الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة والمجتمع 1

محمد محمد علي

2016 / 12 / 6
الادب والفن


يفترض أن ثقافة المجتمع هي الثقافة الأساسية، حيث أن ثقافة المجتمع تتوقف على ثقافة الفرد التي هي الأخرى تتوقف على ثقافة الفئة أو الطبقة التي تنتمي اليها بداخل المجتمع الواحد.
وبالنسبة لثقافة الفرد بذاتها – مع ملاحظة أن هذه الكلمة تستخدم الآن استخداما مطاطا جدا، بحيث تشمل أشخاصا كثيرين لا يتميزون بثقافة العقل – فالفنان أو الهاوي مثلا يجب أن يكون ملما بشتى أنواع الثقافة كالرسم والموسيقي لان لا أحد ينكر أن لاكتسابهما دورا في الثقافة، ولكننا قلما نجد هذه الأشياء كلها مجتمعة.
وإذا نظرنا إلى مناشط الثقافة المختلفة فيجب أن نستنتج أن الكمال في أي واحدة منهم دون الأخريات لا يمكن أن يسبغ الثقافة على أحد
فالسلوك المهذب بدون تعليم أو فكر أو حساسية للفنون يؤدي بالإنسان أن يتحول إلى ألية مجردة، وكذلك العلم بدون سلوك مهذب أو حساسية يضر الفرد أكثر مما قد يفيد، وكذلك الفنون بدون أطار فكري تعتبر زيف وخواء
وبما أننا لا نجد الثقافة في أي واحدة من مناشط الثقافة المختلفة مكتملة فإننا كذلك لا يجب ألا نتوقع في أي شخص واحد أن يكون كاملا في جميعها؛ بذلك نستنتج أن الفرد الكامل الثقافة هو محض خيال، فلذلك نبحث عن الثقافة لا في فرد أو فئة بل في نطاق أوسع. لننتهي أن نجدها أخيرا في هيئة المجتمع ككل.
ومع تقدم المجتمع نحو التعقيد تظهر مستويات ثقافية شتي، فتظهر ثقافة الفرد أو الفئة وهذه المستويات يتحتم وجودها في أي مجتمع متقدم، كما كان الحال في أي مجتمع ماض ولكن في الجماعات البدائية كانت المناشط الثقافية على رغم اختلافها كانت متشابكة تشابكا لا انفصام له، على العكس في الجماعات المتحضرة، وبذلك لا يمكن أن يتحقق التماسك الضروري للثقافة إلا بالتداخل والمجاراة في الاهتمامات، وكذلك بالمشاركة والتقدير المتبادل. فالأمر ربما يحتاج إلى جماعة من المثقفون يعرفون ماذا يُعمل. فربما يتتبع تقدم المدينة ازدياد الفئات الثقافية المتخصصة فيزداد الخطر على المجتمع نتيجة لهذا الازدياد في المناشط الثقافية، فقد يأتي التفكك الثقافي علي أثار التخصص الثقافي وهو اشد ما يمكن أن يعانيه مجتمع من تفكك جذري
ويوقل الدكتور كارل مانهايم في كتابة (الإنسان والمجتمع) "أن البحث الاجتماعي عن الثقافة في مجتمع حر يجب أن يبدأ بحياة أولئك الذين يخلقون الثقافة، أي المثقفين ومكانتهم في المجتمع ككل".
أي المثقفين الأوائل الذين يشكلون المناشط الثقافية المختلفة ويضعون الخطوط العريضة للثقافة في المجتمع ومن ثم يتبعها الأفراد الذين تلائمهم تربيتهم مع ثقافة تلك المناشط ومن ثم تتطور الثقافة من جيل إلى أخر، فتكون ثقافة في مستوي أكثر وعيا ولكنها لا تزال هي نفس الثقافة. وهذا المستوي الأرقي للثقافة يجب أن يعد قيما في نفسه وثريا للمستويات الأدنى في وقت معا وبذلك تسير حركة الثقافة فيما يشبه الدورة، فتغذي كل الطبقات الأخرى. وهذا أقرب إلى إحداث نمو جديد للثقافة من حيث التعقد العضوي.
وعند الدفاع عن ثقافتنا كأفراد من ضمن المجتمع فأننا نرتكب أخطاء كثيرة وجرائم أكثر على مدي الزمن، لأننا بهذا الدفاع عن ثقافتنا نكون مطيعين لغريزتنا الأساسية في المحافظة على وجودنا.
والثقافة أيضا لا يمكن أن تكون واعية كل الوعي، لأن فيها دائما أكثر مما نعيه؛ ولا يمكن تخطيطها لأنها تعتبر أساس اللاوعي لكل ما نقوم به من تخطيط. كما أنها تتألف من عناصر شتي، فهي تمتد من المهارات الأولية والمعارف الأولية إلى تفسير الكون والإنسان، إلى ذلك التفسير الذي يعيش به المجتمع في النهاية.
ومن الطبيعي أن تختلف الثقافة من شعب إلى أخر، وأن يرفض بعض الشعوب بعض الثقافات رفضا قاطع ويصل الأمر إلى تحريمها أو تجريمها معتبرة تلك الثقافة مخالفة للدين أو القانون. ويقول هردر في هذا الصدد "إن ما تراه أمة شرطا لا غني عنه لدائرة أفكارها لم يدخل البتة عقل أمة ثانية، واعتبرته أمة ثالثة ضارا بها."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة