الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلوك الُمحير للطلاب بين القبول والرفض

عطا درغام

2016 / 12 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


يُشكل الطالب محور العملية التعليمية ؛ إذ تُسخر كل الإمكانات لتشكيله تربويًا وعلميًا، وإعداده مواطنًا صالحًا قادرًا علي مواجهة تبعات الحياة وتعقيداتها. وهذا يخضع لمدي استجابة الطالب للعملية التعليمية التي تشهد تغيرًا ملحوظًا بين الفينة والأخرى، وهذا بدوره ينعكس علي سلوكه.
ومنذ فترة غير بعيدة ، لم يكن سلوك الطالب وخصوصًا في مرحلة المراهقة يُشّكل عبئًا علي العملية التعليمية علي الرغم مما يواجهه الطالب في هذه المرحلة من عقبات تؤثر في سلوكه وتصرفاته، وتكون سببًا في تغيير مجري حياته ،وقد تؤدي إلي الانحراف.
أما الآن ، فأصبح سلوك الطالب مُحيرًا، وانعدم التواصل بين الطالب والمعلم ، وأصبح شعار " قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" في طي النسيان.
لم يعد يري الطالب في المدرس الأب والمثل والقدوة ، ووصلت الأمور أحيانًا إلي أقسام الشرطة.. فطالب يشكو مدرسًا بحجة الاعتداء عليه ، ومدرس يشكو طالبًا للاعتداء عليه، وأصبحت هناك حلقة مفقودة في العملية التعليمية.
فهل هذا يرجع إلي قرارات التعليم المستمرة وغياب العقاب ، أم البيئة والظروف..أم غياب الرعاية الأسرية ...أم غياب المثل الأعلى والقدوة.؟
المراهقة والتمرد
إن الطالب في مرحلة المراهقة يميل إلي الثورة علي الأوضاع والتخلص من سيطرة أولي الأمر والأبوين، فيكون في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلي من يفهمه ويتفهم ميوله ورغباته ، بل إنه يكون في أمس الحاجة إلي من يأنس إليه ويطمئنه. كذا، إلي من يضع ثقته فيه ، فيفضي إليه بمشكلاته حيث لديه الصدر الرحب والقدرة علي الحل السليم. فإذا انعدم ذلك ولم يجد من يرعاه ينحرف وراء تيارات تدفعه إلي سلوكيات خاطئة بسبب رفقاء السوء والذين يكتسب عنهم خبرات خاطئة.
غياب الوعي الديني
ولا يمكن أن نغفل غياب دور الوعي الديني لدي الطلاب، وتتحمل الأسرة مسئولية ذلك ثم المدرسة، ولا تجد هذه الناحية اهتمامًا من الأسرة بسبب انشغال الأب والأم في العمل..فأين الوقت لشرح تعاليم الدين للأبناء. أما المدرسة ، فأصبحت مادة التربية الدينية مادة مهملة ؛ لأنها لا تدخل ضمن المجموع ، وبذلك لا يهتم بها الطالب فانعكس ذلك علي سلوكه ، وأصبح لا يعرف عن دينه إلا أشياء قليلة ، حتي وصل به الأمر إلي عدم معرفته بكيفية أداء الصلاة صحيحة . إنها فعلا مأساة ، ونتساءل في النهاية عن سبب تدهور سلوك الطلاب.
غياب القدوة والمثل الأعلى
أين القدوة والمثل الأعلى للشباب ..؟ فلم يعد عندنا المدرس القدوة بين تلاميذه في شخصيته وسلوكه وفي علمه وأخلاقه. لقد أصبح المعلم شخصية باهتة ليس له فكر واضح أو تأثير واضح في طلابه. فكان من الضروري أن يكون علي مستوي المسئولية ، وأن يلتزم في تعامله معهم بروح المحبة والألفة وأن يتحلي بالخلق الحسن فهو القدوة لهم وعليه أن يتجنب أي قول أو فعل يتناقض وما يلقنه لهم به وإلا ضاعت توجيهاته وإرشاداته سديً ، ففاقد الشيء لا يعطيه وبذلك، أصبح الطالب لا يجد من يقتدي به في حياته. وفوق ذلك، انشغل الأب والأم بالماديات والأمور الحياتية .. أين الأب الذي يتابع أولاده ويجلس معهم...؟ ، وأين الأم ..؟ انشغلا في العمل فانعدمت الرعاية والمتابعة وإهمال أولادهم . فإن هذا يُعتبر من أكبر الأخطاء ،فغياب ذلك يؤثر كثيرًا في تنشئة وتربية الأبناء .أدي إلي أن بشعر الطالب بالضياع وعدم الثقة في نفسه ، مما جعله فريسة سهلة لعوامل التغيير والضياع والانقياد لرفقاء السوء.
وسائل الإعلام
هناك اتهام لوسائل الإعلام بمسئوليتها عن تدني سلوك الطلاب ؛ إذ إنها تصور شغب الطلاب في الفصول والمدارس بأنها نوع من الكوميديا ؛ فيلجا الطلاب إلي تقليد هذه السلوكيات المرفوضة.
فنري الفضائيات تعرض أغاني الفيديو كليب المنتشرة بصورة رهيبة ، وتعتمد علي الخلاعة وسلوكيات شاذة ، فينعكس ذلك علي الطلاب فتتولد لديهم الميوعة والبهرجة والتقليد المرفوض في الشكل واللغة.
الدروس الخصوصية وغياب العقاب
الدروس الخصوصية ، ذلك الوباء الذي انتشر بصورة رهيبة جعلت الطلاب يستغنون عن المدرسة ،وبالتالي فشرح المدرس داخل الفصل لا قيمة له ولا يريد الطالب هذا الشرح ؛فيحدث صدامًا بينه وبين المدرس لأنه لا يريد شرح المدرس وما حضوره إلي المدرسة لتجنب الغياب فقط.
وثمة أمر مهم جدير بالتسجيل ، وهو غياب عقاب الطلاب في تدني سلوكياتهم، فعلي الرغم من القرارات التي تعاقب الطالب إذا تجاوز النسبة المقررة للغياب إلا أنه ممكن التحايل علي هذا القرار بتقديم شهادة مرضية من التأمين الصحي، وأحيانًا لا تطبق بنود لوائح الانضباط الطلابي وكلها مجرد حبر علي ورق.وإنه لأمر محزن أن نجد نفس المدرس في الدروس الخصوصية يعاقب الطلاب عقابًا بدنيًا بالضرب ويلتزم الطالب خوفًا من طرده من المجموعة أما إذا حدث ذلك في المدرسة فيحدث ما لا يُحمد عُقباه.
ومما يؤسف له، يتغاضي بعض المدرسين عن تصرفات أخطاء بعض الطلاب ، وذلك مقابل الدرس الخصوصي وخوفًا من خروجه من المجموعة وذهابه لمدرس آخر كتدخين السجائر مثلًا.
وفي النهاية ، فإن الطالب المصري طاقة خلاقة مبدعة وتحتاج إلي تفجيرها وتعهدها بالرعاية والاهتمام من كافة المؤسسات بكافة ألوانها لتحقيق التقدم والرخاء للوطن بدلًا من تركه فريسة للإهمال والانحراف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة