الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق العولمة اللبرالية أم مأزق مناهضي هذه العولمة ؟

كامل عباس

2006 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


أثارني مقال الدكتور برهان غليون المنشور في صحيفة الوطن السعودية بتاريخ 28/12/2005 تحت عنوان – مفاوضات هونغ كونغ ومأزق العولمة اللبرالية – لدرجة أنني خرقت وعدا أبرمته مع نفسي بألا أرد عليه أو أتعرض لذكر اسمه, والقصة لمن يهمه الأمر من القراء الأعزاء بدأت بعد مقال له بعنوان - تحرير الديمقراطية من الفلسفة اللبرالية شرط تعميمها- والذي عارضته فيه بمقال تحت عنوان – ربط الديمقراطية بالفلسفة اللبرالية شرط تعميمها – وتتمة للحوار وجهت إليه بعض الأسئلة كنت أطمح أن تكون مدخلا لحوار غني وطويل فجاءني الرد كما يلي – رد نهائي وختامي على اللبراليين العرب - وحقيقة قمت بعدها بنشر مقال بعنوان – اللبرالية والشيوعية وما بينهما - هو استمرار للسجال دون ذكر الاسم, والآن أعود للموضوع لأسباب عديدة أهمها أننا في مرحلة جديدة تتطلب إنتاجا فكريا جديدا لا يتم الوصول إليه إلا عبر الحوار, وأنا هنا لا أدعي أبدا أن أفكاري نهائية, لا بل أنا على استعداد لمراجعتها من خلال السجال وما تبينه الوقائع والتطورات اللاحقة, وانسجاما مع هذا الفهم أعتبر أن الفكرة مجرد أن خرجت من بين يدي الكاتب تصبح لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وهي ترقص في السوق بناء على هذه المواصفات وباستقلال عن كاتبها, يعني بصريح العبارة أنني أحاور فكرة الدكتور مع أنني أحترم فكره وشخصه, وله الحق أن يجيب أو لا يجيب, وإذا أجاب فأتمنى أن يكون أرحب صدرا من السابق.
يقول الدكتور ((والواقع أن العولمة الليبرالية تنشئ مجتمعا رأسماليا على مستوى العالم، لكن من دون أجندة اجتماعية وسياسية شبيهة بأجندة الدولة "الوطنية"، أي من دون إيجاد فكر التضامن والآليات السياسية التي تضبط نشاط هذا المجتمع وتشذب تجاوزاته وتفرض عليه معايير إنسانية، كما كانت تفعل الدولة الوطنية في عصر الرأسمالية الكلاسيكية.))
فكرة الدكتور تشير إلى أن الرأسمالية فترة نهوضها الأولى هي غير الرأسمالية المتوحشة كما يسميها أنصار مناهضي العولمة, وهنا مربط الفرس, فالعولمة اللبرالية من وجهة نظري هي خطوة كبيرة إلى الأمام قياسا بما يسميها الدكتور – الرأسمالية الكلاسيكية – مع أنها لا تخرج عن قاعدة الرأسمالية وسمتها الأساسية الربح وزيادة معدل الاستغلال إلى أقصى حد للطبقات الشعبية, لكن جديدها هو إصرارها على العمل تحت يافطة الديمقراطية ونبذ العنف وترك السوق مفتوحا للمنافسة الحرة بعد أن أحالت العالم كله إلى قرية واحدة, سيرد علي أنصار مناهضي العولمة, على العكس صفة العولمة اللبرالية الجديدة هو العنف وفرض سياستها بالقوة وهاهي الوقائع تفقأ العين في أفغانستان والعراق, وأنا أجيب, بأن عصرنا الحالي عصر الإنسان وحقوقه. وما راكمت الحضارة في هذا المجال يساعدنا تماما في إيقاف ولجم استعمالها للقوة, فلولا جهادية الملا عمر وبن لادن الإرهابية لما استطاع الأمريكيون غزو أفغانستان, ولولا حماقة صدام حسين لما تمكنت القيادة الأمريكية من احتلال العراق. وعلى نفس الأرضية لو كانت حركة مناهضي العولمة على أرضية حقوق الإنسان ومن داخل العولمة ذاتها لكان عملها أجدى بالتحالف مع كل القوى والأحزاب والمنظمات البيئية والنقابات من أجل إجبار تلك العولمة أن تأخذ الوجه الإنساني كما يريد الدكتور ومن اجل أن تنقص من استغلالها للمنتجين الحقيقيين. ولكنها بالشكل الغوغائي الحالي والداعي إلى عولمة بديلة يخدم بالضبط سياسة اللبرالية المتوحشة أو اللبرالية اليمينية كما يسمونها. التاريخ له منطقه ولا ينفع في هذا المجال الحماس لقضية الفقراء والمظلومين الذين ينتجون ولا يأخذون من إنتاجهم سوى القليل, ولا اعتقد أن رجلا في التاريخ كان يحب الفقراء أكثر من لينين فقد كانت أحلامه أن يحول النقد الأساسي في العالم وهو الذهب إلى مراحيض لعامة الشعب, ولكن ذلك الحماس وحده اضر بقضية الطبقة العاملة الروسية في النهاية.

رأسمالية الدولة الوطنية من منظور مختلف:
يقول الدكتور في مقاله أيضا ((إلا أن ترهل الكتل الدولية التقليدية التي كانت تعبر عن مصالح الدول النامية، كحركة باندونج وعدم الانحياز ومجموعة 77، والوحدة العربية والوحدة الإفريقية وغيرها من التجمعات الإقليمية، بالإضافة إلى تشتت رأي البلدان الصغيرة وحاجتها الماسة إلى معونات الدول الأخرى، تمنع المجتمعات الفقيرة من بلورة استراتيجية عولمية بديلة عن الاستراتيجية الليبرالية السائدة التي تستجيب لمصالح الدول الصناعية الرئيسية.))
ألا تمت هذه الفقرة بصلة لفكر المنظر الاقتصادي سمير أمين وتجاوز الأطراف للمحيط ؟ وحتى إلى نظرية لينين التي عفا عنها الزمن – ضرب الإمبريالية من الحلقة الأضعف – تكملة هذا التنظير هو فهم الدكتور وحنينه بنفس الوقت إلى حركات التحرر ودولها الوطنية الرأسمالية وما قدمت من خدمات لمواطنيها بقوله: ((وبقدر ما تقلص الأجندة الجديدة من دور الدولة ومن مواردها أيضا وتساهم في تعميق اتجاهات الفساد داخل النخب الحاكمة المقطوعة عن مجتمعاتها، تهدد بإلغاء المكتسبات الاجتماعية الكبيرة الماضية التي لم تكن الدولة الوطنية إلا عنوانها، والتي كان هدفها إخضاع الرأسمالية الاقتصادية إلى ضوابط يحددها مفهوم الوطنية نفسه، بما يعنيه من الحفاظ على التضامن والانسجام المجتمعي الداخلي وتأكيد الحريات الفردية والجمعية وإقامة العدالة القانونية.))
ومع أنني لا أقلل من قيمة وأهمية منجزات الدولة الوطنية في فترة صعودها وما قدمت من خدمات اقتصادية وما حققت من عدالة نسبية في التوزيع, ينطبق هذا على كل حركات التحرر إلا أن المثل الشعبي عندنا يقول (ما هنيال الحبلت وجابت, هنيال السلمولا ) أي العبرة بالنتائج , وفي هذه الحالة إن مقارنة إلى ما انتهت إليه مصر الناصرية قياسا بالمغرب الملكية, وسوريا البعث قياسا بالأردن الملكية, لن يكون لصالح الدكتور برهان, وإذا صح أن كان للدولة وتدخلها الاقتصادي دور ايجابي في الماضي فهو ينتفي في ظل الظروف الحالية, وأي تدخل اقتصادي لها يعني تسهيل النهب وتشديد القمع تحت مسميات عديدة, نعم أنا مع دولة لا علاقة لها بالاقتصاد وتقديم الخدمات للناس, أي أنني مع خصخصة القطاع العام لهذه الدول, يجب أن نترك ذلك الدور
الاقتصادي الايجابي لحركات المجتمع المدني من أحزاب وهيئات وجمعيات وتجمعات يكون لها دورها الخدماتي على الأرض من جراء تجمعها مع بعضها اقتصاديا وأي دور اقتصادي للدولة أن لم يكن بمبادرة هذه الحركات وبمراقبتها هو بالنهاية تسهيل للنهب من خلال الدولة لعامة الشعب.
كما أنني أعتقد أن هذه الدول تعاني من عدم احترام للإنسان وحقوقه أكثر مما تعاني من الفقر مع أن هناك ترابطا بين الجهتين إذا فهمنا أن حقوق الإنسان أصبحت تعني الحد الأدنى من الضمانات الصحية والاجتماعية وهذا ما تقدمه البلدان الرأسمالية "المتوحشة" لمواطنيها أما مصر الناصرية وسوريا البعث والصين الشيوعية فما زال أمام مناضليها الكثير لكي يعامل في سجون هذه البلدان السياسيون المعارضون - والذي لا سلاح لهم سوى رأيهم وينبذون العنف بكافة أشكاله – معاملة المجرمين العاديين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث