الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشهد قطع الرقاب في اللوحة البعثية القاتمة

منير شحود

2006 / 1 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في آخر حلقات مسلسل انفراط النظام البعثي الأخير في العالم ثمة مشاهد سريالية لم تصل إليها حتى مخيلة سلفادور دالي نفسه...فالسيد عبد الحليم خدام ابن البعث البار, وثاني مهندسي النظام, وأكثر سياسييه دهاءً, وأشرس المدافعين عن المادة 8 من الدستور, وصاحب نظرية "الجزأرة", والمحرض الأول على ناشطي ربيع دمشق الذين يقبعون في السجن, ومكتشف الديمقراطية في اللحظة الأخيرة, والشريك المتضامن في فعاليات الفساد المرعبة... هو الآن صاحب نظرية إصلاح النظام العتيدة من داخل قيادته القطرية التاريخية, وذلك بنصائحه لرئيسه بقطع رأس فلان وعلان. بيد أن خدام لم يهنأ, فقد استفاق أعضاء مجلس"نا" الشعبي من سباتهم ليطالبوا بما هو أكثر من قطع رأسه...يا لها من فاجعة يا سوريا المنكوبة!.
كان السيد خدام أكثر حنكةً من أن ينتحر أو ينتظر الفاجعة الماثلة أمام ناظريه فصولاً, فانسل من النظام بهدوء, وانقلب عليه بمهارة. وهذه لا تحسب على وطنيته وحبه لسوريا في كل الأحوال, إنما لدهائه ورغبته بالنجاة بما نهب, وانتقاماً من رميه خارجاً وحسب. وخدام ليس سوى أحد رموز الفساد الذين يتغنون بحب سوريا الموءودة, في الوقت الذي يتركونها فيه هيكلاً عظمياً, بينما ينبش فقراؤها في القمامةً, ولكن ماذا سيجدون يا سيد خدام؟.
ويريد السيد خدام أن يحيلنا إلى شرعية القيادة القطرية في مقابل القرارات الارتجالية, ولكن من أين جاءت شرعية القيادة القطرية يا سيد خدام؟ وهل هي الإطار المناسب للإصلاح الذي حاولته؟.
ويحدث المشهد الأكثر رعباً في ما يسمى "مجلس الشعب", حيث يخال المرء أن ما يراه ليس سوى مشهد ممسرح من رواية "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل, والذي خلدت الأنظمةُ الاستبدادية شهرتَه الأدبية, أو اجتماع لمجلس "دوما" ستاليني أواخر الثلاثينيات من القرن المنصرم, حيث يرمي الرفاق الضحايا منهم بوابل من ألفاظ الخيانة قبل أن يزهقوا أرواحهم. كيف كان الرفيق خدام يتحسس عنقه يا ترى وهو يستمع إلى رفاقٍ له ينعتونه بتلاوين الخيانة العظمى ويستكثرون عليه لقب أبي جمال أو السيد؟!.
وحتى يكتمل المشهد, كان يفترض على أعضاء مجلس الشعب أن يشيدوا بوطنية السيد نزار نيوف الذي كان أول من تجرأ وتحدث عن طمر النفايات النووية في البادية السورية, ويعيدوا له الاعتبار. أكنتم نياما وقتئذ؟ أم أنكم لم تجدوا في مثل هذا الإخبار أية قيمة؟. عندها لم يتنازل الرفيق خدام ويدافع عن اتهامه وأولاده بدفن النفايات النووية في الصحراء السورية, فقد كان الوطن ونفاياته النووية في عهدته آمنين مطمئنين!.. وللصوص الكبار حرمتهم وهيبتهم بالطبع.
تحدث أعضاء مجلس الشعب عن فساد خدام وحده, ولكنهم سكتوا عنه وعن غيره من قبل. ويبدو أن عليهم الاستنفار من الآن فصاعدا لنشر ملفات المنشقين وحدهم!. ولكن مهما رميتموه بأقذع الألفاظ سيبقى خدام رفيقاً بعثياً, وركناً مهماً في منظومة مخيفة استباحت بلداً بأكمله دون أية رأفة. وأنتم تساعدونه على التوبة بفصله من الحزب الذي ما زال يضم مئات آلاف الانتهازيين والفاسدين, ربما سيتبع بعضهم طريق التوبة الخدامية. أما الحزب فلا مجال لإصلاحه, لقد فات الأوان, وأما الشعب فاتركوه يستريح قليلاً ويتفكر كيف تجرع مرارة الظلم والحيف...وما زال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل