الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-سبعة-، أول حزب لبناني عصري و.. ديمقراطي

فؤاد سلامة

2016 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منذ شهور قليلة برز حزب جديد في لبنان، حزب ”سبعة“، الذي كما يدل اسمه، يحمل مؤشرات لرغبة قوية في تشكيل حزب لبناني يملأ فراغا على الساحة السياسية في بلد الأرز. لطالما حلم اللبنانيون اللاطائفيون بخلق هذا النوع المشتهى من الأحزاب. حزب يتخطى الأطر التقليدية للأحزاب اللبنانية المبنية على قاعدتين صلبتين: الزعامة والأيديولوجية. حتى الأحزاب ”العلمانية“ لم تخرج عن هذا الإطار الثابت للأحزاب اللبنانية، وجود زعامة قوية وشبه أبدية، ووجود أيديولوجيا، دينية، أو مذهبية، أو علمانية. الأحزاب الشيوعي والقومي السوري والأصولية تتشابه في هذا المكون العقائدي ـ الزعاماتي. الحزب الشيوعي له عقيدته الصلبة والجامدة وله زعماؤه شبه المقدسين، من لينين إلى ستالين، وحتى بوتين يمكن ضمه إلى جوقة الزعماء الكبار. الحزب القومي السوري له عقيدته القومية شبه الفاشية وله زعيمه المقدس. الأحزاب الدينية ـ المذهبية من الإخوان المسلمين إلى السلفيين السنة والشيعة لهم تراثهم العقائدي الجامد ولهم زعماؤهم وأئمتهم المقدسون.

من هنا نستطيع أن نميز في حزب سبعة الناشىء حديثا رفضه لهاتين القاعدتين الصلبتين في تأسيس الأحزاب. رفض الأيديولوجيا حتى ولو كانت علمانية أو ”وطنية“، ورفض فكرة الزعيم والقائد، من أساسيهما. قد يقول قائل إنه حتى لو رفض الحزب إعلان فكره الأيديولوجي فإنه لا يستطيع الإفلات من التصنيف الفكري ـ الطبقي، يمينا ويسارا. حزب سبعة لا يقول إنه يميني أو يساري وهذا لا يعفي الناقد الحر من البحث عن موقعه الطبقي وانحيازاته السياسية. على كل حال يحاول حزب سبعة أن ينطلق من الواقع الراهن لا من فكر محدد. نحن نستطيع تصنيف حزب سبعة من الآن كحزب يسارـ وسط. لماذا؟ لأنه ينطلق من رفضين: رفض الفساد بشكل جذري ورفض الطبقة السياسية، طبقة الحيتان الكبيرة، وهو ينطلق من مبدأين إيجابيين: العدالة الإجتماعية والديمقراطية الشاملة. حزب سبعة يتوجه بشكل خاص إلى الطبقة الوسطى المتعلمة والطبقات الشعبية المسحوقة بحيتان المال والسلطة. وهو ينطلق من عقدة صلبة وهي الديمقراطية داخل الحزب وخارجه. لأول مرة ينطلق حزب من لا قيادة ويسعى لخلق هذه القيادة خلال عملية التشكل الحزبي. ليس هناك قائد ملهم وليس هناك زعيم يعد حزبه بالمن والسلوى. هناك إطار فكري ـ فلسفي ـ سياسي ـ اجتماعي ينبغي على من يلتحق بخيمته أن يساهم في خلق القيادة التي ستتحمل مسؤلية قيادة السفينة تحت الرقابة الصارمة للقاعدة الحزبية.

تلك هي فكرة ”المنصة“ التي يشدد عليها المؤسسون المتطوعون للمساهمة بإطلاق هذا الحزب الجديد. إنهم أبناء الحراك المدني الذي فشل في الوصول إلى نتائج عملية، ولكنه نجح في إطلاق دينامية قوية داخل الشباب الذي أوقد تلك النار. ثمة فئة شبابية واسعة خارج الخيم الطائفية تريد بناء خيمتها تحت سماء الفكر الحر والمتحرر من العقائد الأيديولوجية ومن الآباء القديسين. هل يلتقط ”اليساريون“ المتمردون على الأحزاب اليسارية، واليمينيون الليبراليون المتمردون على الأحزاب العائلية، هذه الفرصة للمساهمة في دفع هذا المولود الجديد ومده بالأوكسيجين الضروري كي لا يختنق في بلد العجائب؟ اليساريون الديمقراطيون مدعوون بشكل خاص للتخلي عن نزعاتهم السلطوية الصغيرة وعن رغبتهم الدائمة في استنساخ حلقات شللية تدور حول أشخاصهم، وهم مدعوون للقبول بأن يكونوا أفرادا عاديين في حزب يسعى للإستفادة من خبراتهم من دون منة. لطالما كانت الشخصانية والنزعة الأنواتية مقتل الاحزاب اليسارية. كثيرون يفضلون الدوران في حلقات صغيرة تسبح بعبقريتهم بدل أن يكونوا أفرادا عاديين في حزب ديمقراطي عريض.

يبدو حزب سبعة حتى الآن حزبا عصريا بكل معنى الكلمة. فهو يستفيد لأقصى درجة من التكنولوجيا الحديثة في سعيه لتأسيس إطار حزبي منفتح، تعددي، وحر. وهو يتحرك باحترافية لافتة للنظر، وهو يعلن أهدافه من دون غموض، ويكشف خطته بكل شفافية. يقول بأنه يريد بناء منصة، او خيمة لشباب لبنان المأزوم المهدد بالبطالة والهجرة، ويقول بأنه يريد أن تكون تلك المنصة وسيلة لا غاية بذاتها، وسيلة للمساهمة في قيام لبنان الجديد من تحت ركام الحروب الأهلية، وسيلة لإصلاح النظام لا قلبه أو تحطيمه، وسيلة للتنافس مع الأحزاب القائمة لا لإلغاء تلك الأحزاب، وسيلة تشتغل بآليات ديمقراطية محصنة ضد نشوء زعامات تصادر الحزب أو تحرفه لأهداف شخصية. من هنا التشديد على بناء تلك الآليات الديمقراطية التي تحول دون نشوء مراكز قوى تعمل لحسابها الخاص. وجود تيارات داخل الحزب هو أمر أساسي معلن وهو أحد ضمانات منع التسلط. المهمة الأساسية بعيدة المدى لحزب سبعة كما فهمت شخصيا من الأوراق المعدة، هي العمل على قيام جمهورية ديمقراطية مدنية مستقلة عن المحاور الخارجية، جمهورية يمنع فيها تمويل أحزاب من الخارج، وهذا هو المبدأ الأول لتحقيق سيادة وطنية حقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان