الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المشهد الشعري السوري 4 قصيدة النثر ..أينما ذهبت لطه خليل
أديب حسن محمد
2006 / 1 / 6قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
أينما ذهبت لطه خليل
ـــــــــــــ
لم يبرح الشاعر طه خليل الحقل النثري منذ نعومة أشعاره،فصاحب"بعد فوات الأحزان"و"ملك أعمى"يؤكد في مجموعته الثالثة"أينما ذهبت"أنه ماضٍ في ترسيخ دعائم قصيدة النثر المعنية بهوامش الحياة اليومية،فنصوص طه خليل بعيدة عن الانشغال بثقل القضايا الكبيرة،وبعيد أكثر عن الشعارات وعن الإيديولوجيات حتى عندما يتعلّق الأمر بالأكراد السلالة العريقة التي ينحدر منها،ويمكننا القول أن شعره مشغول بتفاصيل الحياة،وبخلجات الإنسان المأزوم المتورط بحياة لم يخترها،ولذلك فإن نصوص طه خليل نصوص قريبة من القلب،لا يتكلف القارئ الكثير من العناء لتمثّل مقولاتها الجمالية والفكرية،دون أن تشف بالمرة ودون أن تتلبّد وتتطلسم أيضاً.
ولشعر طه علاقة خاصة مع المكان فغالبية نصوصه تنطبع بحمى المكان الذي تنبثق منه شرارتها الأولى،وبسبب من تنقلاته الكثيرة في بلاد الله الواسعة استقطبت قصائده العديد من العلاقات مع الأمكنة بوصفها تجربة جديدة من جهة،وبوصفها نقطة بعيدة عن أرومة الشاعر كردستانه وجباله حيث يستطيع من هناك أن ينسج حنينه وأشواقه:
"لأنها تذكِّ،ولأنها عالية..ولأنها من أنين..
الجبال التي هناك،ما عرفت إلا البنادق،وما عرفتني
إلا محدودب الأشياء،حاملاً خرافاته،ووعود الآخرين
بوطن كامل.."...ص25
ولدى طه خليل قدرة كبيرة على استجرار الدهشة من القارئ،فهو شاعر يلتقط هاجس المفردة حين تبوح برحيقها السري،يعرف مغاليق المفردات ومفاتيحها،فنراه بكلمات قليلة يواجه مشقة الإدهاش،وينجح في خلق علاقة رائعة بين مفردات معدودة تخلق مجالها التعبيري برشاقة وإتقان:
"كل الموتى..
رسبوا في امتحان السنين..!!" .....ص40
ولأنه شاعر يحترف النثر،فقد تمكن من لغة نصوصه،وعرف كيف يوظّف قلق الروح،وارتعاشات الهواجس،وحركة العواطف البشرية من خلال نهج درامي واظب على تطريز النص به،وعادة ما يأتي الشاعر بعدة جمل مترادفة ومتتابعة تلهث خلف بعضها في تأزيم مقصود،ثم يأتي في النهاية بالجملة الصادمة التي تشعل المعنى وتفلته من شباك المباشرة الفجة،يقول في قصيدة(أصدقاء):
"أرشدهم دوماً
كي يضلّلوني
أشرح لهم ضعفي
وأعلّمهم كيف ينصبون لي المكائد
وأي الفخاخ ناجعة..
للإيقاع بي
هكذا ساعدتهم
لقتل الملل تحت ثلوج المنافي".........ص55
الجمل الأولى تتتابع في مباشرة ولا تملك أية شاعرية في حدّ ذاتها
ولكن الجملة الأخيرة تفجّر الدهشة الشعرية المطلوبة وتعيدنا إلى قراءة الجمل الأولى بروح مغايرة،وغالباً ما تسلك قصيدة طه خليل هذا المنحى،دون أن ننسى أن قدرة الخيال على إيجاد مشهد شعري متكامل تلعب دوراً حاسماً في النهوض بلغة النثر،وشحنها بمبررات افتراقها عن الكلام العادي،وهذا بالضبط هو الفارق الحاسم بين من يكتب قصيدة النثر بإبداع ووعي،وبين من يخبئون تحت يافطاتها الكثير من الكلام العادي.
ـــــــــــــــــ
2004أينما ذهبت ـ شعر ـ طه خليل ـ الناشر:دار الينابيع دمشق
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجمعية الوطنية الفرنسية تدين -مذبحة- 17 أكتوبر 1961 بحق جزا
.. سامي الطاهري: الاتحاد العام للشغل أصبح مستهدفا من قبل السلطا
.. الجزائر تعين قنصلين جديدين في الدار البيضاء ووجدة
.. لبنان: هل بدأ العد العكسي للحرب مع إسرائيل؟ • فرانس 24 / FRA
.. هجوم بسكين يثير حالة من الذعر في قطارات لندن | #منصات