الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كبوة التعليم في العراق ثانية

سعد العبيدي

2016 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تصاعد لهيب الحرب العراقية الايرانية عام 1980 وبدأت انتكاسات القتال عام 1982 وظهرت تأثيراتها على فاعلية الاقتصاد العراقي كان أول فعل لجأت الية الحكومة آنذاك هو ايقاف التخصيصات المالية للبحوث والنشريات وقننت البعثات الدراسية والإيفادات العلمية، وأوقفت مشاريع بناء المدارس وامتد أمد هذه التأثيرات ليطال التأليف والكتب المدرسية والتغذية، حتى أصيبت العملية التعليمية برمتها بنكسة، جعلت العراق يتأخر عن ركب أقرانه في مستويات التحصيل.
لكن العراقيون قد استبشروا خيراً بعد العام 2003 وتصوروا أن النظام السابق الذي كان مسؤولا عن ذاك التأخير قد أنتهى وان عصرا جديدا من العلم والتعليم قد حل على العراق، لكن تصورهم هذا لن يدوم حتى شهور وتبين أنهم في تصورهم واهمون، فأبسط المتغيرات ذات الصلة بالموضوع مثل ترميم المدارس الآيلة للسقوط لم تنجح به الجهات الحكومية فكان الترميم أما على الورق أو أنه نُفذَ بطريقة تسببت في تقصير عمر البنايات وهدمها قبل الأوان، وفي غير هذا سارت الأمور نحو الأسوأ فتبدلت المناهج تبعاً لرؤيا المتنفذين في الطوائف والأقوام، وتغيرت الادارات ببقاياها المهنية الى ادارات أغلبها جاهلة تتبع الأحزاب، وتوقفت مشاريع التغذية وتوزيع الكتب بالمجان، واجلس في الصف الواحد ثمانون طالباً، وتوقف المعلمون عن التدريس جدياً ليدفعوا طلابهم الى الدروس الخصوصية، وزادت مطالبتهم الطلاب بالتبرع وجلب المستلزمات المدرسية، وانتقل التعليم تدريجياً من الحكومي الى الخاص لتبقى في اطاره المدارس الحكومية في أغلبها حكرا على الريف وعلى فقراء المدينه لتخرج أشباه أميين.
كل شيء تبدل في عملية تدهور اقتربت من أن توصف منظمة، اذ كيف لنا أن نفسر مطالبة مدارس لطلابها أن يجلبوا رحلات جلوسهم داخل الصفوف معهم، ومدارس أخرى تلزمهم أن يجلبوا السجاجيد والطاقيات (العركچين) لأغراض الصلاة في دروس الدين دون أن يراعوا مسائل الاختلاف بين المذاهب في الصلاة، ومدارس ثالثة جعلت الدوام ثلاث ساعات بسبب التزاحم على البناية ذاتها التي تستغل من الصباح الى المساء، وجعلت الدرس ربع ساعة لا تكفي لتسجيل الحضور.
ان التعليم بهذا المستوى سوف لن يتسبب في تخريج أشباه أميين في عالم يجري سريعا لامتلاك المعرفة، بل سيسهم في جر المجتمع العراقي الى الانتحار لأن خريجيه من الأميين مستقبلاً سيكونون رجال سياسة أميين، وأطباء قاصرين، وعسكر غير مقتدرين، ودبلوماسيين منفعلين، وحكام ظالمين. ومجتمع يديره مثل هؤلاء لا يمكن أن يستمر في العيش موحداً ولا آمنا أو مستقراً مهما زرقت في جسده المريض من حقن دواء.
من هذا نستنتج أن العراق يراد له أن يبقى عليلاً، يساهم أهله في ابقاءه هكذا عليلاً الى حين لم يعرفه حتى الراسخون في العلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في