الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سوريا .. وإقليمية الحل
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
2016 / 12 / 28
السياسة والعلاقات الدولية
سوريا .. وإقليمية الحل
إن ألتخاذل الامريكي والغربي والعربي لمعاناة الشعب السوري، واستمرار مسلسل الدم بقيادة بشار الاسد قد اعاد النظر في الكثير من المعطيات السياسية التي سبقت الثورة السورية وكذلك صاحبت الثورة طيلة الست سنوات الماضية، فالمشروع الذي يفرضه الغرب بقيادة الولايات المتحدة خاصة ما يتعلق بقضايا الشرق الاوسط كان الطاغي على المشهد وكانت على اساسها تبنى المعارضة السورية خياراتها العسكرية والسياسية، بل والاكثر من ذلك كانت تركيا تحاول جاهدا الوصول الى اتفاق استراتيجي مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي وكذلك الخليج بغية تحقيق مشروع الاطاحة بالنظام السوري ووقف همجية القتل والجينوسايد المنظم ضد المدنيين العزل الذين تحولوا بدورهم الى اداة في اللعبة السياسية.
ان المشهد قد تغييرت ومفهوم سياسة القوة (Power Politics) قد احتكرت المشهد وصناعة الاحداث السياسية في الشرق الاوسط، وتحول الازمة السورية من حالة ثورة ضد طاغية دمشق الى لعبة سياسية واداة للحرب الباردة بين الدول الاقليمية وكذلك بين الامريكان والروس، وعلى اساس ان القوة تصنع الحقائق على ارض الواقع تبنت كل من ايران، روسيا والنظام السوري سياساتهم الخارجية، فالروس يريدون تحقيق نصر وهمي في سوريا وان كان على جماجم البشر من اجل الظهور بمظهر الدولة المهيمنة في الشرق الاوسطـ، وتفرض اجندتها الجيوسياسية على كل من الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة، وكذلك الحال بالنسبة لطهران التي تحاول جاهدا اكتمال الهلال الشيعي لخلق حقائق جيوسياسية على العرب والدول الاقليمية الاخرى. فالتوازن بين الدول المتصارعة على المشهد السوري بات صعبا، وان التردد الامريكي والخليجي قد عرقلت جهود المعارضة السورية من تحقيق انتصارات عسكرية، وفرض اجندتها على النظام السوري والمشروع الروسي الايراني المفروض قهرا على الشعب السوري.
ان تركيا ظلت الدولة الوحيدة التي ساندت مشروع تغيير النظام السوري، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من المشروع المذكور، وانشغال الخليج بمحاربة الاسلام السياسي استمر الغطرسة الروسية والايرانية، وباتت تركيا الدولة الاكثر ضررا، فالغرب قد بدا بمجاملة بوتين، وكذلك غيرهم من حلفاء تركيا خاصة الدول الخليجية، وبعد الانقلاب العسكرية في تركيا تبين للاتراك ان المسالة اكثر تعقيدا من حماية الشعب السوري، ودعم الديمقراطية في تلك الدولة، بل والاكثر من ذلك بات الانسان السوري الاداة التي يستخدمه المجتمع الدولي في مجاملته السياسية خاصة بين الدول دائمة العضوية، ان الامن القومي والمصلحة القومية التركية اقتضت اعادة صنع اولوياتها في السياسة الخارجية وتحول تركيا من دولة لها دور اقليمي بارز الى دولة تراع مصالحها القومية، وتتبنى مفهوم الدفاع الذاتي (Self Help) ضمن الواقعية السياسية.
ان الاعتذار التركي لروسيا، والعلاقات الشخصية بين بوتين واردغان عبر عن مرحلة جديدة قائمة على براغماتية سياسية اعاد انقره الى مربع العزلة في السياسة الخارجية وسياسة المقايضة، فالروس ارتت في تركيا الدولة الاقليمية المهمة التي من دونها تصعب على موسكو تنفيذ خياراتها الاستراتيجية، وكذلك رات تركيا ان روسيا تعد الدولة التي يمكن الاعتماد عليها بعد التخاذل الامريكي، وبعد ظهور خيوط بين الانقلاب والاستخبارات الامريكية اتجهت انقرة نحو تبنى سياسة خارجية مختلفة عن حلفائها الغربيبن وكذلك العرب. وبذلك بدا مرحلة التوازن الاقليمي بين روسيا وتركيا على حساب فرض العزلة على المشاريع الامريكية والوصول الى صيغة اتفاق على الملف المعقد في العلاقات الروسية التركية الا وهو الملف السوري.
إن الاتفاق الروسي التركي على سوريا سوف تفرز مرحلة جديدة في اعادة صياغة الامن الاقليمي في الشرق الاوسط، وان اعادة التوازن الاقليمي كفيلة بانتهاء حالة الهيمنة الدولية خاصة الامريكية منها، فالدول القوية في المنطقة سوف تحدد مصير المنطقة على خلاف المشهد الامني قبيل الربيع العربي، فالاتفاق على الملف السوري بين كل من تركيا روسيا وايران تعطي ملف الحل اوراق اقوى من تلك التي امتلكتها الاطراف المتعددة في اتفاقيات جنيف ١ و ٢، ان الروس يمتلكون القوة الجوية، والايرانيين من خلال ميليشياتهم تسيطر على الارض والاتراك لديهم النفوذ على المعارضة السورية المسلحة، لذلك يمكن التنبؤ بان الاتفاق بين الدول المشاركة في الازمة السورية سوف تنهي الصراع في تلك الدولة، وكذلك وضع الية حل تحافظ على مصالح الدول المتعددة، وكذلك تصيغ الخريطة السياسية والامنية الجديدة.
لا توجد في السياسة امور ثابتة، وان المرونة التركية في سياستها الخارجية ومطاطية تعاملها مع الازمات التي تعاني منها كفيلة باحداث تغيير اقليمي، وانتهاء الصراع في سوريا من خلال ضمان مصالح كل من روسيا وايران وتركيا، وعلى اساس ذلك يمكن المساومة ب بشار الاسد، وكذلك الاوراق الاخرى المهمشة في الساحة السورية. فالحل للازمة السورية باتت اقليمية بعد ان اثبت مجلس الامن والمظلة الامريكية فشلها في وضع نهاية لماساة شعب عانى الكثير وتعرض لابشع الانتهاكات والجرائم الوحشية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. جرحى بهجوم استهدف حافلة قرب أريحا بالضفة الغربية
.. لحظة إطلاق النار على حافلة إسرائيلية في بلدة #العوجا #سوشال_
.. كاميرا سكاي نيوز عربية ترافق حاملة الطائرات الأميركية -آيزنه
.. لمناقشة تقليص الحرب.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي سي
.. جبهة لبنان تشتعل.. تبادل القصف العنيف بين إسرائيل وحزب الله