الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقنوم الرابع

حسن إسماعيل

2016 / 12 / 20
الادب والفن


الله لا محدود .. قدوس .. كلي القدرة .. وكلي المعرفة وسرمدي
ولم يراه أحد قط .. وكل ما في خيالك فالله بخلاف ذلك
هكذا يؤمن كل مؤمني كوكب الأرض رغم اختلاف أديانهم ومخاوفهم وأحلامهم وعجزهم
هكذا تنطق الألسنة

ولكن على مسرح الأرض والتاريخ والجغرافيا .. دماء وحروب وجدال ومناظرات ومجلدات .. تشق النقاب عن مساحات من الغيب .. تشرح الكثير من المجهول بكل ثقة تكاد تكون معصومة .. تفاصيل مجهولة تأخذك إلى تفاصيل مجهولة أكثر .. ويقين كاهن الأرض وحاخام الأرض وشيخ الأرض يفوق يقين علماء العلم المثبت والوجودي

هل هو طبيعتين أو مشيئتين .. صفاته وأسمائه .. تدبيره وقدره ونبؤات الأزمنة الأولى والأخيرة .. من يحب ومن يبغض .. من معه ومن ضده .. أين طائفته ومذهبه وفرقته الناجية .. من أدرك وفهم وفسر كلامه كما كان يقصد .. من عرف مقاصده وغاية حرفه .. ماذا كان يفعل في الأزل .. وكيف يدين في الأبد

تفاصيل التفاصيل ونمنمات النمنمات ونحت ملامح كل ما هو غيبي بكل جرأة العارف والروحي والمتحزلق الورع المفوه الخاشع الدامع الفاهم السامع اللامع
والقطيع المطيع المريع الشنيع الفظيع يسلم الجميع للجميع
وتصنع حروب المصدقين ضد المصدقين .. المؤمنين ضد المؤمنين .. المعصومين ضد المعصومين !

- نرمي المال إلى فوق تأخذ السماء ما تأخذ ومن يسقط على الأرض فهو لنا - نكتة كل العصور

نرمي الدموع والأحلام والمخاوف والوعي والقلب إلى فوق .. تأخذ السماء ما تأخذ ومن يسقط على الأرض فهو لنا .. يصبح ملك بائعي الصكوك الباطنية والروحية والدينية
يحلم الجائع بالخبز .. والخاطيء بالقداسة .. والخروف أن ينام في حضن الذئب آمن

عندما تشاهد فيلم الإنسان على كوكب الأرض تندهش .. كيف تحول من خائف إلى مطمئن ويبيع الطمأنينة في حارة الخائفين كل يوم
كيف تحول من سائل إلى حامل أجوبة تفوق الجبال .. تقرع الأبواب لتوزع الإجابة للسائلين
كيف تحول من خاطي يهرب من وجه الرجم الداخلي .. إلى جامع حجارة يصدر حجارته لكل الراجمين
كيف تحول من غير مستحق وروح محتجبة .. إلى كلي الاستحقاق والتميز الإستعلاني والإستعلائي
كيف تحول خجل العطاء .. إلى أن تعرف يساره ما تصنعه يمينه وتذيعه على الشاشات لكل الأعضاء
كيف تحول الإنسان الذي كان يحبو في المجهول ويعرف أنه يعرف بعض المعرفة وبعض النور وبعض الفتات الساقط .. أن يتعجرف ويتكبر ويتجبر إلى الدرجة القصوى

وكأنه سلك طريق آخر غير طريق التواضع الذي عندما تسير فيه تكتشف عدم استحقاقك أكثر.. تكتشف جهلك أكثر .. تكتشف فقرك أكثر .. تكتشف استفهام أعمق .. تكشف أنك بدأت الطريق على قدميك مهرولاً وأنهيته تحبو .. تكتشف تبخر كل إجاباتك المعصومة وكل أحكامك المسبقة والمعلبة والنمطية .. تكتشف أنك لست مـُـشمع بالشمع الأحمر كما كنت تظن .. وأن عطشك أصبح أكثر عطشاً .. وجوعك للخير أصبح جائع جداً

وأنك لست إلها في مجمع الآلهه الساكنة على جبل الأولمب .. وأن ما تقوله على المنابر لا يعرفه غير الأقنوم الرابع .. وأنت لست هو ولن تكون
فلست إله الخير أو إله الشر في المانوية الثنائية .. حتى
إحساسك بالتعالي لن يجعلك تصل لمرتبة لوسيفر .. قبل السقوط تشامخ الروح المتخيلة أنها العارفة
الصعود فوق جبل العلي لم ينجح في الوصول إليه أحد
والتماهي مع العلي .. شرك .. وتخيله الكثيرين
أنت لست هو

ستظل تعرف بعض المعرفة وبعض العلم وبعض الأجوبة
وكل ما تعرفه لا يعطيك حق الحرب
لا يعطيك حق التعدي
لا يعطيك حق الاستعلاء
يجعلك فقط متواضع وغير مستحق ومحتجب وتحبو

فأنت لست الأقنوم الرابع
أنت لست هو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81