الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجميلةُ المغدورة، اليومَ عيدُها

فاطمة ناعوت

2016 / 12 / 20
بوابة التمدن


================

أجلسُ مع صديقتي، نيللي حسن، طبيبة الأسنان الجميلة التي تعالجني بدولة الإمارات، نفكّر كيف نحتفلُ بعيد ميلاد حبيبتنا الجميلة التي نسيناها، اليوم 18 ديسمبر. فهمستْ الطبيبة المثقفة: ما رأيك في"حانة الأقدار"، فوثبتُ إلى حاسوبي، وبعد برهة بدأ شلالُ العذوبة يُمطرنا برذاذه الطّيب.

حانةُ الاقدارْ/ عربدتْ فيها لياليها/ ودارَ النور/ والهوى صاحِ/ هذه الأزهار/ كيف تسقيها وساقيهـا/ بها مخمور/ كيف يــا صاحِ؟!/ سألتُ عن الحبِّ أهلَ الهوى/ سُقاةَ الدموع ندامى الجوى/ فقالوا حنانَك من شجوه/ ومن جِدِّه بكِ أو لهوِه/ ومن كدَرِ الليل أو صفوهِ/ سلى الطيرَ إن شئتِ عن شدوه/ ففى شدوه همساتُ الهوى/ وبرحُ الحنين وشرحُ الجوى/ ورحتُ إلى الطيرِ أشكو الهوى/ وأسألُه سرَّ ذاك الجوى/ فقال: حنانَك من جمرهِ/ ومن نهيه فيكِ أو أمره/ ومن صحوِ ساقيه أو سُكره/ سلى الليلَ إن شئتِ عن سره/ ففى الليل يُبعثُ أهلُ الهوى/ وفى الليلِ يكمنُ سرُّ الجوى/ ولما طوانى الدُّجى والجوى/ لقيتُ الهوى وعرفتُ الهوى/ ففى حانةِ الليل خمّارُه/ وتلك النجيماتُ سُمّاره/ وهمسُ النسائم أسرارُه/ وتحت خيامِ الدُّجى ناره/ وفى كل شيء يلوح الهوى/ ولكن لمن ذاق طعم الهوى.

