الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام و العداء الحتمي للحضارة الإنسانية 2/2.

صالح حمّاية

2016 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وكما نرى( كما فصلنا في الجزاء الاول من المقال ) ففي كل شيء ، كل شيء وبدون أي استثناءات بما تعلق بقيم الحضارةـ فأمة الإسلام و الحضارة الإنسانية ليستا حتى خطين متوازيان لا يلتقيان ، بل هم على طرفي نقيض وفي تصادم ، فما هو مرغوب لدى طرف ، فهو منبوذ ومكروه بشدة لدى الطرف الآخر ، وما هو مرغوب لدى طرف ، هو منبوذ لدى الآخر ، وهو ما يحيلنا لا محالة إلى تأييد رأي هنتجتون ، وعموما وحتى بدون هذا السرد ، فيمكن لمس ما نقول لمن يريد من الخطاب الإسلامي التقليدي ، فهذا الخطاب معادي للحضارة الإنسانية ، ومشنع بها ، ونقصد هنا بالتحديد كلام الفقهاء الكافر و الرافض للحضارة الغربية والتي هي النواة الصلبة للحضارة الإنسانية ، فأنت لا تجد شيخا أو فقيها ، أو شخصا له علاقة بالدين الإسلامي ، إلا و تراه يسب ويشتم في الحضارة الغربية ليل نهار ، فكل الشرور في الحضارة الغربية ، و الشيطان الأكبر هو الغرب وحضارته ، وشخصيا لا يبدو لي من المستغرب أنه و رغم العداء الرهيب و المذابح المريعة بين السنة و الشيعة ( وهما اكبر فرقتين مسلمتين ، قد تخاصمتا في كل شيء ) أن يتفقا في نقطة العداء للحضارة الإنسانية ، فهذا الأمر بديهي ، و شخصيا أدرك لما حصل هذا ، و هو لسبب بسيط جدا في الواقع .

ببساطة إن رجل الدين المسلم سواء شيعيا أو سنيا ، فهو يرى في الواقع أن الحضارة الإنسانية والغربية تحديدا الهي التجسيد الحي لكذبه و فشله ، ففي التاريخ الإسلامي وحين جوبه المسلمون بالأسئلة المصيرية إتجاه توجههم ، كمركزية العقل ، او مركزية الإنسان و أولوية الحرية الخ ، كان الفقهاء يدلسون على المسلم المقهور بقوة الإرهاب و القمع ، أن النقل مثلا هو أحسن من النقل ، و أن العبودية أحسن من الحرية ،و أن الكهنوت أحسن من حرية الفكر ، وزعموا أن هذه هي الخيارات المصيرية التي ستقود المسلمين نحو العزة و الفخر و المجد ، ولكن ما الذي جرى ؟ لقد مر الزمن و جاءت الحضارة الغربية وكشفت زيف ذلك الكلام الكاذب ، فهي بدل النقل إختارت العقل ، بدل العبودية إختارت الحرية ، و بدل الكهنوت إختارت العلمانية ، وفي كل شيء قال له المسلمون نعم قالت الحضارة الغربية له لا ، وفي كل شيء قال له المسلمون لا ، قالت الحضارة الغربية نعم ، و ماذا كانت النتيجة ؟ لقد كانت كل خيارات الحضارة الغربية صحيحة ، بينما ثبث زيف كلام الإسلام ، فهذا هذا الهيلمان العظيم الذي نراه متجسدا في الحضارة الغربية من علوم ومعارف ، و الحضارة و الإزدهار الذي يفر المسلمون في قوارب الموت للوصول إليه ، كلها كانت نتيجة لنقض كلام الفقهاء و كلام الدين الإسلامي ، ونتيجة لفعل ما هو عكس ، وليس حتى مختلفا عنه قليلا ، و عليه فهذا هو ما يجعل الحضارة الغربية و الحضارة البشرية بالعموم ، هي أعدى أعداء الدين الإسلامي و أمته ، فهذه الحضارة بمجدها و ازدهارها وبريقها في هذا العالم ، هي المثال الحي على سقوط الإسلام وفشله ، و على أنه محض أكاذيب يتم إستغفال المسلمين المقهورين بها .

وكإضافة على هذا هنا، فقد وجب القول أن المسلمين و لفترة من تاريخهم قد لاحظوا هذا ، فبعد موجة الاستعمار و إحتكاك المسلمين بالغربيين المتحضرين ، رأوا بأم أعينهم زيف و كذب رجال الدين عليهم ، و رأوا التحضر على أصوله ، و أكتشفوا الأكاذيب التي روجها الفقهاء وسطهم ، وعليه قامت في بدايات القرن العشرين و لفترة ما دعاوى من بعض المتنورين في بلاد المسلمين لنبذ التراث و الأفكار المتخلفة التي عاش فيها المسلمون ، فتلك الأفكار لم تحمل سوى البلاء و الخراب على المسلم بنظرهم حينها ، و حصل في تلك الفترة تطور كبير في بلاد المسلمين بسبب هذا ، حيث كانت بعض البلاد المستعمرة ـ تسعى لتقليد المستعمر لأكتساب سبل الحضارة ، و التمدن ، وقد قطعوا شوطا فيهذا ، و لكن ورغم كل هذا وللأسف ، فهذا لم يدم ، فالمسلم الذي تعلم قيم الحضارة من المستعمر كالحرية مثلا ، ثار لطرد المستعمر من بلاده ، ولكن وكنتيجة لهذا للأسف ، و لأنه المسلم لا يملك قيم التحضر كقيم راسخة في شخصيته ، فقد عادت سطوة الكهنوت تتسلل ببطئ لتحمه ، و عاد المسلم للسقوط في براثن الهمجية والتخلف الإسلامية ، فقد سيطرة رجال الدين رويودا رويدا على المشهد ، و روجوا لنظريات من قبيل خطورة التغريب ، و خطورة الغزو الثقافي ، و أنه يجب العودة للتراث وتقاليد الآباء و الدين ، من أجل التحرر المطلق من هيمنة الإستعمار ، و طبعا و لأن المستمعر كفرد مختلف عن المستعمر من حيث قيمه ، فقد أدى هذا لعودة المسلمين لهمجيتهم المعهودرة من إحتقار للمراة ، وعداء للحرية ، ونبذ للعقل ، وربما تمثل دولة الخلافة داعش ذروة هذا المشهد المأساوي ، ففيما هناك في هذا العالم حضارة تحمي حتى النباتات والحيوانات من الأذى من باب الإنسانية ، هناك وفي ذات الوقت أناس يذبحون ويفجرون و يسفكون دماء البشر بدون أي رحمة او ضمير ، و يدمرون أثارا لا تقدر بثمن لأجل الهراء ، و هو المثال الأكثر دلالة على حالة الصدام الحتمي هذه بين الحضارة الإنسانية ، و بين أمة الإسلام ودينها ، و طبعا هنا فمن يزعم غير ذلك ، ليس سوى ملديس ، فهذا الكلام هو الكقول أن داعش و بتصرفاتها تشبه حكومة الدانمرك وتصرفاتها ، و هو الهراء الفج المحض .

و على هذا فلا يمكننا وبعد هذا السرد ، إلا أن نقول ختاما أن الإسلام و أمة الإسلام ، ليسوا سوى أعداء للحضارة الإنسانية بالحتمية ، و أن الحضارة الإنسانية في جوهرها هي نقيض للإسلام ، وعليه فهي لن تتقدم إلا بقمع الإسلام ، و كذلك قمع المسلمين الذين يحملون أفكاره المعادية للبشرية ، فالسماح لهذا الدين بالوجود في العالم ، هو كالسماح للأفعى سامة بالتجول بحرية في منزلك و أنتظارها إياها لأن تلدغك ، لهذا فعن دعوات حوار الأديان ، وحوار الثقافات ، وخرافة الإعتدال الإسلامي ، فهي بتصوري لا يجب أن تلقى سوى الرفض ، فهي ليست سوى ضحك على الذوق ، وتقية من دين يؤمن بالتمسكين لحين التمكين ، للانقضاض على العالم ، فهذه الأفعى لا أمان لها ، وهي خطر على الإنسانية كلها ، فنحن هنا لا نتحدث عن صدام في قيمة أو أثنين او حتى ثلاث وهو أمر مشروع في إطار التعدد ، ويمكن إيجاد حلول وسطى معه ، و لكننا نتحدث عن دين هو النقيض مع الحضارة الإنسانية وفي كل شيء ، ومنه فبقاء الحضارة الإنسانية يعني زوال الإسلام ولا بد ، فيما تمدد الإسلام بالضرورة فيعني زوال الحضارة البشرية ولاشك أو على الأقل إنهاكها بالضربات ، ولك أيها الإنسان أن تختار .

رابط الجزء الأول من المقال :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=537819









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفر أم إسلامْ...إخترْ يا...همامْ...
يفرن ( 2016 / 11 / 13 - 23:17 )
حمدوا إلههم على نعمة دينه و...حملوه...لكل...الأقوامْ...

أخرجوهم من الجهل للحضارة...وحفَّظوهم...أعظم...كلامْ...

وما حاجتهم للعقل...فلا كلام بعد كلام...خير...الأنامْ...

وأشعار بدْوٍ رعاةٍ و...صعاليك أشاوس...كرامْ...

تكلم الإله لغة هي الأرقى...أرسل بها دين الختم للكفار...اللئامْ...

لا يهم إيمانك...إقتناعك...المهم إسلامك...إستسلامك...يا إبن...ال...مْ...

نُعطيك...دنيا...آخرة...أعطينا مظاهرا قشورا من...صلاة و...صيامْ...

وأقرضنا وإلهنا نقودك...إحمل سيفك...قطِّع الرقاب...دمِّر..لا تخف...لا لن...تُلامْ...

لا تزرع،حارب...لا تصدق،إكذب...لا تكن بنَّاءً، لا لا...كن...هدَّامْ...

الأرض كلها ملكك...الخلق كلهم عبيدك...فالإله قد منَّ على...عنتر و...ضرغامْ...

وأي كلام خالف دينك...أزُّ شيطانٍ و زندقة و...تلبيس أبالسة و...أوهامْ...

وكل من دعاك لعقل وحرية وعدالة و...حضارة غرب كافر...كلامه أضغاث...أحلامْ...

هدفه تغيير جلدك...وتدمير دينك الذي...إختاره لك...خالق الأقوامْ...

دينك...الكمال...فيه وحده العزة وخير التجارة...دنيا وآخرة...فإلى الأمامْ...


2 - كفر أم إسلامْ...إخترْ يا...همامْ...
يفرن ( 2016 / 11 / 13 - 23:18 )
للصدام....مع العالم...أجمع...لا خيار...إما حضارة وإما...إسلامْ...

وتسأل سائلة...أي إله هذا...وأي دين هذا...لا يعرف إلا...الصدامْ...

والقتل والذبح والكذب والنفاق...وروح البداوة والهمجية و...الإنتقامْ؟


3 - حضارة و دستور ( القرآن دستورنا ) ه
john habil ( 2016 / 11 / 14 - 00:29 )
نك في هذا العالم حضارة
تحمي حتى النباتات والحيوانات من الأذى من باب الإنسانية ، هناك وفي ذات الوقت أناس يذبحون وي فجرون و يسفكون دماء البشر بدون أي رحمة او ضمير صالح حمٌاية
وهناك قرآن بقول:
أن الله لا يقبل إلآ دين الإسلام ومن يرفضه فهو من الخاسرين .. آل عمران 85
أ، الله اشترى من المؤمنين نفسهم يقاتلون .. فيقٌتلون أو يُقتلون ... يعني صفقة تجارية أزلية ليس للإنسان له فيها الإختيار. التوبة 111


4 - أمور مضحكة
محمد البدري ( 2016 / 11 / 15 - 00:21 )
إذا كان اتفاق الشيعة والسنة علي سب الحضارة الغربية له اصول اسلامية فان المضحك اكثر ان كثير من اليساريين ايضا يشاركوهم هذا الامر رغم ان ثقافة اي يساري مؤسسة علي ما في قلب الحضارة الغربية من معارف. لكن وللحق علينا التفرقة بين شعبتي الاسلام وبين اليساريين. فااسنة والشيعة تاسستا علي قاعدة الخلاف ايهما - اقصد علي ومعاوية - احق بنهب وسلب البلاد التي غزاها العرب أما اليساريين فانهم جميعا متفقون علي ان النهب الراسمالي هو اساس العداء للحضارة الغربية. لكن والف لكن لم يحاول منهم - الا القليلين - فضح العروبة والاسلام في مسالة النهب باسم الدين معتقدين انه من الممكن تاسيس حضارة علي الجهل والقمع وغش البشر والنصب والاحتيال باسم الدين وهدم اخري قائمة علي العمل والانتاج حتي ولو كان الاستغلال مضمرا فيهاز تحياتي للفاضل المحترم حماية


5 - ملاحظة في محلها
nasha ( 2016 / 11 / 15 - 02:12 )
لاستاذ محمد البدري ملاحظة مهمة وتكملة ضرورية لفكرة المقال
تحياتي


6 - المشكلة أن غالبية المسلمين أميون.
salah amine ( 2016 / 11 / 15 - 03:41 )
مشكلتنا هي أن مسلمينا ليس لهم أدنى من المعرفة البسيطة التي تساعدهم على فهم واقعهم البسيط، فما بالك بالقضايا العليا المتشعبة. وحتى المسلمين الذين يدعون العلم والمعرفة، فهم كذلك غارقون في بحور من الجهل والظلام.

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح