الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامبريالية السعودية.. ح3

سامي فريدي

2016 / 11 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


سامي فريدي
الامبريالية السعودية.. ح3

البترول.. لعبة الوهم وانتفاخ الصحراء..
بشكل أو آخر نجحت السعودية في ركوب موجة النفط وتصدرها سريعا تحت وطأة منافستها الاقليمية لايران والعراق وليبيا.
ورغم ان الهدف من تشكيل منظمة الاوبك عام 1960م في بغداد-، وفي خطوة تقدمية لدعم اقتصاديات العالم الثالث، هي الثانية بعد تشكيل منظمة عدم الانحياز عام 1955م- لتبني سياسة نفطية موحدة في مواجهة السياسيات الغربية، كان الدور السعودي هو شق قرارات الأوبك، سواء داخل اجتماعات المنظمة او خارجها في عدم التزامها بالسقف الانتاجي وجداول تسعيرة الاوبك عمليا.
ويلحظ ان الأهمية التي وراء الدور السعودي، دفعتها لتعيين وزير خاص للبترول عام 1960م وانشاء وزارة للبترول بعدما كانت مجرد مديرية تابعة لوزارة المالية.
ولم يكتفِ الدور السعودي بنفسه، وانما استمال إليه الحكومات الخليجية وشكل محورا رجعيا تخريبيا لخدمة السياسات الغربية والكارتل العالمي، والذي تجلى -لاحقا- في تشكيل منظمة أوابك لدول النفط الخليجية – ماعدا العراق-.
فبفضل تكفلها بدور العراب الأمريكي استخدمت النفط لممارسة دور أكبر في السياسة الخارجية وتسويق أجندتها الدينية نحو الجوار.
لقد ساعدها كارتل أرامكو أن تكون قوة نفطية كبرى في الشرق الأوسط، رغم معدلات انتاجها المتواضعة ومحدودية حقولها النفطية التي لم تتعد حقول الظهران، واكتشاف حقول زيت الغاز جنوبي الرياض عام 1989م-.
لقد كان النفط في القرن العشرين أداة سياسية استعمارية أكثر من كونها مادة اقتصادية لتطوير الاقتصاديات الوطنية وتحسين مستويات الحياة الاجتماعية للبلدان المنتجة له. وكان الاستخدام السياسي للنفط وراء الاضطرابات السياسية والعسكرية وظروف عدم الاستقرار في البلدان النفطية غير المنضوية في التحالف الامبريالي مثل ايران والعراق وامثالها، بينما حظت البلدان الرجعية – أي التابعة انظمتها للغرب- بفرصة أفضل للاستقرار السياسي والاقتصادي، وهي التي بقيت خارج سيناريو الربيع العربي ايضا.
وبعد تحجيم دور النفط العراقي والايراني في سوق النفط العالمية بسبب الحرب الدائرة بينهما منذ 1980م، وجدت السعودية الفرصة سانحة امامها لتشكيل ما دعي بمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط عام 1981م.
الغرض من انشاء منظمة الاوابك/ الخليجية، هو شق وتغييب الدول النفطية العالمثالثية الكبرى من آلية القرار، وهي الدول الرئيسة المؤسسة للاوبك.
وما هي العبرة من وجود منظمتين لهما نفس الاختصاص في سوق النفط، -بل في سوق النفط العربية تحديدا- ان لم يكن اشعال الحرب بين المنظمتين والتطبيق العلني لسياسات تدمير الاخر.
ولم تكن الدول النفطية العربية الاعضاء في المنظمة المتأخرة غير بلدان السعودية والامارات الخليجية المدعومة من ارامكو وشركات النفط الغربية. ففي تاسبعينيات والثمانينيات قامت اغلب بلدان النفط بتأميم نفوطها، وسيطرت وطنيا على الانتاج والتسويق، باستثناء الحكومات التابعة للغرب اصلا.
خلال عقد الثمانينيات اغرقت السعودية وحليفاتها الخليجية، السوق العالمية بالنفط، مستغلة غياب العراق وايران في الحرب. وفي سابقة عدائية قامت بمصادرة حصص البلدين المتحاربين لصالحها، وبشكل حقق لها وفورات مالية خيالية من جهة، وقدم خدمة لا تعوض للاقتصاديات الغربية.
فحصلت على حماية بديلة تضمن لمعامل سلاحها الاستمرار بالانتاج، متحاشية الأضرار المحتملة لتراجع معدلات العرض النفطي. وبذلك ضمنت حاجتها المتزايدة لاستمرار مصانع الاسلحة الغربية وسباقها في تجهيز البلديبن المتحاربين بالاسلحة والمعدات الحربية، لمدّ أمد الحرب قرابة عقد من السنين.
لقد جنى كل من الحلف الرجعي العربي والتحالف الغربي الامبريالي من ظروف اضطرابات الثمانينيات على حساب كل من العراق وايران. بالمقابل، لم ينس التحالف الغربي الجميل السعودي والخليجي خلال الثمانينيات، فمنحها امتيازات اقتصادية وغير اقتصادية غير مسبوقة في بلدان الغرب.
فالدور المالي الخليجي في الغرب لم يأت من فراغ وانما مكافأة على الخدمات المضاعفة على الجانب الاقتصادي او الجانب السياسي في تخريب البلدان التقدمية والثورية المناوئة له، وازاحة تاثيرها من طريق السياسات الدولية. ومن ضمن الجميل الذي قدمه الغرب هو فتح الباب للتمدد الاسلامي السلفي داخل حدوده وبشكل صار يهدد الغرب، كما يهدد السعودية نفسها، المنتج الاساسي للسلفية الوهابية وأخواتها.
*
لم يقتصر الابتزاز السعودي لمبدأ [مصائب قوم عند قوم مكاسب!] في عقد الثمانينيات، وانما حظى بفرص ذهبية اضافية، جراء جداول العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على دول محور الشر الأمريكي: [ايران، العراق، ليبياـ سوريا] حسب وصف الرئيس الأمريكي يونيور بوش – ابن العائلة المالكة لكبريات شركات نفط تكساس مع نائبه ديك تشيني-.
فالعقوبات الاقتصادية الدولية حددت تصدير النفط. في حدود حاجاتها الاساسية الممثلة بالغذاء، وتحت اشراف المنظمات والهيئات الدولية. وقد شملت العقوبات الدولية في تسعينيات القرن الماضي ثلاث دول رئيسية كبرى في انتاج النفط في الشرق الأوسك [ايران، العراق، ليييا]. وهذا يعني أمرين:
1- استمرار تدمير منظمة الأوبك وتهميش دورها الاقتصادي السياسي في سوق النفط العالمية.
2- مزيد من الانتفاخ السياسي والمالي للسعودية وشقيقاتها الخليجية، على الصعيد الاقليمي والدولي.
من المنظور السياسي، ووفق البراغماتية الميكافيللية، لا غبار على الدور السعودي وأدائها السياسي والاقتصادي. ولا بد من الاعتراف بنجاحها السياسي والاقتصادي في هذا المجال، وأن أساس نجاحها يرتكز على ميكافيلليتها العمياء أكثر من فهمها للبراغماتية. وأقول هنا، أنه ما من دولة غيرها وقبلها – في الشرق الأوسط- كانت ستلعب دورها وبهذا النجاح، لو توفرت لها نفس الظروف والفرص. مع التأكيد أن اللاعب الرئيس يبقى أرامكو – الحكومة السرية في السعودية- وكبار مستشاريها الأمريكان، وليس العقلية النجدية البدوية.
ولكن ضريبة هذا النجاح المؤقت، هو خسارة أصدقائها المحليين وجيرانها التاريخيين. فلن يسطيع شيوخ نجد ورفاقهم الخليجيون ان يشتروا صحراء في أميركا يبنون عليها امبراطورياتهم الوهمية. ولن ينسى جيرانها من البلدان العريقة في تاريخ المدنية والحضارة والسياسة ما حصل لها على أيدي بدو الجزيرة.
وما زالت السعودية تجد صعوبة في دخول العراق بعد عقد ونصف من احتلاله من قبل الامريكان. وهي مرفوضة قطعا في الشارع الايراني، وبالتأكيد لا تسطيع أن تحلم بدخول سوريا بعد كل الدمار الوحشي الذي فرضته عليه.
ويعرف السوريون والسعوديون أن بداية التسلل السعودي الى سوريا تعود لمرحلة ما بين الحربين. وفي ذلك العهد المبكر كان رجالات سوريا وعشائرها يرفضون الهدايا والرشاوي السعودية. فما يجعلهم يخضعون لها بعد ستة عقود، والشخصية والهوية السورية أكثر نضجا واعتدادا بنفسها وبعلمانيتها التاريخية.
وأما المليارات التي صبتها السعودية على مصر منذ الخميسينات لليوم، فلم تنجح في (سعدنة) المصريين وحكومتهم. بل أن الشخصية المصرية وعراقة شعورها الوطني والقومي، كانت وراء اصرارها التاريخي على سحق الامارة الدرعية (1818م)، وسليلتها اللاحقة، عبر تشكيل تنظيم الاخوان المسلمين ‘ام (1928م)، القائم على مصادرة – مصطلح- (الاخوان) المبكر من أعوان عبد الوهاب، لتصبح الندّ اللدود والمنافس الماحق لها عبر الزمن، وكما انتهت اليه اليوم، مجبرة الحكومة السعودية على اصدار قرار تجريم حركة المسلمين بنفسها، قبل أي بلد آخر عربي أو أجنبي.
ففي اللعبة الدينية، ما من بلد يمكن شراؤه وتدجينه كما أفلح الانجليز والأمريكان في (تدجين) شيوخ البدو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي