الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك ما يجذب الشباب الى البشاعة

مالوم ابو رغيف

2016 / 11 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


شاهدت بعض الدواعش من على شاشات الفضائيات وهم يدلون باعترافات تورطهم في عملية كركوك الارهابية لقد كان اغلبهم شبابا في عشرينات او ثلاثينات اعمارهم، وعندما حصل التغيير في العراق سنة 2003 كانو صغارا على اتخاذ اي موقف ديني او تبني فكرا سياسيا او طائفيا، ذلك يعني ان افكارهم هي من بودقة ما بعد التغيير.
ما يلفت النظر هو انتمائهم الحديث الى منظمة ارهابية دموية وهمجية معروفة على النطاق المحلي والاقليمي والعالمي اذ ان هذه المجموعة من الشباب المتورطة في احداث كركوك كانت قد انظمت الى داعش في سنوات 2014 و2015 وحتى في 2016، وهو امر مثير للاستغراب، اذ ان همجية ودموية منظمة داعش اصبحت حديث الصحافة والفضائيات العالمية ولم يعد هناك من يجهل اجرامها خاصة بعد احتلال الموصل وما رافقه من مآسي انسانية حلت بالعراقيين وخاصة من الدين الأيزيدي. وهذا يشير بشكل واضح الى الفشل الحكومي وفشل منظمات المجتمعات المدني في نشر ثقافة مضادة للارهاب.
عادة لا تتشكل القناعات الدينية والسياسة والفلسفية في سنوات المراهقة والشباب، وقد تكون جميع الارتبطات او الانتماءات الى اي منظمة او حزب او مجموعة في المراحل الشبابية الاولى بفعل دوافع وعوامل عاطفية او ميول اجتماعية.
فما هي العوامل التي دفعت بهؤلاء الشباب الى الارتماء في احضان تنظيم داعش المرعب البشع حيث لا يوجد سوى الموت والانتحار والقتل ولاجرام والاغتصاب.؟
هل هناك ما يجذب الشباب الى البشاعة؟
وكيف نفسر نسيجها التنظيمي المتكون من انتمائات متعددة من دول مختلفة التطور اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، من دول فقيرة ومن دول غنية، من انظمة قمعية ومن انظمة ديمقراطية، حتى الانحدارات الاجتماعية مختلفة، فمنهم من الطلاب ومن الفلاحيين ومن العاطلين عن العمل ومن خريجي الكليات المختلفة؟
وهل يمكن ان يكون العقل بمثل هذه السذاجة فيصدق خزعبلات رجال الدين ووعودهم بالجنة والغلمان المخلدين وحور العين والغداء مع النبي محمد؟
واذا افترضنا بان العقل الخليجي بشكل خاص والشرقي بشكل عام بسيط حد الضحالة وميال الى تصديق الخرافات والتراهات الدينية، فكيف نفسر انضمام اصحاب العقول القادمة من الغرب والتي تعلمت في المدارس العلمانية وعاشت في ظل انظمة الحرية وحقوق الانسان والوعي الاجتماعي؟
وعلى افتراض ان هناك عوامل جذب، فهل يمكن ان تكون من القوة بحيث تدفع الشباب للانضمام الى منظمة مطاردة عالميا ومصيرها هو الفناء والزوال الاكيد؟
لا نعتقد اننا نكون على خطأ اذا قلنا بان اكثر عوامل الجذب قوة هي الوعود الدينية في (النيك) المجاني، وعذرا على استخدام هذه الكلمة المباشرة الخادشة، لكنها تعبر عن حقيقة ما يفكر به الداعشي عندما يقدم على عملية انتحارية، فدافعه هو غريزي حيواني خال من الحب ومن التهذيب.
نعتقد ان هناك عوامل اقوى من عوامل الجذب، وان هذه العوامل ليست دعوات مباشرة للارهاب فهي تختلف عن تلك الدعوات التي تتبناها المنظمات الارهابية مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وبوكو حرام وغيرها التي تثقف الناس بالذبح والاغتصاب والاستعباد واحياء سوق النخاسة الاسلامي.
الدعوات المبطنة للارهاب هي تلك التي تنشر ثقافة الحقد والبغض ضد الاخر وتتبنها دول وتمولها بمليارات الدولارات وتدعي بنفس الوقت انها تحارب الارهاب بينما هي تنتجه.
الدعوات المبطنة للارهاب هي في الثتقيف المتواصل بان وجود الاخر المختلف يشكل تهديدا مباشرا ينذر بالهلاك والابادة وتدنيس العرض وسحل الشرف في الاوحال وتشويه الاسلام.
هي في اعتبار ان هذا النوع من الحقد هو حقد مقدس من اجل الحفاظ على النوع، القومية، الطائفة، المذهب، العشيرة، المكون، الدين.
وعندما يكون التثقيف المضاد من نفس نوع وجنس التثقيف الحاث على العداوة والبغض والحقد، فانه ينتجب حقدا مقابلا كرد فعل وتكون فرص تحول الشباب نحو الارهاب اكثر احتمالية.
التثقيف ضد الارهاب يجب ان لا يكون دينيا، لأن المجادلات الدينية تخلق اتباعها ومناصريها وتزيد اعدادهم من جميع الاطراف.
يجب ان يكون تثقيفا انسانيا علمانيا يبتعد كليا عن النفخ في كوانين الحقد والضغينة واحياء ماضي التاريخ المرقع بالثارات.
من هنا نستطيع تفسير انظمام الاحداث والمراهقين والشباب الى هذه المنظمات الارهابية ذلك ان التثقيف المضاد المرتكز على الجانب الديني، يخلق ردة فعل عاطفية مقاومة قد تجد في الارهاب متنفسا لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التناقض يؤدي الى البشاعة
nasha ( 2016 / 11 / 4 - 06:32 )
الاحباط واليأس يؤدي الى سلوكيات غير متوازنة.
الشباب مشتت غير متوازن لان الواقع على الارض امامه يناقض ما تعلمه وما بُرمج عليه في البيت وفي المدرسة وفي المعبد منذ ولادته .
لا تلوم الشباب بل يجب ان تلوم من علّم وربى الشباب، انهم ضحية التربية والتعليم الفاشل التربية القطيعية الابوية التسلطية القبلية المغلقة تربية املائية روبوتية تفتقر الى اي نوع من انواع الحرية والابداع.
ما يحدث للشباب من شذوذ هو بسبب ألاصطدام الفكري بين ما لُقن وبُرمج عليه وبين الفكر الذي يشاهده على النت والفضائيات .
في رأيي هذا التناقض هو الذي انتج هذه البشاعة