كيف كتب "طاهر أبو فاشا" تلك الكلمات، وكيف مَوْسقَها "محمد الموجي"، وكيف شدتَها شاديةُ الكون "أم كلثوم"؟! سيبقى ذلك سرَّهم الخاصَّ الذي لا يعرفه سواهم. مثلما لا يعرفُ الهوى إلا من ذاقَ طعمَ الهوى. وستبقى اللغةُ العربية سرًّا مدهشًا أبديًّا لا نملكُ جميعَ مفاتيح سحرِها إلا بقدر ما تسمح بها قدراتُنا على تذوّق النغم الفريد، بقَدرٍ.
ما هذا السحر السيّال الذي يطفر من بين ثنايا لغتنا العربية الجميلة؟! ما كل العبقرية المعقودة بناصية تلك اللغة الفذّة التي تغمرك بقطرِ الدفق الشهيّ حين تسمعُ بعض آيات من سورة قرآنية مَكيّة، أو أبياتٍ من قصائد الشعر القديم؟ لغةُ المرادفات والأضدّاد والمشتركات اللفظية والمتشابهات والإدغام والتشبيع والقصر والقطع والمجاز والطباق والجِناس، والمقابلة والسجع! تلك لغتُنا العظيمة التي لم يعد يحبُّها من غفلوا عن حُسنِها ورشاقتها وقوّة بيانها. لم أر أمّةً لا تعتزُّ بلسانِها مثلنا! والسبب؟! عشراتُ الأسباب ليس مجالها هذا المقال، حتى لا يفسدُ ثوبَ الجمال خيطٌ مُنسّلٌّ رديءُ الصنع.
اختار اليونسكو يوم 21 فبراير من كل عام، يومًا للاحتفال بعيد "اللغة الأم" لدى الأمم المتحدة. وهو اليوم الذي تحتفل به كلُّ أمّة من دول العالم، باللغة الأم الخاصة بها. فاختار الروس يوم 6 يونيو، وهو يوم ميلاد الشاعر الروسي "ألكسندر بوشكين"، واختار الصينيون 20 أبريل، ذكرى "سانج چيه" مؤسس الأبجدية الصينية، وبالطبع اختار الإنجليز 23 أبريل يوم ميلاد عظيم العالم الأديب الإنجليزي وليم شكسبير، بينما اختار الفرنسيون 20 مارس المتزامن مع اليوم العالمي للفرنكفونية، فيما اختار الأسبان 21 أكتوبر، يوم الثقافة الإسبانية. أما نحن، الناطقون بالعربية، فقد وقع اختيارنا على اليوم 18 ديسمبر عيدًا عالميًّا للغة العربية، وهو ذكرى اعتماد العربية لغةً رسمية في الأمم المتحدة عام 1973، بعد محاولات دؤوب بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي.
ولأنني أودّ أن يصفو مقالي هذا للاحتفال والاحتفاء، لا للنقد والتباكي على ما وصلت إليه لغتُنا من حالٍ تعسة على ألسن الناطقين بها، فلن أخوض في ركاكات الإعلاميين وأخطائهم الفادحة التي تصمُّ آذاننا ليل نهار، ولا انهيار مستوى معلّمي اللغة العربية وعجزهم عن الأخد بأيدي أبنائنا ليُحبّوا لغتهم ويتقنوها، إنما سأذكر الإشراق الذي أصادفه بين "أُميّين" لا يعرفون القراءة والكتابة، لكنهم قادرون على ارتشاف سحر العربية، دون عِلمٍ أو دراسة.
اذهبْ إلى المزارعين البسطاء في صعيد مصر، وأنصت إليهم وهم يدندنون فيما يضربون فؤوسهم في طمي الأرض ليخرجوا كنوزَها الخبيئة. تجدهم يحفظون عن ظهر قلب قصائد ابن الفارض، الشاعر الصوفيّ الأكبر، بعدما سمعوها بصوت الشيخ ياسين التهامي، المنشد الديني الشهير ابن قرية منفلوط المصرية. بل ويحفظون، بفهم وإدراك حقيقيين قصائد أحمد شوقي وأحمد رامي وجورج جرداق وأبي فراس الحمداني وغيرهم مما غنّت لهم أم كلثوم. وإن سألتهم عن مكامن المجاز والاستعارات أجابوك بفطرتهم بما يدهشك من معارف.
استسلم لسحر اللغة العربية، ودعها تتسلّلُ داخل روحك وتُسرّب إلى عمقك أسرارَها، تمامًا كما تستسلم لحبيبتك لكي تُذيقك من مفاتنها ما تجهل. أيتها الجميلة المغدورة، أيتها اللغة العربية الساحرة، أقول لك في عيدك: كل سنة وأنت طيبة وبخير أيتها الفاتنة المهجورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللغة التي تم فرضها
عبد العزيز سيد علي ( 2016 / 12 / 20 - 13:30 )
تقولين
ما هذا السحر السيّال الذي يطفر من بين ثنايا لغتنا العربية الجميلة؟!
انها لغة الغزاة العرب التي فرضت على المصريين فرضآ...وهي لغة غيرة قادرة على إستيعاب المصطلحات الناتجة عن التقدم العلمي والتكنلوجي والطبي وما إلى ذلك


2 - اللغة السبية
شاكر شكور ( 2016 / 12 / 20 - 18:39 )
أيتها الجميلة المغدورة، أيتها اللغة العربية الساحرة، أقول لك في عيدك: كل سنة وأنت طيبة وبخير أيتها الفاتنة المهجورة...... وبمناسبة عيدك أيتها اللغة الجميلة نضيف ايضا : أيتها اللغة المظلومة والمغدورة من سباك وأسرك ومن حوّلك من لغة الشعراء والجمال الى لغة القتل والإرهاب ؟ ايتها اللغة الأسيرة التي يشبه حالك حال السبية المظلومة صفية بنت حيي من دخل عليك دون أن تقضي عدتك ومسكك بمخالبه كاالجوارح الذين ينقضون على طير الحمام ؟ هل هو أميرهم الذي دنسك بكل ما اوتي من قوة جنسية ؟ فهذا صورته مطلوبة في كل مراكز الشرطة ، ايتها اللغة المغدورة من حقك تمشين مطأطأة الرأس فصورتك بين الأمم اصبحت مرعبة ومقرونة بالإرهاب وأصبح من يتكلم بحروفك مشبوه يحمل حزام وبارود وعتاد ، لا لا .. انت لست لغة الجنة فلو كنتِ فعلا كذلك لحماك رب الجنة وما تخلى عنك لتتحولي الى لغة الإرهاب ، فحتى الذي يصلي بحروفك ويرنم تسبيحا ل الله يقتل بعد التكبير (الله أكبر) ويقدم قربانا لأبليس ، لقد اصطبغت حروفك باللون الاحمر وتحولت مياه البحر الى لون احمر إنه وعد من أميرهم القتّال حين قال جئتكم بالذبح يا بني البشر ، تحياتي استاذة ناعوت


3 - انسانة صح جدا .. فى المكان الغلط جدااا
شاهر الشرقاوى ( 2016 / 12 / 21 - 17:58 )
الحقيقة استاذة فاطمة ناعوت الحرة النبيلة المصرية الوطنية الاصيلة ...مضى عليّ فى هذا )
الموقع ما يقرب من 6 ستوات ..كتبت وقرات وعلقت الاف التعليقات بلا مبالغة وطفت بين شتى الافكار والملل والنحل جدميعها بلا استثناء .لم اجد ارقى منك حقيقة
.
انت زهرة برية عطرة .نقية فطرية وسط مجموعة من الكتاب ومعلقين ..اكثرهم يقطرر اامدادهم حقد ووكراهية وبغضاء شديد جدا لسيدنا محمد خاصة من اصلهم غير اسلامى رضوعها منذ صغلهم .تحررو من عقائدهم ربما ولكن لم يستطيعو التحرر من كرايتهم لمحمد نتيجة جهلهم
وعدم وعرفتهم به

يكذبون ويدلسون ويقتطعون ويجتزأون الايات والاحداث بشكل قمئ بذئ يشوه اى مقال مهما كان مبدعا ونقيا وراقيا كمقالك هذا بل جميع مقالتك
.
ان كنت استفدت من هذا الموقع اشياء كثيرة بالفعل .قمعرفتى بحضرتك من اعظم اما استفدته فعلا
مقال ولا اروع ولا ابدع باسلوب ابداعى سلس يقطر جمالا ورقيا وصدقا وتفوح منه عطرا شرقيا مصريا عربيا دائم كطبيعة كل كتاباتك

.لغتنا العربية اكثر لغات العالم حياة وغنى ووفرة ودقة للتعبير عن كل معانى الحياة بلا استثناء
تقبلى خالص تحياتى واحترامى يا انظف وارقى من فى الموقع


4 - اانسانة صح جدا جدا فى المكان الغلط جدا جدا
شاهر الشرقاوى ( 2016 / 12 / 21 - 18:03 )
الحقيقة استاذة فاطمة ناعوت الحرة النبيلة المصرية الوطنية الاصيلة ...مضى عليّ فى هذا )
الموقع ما يقرب من 6 ستوات ..كتبت وقرات وعلقت الاف التعليقات بلا مبالغة وطفت بين شتى الافكار والملل والنحل جدميعها بلا استثناء .لم اجد ارقى منك حقيقة
.
انت زهرة برية عطرة .نقية فطرية وسط مجموعة من الكتاب ومعلقين ..اكثرهم يقطرر مدادهم حقد ووكراهية وبغضاء شديد جدا لسيدنا محمد خاصة من اصلهم غير اسلامى رضعوها من صغرهم ...تحررو من عقائدهم ربما ولكن لم يستطيعو التحرر من كراهيتهم لمحمد نتيجة جهلهم
وعدم معرفتهم به حق المعرفة

يكذبون ويدلسون ويقتطعون ويجتزأون الايات والاحداث بشكل قمئ بذئ يشوه اى مقال مهما كان مبدعا ونقيا وراقيا كمقالك هذا بل جميع مقالتك
.
ان كنت استفدت من هذا الموقع اشياء كثيرة بالفعل .قمعرفتى بحضرتك من اعظم اما استفدته فعلا
مقال ولا اروع ولا ابدع باسلوب ابداعى سلس يقطر جمالا ورقيا وصدقا وتفوح منه عطرا شرقيا مصريا عربيا دائم كطبيعة كل كتاباتك

.لغتنا العربية اكثر لغات العالم حياة وغنى ووفرة ودقة للتعبير عن كل معانى الحياة بلا استثناء
تقبلى خالص تحياتى واحترامى يا انظف وارقى من فى الموقع

اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك