الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب صراع الحضارات و إعادة بناء النظام الدولي لصاموئيل هانتجتون

هاشم العيسمي
كاتب سياسي

(Hashem Aysami)

2016 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في كتابه " صراع الحضارات و إعادة بناء النظام الدولي "(1) لصاموئيل هنتجتون , ترجمة عباس هلال الكاظم , قدّم هنتجتون تأصيلاً نظرياً للمفاهيم المتعددة التي تحكم المجتمع الدولي , ثم استعرض الميزان المتغير بين الحضارات , و نظام الحضارات البادئ بالظهور , من ثم انتقل للحديث عن اصطدام الحضارات ليتبعها بالحديث عن مستقبل الحضارات .

و ضمن تقديم المؤلف لمفاهيم النظام الدولي و الحضارة ناقش هنتجتون الأعلام و الهوية الثقافية و تعددية الأقطاب و الحضارات في العالم , ثم ناقش المؤلف طبيعة الحضارات و العلاقة بينها , و تحدث عن الحضارة الكونية , معانيها و مصادرها , لينتقل إلى الحديث عن الغرب و التعصير و استجابة حضارات العالم على سياسات الغرب و التعصير .

أما في الميزان المتغير بين الحضارات فقد ناقش هنتجتون اضمحلال قوة الغرب كحضارة و ثقافة , و انبعاث الثقافات اللاغربية و العودة إلى الثقافات الأهلية , و تحدث المؤلف أيضاً عن اقتصادات العالم ليناقش الإثبات الآسيوي الذي حققته دول آسيا , و الإنبعاث الإسلامي الذي شهدته الدول الإسلامية , و يعرض أخيراً التحديات التي تواجه الغرب في هذه المرحلة .

و عن نظام الحضارات البادئ بالظهور فقد عرض المؤلف إعادة بناء السياسات العالمية على أسس ثقافية و سياسات الهوية و التعاون الإقتصادي , و عن بنية الحضارات و الدولة الممزقة , و فشل تغيير الحضارة في العالم , كما تحدّث أيضاً عن دول الجوهر و الدول ذات المركز الواحد و النظام الحضاراتي , ليحلل هنا الحضارات الأكثر بروزاً على المستوى العالمي , الحضارة الروسية و الحضارة الصينية و ثم الحضارة الإسلامية .

و ينتقل هنتجتون للتحدث عن اصطدام الحضارات ليعرض القضايا القائمة ين الحضارات كالعالمية الغربية و انتشار الأسلحة و حقوق الإنسان و الديمقراطية و الهجرة , ثم يتحدث عن السياسات العالمية للحضارات ليعرض نزاعات خطوط الصدع , و الإسلام و الغرب , و العلاقة بين آسيا و الصين و أمريكا , ثم يتحول للحديث عن التكتلات البادئة بالظهور و ثم ينهي هنتجتون بالحديث عن التحول من الحروب الانتقالية إلى حروب خط الصدع و خصائص حروب خط الصدع , و أمثلة حية عن هذه الحروب و القوى المحركة لهذه الحروب , و أيضاً مستويات الدول في التدخل في هذه الحروب بالإضافة لكيفية إيقاف هذه الحروب .

و أخيراً قام المؤلف بمناقشة مستقبل الحضارات في ظل المحددات الحضارية الراهنة , فتحدث عن تجديد الغرب و الخصائص التي يمكن أن تبقي الحضارة الغربية باقية و تتمدد و كذلك الآليات للتعامل مع باقي حضارات العالم , ثم أكد على استحالة قيام حرب عالمية و اقتصار الحروب على ما يسمى بحروب الوكالة أو حروب خط الصدع , و يختم المؤلف بالحديث عن العموميات الجامعة للحضارة كالثقافة و الأخلاق و إمكانية عولمة الحضارة على النمط الغربي لإنشاء حضارة عالمية واحدة .

و على ضوء دراسة مماثلة في حقل العلاقات الدولية , للمؤلفة أماني الغانم و آخرون , أخضعت المؤلفة في كتابها " البعد الثقافي في العلاقات الدولية : دراسة في الخطاب حول صدام الحضارات "(2) خطاب صاموئيل هنتجتون للدراسة و التحليل فقامت الغانم باستخدام آلية تحليل الخطاب لعرض البيئة التي ظهر فيها , و المحددات التي عَمل بها هنتجتون و الفئة الموجهة له خطاب " صدام الحضارات " , ومن ثم تصنيف الاتجاهات الداخلية في الولايات المتحدة , و أكدت الغانم أن المحرك نحو الصراع ليس الفروق الثقافية , بل هو السعي لمحو هذه الفروق , ثم تحدثت الغانم عن قضية العلاقة بين التحديث و التغريب و التعصير , و قضية المواجهة بين الحضارة الغربية و بقية حضارات العالم , و موقع الحضارة الإسلامية في العالم , و مكانة الولايات المتحدة في النظرية و التطبيق , و القضايا الأساسية لعالم ما بعد الحرب الباردة , و من ثم تحدثت الغانم عن النماذج البديلة في مواجهة النموذج الحضاري كالنموذج الدولاني , و نموذج العالم الواحد , و تحدثت أيضاً عن عناصر نموذج صدام الحضارات ما بعد الحرب الباردة , ثم ختمت المؤلفة بالتأصيل النظري في العلاقة بين الإسلام و الغرب و تأثير البعد الحضاري و الثقافي للحضارات في رسم مستقبل العالم على المستوين القريب و البعيد .

و بالمقارنة بين الكتابين سالفي الذكر نجد أن صاموئيل هنتجتون وظف البعد الثقافي و الحضاري لتعزيز مكانة الحضارة الغربية و تعزيز النظرية الواقعية في العلاقات الدولية و التي تؤكد حتمية الصراع بين الدول و الحضارات المختلفة , بينما نجد أن أماني الغانم و زملائها المؤلفين قد وظفوا البعد الحضاري و الثقافي لدحض نظرية هنتجتون و إثبات إمكانية التفاعل الحضاري بين الحضارات بأشكال مختلفة غير الصراع .

و بالنهاية , و من وجهة نظري أجد أن كلا الكاتبين قد أثريا مخزون علم العلاقات الدولية في تقديم مفاهيم الحضارة و الثقافة و تحليل الواقع الدولي المعاصر , و وضع أمثلة عملية على عملية التفاعل الدولي بين الحضارات , بالإضافة إلى تقديم إضافة نوعية في عملية النقد البنّاء للخطابات , و كيفية التعامل مع تحديات الوضع الراهن في المجتمع الدولي .
هاشم العيسمي
22-10-2016

المراجع و المصادر :
1- هنتجتون , صاموئيل , صراع الحضارات و إعادة بناء النظام الدولي , ترجمة عباس هلال كاظم , دار الأمل للنشر و التوزيع , اربد , الأردن , ط1 , 2006 .
2- الغانم , أماني , عبد الفتاح , سيف الدين , مصطفى , نادية محمود , البعد الثقافي في العلاقات الدولية : دراسة في الخطاب حول صدام الحضارات , كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , جامعة القاهرة , القاهرة , 2007 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة