الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة البنائية في الكتاب القصصي كتاب (شظايا انثوية) إنموذجاً

أمجد نجم الزيدي

2016 / 12 / 15
الادب والفن


ان قراءة المجموعة القصصية (شظايا انثوية) للكاتب رحمن خضير عباس، تجعلنا نستحضر في الذهن مصطلحاً نقدياً لم يأخذ اهتماما كبيرا في اوساطنا النقدية، وهو مصطلح (الكتاب القصصي)، والذي ينطبق ربما بصورة أو بأخرى على هذا الكتاب، لان التوصيف البسيط لمصطلح الكتاب القصصي هو مجموعة من القصص القصيرة يجمعها خيط بنائي واسلوبي واحد، وهي لا تقترب بهذا التوصيف من البناء الروائي، لان كل قصة في هذا الكتاب تنعزل عن الاخرى وتحتفظ بكيانها القصصي، ولا تجنح الى ان تكون جزءا من رواية ما مثلا، لان تقسيم بعض الروايات الى اجزاء او فقرات ربما توحي ان هناك تقاربا بين هذين الاسلوبين، او ان هذا الكتاب ربما يمكن ان يكون رواية، ولكن الكتاب القصصي بصورته التي نقدمها هنا يحافظ على الكيان السردي للقصة القصيرة، وخطابها الذي يمايز الخطاب الروائي، ولكن ما يدعونا الى تسميته وتصنيفه تحت عنوان كبير وهو (كتاب)، هي ان صفة الكتاب تشير الى الوحدة، اي ان كل فقرات الكتاب وفصوله وفقراته تنتمي الى كتلة بنائية واحدة، وهي بهذا لا تأخذ توصيفاً مستقلا عن الوحدة البنائية العامة للكتاب، الا بتوجيه مقصود من العتبة النصية الجامعة وهي مثلا (مجموعة مقالات) او (مجموعة دراسات)، والتي تحدد منذ البدء ان هذا الكتاب متنوع، ولن ادخل في تأثير العتبات النصية بل إن ما يهمني في توصيف (الكتاب القصصي) هو ليس الصورة التقليدية للكتاب انه مجموعة من المواد محصورة بين دفتي كتاب مطبوع، وانما هو الوحدة البنائية التي يوحيها هذا التوصيف، اذ نرى ان القصص المنضوية في كتاب (شظايا انثوية) تنطوي على وحدة بنائية واحدة تبتدأ بالراوي الذي يستخدم ضمير المتكلم في اغلب القصص، ربما عدا قصتين هما (آلة الجوزة البغدادية) و (شظايا انثوية)، الى المكان واشتباكاته مع الشخصيات بين الوطن والغربة ، او العراق المغرب كندا، الى الزمان القصصي المتشظي بين حاضر النص واستعادات الذاكرة، مرورا بشخصيات القصص، التي هي شخصيات مختلفة شكليا متقاربة بنائيا.
يمكننا تصنيف الراوي في هذا الكتاب القصصي الى راويين، هما الراوي بضمير المتكلم الذي هو الشخصية الرئيسية، كما في اغلب القصص، والراوي الخارجي كلي العلم في القصتين اللتين ذكرناهما سابقا، الراوي في القصة الاولى (ساعة جدارية) لايحمل اسما، وانما يقدم لنا نفسه كأنسان يتعامل مع الغربة في مكان بعيد عن وطنه وهو (كندا)، بصورة (نوستليجية) حيث الحنين الطاغي الى بلده الام، الذي يأخذ تداعياته مع ساعته الجدارية التي تأخذ شكل الوطن زمانا ومكان حيث يقول في احد مقاطع النص (كانت الساعة الجدارية والعراقية الملامح تستكين أحياناً، تشعرنا بان ثمة كيانا جغرافيا جميلا كفكف دموعنا ولوعتنا، واستمع لأكاذيبنا) (ص17)، وربما تقارب هذه القصة قصة أخرى، هي (آلة الجوزة البغدادية) التي بالرغم من انها تفترق عن القصة السابقة بأن الراوي خارجي، الا اننا نجد تشابها كبيرا في النفس القصصي الذي يحكم سرد الاحداث وتعامل الشخصية مع المكان، وهو تعامل نوستليجي استعادي، مع كون الشخصية الرئيسية في بغداد تارة وفي كندا تارة اخرى (كان يعرف في شبابه منطقة الحيدر خانه وشوارعها الضيقة وخاناتها ومقاهيها. كما لم ينس ساحة الميدان المزدانة بباصات أمانة العاصمة ذات الطابقين والتي تطرز شوارع بغداد.)(ص71)، وتحولت عقارب الساعة في القصة السابقة والتي تشير الى الزمن العراقي بكل فوضاه، زمنا حقيقيا تعيشه الشخصية الرئيسية في هذه القصة (كانت الشوارع والازقة متداخلة بشكل بدائي، فوضى زحام ومخاوف الموت وسعير أنباء الأنفجارات التي تمزق المدينة وتجعلها حقلا للشك واليأس واحتمالات التشظي موتاً من سيارة مركونة، كانها شيطان خرافي يلتهم البشر والحجر والحياة) (ص74)، وايضا يتشابه راوي قصة (أغنية تحت المطر) مع راوي قصة (وجدة.. وأحزانها الصغيرة)، وهنا اعتقد ان علي ان اشير الى ملاحظة مهمة وهي ان هذا التشابه الذي اقصده ليس معنيا بالمرة بالاختلاف الذي يلاحظة القارئ بين احداث القصتين، والتشابه الذي اقصده هو الاسلوب الذي ينقل به الراوي الاحداث ومدى اشتباكه معها، او يمكنني ان اصفها مجازا بروح الراوي السردية، ففي كلا القصتين نرى الراوي هو الشخصية الرئيسية، والتي تظهر كل بنى النص من خلال عينيه التي ترصد المكان الذي هو المغرب وان كان في الاولى هي حسيمة وفي الثانية وجدة، لكننا لم نجد ذلك الفرق الكبير بين المكانين، ربما لانهما ينتميان الى ثقافة واحد، او ان روح الراوي التي وصفتها مجازا قبل قليل قد هيمنت علينا، ووجهت تلقينا، ولا استطيع ان اعطي رأيا جازما بهذا التوصيف رغم اني اسوقه واستشهد به، لانه يبقى مجرد انطباع ذاتي، ربما يتأثر بأمور اخرى خارج النص، ولكن يبقى بكل الاحوال هناك تمايز مقصود وضعه الكاتب، وان اقتصر على التسميات فقط، ولكن ما يبرر لي افتراضي السابق ان كلا المكانين يجمعهما رابط ثقافي واحد، وهو النمط الثقافي المغاربي، حيث نلاحظ ان رصد الراوي للمكان في القصتين يأخذ جانبا – يمكننا وصفه اذا جاز لنا التعبير- بالتأسيسي، حيث يأخذ الراوي في اضاءة جوانب المكان باعتبارها مكانا للعيش، او تأسيساً لمكان يعادل الوطن، لان هناك تجاوبا لاشعوريا للشخصية مع المكان، وايضا تأثر تلك الشخصية بالبنية السوسيوثقافية التي تغلف افعال الشخصيات وردود افعالها.
هناك نقاط اخرى في هذا الموضوع، ربما الاشارة اليها تعزز طرحنا هذ، وايضا محاور اخرى تخص الزمان والمكان والشخصيات وايضا محور لتأثير العتبة النصية، ولكن هذا العرض السريع لا يتيح لي هذه الاستفاضة التي ربما اتركها الى قراءة موسعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في