الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الحشد الشعبي والميليشيات

سلام ابراهيم عطوف كبة

2016 / 11 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


اي قانون للحشد الشعبي يشرعه مجلس النواب العراقي يستوجب ان يقر بأن الحشد هو قوات شبه عسكرية تخضع لآمرية القائد العام للقوات المسلحة ووزارة الدفاع حصرا، تشكلت عام 2014 بعد فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية في النجف الاشرف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)على مساحات واسعة من الاراضي في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد قدرت ب(30%) من اجمالي مساحة العراق، بما فيها الموصل والرمادي وتكريت والشرقاط والحويجة --- وتألف الحشد بالبدأ من المتطوعين ثم انضمت اليه الميليشيات التي كان لها الصولات والاعمال العسكرية وشبه العسكرية منذ عام 2005 ومؤلفة من اكثر من حوالي 70 فصيلاً--- وان انضمام هذه الميليشيات الى الحشد لا يسقط اعمالها الارهابية السابقة والدعاوي القضائية ضدها بالتقادم ---
ومعروف للقاصي والداني ان الدولة العراقية ومنذ عقد تقريبا واجهت وتواجه الميليشيات المسلحة في المدن العراقية وهي دولة داخل دولة وامارات تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا وارادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!
ميليشيات ترفض سيادة الدولة والقانون والديمقراطية وتعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.هل الميليشيات المسلحة موضة العصر!؟
الميليشيات وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها السياسية،وأساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع العراقي،فانها ظاهرة غير صحية بل ظاهرة كارثية لا يمكن ان تستقيم الامور وتسير العملية السياسية وتترسخ الممارسة الديمقراطية بوجودها،اذ ان هذا الوجود يؤشر ايضا الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!
وجب ان يدرك المشرعون في مجلس النواب العراقي ان الميليشياتية في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع العراقي الى ثكنة عسكرية بمعنى الكلمة ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة.وتعكس الميليشياتية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال ومناهضة الامريكان وتقديم الدعم والاسناد للرئيس السوري بشار الاسد او مولاة الجمهورية الاسلامية في ايران !والهدف اساسا هو تحويل ابناء الشعب العراقي الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!،والميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق!
ان تعاظم دور الميليشيات،ادى ويؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا على خروج مجاميع متطرفة منها عن السيطرة،امتهنت الإجرام والقتل والخطف"والعلس"..الخ.ان الميليشيات كذراع عسكري لمنظمات واحزاب سياسية او كادوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة،جرى ويجري توظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي.هذا سمم الاجواء السياسية العامة وعقد العلاقات بين القوى وكرس العنف طريقا لحل الخلافات.تشيع الميليشيات المسلحة من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع العراقي وانها تستطيع ان تقتل وتذبح الجميع،وانه لايمكن تجاهلها،وان المطلوب من ذلك كله هو اظهار الحكومة بانها عاجزة عن مواجهتها وانها غير قادرة على بسط الامن والاستقرار.ان الهدف من هذه الاعمال تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين.
لا هيبة للدولة واجهزتها ايضا مع تحول العشائر المسلحة ومجاميع"الصحوة" الى ميليشيات واعادة تأجيج الاحتقانات الطائفية،ما لم يتم اخضاعها لضوابط محددة وان يتم تنظيمها وتسليحها بعلم الحكومة ومؤسساتها المعنية!ان من أهم واشد المصائب التي تهدد الأمن الداخلي هي كثرة وانتشار السلاح بيد خارجة عن سلطة الدولة،فهل من المعقول زيادة تلك الرقعة وانشاء مشاكل جديدة للحكومة؟
اي قانون للحشد الشعبي يبقى حبرا على ورق ما لم يتمكن من الحد من نشاط ونفوذ الميليشيات المسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية الارهابية والشديدة الرعب والبشاعة والتي اثرت على عمق المجتمع عموديا وافقيا،وبآيديولوجيات متنوعة سياسية ودينية كانت آثارها مدمرة حيث استهدفت مؤسسات الدولة واجهزة الخدمات الاساسية وكذلك الوجوه الاجتماعية.الميليشيات المسؤولة الاولى عن العنف المتعمد بدوافع سياسية ومذهبية وانتخابية ضد الاهداف المدنية لأغراض التأثير على ابناء الشعب،المسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية التي من شأنها اثارة الرعب في نفوس العامة مهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية او الآيديولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اية اعتبارات اخرى تستغل لتبريرها!

بغداد
24 تشرين الثاني 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة