ سلطةٌ تكون قادرة بدورها على ترسيخ مكانة النّص المِعياريّة والقانونيّة؛ وجماعة يصبح النّص داخلَها مُعْترَف به بصفته نصًّا قانونيًّا. غير أنّ النّص أو مجموعة النصوص ليست قانونيّة بطبيعتها [في ذاتها]: الشيء الذي يجعلها قانونيّة هي الطريقة التي تراها من خلالها الجماعة، والطريقة التي تتعرّف بها الجماعة على نفسَها في هذه النّصوص(9)، من حيث أنّها تعتبر أنّ هذه النصوص تُجيب على حاجياتها وعلى تساؤلاتها، وذلك على الرّغم من أنّ هذه الحاجيات قد لا تكون لها إلاّ علاقة طفيفة مع السّياق التاريخي الذي أُلِّف فيه ذلك النّص الذي سيصبح فيما بعد نصّا قانونيًّا.

إنّ المفهوم "قانون" canon يشمل عدّة معاني تنحدر من أصل الكلمة (قاعدة، معيار، مقياس، قائمة، أنموذج")، ولكنّها تُشير بالخصوص إلى أنّ معياريّة النصوص القانونيّة تشتغل حسب أنماط متنوِّعة. ومن هنا يمكن أن نُميِّز القانون المِعياري (مثل قوانين التشريع: وهي النصوص التي نتَّبِعها ونمتثِل لها)، والقانون التكويني (هناك بعض النّصوص تشكّل جزءًا لا يتجزّأ من برنامج تعليمي أو تكويني؛ وهي نصوص تُقرأ وتُحفَظ وتُتَداول؛ ومعرفتُها تشكِّل مرجعيّات مُشتَرَكة في مجتمع مّا، لدى طبقة اجتماعيّة أو مِهَنيّة)، وهناك القانون النَّموذجي، وهو الشّكل الأنموذجي للمعايير الأدبيّة (فالنصوص القانونيّة في هذه الحالة هي عبارة عن أعمال فنيّة تمثّل بعض القيم الجماليّة وتُعتَبر أمثلة يجب مُحاكاتها، وبعبارة أخرى، تُصبح ما يُسمّى أعمالا "كلاسيكيّة")(10). وقد اعتبرنا أنّه من المُجدي التمييز بين معنييْن لمفهوم "قانون" (وقد أطلقنا عليهما ببساطة ودون تعقيد "قانون 1" و"قانون 2"):

"القانون 1 يُشير إلى النّصوص المعياريّة، شفويّة كانت أم مكتوبة، والتي توجد في التقليد المأثور وذلك أساسًا بفضل قوّة ناقِل أو مجموعة من النّواقِل. القانون 2 يُحيل إلى النصوص المعياريّة التي هي حاضرة في تقليد مّا بأكثر استقلاليّة وبأكثر تميُّز، وهي، باعتبارها مقطوعات أدبيّة، ويتمّ فهمها نوعا مّا كذلك، تشتغل هي نفسها غالبًا كنواقِل (...) والمقصود بـ"ناقل" هي تلك الأدوات أو الأشكال التي يتحقّق بها الشيء (...) والنّاقل المشترك أكثر في القانون 1 هو النّشاط الشعائري (...) والقانون 2 يُستَعْمَل في الغالب الأعم بمثابة ناقل للسّلطة الدينيّة، ولكنّه أيضا حامل لشعائر عبادة الأيقونات و/أو التعبُّد الانفرادي"(11).

ليس هدفي هنا هو الغوص في تصنيف القانون الذي يمكن أن يقع أيضا تحديده بأكثر دقّة. ولكن يمكن منذ الآن ملاحظة أنّ القرآن هو قانوني بكلّ المعاني التي تمّ ذِكْرها، وكلّ معنى منها يتطابق مع استعمالات خاصّة للنّص. 1) مقاطع من القرآن هي التي تقع قراءتها في الصّلاة سواء كانت صلاة فرديّة أو جماعيّة (قانون 1)؛ ومجموع النّص القرآن، المقسّم إلى ثلاثين جزءا، يُرتَّل في سهرات شهر رمضان؛ 2) القرآن هو، مبدئيًّا المصدر النهائي (ولكنّه ليس الوحيد) للسّلطة الدينيّة (قانون 2)؛ ويمكن أن يكون أيضا، في شكله المادّي الملموس، مَوْضع ورع وتقوى، وحتّى كأيقونة مقدّسة(12). 3) القرآن هو نصّ معياري (قانون معياري، وهو معنى يتقاطع بشكل واسع مع معنى قانون 2)، وذلك بالرّغم من أنّه، في الواقع، أغلبُ المعايير والمبادئ التي يتّبعها المسلمون ليس لها أصل قرآني: فالقرآن هو عبارة عن نصّ قصير، يغلب عليه التِّكرار، والآيات ذات الطّابع التشريعي قليلة فيه، ويجب بالأحرى البحث عن مصدرِ أكثرِ المعايير التي تنظِّم حياة المُؤمِن المسلِم في السنّة (كتب الحديث عند أهل السنّة، وأحاديث الأئمّة عند الشيعة). إنّ مدوّنَة النصوص القانونيّة لا تقتصر إذن على القرآن: ففي الإسلام السُنّي يُمثِّل الصَّحيحان (البخاري ومسلم) أيضا من المؤلَّفات القانونيّة في معنى القانون 2 والقانون المعياري. 4) القرآن هو نصّ يُحفظ ويُعلَّم منذ الطفولة، الشيء الذي يجعل منه قانونا تكوينيًّا: ففي المدرسة القرآنيّة يحفظ الطفل القرآن عن ظهر قلب، كما أنّه يتعلّم أيضا الحروف (ويتعلّم مَن هم غير ناطقين بالعربيّة أصوات الحروف العربيّة) ابتداءا من القرآن، ولكنّ هذا لا يعني أنّ الطفل يقع تلقينه أشياء مُهمَّة تتعلّق بمعنى النّص. 5) أخيرا، يمكن أن يكون القرآن قانونا نموذجيًّا نظرا للتّقليد الشائع جدّا حول "إعجاز القرآن" الذي جاء في لغة عربيّة مُبينَة لا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها. والمفارقة أنّ هذا قد يجعل منه بالأحرى، لاعتبارات عدّة، نموذجا لا يجب محاكاته.

ونتائج مثل هذه القونَنة معروفة جيّدا، إذ يكفي أن نطبّق على القرآن تحاليل موشي هلبرتال (Moshe Halbertal) حول مكانة التوراة في الديانة اليهوديّة(13): فنحن إزاء جماعة متمركِزة على النصّ، وتعطي للتَّفقُّه في معرفة النّص القانوني قيمة كُبرى، وهذا التفقُّه يشكِّل أحد مصادر السّلطة الدينيّة (ومصدرا للهَيْبة الإجتماعيّة)؛ كما أنّ دراسة النّص القانوني تتمتّع بأهميّة كبيرة (مثلا حفظ النّص عن ظهر قلب)؛ والنّص في حدّ ذاته يمثّل موضِعًا حاسما للتّجربة الدينيّة (فتلاوة القرآن هي مظهر من مظاهر الورع والتّقوى)؛ وأخيرا، إنّ الإتّفاق حول النّص (تعريف حدود المُدوَّنة وتثبيت النّص تثبيتا نهائيّا) هو الذي يحدِّد أطراف الجماعة وتخومها.

من المهمّ هنا أن نثير نقطة حاسمة. إنّ الحديث على قانون، وبالتّحديد قانون 2، يستوجب تكوين مجموعة نصوص (مُصحف) مُغلَقة ومتكامِلة. ولكن لا يمكن لقانون كهذا أن يوجَد بدون وجود تقليد، ووجود مُختصِّين في المعرفة الدينيّة مُهمّتهم تفسير وإعادة تفسير الرسالة التي يتضمّنها هذا القانون بُغية استخلاص الأجوبة على الأسئلة التي يطرحونها على أنفسهم (وهذه الأسئلة ليس هي نفسها التي يطرحها النّص على نفسه). وبعبارة أخرى، كلّما زاد النّص انغلاقا على نفسه، كلمّا وجب الزيادة في مرونة تأويله(14). بالإضافة إلى هذا، ما إن يتمّ اعتبار النّص على أنّه نصّ قانوني فإنّ مكانته تتغيّر وكذلك طريقة قراءته، وأيضا الدلالات التي يمكن أن يتّخذها لدى الجماعة. في الغالب الأعم، يصبح بالفعل لزاما على النّص القانوني أن يقول شيئا آخر -في آن واحد أكثر بكثير وأقلّ بكثير- ممّا يمكن أن يقولها لو لم يكن نصّا قانونيّا.

أكثر بكثير: يُنظر للنّص القانوني على أنّه مرشدٌ روحي، مصدرٌ للمعايير، أو جواب، ظاهر أو ضمني، لكلّ الأسئلة التي يمكن أن تطرحا جماعة على نفسها. فكما قال الشافعي: "فَلَيْسَتْ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ مِن أهل دين الله نازلةٌ إِلاَّ وفي كتاب الله الدَّليلُ عَلَى سَبِيلِ الهُدَى فِيهَا"(15). وهذا يفترض وجود منظومة تأويليّة ملائمة تستطيع السّماح بقراءات "خلاّقة" (حتّى ولو كانت هذه القراءات لا ترغب في أن تُعْتَبر كذلك): والأمثلة التي تتبادر طبيعيّا إلى الذهن، فيما يخصّ القرآن، هي "القياس"، الذي روَّج له الشافعي، والتأويلات الباطنيّة عند الشيعة. وبالإضافة إلى ذلك، فبما أنّ النّص القانوني يمثّل سلطة في مُجملِه فإنّه يُصبح من المشروع تفسير مقطع محدّد من القرآن بمقاطع أخرى منه [تفسير القرآن بالقرآن]، حتّى ولو كانت المقاطع التي يتعلّق بها الأمر تكون قد جاءت في الأصل في سياقات مختلفة(16). أخيرا، أيّ جزئيّة في النّص، مهما كانت، حتّى ولو كانت عاديّة أوليست ذات قيمة ظاهريّا، فإنّه بإمكانها أن تُحدِث معنى، الشيء الذي قد يقود إلى تفاسير جنونيّة يسمح بها ويُسهّلها اليوم تطوّر أدوات المعلوماتيّة الحديثة. والبحث عن المعجزات الحسابيّة في النصوص القرآنيّة قد يكون خير دليل على ذلك(17).

أقلّ بكثير: النّص القانوني لا يمكن أن يحتوي على أخطاء أو تناقضات [لا يأتيه الباطل من خلفه أو من بين يديه]، وبشكل أعمّ لا يمكن أن يشتمل على تصريحات تبدو غير مقبولة من طرف الجماعة. ومثل هذه الأخطاء، والتّناقضات، إلخ، لا يمكن أن تكون إذن إلاّ ظاهريّة: وبعبارات أخرى، يمكن تَقويلُ النّص ما لا يقوله ظاهريّا والعكس أن ننفي عن النّص قول شيئ في حين أنّه يقوله بكلّ وضوح. يجب إذن تأويله لتمييع تلك العناصر المُحرِجة وذلك مثلا باعتماد قراءة باطنيّة (أنظر مثلا "نشيد الأنشاد")، أو عبر بهلوانيّات مختلفة محاولةَ التّوفيق بين أشياء لا يمكن التوفيق بينها (والبراعة الإنسانيّة هنا لا حدود لها). ومن أجمل الأمثلة على ذلك تتعلّق بقصص "أناجيل الطّفولة" (متّى 1-2، ولوقا 1-2) حول ولادة الطفل يسوع التي هي قصص متضاربة تضاربا جليّا: وبالرّغم من ذلك، ولمدّة طويلة، فإنّ هذا التّضارب لم يعترف به التقليد المسيحي، ولا حتّى من طرف قرّاء يتمتّعون بالذّكاء والفطنة (مع أنّه وقعت ملاحظة التوتّرات بين هذه القصص). وبما أنّ هذه النصوص كان يُنظرُ إليها على أنّها قانونيّة، فهي إذن حقيقيّة بالضرورة، فقد كان من غير المعقول على الإطلاق أن يُرى فيها أيّ تناقض حقيقي ولو كان ضئيلا، والحلّ الوحيد المتبقّي هو الملاءمة بين هذه القصص. والأمثلة على ذلك لا تُحصى ولا تُعدّ.

قبل أن يُصبح قانونيّا، وإذن مبدئيّا لم يعد من الممكن المساس به، فإنّ النّص الذي يفرض نفسه كسلطة والذي يُعتَبر كنصّ مُوحَى به يمكن بطبيعة الحال، خلال عمليّة تناقُله، أن يتعرّض لتحويرات عدّة خصوصا بالنّسبة للمقاطع التي تُسبّب إشكالا. وهذه الحالة وُثِّقت بغزارة، وذلك لثراء التّقليد الكتابي المسيحي، في الكتابات المتعلّقة بالعهد الجديد والجدالات حول طبيعة المسيح(18)، ولكن يمكن أن نجد هذه الحالة في كلّ تقليد ديني. غير أنّه يوجد احتمال آخر: تأكيد أنّ جزءًا من النّص القانوني قد حُرِّف، وذلك على غرار الكتابات الكلِيمَنتيّة التي تقول بأنّ هناك آيات مُزيَّفَة، ليست من أصل إلهي، أُدْرِجَت في البَيْبِل. فهي تعترف بالنّص البيبلي كنصّ موحى به، وبشكل من الأشكال كنصّ قانوني، ولكن ليس في صيغته الحالية. ولكنّ هذا لم يَقُد إلى نشر بَيْبل آخر.

ونحن نجد ثيولوجيا التّحريف من نفس الصّنف في الشكل القديم للعقيدة الشيعيّة(19). بالفعل، لقد رفض أتباع عليّ المصحف العثماني وطعنوا في صحّته مُتّهِمين في ذلك بني أميّة بأنّهم حذفوا منه الآيات التي تتحدّث عن عليّ وآل بيته، وبأنّهم أضافوا له آيات من عندهم، وحرّفوا مقاطع كاملة منه، الشيء الذي غيّر معناها بالكامل. وهذا الإتّهام نجده في عديد المؤلّفات الإماميّة ما قبل الدولة البويهيّة (ولكنّ الشّيعة لم ينشروا مُصحفا آخر مغايرا لاعتبارات عدّة من بينها أنّهم كانوا يقولون بأنّه بحوزتهم شيئا آخر أكثر أهمّية بكثير ألا وهو "القرآن النّاطق"، أي الإمام). ولم تبدأ هذه الأطروحات في التهمُّش إلاّ في القرن العاشر ميلادي، في عصر الدولة البويهيّة (أي في الوقت الذي اختفى فيه الإمام الثاني عشر، وهذا ليس محض صدفة)، وأوّل كاتب شيعي قام بنقد هذه الأطروحات وتأكيد صحّة وسلامة المصحف العثماني من التحريف هو ابن بابويه (تـ 991 م).

هذا في الوقت الذي نقرأ فيه من حين لآخر أنّ المسلمين لم يعرفوا قطّ اختلافات حول النّص القرآني:

"يقْبَل المُسْلم بأنّ هذا النّص [القرآن] هو من أصل إلَهي. والمؤرِّخ بقطع النّظر عن انتماءاته، أكان مُسْلِما ام غير مُسلِم، يمكنه أن يُسلِّم بأنّ هذه الرّسالة كانت قد بُلِّغَت من طرف النّبي، دون حُكمٍ مُسبَق على أصل مأتاها، وأنّها اسْتُلِمت من قبل صحابَته ثمّ دُوِّنت كتابيًّا في ظروف لم تكن مُرْضِية تماما، ولكنّها تعكس جوهر رسالة محمّد. ومن ناحية أخرى، ليس ممنوعا على المسلمين أن يُثيروا المسائل التي يطرحها جمع القرآن. يبقى أنّهم كانوا دائما متّفقين اتّفاقا جوهريّا على نصّ المصحف الذي حاز مُبكِّرًا على إجماعِ أتباع الدّين الجديد بالرّغم من كلّ الاختلافات التي كانت تفرِّق بينهم -وهذه ظاهرة غير مسبوقة، في الحقيقة، في تاريخ الأديان التوحيدّية الطويل، ومن الصّعب قبوله من طرف كلّ من كان يريد تطبيق معيار خاصّ يحاول جاهدا أن يرفعه إلى درجة معيار كوني"(20).

ليس مع الأسف من النادر العثور على مثل هذه التصريحات في دراسة تاريخيّة، والتي قد تكون مدعاة للإفترار لو كانت صادرة عن مُدافع عن الدّين [مُتَعصِّب] (فنحن نجد من جديد فكرة "الخصوصيّة الإسلاميّة" المُعتادة): هناك الكثير من المؤرّخين (مسلمين أم لا) الذين يشتغلون على القرآن قد استوعبوا، في الواقع، روايات الأرثوذكسيّة السّنيّة على حساب المصادر الشيعيّة المُهمَّشة والتي يتمّ تجاهلها، وكذلك المقاربات التاريخو-نقديّة الحقيقيّة(21). وهذا الموقف هو من ناحية أخرى مغالط للتّاريخ تماما لأنّه يُسقِط على القرن الأوّل الهجري وضعيّةً لم يتمّ التّعرف عليها إلاّ في فترة متأخّرة جدّا.

(يتبع)
_________
الهوامش:
* صدر النّص الأصلي بالفرنسيّة تحت هذا العنوان:
Guillaume Dye : « Pourquoi et comment se fait un texte canonique ? Quelques réflexions sur l’histoire du Coran », in Christian Brouwer, Guillaume Dye, Anja Van Rompaey, Hérésies: une construction d identités religieuses, édition de l’Université de Bruxelles, 2015, p. 55-104.

(1) إشارة إلى معركة العقبة التي جمعت، حسب المصادر الإسلاميّة، بين جيوش "المسلمين" (إذا سمحنا لأنفسنا باستعمال هذا المصطلح الخارج عن التّاريخ) وبين جيوشِ مُسيْلِمة بن حبيب في سنة 633 م.
(2) البخاري، الصحيح، كتاب فضائل القرآن، الباب الثالث (4986=6509)
(3) تأثير نولدكه هنا كان تأثيرا مُكثّفا، أنظر:
T. Nöldeke, F. Schwally, G. Bergsträsser et O. Prezl, Geschichte des Qorans, Leipzig, Dieterich, T. Weicher, 3 vol., 1909, 1919, 1938, réimpr. G. Olms, 1961.
(4) أنظر:
A.-L. de Prémare, Les fondations de l’islam: entre écriture et histoire, Paris, Seuil, 2002, p. 278-340 Ibid., Aux origines du Coran: questions d’hier, approches d’aujourd’hui, Paris, Téraèdre, 2004, p. 57-99 C. Robinson, ‘Abd al-Malik, Oxford, Oneworld, 2005, p. 100-104 D. S. Powers, Muhammad Is Not the Father of Any of Your Men. The Making of the Last Prophet, Philadelphie, University of Pennsylvania Press, 2009, p. 155-196, 227-233 Ibid., Zayd, Philadelphie, University of Pennsylvania Press, 2014, p. 117-123 S. J. Shoemaker, The Death of a Prophet. The End of Muhammad’s Life and the Beginnings of Islam, Philadelphie, University of Pennsylvania Press, 2012, p. 136-158.
وهذه الفرضيّة كان قد سبق وأن صيغت من طرف آخرين، أنظر:
P. Casanova, Mohammed et la fin du monde: étude critique sur l’Islam primitif, Paris, Geuthner, 3 vol., 1911-1924, et A. Mingana, «The Transmission of the Koran», The Muslim World, 7, 1917, p. 223-232, 402-414. Bonne synthèse des études au XXe siècle chez M. A. Amir-Moezzi, Le Coran silencieux et le Coran parlant: sources -script-uraires de l’islam, entre histoire et ferveur, Paris, CNRS Éditions, 2011, p. 63-89.
(5) أنظر:
J. Assmann, Das kulturelle Gedächtnis. Schrift, Erinnerung und politische Identität in frühen Hochkulturen, Munich, C. H. Beck, 1992, p. 103-129 (trad. fr. D. Meur, La mémoire culturelle: écriture, souvenir et imaginaire politique dans les civilisations antiques, Paris, Aubier, 2010) M. Halbertal, People of the Book. Canon, Meaning, and Authority, Cambridge (Mass.), Harvard University Press, 1997 J. M. Balkinet S. Levinson (éd.), Legal canons, New York, New York University Press, 2000 M. Finkelberget G. Stroumsa (éd.), Homer, the Bible, and Beyond. Literary and Religious Canons in the Ancient World, Leyde, Brill, 2003 E. Norelli (éd.), Recueils normatifs et canons dans l’Antiquité, Lausanne, Éditions du Zèbre, 2004 J. Brown, The Canonization of al-Bukhqri and Muslim. The Formation and -function- of the Sunni Ḥadith Canon, Leyde, Brill, 2005 E. Thomassen (éd.), Canon and Canonicity. The Formation and Use of -script-ure, Copenhague, Museum Tusculanum Press, 2010. Synthèse utile dans T. Stordalen, «The Canonization of Ancient Hebrew and Confucian Literature», Journal for the Study of the Old Testament, 32/1, 2007, p. 3-22, en particulier p. 4-8, et Ibid., «What is a Canon of -script-ures», in Kristinn Olason, Olafur Egilssonet Stefan Stefansson (éd.), Motun menningar/Shaping Culture: Festschrift for Gunnlaugur A. Jonsson, Reykjavik, Hiđ, 2012, p. 15-33.
(6) أنظر:
G. Stroumsa, «The Body of Truth and its Measures. New Testament Canonization in Context», in H. Preissler et H. Seiwert (éd.), Gnosisforschung und Religionsgeschichte. Festschrift fur Kurt Rudolph zum 65. Geburtstag, Marburg, Diagonal Verlag, 1994, p. 314.
(7) كما سبق وأشار إلى ذلك الباحث مانزييس:
A. Menzies, «The Natural History of Sacred Books: Some Suggestions for a Preface to the History of the Canon of -script-ure», American Journal of Theology, 1, 1897, p. 90.
(8) J. Brown, op. cit., p. 5.
(9) A. Menzies, loc. cit., p. 83:
"الكتب التي تضع المؤمن في المكان الذي وقف فيه أوّل التلاميذ، والتي تمكنّه من الاستماع إلى كلمات المعلِّم [السَيِّد المسيح]، وربما سمع بدون قصد أفْكارَه وصلواته السرّية، بحيث يشعر بنفسه كيف وصل هذا الروح إلى المُعلِّم من الأعلى ثم انتقل عبره إلى رجال آخرين، تلك الكتب أصبحت بسرعة عزيزة على قلوب جميع المؤمنين، وصار استخدامها أكثر فأكثر إلى أن فاق استعمال أيّ كُتب أخرى". قصّة تشيكوف القصيرة الرّائعة "الطّالب" (وهي من أدقّ ما وصف التجربة الدينيّة)، توضِّح جيّدا الشعور محور موضوعنا هنا، أي الرابط الخاصّ بين الماضي (القصّة تحكي الحادثة الإنجيليّة لإنكار بطرس علاقته بالمسيح) وبين الحاضر (الحادثة نفسها يرويها طالب في اللاّهوت لأرْمَلَتيْن خلال أسبوع أللآلام، في جوّ قارس وحول موقد نار)، رابط يكشِف للمؤمِن الأحداث الماضيّة وكأنّها قريبة وواقعيّة.
(10) M. Halbertal, op. cit., p. 3.
(11) أنظر
K. W. Folkert, «The «Canons» of «-script-ure», in M. Levering (éd.), Rethinking -script-ure, New York, State University of New York Press, 1989, p. 173 [p. 170-179].
(12) وهذا ينسحب على المصحف (ممنوع حرقه، تناوُله باليد اليسرى أو وضع كُتُب أخرى فوقه، إلخ)، وكذلك أيضا على الإنجاز المادي للآيات: فليس من النّادر أن تُنقش آيات قرآنيّة على التمائم والطلاسم لأغراض سحريّة (وفي هذه الحالة لم يعد احترام المصحف وارِدًا فقد يحدث أن يقع رمي هذه التمائم في المزابل بعد استعمالها وذلك سواء أدّت مهمّتها أم لم تؤدّيها). حول الاستعمالات السحريّة للقرآن، أنظر:
C. Hamès (éd.), Coran et talismans. Textes et pratiques magiques en milieu musulman, Paris, Karthala, 2007.
(13) M. Halbertal, op. cit., p. 6-9.
(14) وهذا يُفسِّر الفيض الهائل والحاسم من المؤلّفات، الذي كان وراء تأسيس السُنَّة: فندما يستقرّ نصّ قانوني ويأخذ مكانه (ويصبح عندئذ مُغلَقا) مثل ما حدث مع القرآن، وعندما يقع تقليص كلّ مرونة في تفسيره (رفض التأويل الباطني مثلا)، فإنّه يصبح من الضروري توسيع المدوّنة القانونيّة بشكل أو بآخر. وفي هذه الحالة فإنّ إضافة مدوّنة قانونيّة أخرى، مُستمدّة من السنّة، تغدو حلاّ طبيعيّا.
(15) Muḥammad b. Idris al-Shafi‘i, Al-Risala, éd. A. M. Shakir, Le Caire, Al-Halbi, 1940, p. 20.
(16) بالنّسبة لمثل هذه القراءة فإنّ المسألة لا تتعلّق بمعرفة هل أنّه بالإمكان تفسير نصّ ديني مُبهَم بنصّ ديني آخر (هذا بطيعة الحال يكون ممكنا)، ولكن السؤال هو بأيّ نصّ آخر يجب أن يُفسَّر. هذه المقاربة يمكن إيجاد مبرّر لها أحيانا، ولكن يجب أن ينظر إليها المؤرّخون نظرة شكّ وريبة، حتّى ولو أنّها في المحكّ العملي (وبشكل لا واعي شيئا مّا) تُخبر غالبا تحاليلهم. فيما يتعلّق بالدراسات البيبليّة، أنظر:
D. M. Carr, «The Many Uses of Intertextuality in Biblical Studies: Actual and Potential», in M. Nissinen (éd.), Congress Volume Helsinki 2010, Leyde, Brill, 2010, p. 505-535.
وحول الدراسات المانويّة، أنظر:
N. J. Baker-Brian, Manichaeism. An Ancient Faith Rediscovered, Londres, T & T Clark International, 2011, p. 66-76.
(17) الأمثلة على ذلك لا تُحصى ولا تُعد. أنظر المثالين على الرابطين التاليين:
http://www.miraclesducoran.com/mathematique_index.html
http://www.projet22.com/sciences/mathematiques-et-logique/article/les-relations-mathematiques-du
(18) أنظر:
B. D. Ehrman, The Orthodox Corruption of -script-ure. The Effect of Early Christological Controversies on the Text of the New Testament, New York, Oxford University Press, 1993.
(19) هذا الموضوع درسه بغزارة محمد أمير معزّي على سبيل المثال في كتابه:
Le Coran silencieux et le Coran parlant, op. cit.
ثم حديثا في مقال له:
«Al-Shayḫ al-Mufid (m. 413/1022) et la question de la falsification du Coran», in D. de Smet et M. A. Amir-Moezzi (éd.), Controverses sur les écritures canoniques de l’islam, Paris, Cerf, 2014, p. 199-229.
أنظر أيضا في نفس المجلّد:
D. de Smet, «Le Coran : son origine, sa nature et sa falsification. Positions ismaéliennes controversées», p. 231-268.
وحول الفترة الحديثة والمعاصرة، أنظر:
R. Brunner, «La question de la falsification du Coran dans l’exégèse chiite duodécimaine», Arabica, 52/1, 2005, p. 1-42.
(20) أنظر:
A. Charfi, La pensée islamique, rupture et fidélité, Paris, Albin Michel, 2008, p. 173-174 (i. n.).
هذا الاستشهاد مأخوذ من عرض سلبي، وكان لا بدّ من القول أنّه عرض دغمائي وسطحي، للكتاب الرّائع:
Alfred-Louis de Prémare, Les fondations de l’islam, op. cit.
(21) بخصوص الموقف المحيّر لعديد المؤرِّخين تجاه المصادر الشيعيّة، أنظر:
M. Terrier, «Violences politiques, écritures canoniques et évolutions doctrinaires en islam: des approches traditionnelles à la nouvelle approche critique de M.A. Amir-Moezzi», Jerusalem Studies in Arabic and Islam, 40, 2013, p. 405-408.
حول المصادر التقليديّة، أنظر ريجيس بلاشير:
Régis Blachère, Introduction au Coran, Paris, Maisonneuve, 2e éd., 1959-1991, p. 3 :
"في غالب الأحيان (...) يجد المرء نفسه مُرْغَما على أخذ مفاهيم مزيّتها الوحيدة أنّها مفاهيم الأغلبيّة. ولكن بالقابل، لنتّفق على أنّه لولا التقليد [السُنّي] لكان لزاما علينا أن نستسلم لعدم معرفة أي شيء عن تأليف كتاب ديني ذي هيئة عجيبة". ولكن ماذا ستعلِّمنا "السّنة" إذا لم تكن تتمتّع بأية مصداقيّة؟ ستعطينا معلومات يمكن استخدامها ولكنّها ستكون ممتزجة مع "أخبار" غير صحيحة أو مُضلِّلة، مع تحريفات وتفسيرات جديدة مندرجة داخل رواية كبيرة تحكي لنا عن مِخيال الجماعات التي ألّفت ونقلت هذه الأخبار أكثر ممّا تحكيه لنا عن الماضي. وزيادة على هذا، ليس صحيحا أنّه بدون "السنّة" لا نمتلك أيّ وسيلة لمعرفة أيّ شيء يُذكر عن القرآن (وكأنّنا ليس بإمكاننا أن نعرف أي شيء عن الأناجيل بمعزل عن شهادة بابياس أسقف هيرابوليس والتي تنزع بالأحرى إلى الزجّ بنا في بعض الإتّجاهات الخاطئة). وبخصوص وصف براديغم بديل، أنظر:
G. Dye, «Early Islamic Studies Seminar: International Scholarship on the Qur’ān and Islamic Origins», in S. Burge et A. Hilali (éd.), Contemporary Studies on the Qur’an, Londres, Institute of Ismaili Studies.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و