الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص و البناء السرد-شعري قراءة في مدونة (الليالي العراقية ) للشاعرة دنيا ميخائيل

أمجد نجم الزيدي

2016 / 12 / 24
الادب والفن


ان التداخل بين الشعر والسرد اخذ مديات كبيرة في المسيرة الشعرية العراقية والعربية، حيث كتبت الكثير من النصوص التي بنيت على بنية سردية وخاصة في الملاحم الكبيرة كالمومس العمياء وحفار القبور وغيرها، ان كانت عند السياب او غيره من الشعراء، بالاضافة الى التوظيفات الجزئية لتلك التقنيات السردية داخل النصوص الشعرية، لذلك فربما يمكننا القول اننا نادرا ما نجد نصا شعريا يخلو خلوا تاما من السرد، مع ان كاتبا ما يقول ان ((هناك مسلمة تدعي ان كل خطاب مهما كان نوعه تتحكم فيه السردية))، لذلك فقد استثمر الشعراء هذا الحضور بصورة كبيرة، وتناولت الكثير من الدراسات والبحوث هذا التداخل، لذلك فاننا قد لا نأتي بجديد ان تناولنا هذه العلاقة، لذلك سنحاول ان نسلط ضوءا بسيطا على مجموعة من النصوص ضمن المجموعة الشعرية (الليالي العراقية) للشاعرة دنيا ميخائيل، والتي انتهجت هذا الاسلوب في مجمل نصوصها.
وهذه العلاقة التي اشرنا لها سابقا، تعتمد على الاستفادة من ألاليات السردية، بجعلها ادوات طيعة بيد الكاتب، لصب شعرية النصوص في اطار بنية سردية، استفادت من المجال الواسع الذي وفرته التناصات والتضمينات داخل تلك النصوص، والتي فتحت مديين دلاليين يسيران بصورة متوازية وهما المدى الشعري الذي تبنيه النصوص، والمدى الذي تخلقه التناصات التي تؤسس لحكاياها تحت بنية الخطاب الشعري، حيث ترتسم امامنا خيوط حكائية ترتبط بسدى اسطورية وادبية وتراثية، كما في اسطورة تموز، والليالي العربية الى اخره من تناصات وتضمينات سنشير اليها لاحقا.
هذا ما تقودنا اليه قراءتنا لمجموعة (الليالي العراقية)، حيث بنيت اغلب النصوص على بنية سردية من خلال وجهة نظر الراوي العليم، وبالاضافة الى الايحاء الذي يقودنا اليه العنوان الذي يتناص مع (الليالي العربية)، يبدو تأثيرهذه الليالي واضحا في مجمل نصوص المجموعة بالاضافة الى كونها نصا موازيا او عتبة نصية اولى، لذلك فقد كثرت تلك الاشارات التي تفعل ذلك الارتباط وتثير المديات الافتراضية التي تربط كلا المتنين :
" في ارض سومر حيث المنازل قريبة من بعضها البعض حتى ان جداراً واحداً يفصل كل بيتين وحيثُ ينام الناس صيفاً على السطوح والمحبون يتسلقون الجدران ويقفزون من فوقها لرؤية حبيباتهم ويتفقون على الزواج مبكراً والأهل دائما يرفضون في البداية، كانت عشتار في السوق تبحثُ عن هدية لتموز."
واشتركت النصوص ايضاً مع تلك الليالي بإن لها إطاراً ومجموعة من المقاطع التي تنبثق من ذلك الاطار، ربما هي محاكاة للبنية الشكلية التي بنيت عليها الليالي في الف ليلة وليلة وقصتها الاطارية المعروفة، وهي ممتدة على طول سبع مقاطع مرقمة، ولا يخفى علينا رمزية هذا الرقم وارتباطاته:
"في طريق العودة، اختطفها رجل ملثم بعد ان سحبها بالقوة تاركاً يد امها ممدوة خلفها الى الابد، أنزلها الى العالم السفلي عبر سبع مداخل."
وتبني النصوص سداها، وبنيتها الدلالية على التداخل بين صوتي شهرزادي النص، شهرزاد الحاضر، وشهرزاد الماضي كخلفية مرجعية تعيد تشكيل النص وفق مبناها الدلالي والعلامي كأحالة تناصية:
مرت خمس قرون
منذ ان حكت شهرزاد
حكايتها
بغداد سقطت
وانا أخذوني الى العالم السفلي
وكذلك التناص مع اسطورة تموز ونزوله الى العالم السفلي، لذلك فقد جسد النص مستويين للتناص وهما شهرزاد العالم العلوي بكل تمظهراته وعجائبياته، وتموز العلم السفلي بكل غرائبيته، ولكن هذين التناصيين لم يخضعا النص الى المتصور الذي يحيلان اليه بصورة تامة، اذ لم تتلبس شهرزاد النص عشتار الاسطورة ولم تخضع الى مرجعياتها، وإن شهرزاد الحاضر الصورة المغايرة لعشتار الاسطورة لم تدخل العالم السفلي بحثاً عن تموز الخصب والنماء وانما كانت منتظرة له في العالم السفلي، لذلك اعادت بنائها وفق متصور ايحائي جديد، من خلال قلب الدور الذي تلعبه عشتار- شهرزاد:
أرقب الظلال
التي تمر خلف الجدران
لا احد يشبه تموز
أو:
عندما يصل تموز
سأعطي له ايضا كل القوائم التي جمعتها كهواية.
لقد كتبت الكثير من الدراسات عن هذا الموضوع كما اسلفنا، اذ تناولت اوجه تلك العلاقة وما يعرف بالسرد شعري، حيث يستعير النص الشعري الآليات السردية في متنه، دون التفريط الكامل باطره البنائية، وانما استغلال تلك الآليات في تعميق الاثر الذي يخلفه الشعر، ومع ذلك بقيت هذه العلاقة مفتوحة في الكثير من النصوص وخاصة تلك المتقاربة شكليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج