الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري

طوني سماحة

2016 / 11 / 13
الادب والفن


استيقظ غلين ( Glen)، ابن السنوات الستة، قبل طلوع الفجر. سأل والدته "كم يتبقى من الوقت حتى الاحتفال بعيد ميلادي؟" تبسمت والدته وقالت له ثماني ساعات. عاد الطفل الذي يعاني من مرض الصرع والتوحد بعد ربع ساعة ليسألها مجددا عن الوقت المتبقي. كانت آشلي (Ashley)، والدة غلين، قلقة بعض الشيء. أرسلت ستة عشرة دعوة لرفاق غلين الستة عشرة في المدرسة لتدعوهم لحضور الاحتفال بميلاد ابنها، لكن أحدا من أولياء أمور الأطفال لم يتصل ليثبت الدعوة أو يلغيها. أسرّت آشلي لوالدتها بقلقها من احتمال عدم حضور أحد، لكن الجدة خففت من قلق ابنتها بالقول "لا بد وأن يحأتي بعضهم". حان وقت الاحتفال. جلس الطفل وأمه ينتظرون أن يطرق أحد الباب. مرت الدقائق ثقيلة بطيئة وبقي الباب صامتا. بكى الطفل وانشطر قلب الأم. أرادت آشلي التعبير عن حزنها وغضبها. لم تجد أمامها سوى مواقع التواصل الاجتماعي. كانت آشلي تدرك أنها لن تستفيد شيئا، لكنها وبغصة شديدة خطت رسالة غضب وأرسلتها على أمواج الهواء.

انتشرت رسالة آشلي على سرعة البرق. ابتدأ الهاتف يرن. غرباء على الطرف الآخر من الهاتف كانوا يسألون إن كان بإمكانهم اصطحاب أبنائهم الى بيتها للمشاركة بالاحتفال. أتى البعض حاملين ألعابا. ثمة امرأة اشترت دراجة هوائية لغلين. علت البسمة شفتي الطفل الصغير. أحد رجال المدينة قدم، أخذ صورا للمناسبة وقدمها للعائلة. كان مجموع الأطفال الذين حضروا الحفل خمسة عشرة والكبار خمسة وعشرين. وصل الخبر الى قسم الشرطة في ولاية فلوريدا. اتصل رئيس الشرطة وطلب من الأم تزويده بعنوان المنزل. خلال وقت قصير، كانت طائرة هليكوبتر تحلق في سماء المدينة فوق منزل غلين. انخفضت الطائرة الى حد سمح للطفل برؤية الطيار الذي ألقى التحية عليه.

نام غلين ليل الأحد سعيدا. ظن أن احتفال العمر انتهى. لكن وخلال عودته من المدرسة نهار الأربعاء، وجد فرقة رجال الإطفاء ورجال الشرطة بانتطاره على مدخل البيت. أركب رجال الأمن غلين في سياراتهم. أروه كيفية استخدامها، سمحوا له باللعب فيها، أكلوا الحلوى معه وانصرفوا.

كل عام وأنت بخير يا صغيري.
بعضنا، نحن الكبار، أجسامنا كبيرة لكن لا قلب لنا، وبعضنا مثلك، يحمل قلبا كبيرا بغض النظر عن حجم أجسامنا.
سامحنا يا بنيّ. قد ننظر الى اختلافك عنا على أنه إعاقة، لكن الحقيقة أنه لكل منا إعاقة أكبر وأخطر كثيرا من إعاقتك، نخفيها عن بعض البعض ونتظاهر بأننا طبيعيين.
سامحنا يا ولدي. أنت أقرب الى الله منا. البعض منا يهزأ أو يستخف بك وبأمثالك. نحن، يا ولدي، من يجب الاستخفاف به لكثرة ما أسأنا الى أنفسنا والى غيرنا، فيما رؤوسنا مخبأة في الرمال ونظن أن كل شيء على ما يرام.
سامحنا يا صغيري. إنها الحياة. حياة كبار لم يدركوا أنهم في الحقيقة صغار النفوس، مهما كثرت أموالهم أو عظمت درجاتهم العلمية والمهنية، وحياة صغار مثلك هم في الحقيقة أكبر من الكثيرين بيننا، لا لشيء إلا لأنهم امتلكوا قلبا كبيرا.

كل عام وانت بخير يا صديقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في