الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا جدو أبو حيدر -26-

كمال عبود

2016 / 12 / 8
الادب والفن


صلدون
*****
حدثَ هذا ل( صلدون ) .. صلدون الذي لم ينهزم ... تراجع ولكنّه لم ينهزم .. أقرّوا له بالقوة .. وأنه غني بالعدّة والعتاد .. وأنّهُ قائدٌ وشجاع و.. جبّار يمشي إلى الموت مشياً ..

اقترب من آخر معركة لَهُ حين جاءه نائبه ، دخل النائبُ لمكتب صلدون ، رمى غطاءَ راْسه فوق طاولة صلدون .. ورمي الغطاء فظيع .. له دلالة العجز لصاحبه وله دلالةُ تحدٍّ تقول :
يا صلدون هل ستُبقي غطاء رأسكِ مُنتصراً أم سترميه منهزماً ..؟

عرِف صلدون فشل معاونه وعرف لغةَ التحدي .. وضع غطاءً لِرأسه وخرج يتبعهُ نائبهُ .

*****
عجلات السيارة ترسم خطوطها على الطريق الترابيّة مسرعةً الى الهدف .. غبار الطريق يتكاثف على وجه صلدون ونائبه ، تبرق عيناه كعيني هرٍّ تمرّغ في الطحين .. يقول :
ما هكذا عهدي بك .. مالذي استعصى عليك...؟؟؟

هناك منزل واحد على الطريق ،لا بُدَّ من تجاوزه ، فوق النقطة الخامسة والأربعين ، الطريق منه أجباريّة ولا يمكن الالتفاف حوله .. وهذا البيتُ أعياني ..

امتعض صلدون ، كان يعرف المنطقة جيّداً وهذه النقطه صعبة لكنّ الوسائل المتوفرة قادرة على سحق الأخطر منها..

وصلا .. كانت العرباتُ المحمَّلة مدافعاً على أهبة الاستعداد وبعض الدباباتِ خلف السوار الترابيّه جاهزة أيضاً والجنود في وضعٍ قتاليّ مُتحفّز
أُعجب صلدون بالجاهزيّه ، كان مسروراً لذلك .. استطلعَ بالمنظار العسكري نقطة الهدف ... رأى منزلاً من طابقين ذي حديقة كبيرة مسوّره وباباً كبيراً لمدخلها ، وفوقه دالية عنب ممتدةٍ على خيمةٍ من حديد .. وعلماً للوطن ..

رأى على شرفةِ المنزل إمرأةً تلاعبُ طفلاً حيناً وتسقي ورداً في أحواضٍ على الشرفة وكأنَّ ما يجري لا يهمها .. فوق السطح تحت الدالية رجلٌ يقرأُ في كتاب ، ويبدو من نافذة إحدى الغرف شاباً يعزف نائباً وآخر يشعلُ أنواراً ويطفئها .. كانت الحياة عاديةً في المنزل كأنّ الحرب في كوكب آخر ...

بعد أن عرف صلدون أنّ ساكني البيت رفضوا المغادرة أوعز للمدافع : اقصفوا المنزل ..
بدأ القصف غزيراً وعنيفاً ، وصلدون يراقب بالمنظار ... لم تكنْ ثمّةَ قذيفةٍ تصيب البيت ... أوعز بيديه للدبابات فانهمرت منها حمم الموت .. ولكنّ قذيفة لم تُصب المنزل ...

ترك صلدون المنظار ورآه يُهمهم .. ليش .. ما معقول .. فيه غلط ..
أمر الجنود بالرمي ... رمى الجنود ذخيرتهم وهباءً راح رميهم .. أخذ المنظار ثانيةً ... مازال الشاب يعزفُ نايهُ والمرأةُ تصعد بطبقٍ فيه طعاماً وتآكل مع الرجل الذي فوق السطح .. وهذا الشابُ يلحق بهما .. يُقَبِلُ يد الرجل ويبتسمون ...

ترك المنظار .. التقى نظره مع نائبه .. لم ينبتْ ببنتِ شفه .. تناول جهاز الاتصال: ألو .. آلو ... أطلب سرب الطائرات من خارج الحدود الى النقطه 54...

أتت الطائرات بعد دقائق .. حوَّمت فوق البيت .. رأى صلدون الحمم وألسنة النار تخرج من صواريخها المتجهة صوب المنزل ..
لكنّ المنزل في أمان ...

جاءه النائب مقهوراً : لقد تعطلت الدبابات والعربات لا تدور .. أشاح صلدون بمناظره صوب المنزل ... كان في هدوء وأمان ... واحد الشباب فيه خرج وعاد بعد دقائق مُحمّلاً بأكياس بانت منها أرغفة خبز ولعبة أطفال ..
ولج صلدون إلى غرفةٍ مجرجراً أقدامه مهمهماً .. حمل جهاز الاتصال:
سيدي القائد ........
*****

قال صحفي مرافق للصلدون مخاطباً ذاته: سيكون سبقا صحفياً .. وقال بصوتٍ عالٍ : المنزل مسكون بالشياطين ...

قال الشيخ المرافق : هذه إرادة الله
قال رجلٌ يدعي الفلسفة : هذا خارج المنطق
قال آخر : هذا سحرٌ
قال سياسي موجود: هذا فشلٌ للدول داعمي ( الثوره )..
وقالوا : ... هذه مؤامره ... وهذا فشلُ عسكري ... والبعض قال: الساكنون مؤمنون لا تمسهم النار!

صلدون قال وهو يعرف أَنَّهُ كاذب: هذه هدنة للعدو ..؟
*****

العرّافةُ قالت :
لا توجد قوة في الأرض تُلغي منزلاً-وطناً مليئاً بالحب والطفولةِ والحكمةِ والعلم وأنغام الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق