الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشيرة خطاب أمينًا عامًا لليونسكو

فاطمة ناعوت

2016 / 12 / 13
بوابة التمدن


هذا هو المانشيت الذي ترجو مصرُ، الوطنُ والشعبُ والحاكمُ، أن نقرأه على صدر صحف العالم في الأيام المقبلة، بإذن الله. السفيرة المصرية مشيرة خطّاب، الأمين العام الجديد لمنظمة اليونسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة. لن ترضى مصرُ بأقلّ من هذا لتؤكد للعالم أنها لا تزال واقفة على طريق التحضّر والتنوير كما يليق باسمها الشريف العريق بين دول العالم. مشيرة خطّاب أحد أرفع الرموز في الحقل الديبلوماسي والثقافي والحقوقي في مصر وفي العالم. تاريخ طويل جادّ من العمل الواعي في مناصب ديبلوماسية عديدة، كرّست فيها جهودها وخبرتها ووطنيتها لتوثيق علاقة مصر بالدول التي شغلت فيها منصب "سفيرة مصر”، مثل تشيكوسلوفاكيا على مدى خمس سنوات، وجنوب أفريقيا كأول سفيرة مصرية أمضت فيها سنواتٍ أربعًا أزدهرت خلالها العلاقة بين مصر ومعظم دول الجنوب الأفريقي من خلال تحقيق مصالح متبادلة ناجحة ومثمرة بين تلك الدول وبين مصر. وكانت نموذجًا مضيئًا حين حملت حقيبة وزارة الدولة والأسرة والسكّان في حكومات مصرية متعاقبة. وبسبب جهودها الفائقة على مدى عشر سنوات في مجال حقوق الطفل ورعاية الأمومة حين تولّت الأمانة العامة للمجلس القومي للأمومة والطفولة، اختيرت واحدة من أعظم رموز حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2013. لهذا استضافتها عديد من كبريات دول العالم كخبير استشاري، وكذلك للعمل أستاذًا زائرًا لوضع وتدريس مناهج حقوق الإنسان وقضايا النوع وحقوق الطفل والعلاقات الدولية في أكبر الجامعات الأوروبية والأمريكية والكندية.
والشاهد أن سرد تفاصيل التاريخ الديبلوماسي الثري، والمناصب القيادية الرفيعة التي شغلتها الدكتورة مشيرة خطّاب وأبلت فيها بلاءً مشرّفًا، يُعدّ أمرًا عصيًّا في مقال كهذا، لكن ترشيح مصر لها كوجه مصري مشرق ليحتّل هذا المنصب القيادي في منظمة اليونسكو، يُعدُّ تطبيقًا طيّبًا لدستور مصر الجديد، وكذلك يُكرّس للتوجّه العالمي الجديد بشكل عام من حيث تمكين النساء، صاحبات التاريخ المحترم، من الدفع بقاطرة النهوض بالعالم من كبوته وغرس بذور السلام والتحضّر في كوكب مثقل بالجهل والحروب والاقتتال والطائفية والعنصرية وإهدار حقوق الإنسان والاتّجار بالبشر والاستهانة بحقوق النساء والأطفال والمعوّقين.
فوز الدكتورة مشيرة خطاب بذلك المنصب الرفيع لن يكون تكريسًا لمكانة مصر بين دول العالم، وحسب، ولا تكريمًا لمكانة المرأة المثقفة عالميًّا وحسب، بل سيكون محاولة عملية وجادة لإعادة رسم الصورة العربية التي تمّ تشويهها أمام العالم وتنقيتها مما لحق بها من شوائب، لأنها ستكون أول وجه عربي، وثاني وجه نسائي على مستوى العالم، يشغل هذا المنصب منذ نشأة اليونسكو عام 1945. لهذا فإن تفتيت أصوات الدول العربية السبع، التي لها حقّ التصويت، بين أكثر من مرشح عربي، لن يكون في صالح القومية العربية ولا الشعوب العربية الغارقة في العنصريات والتجهيل والطائفيات، وهو ما تحاول قطر أن تفعله، للأسف، بتقديم مرشح لها ينافس مرشحتنا المصرية، والنتيجة التي لا يسمح الله بها، ربما ستكون ضياع الفرصة من السلّة العربية وغياب التمثيل العربي تماما هذه الدورة أيضًا.
تستحق مصرُ هذا المنصب التي نتطلّع إليه، لأنها من الدول المؤسسة لمنظمة اليونسكو في يناير 1945، وكانت من بين أول عشرين دولة صدّقت على ميثاقها خلال التوقيع على لائحتها الأساسية. كما أن لمصر، بميراثها الفرعوني الاستثنائي وتدشينها أولى حضارات الأرض، وتفرّدها التعددي بالجمع بين المعمار اليهودي في معابده، والمسيحي في كنائسه، والإسلامي في مساجده، وبما تمتلكه من رموز فكرية وفلسفية وأدبية وفنية هائلة، تستحق أن يكون لها يدٌ أمينة وفاعلة في تلك المنظمة التي من أولويات اهتماماتها الحفاظُ على الآثار والتراث والإرث الحضاري لدى الشعوب، وتعزيز القوى الناعمة والنهوض بالثقافة والتعليم بين دول العالم، ومحاربة الطائفية والعنصرية وحل مشاكل النوع.
مصر العظيمة بحضارتها وتاريخها وتطلّعها نحو غدٍ أجمل، لديها ما يؤهلها لكتابة صيغة أرقى لمستقبل هذا العالم المرزوء بالمحن والانكسارات، وقد اختارت مصرُ أن تُكتب تلك الصياغة بقلم وعقل وفكر تلك النبتة الطيبة، ابنتها مشيرة خطّاب، بكل ما تحمل من رؤى رفيعة، وخبرات عميقة وواسعة وممتدة عقودًا طوالا في العمل العام، وبكل ما تحمل من جينات حضارة النيل الطيبة التي كتبت للعالم أولَ سطر في كتاب التاريخ.
أكتب هذا المقال اليوم 10 ديسمبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي هذ اليوم ندعم بكل ما نملك من صوت هذا الوجه المصري الألِق، دكتورة مشيرة خطّاب، لتكون بداية صفحة مشرقة جديدة من كتاب مصر العريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