الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في باريس الحب 2001 (جان لوك غودار):عرّف الولايات المتحدة

بلال سمير الصدّر

2016 / 11 / 12
الادب والفن


في باريس الحب 2001 (جان لوك غودار):عرّف الولايات المتحدة
لازالت افلام غوادر تفتقد الى ذلك المعين الموضوعي التقليدي للرواية أو القصة،فالفيلم كالعادة،يحتضن اسلوب غودار الذي بات مأولوفا لدرجة ان احد النقاد قال عن هذا اللفيلم بأنه بحاجة الى خمسة عشر مشاهدة حتى يتسني لي فهمه،فهل هذا معقول؟
الفيلم تأملي،أكثر استغراقا في التأمل من المبحث الفلسفي،ولكنه يبقى تأمل فلسفي صارم وقاسي في الحب والشيخوخة،وفوق كل ذلك دور الذاكرة واللغة في الوعي البشري..
اسلوب الفترة المتأخرة حاضر بقوة من حيرة وارتباك وقطع وصور متشظية لايبدو أبدا بأن لها علاقة أبدا ببعضها البعض،مع عدم التزام سردي ووجود راوي وتكرار لغوي...
الشيء هنا يتعلق بمحاولة رواية التاريخ من خلال نقطة معينة في التاريخ،فالفيلم من الممكن القول عنه بأنه مبحث تاريخي ويتفرع من هذا المبحث العديد من التجريدات التأملية التي ليس بالضرورة أن تكون لها علاقة بالتاريخ،مع اعتماد كبير على حوارات عرضية بين شخصيات نشعر بقوة-احيانا-بانها ارتجالية متعرضا غودار لنفس المواضيع الأثيرة لديه..
نحن لانحاول فهم افلام غودار،بل هي محاولة للخوض في تأمل موضوعي تأملي محير ومرتبك وغير واضح على الاقل في الطرح،ولكن وعلى الأقل هناك نقطة ارتكاز في الفيلم ربما نستطيع أن نفسر من خلالها أو نبني عليها شيء....شيء وليس كل شيء
شخص ما يقرأ كتاب صفحاته بيضاء فارغة...
هذا الشخص-أو ربما غيره-يقول نحن لدينا مشروع،وهذا الشيء من اربعة دقائق عن الحب
اللقاء...الحب التقليدي...الانفصال...وبعد ذلك اعادة الاتصال
المعطيات الاربعة السابقة عبارة عن تكرار تاريخي لازم،فهي حتمية اساسية بالنسبة لأي لقاء بشري،ويضع نموذج لهذا اللقاء من خلال شخصيتين (بيرسفيل وايجلنتين)،ويقول لمؤدية الدور:
عليك ان تفهمي بأنها ليست قصة ايجلانتين ولكنها دقيقة في التاريخ
غودار يحاول ان يسرد هذا التكرار التاريخي-معرجا كما قلنا على الكثير من الأمور-وفي نفس الوقت يعيد سرده ضمن طريقه التاريخي،وهنا يحاول غودار أن يسرد التاريخ بطريقة مقلوبة،وكأنه يسأل هل للتاريخ دور كبير في حياة الانسان في هذه الحالة...
يقسم غودار الفيلم الى جزأين،الجزء الأول بالأبيض والأسود،والجزء الثاني بالألوان الفاقعة الملاحظة بسهولة وهو الماضي،على ان الحاضر-الابيض والأسود-بدأ من نقطة معينة من الماضي أو الألوان الفاقعة:
أنا أمر بلحظات صعبة،لقد انفصلت عن صديقتي التي ظللت معها طوال عشر سنوات
انه شيء غريب..في الحقيقة كيف لاتحمل الأمور أي قيمة عندما تنتهي القصة...؟!
تقول له-ليس بالضرورة ان نعرف من هي-:
لأنه التاريخ(History) مع حرف H كبير
وهذا اشارة الى ان التاريخ اصبح تاريخا الآن
كل تبعيات اللحظة الحالية متعلقة بهذه اللحظة الماضية-الذكريات-ولايوجد شيء جديد،واذا كان التاريخ له علاقة كبيرة بالشخص وكيف ينظر لهذا التاريخ،وهو الأمر الذي يعطي التاريخ نفسه اهميته،فاللحظة الحاليةمن الممكن ان تدون في كتاب تاريخ فارغ لأنها لاتعني للشخص اي قيمة،أي مجرد استمرار تاريخي لازم لاداعي له،والدليل انقلاب المبحث التاريخي الذي كان هذا الشخص بصدد تحقيقه من(دور الكنيسة في المقاومة) الى المبحث التاريخي السابق عن لزوم العلاقات،بينما الألوان الفاقعة المستخدمة في الجزء الثاني عبارة عن كيفية رسوخ اللقطة في الذاكرة.
إذا من الممكن قلب التاريخ وروايته بطريقة مغايرة ،ولكن ليس المقصود تحريفه،بل اسقاطه صفة الماضي واعطاءه صفة التوقف حتى لو استمر في الحركة،وهذه هي بدعة الفيلم الرئيسية.
لنعود الى المبحث السابق...يقول ذلك الشخص:
نحن في هذا المبحث لانستطيع ان نساعد،ولكن ان نصف ونصور،ومع الانقطاعات والانحرافات عن اشياء اخرى بعيدة عن هذا الموضوع المركزي،قد يكون موضوع المبحث الأول هم كبار السن:
الذاكرة بالنسبة لهؤلاء تقيس الحياة الحالية...نعم فالجزأ الأكبر بالنسبة لهم هو الذاكرة،والذاكرة تسترجع القصص...اي القصص التي لها علاقة بالموضوع قيد البحث أو قيد التصوير،ولها علاقة بالموضوع الحالي(الآني) أي بالحياة نفسها من دون اي رابط موضوعي بهذا المبحث،ولها علاقة بالذاكرة ايضا.
فجملة على شاكلة(مجرد ذكريات) تشير الى التاريخ وبقوة،بينما اللوحة الفنية التي تظهر كثيرا في الفيلم،عبارة عن تاريخ محض.
لنتابع هذه القصة على لسان شخص هرم يبدو بأنه مصرفي او رجل اعمال،ويبدو ايضا بانه ليس نموذجا فقط،بل له علاقة معينة بالمبحث من ناحية معينة:
كنت مجنونا بالحب ولكنها فضلت شخصا آخر،لذلك قلت لها اقتباسا عن (Jouvt):
فالتكوني سعيدة مع ذلك الشخص قليل الحظ
يسأل احدهم:ما الذي حصل له؟!....قتل نفسه في انديا بوليس
اذا فدينك قد دفع...؟! نعم ولكن لازالت هناك الذاكرة
الذاكرة لم ترحم هذا الرجل حتى لو اقتصت له الحياة هو لايستطيع نسيان هذه القصة،بينما القصة تحتوي على هذه النقطة(هي قد رفضته في يوم من الأيام)،وبالنسبة اليه هي اهم نقطة في هذه الحكاية.
ويعرج غودار كثيرا على حالات انتحار،فالانتحار حالة من اكتمال حالة تاريخية يقررها الشخص نفسه وليس شي مثل حالة اكتمال تاريخي.
قبل الاكمال،هناك نقطة مركزية ثانية في الفيلم،وهي الحياة نفسها،وهي الجملة التي من الممكن أن تختصر بأن الفيلم هو عن الحياة نفسها تحفل بنقاط كثيرة موضوع التأمل...
هناك مبحث وهناك مضمون...هناك شيء يريد ان يقوله غودار في شكل فني غير معرف وغير واضح حتى بالنسبة لغودار نفسه مع ميل كبير الى الاقتباسات والنزوح نحو اسماء ادبية فنية ولامعة.
ومن ثم نعود الى النموذج...امرأة كبيرة في السن:
هل فكرت أبدا في الموت...تقول :نعم
أنا اعني موتك انت...تقول لا
اذا كان الانتحار هو تساؤل غير طبيعي مستفسر ومتساؤل حول اكتمال حالة تاريخية يقررها الشخص نفسه،وليس شيء مثل حالة اكتمال تاريخي،فالموت هو الاكتمال التاريخي وهو السؤال الطبيعي،والاكتمال التاريخي يحتم علينا التوقف عند نقاط لامعة في التاريخ-التاريخ البشري وليس التاريخ الشخصي وهذا من ضمن موضوع ان الفيلم هو عن الحياة برمتها...
مثل الصرب ارتكبوا الرعب من خلال اضطهاداتهم القذرة لألبان كوسوفو....
وهنا يكون من حق الشخص رواية الأساس التاريخي عندما يحصل التداخل بشكل يصعب بشدة الفصل بينهما
قضية امربكا أثارت جدلا واسعا حول الفيلم
الامريكيون لايملكون ماضي حقيقي،فهؤلاء الذين في الشمال من المكسيكيين وحتى البرازيليون في الجنوب،من الممكن القول عنهم امريكيون،فغودار يقول بصراحة ان الامريكيين المرتبطين بالولايات المتحدة لازالوا في طور البحث عن اسم محدد لهم،وحتى اسم الولايات مشكل بالنسبة لغودار بل ويعتبرهم:
لايمتلكون اي ذاكرة عن ذواتهم وماكيناتهم تعمل ولكنهم لايملكون اي خصوصية..ويتابع غودار:
لذلك هم يشترون ماضي الآخرين،اذ انهم يبيعون صور متكلمة،ولكن الصورة لا تتكلم ابدا...هذا الذي هم يريديونه...
الأصل أمريكي...ما هي امريكا بالضبط
هل هي الشمالية أم الجنوبية،فإذا هي الولايات المتحدة فالبرازيل مكونة من ولايات والمكسيك ايضا،فشعب بلاهوية حقيقته لابد اذا ان يعيش على قصص الآخرين...
ومن ثم يعرج على قصة شندلر الشهيرة والتي باتت تقتبس كثيرا على لسانه عند اي ذكر له،عن سبيلبرج الذي حقق الملايين من خلال توظيفه لهذه القصة بينما يعيش شندلر فقيرا في الأرجنتين.
هذا ليس هجوما على امريكا،بل هو هجوم حضاري أكثر منه سياسي ومن ضمنه هوليوود ايضا.
شيء مثل:سوء توظيف للتاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - هل الفنان محمد علاء هيكون دنجوان الدراما المصري


.. كلمة أخيرة - غادة عبد الرازق تكشف سر اختيار الفنان محمد علاء




.. كلمة أخيرة - الفنانة سيمون تكشف عن نصيحة والدها.. وسر عودتها


.. كلمة أخيرة - محدش باركلي لما مضيت مسلسل صيد العقارب.. الفنان




.. كلمة أخيرة - الشر اللي في شخصية سامح في صيد العقارب ليه أسبا