تحياتي


2 - المضاد والمناقض
مالوم ابو رغيف ( 2016 / 11 / 4 - 11:08 )
تحياتي زميلي العزيز ناشا
التناقضات غالبا ما تؤدي الى التمرد، حركات التمرد في المجتمع الغربي متعددة ومختلفة غالبا ما تتسم ليس برفض الواقع وحده، بل برفض السياسة ورفض الدين والتعليم والازياء وتسلط الاباء
فاذا كان الواقع بشع فان التناقض يكون تمردا عليه لا مجاراة له
واذا كانت التربية سيئة او تسلطية فان التناقض يفترض ان يولد بديلها
وانا هنا اتحدث عن الشرق حيث لم ينتج التناقض حركات لها وزنها في معارضة التسلط الديني او السلطوي او الاجتماعي
اما عند الحديث عن الشباب الاسلامي في الغرب، فان الالتحاق بالحركات الارهابية هو فعل تدميري انتقامي لعقدة الشعور بالنقص الملازمة للمهاجرين الذين ولد الكثير منهم في تلك البلدان لكنهم غالبا لا يحملون الحب لها ولا لمجتمعاتها كما تفضلت بالاشارة الى ذلك في مشاركتك وذلك لاسباب عديدة منها ما تفضلت بذكره وانا افضل هنا استخدام كلمة تضاد وليس تناقض، ذلك ان التناقض تفاعل واعي يحتفظ بايجابيات ما يجنح نحو تغيره بينما التضاد هو اختلاف كامل في الاسلوب وفي طريقة العيش يحمل معه بديلا معاديا غالبا ما يكون هو الاسوء، الارهاب عدو وليس نقيض السلام بينما الحرب هو نقيض السلام

اخر الافلام

.. مؤتمر باريس حول السودان: ماكرون يعلن تعهد المانحين بتوفير مس


.. آلاف المستوطنين يعتدون على قرى فلسطينية في محافظتي رام الله




.. مطالبات بوقف إطلاق النار بغزة في منتدى الشباب الأوروبي


.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: هجوم إيران خلق فرص تعاون جديدة




.. وزارة الصحة في غزة: ارتفاع عدد الضحايا في قطاع غزة إلى 33757