الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزيد من الخصخصة و تدمير الوطن

محمود عبد الرحيم

2016 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مزيد من الخصخصة و تدمير الوطن
*محمود عبد الرحيم

تواتر الحديث، مؤخرا، على لسان كبار المسئولين و أبواق النظام الإعلامية، ومن يسمون بعلماء ومفكرين وخبراء، بشأن ضرورة إلغاء مجانية التعليم وخصخصة هذه الخدمة والاكتفاء فقط بالتعليم الأساسي المجاني، وكذلك ما يخص العبث بمصير المستشفيات العامة، يؤشر إلى أن ثمة خطة معدة فعلا لارتكاب هذه الجريمة الشنعاء، وما يجري فقط هو تهيئة الرأي العام للقبول بهذه المخططات التدميرية أو فرضها كأمر واقع بمبررات واهية أو بمنطق القوة الغاشمة، مع تجاهل كل التحذيرات من التداعيات الكارثية لمثل هذه القرارات والإجراءات العبثية.
وسواء كانت خطيئة خصخصة خدمات الصحة والتعليم في مصر بقرار من النظام ذاته، أو وفق روشتة صندوق النقد الدولي، ففي كل الأحوال
ثمة جريمة كبرى تُرتكب في حق مصر والمصريين، واستكمال ما تبقي من خطة تدمير هذا البلد المأسوف عليه، وجعل غالبية شعبه من الحفاة العراة المرضى الجهلة الذين لا حول لهم ولا قوة.
ولتصبح حقوق أساسية تقرها كل المواثيق الدولية وحتى الدستور الوطني
مجرد حبر على ورق، وليحرم غير القادرين وهم السواد الأعظم من حق العلاج والتعليم، لنعود مرة أخرى إلى حقبة ما قبل ثورة يوليو، حيث الطبقية البغيضة، والتمييز بين أبناء الشعب الواحد، على أساس الثروة والسلطة، ولا اعتراف بالفقراء وحقوقهم، ولتذهب المواطنة للجحيم، وكذلك شعارات تكرس للمساواة والوطنية مثل"ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد".
سنظل نرد على حججهم بسوء الخدمات ونقص الموارد، ونقول إن الحل ليس البيع بدلا عن الإصلاح، ثم أن مصر غنية بما يكفي لأن يعيش كل المصريين بكرامة، لكن المشكلة الحقيقية في اختلال توزيع الثروة في مصر واحتكارها في أيدي فئة النصف في المائة، وفي الفساد والنهب المنظم لثروات المصريين، وفي سياسات غير وطنية ولا تنموية تكرس للإفقار والتبعية، وإنهاك مصر والحفاظ على وضعية "رجل العرب المريض".
وسنظل نردد أن ثروات مصر بمختلف أشكالها ملك لكل المصريين ليست ملكا لنظام حاكم أو عدد من رجال الأعمال المصريين والأجانب، وأن من حق كل الشعب الاستفادة من عائد ثرواته، فضلا عما يدفعه من عوائد ضرائب مباشرة وغير مباشرة، وذلك في صورة خدمات مجانية أو مدعومة، خاصة ما يتعلق بالصحة والتعليم.
فلا يوجد شعب على وجه الأرض سوى الشعوب المستغلة والمستعبدة والمحتلة التي لا يُعترف بحقها في موارد بلدها المختلفة!
ولا يوجد شعب يدفع ضرائب ورسوم طوال اليوم، ويقال له: ليس لدينا موارد ننفق بها على خدماتك الأساسية، وادفع تكلفة الخدمة مرة أخرى وبسعر السوق!
فهذا منطق الاحتلال و الجباة المماليك الذين يجمعون الجباية بقوة السلاح والقهر، دون وجه حق، ومن أجل أن تتوافر لهم فقط موارد الترف والعيش الرغد من نهب قوت الشعب ومص دمه.
إن كل الدول التي تقدمت للأمام بنت نهضتها على الاستثمار البشري، وجعل التعليم أولوية أولى، ومعيار وحيد مع العمل، للترقي الاجتماعي
ولم تهمل أبدا الصحة التي توفر لها شعبا قادرا على العمل والإنتاج، لا مواطنين يأكلهم المرض والعجز وقلة الحيلة.
ومصر تاريخيا، ليست ببعيدة عن هذا، فتجربة ثورة يوليو قامت على هذه الأسس، وراهنت على التعليم لتحقيق نهضتها، ورغم ظروف الحرب والحصار والتحديات الداخلية والخارجية، كانت "مصر عبد الناصر" تتوسع في إنشاء المدارس والجامعات، ولا تتردد في إرسال البعثات شرقا وغربا حتى للدول المتصارعين معها سياسيا، وأقرت كواقع مادي ملموس مجانية التعليم الجيد والشامل والمتاح للجميع بكافة مراحله، بل وسعت لمحو أمية المتخلفين عن التعليم.
وتجربة التأمين الصحي ونشر المستشفيات المركزية والمراكز الصحية في ربوع مصر من شمالها لجنوبها، كانت تأكيدا أيضا على إعطاء المواطن حق أساسي من حقوقه.
الأكثر من هذا أن ثورة يوليو ذهبت لأبعد من هذا بكثير بنشر الثقافة وإتاحتها للجميع على نطاق واسع، ورعاية الأدباء والفنانين، لبناء الإنسان الواعي الممتلئ فكريا وروحيا، وخلق شعب جديد يشارك في بناء مصر جديدة بحماس وثقة وتفاعل وجبهة داخلية قوية تصون مكتسبات الثورة وتصنع التغيير المنشود.
أولى بمن يتحدثون عن خصخصة هذه الخدمات الأساسية، أن يوفروا موارد أكبر لها، ويعملون على تحسين الخدمة وتطوير الأداء، وفق رؤية للمستقبل، وعبر خطة تقشف حقيقية لنفقات الحكومة الترفية، والميزانيات الضخمة المكرسة لأمن النظام وأجهزته وبعثاته الدبلوماسية غير ذات الجدوى، وفرض ضرائب تصاعدية تتجاوز الخمسين في المائة كما في معظم الدول الأوروبية، وكذلك ضرائب على الأرباح الرأسمالية المختلفة، وإدخال موارد الصناديق الخاصة والميزانيات الفرعية الضخمة التي لدى مؤسسات بعينها للموازنة العامة للدولة.
لكن السير في هذا الاتجاه وتحميل المواطن فاتورة الفساد وسياسات فاشلة منحازة للأغنياء على حساب الفقراء، ستقود مصر لا محالة إلى الهاوية.
وأخيرا نذكرهم بقول الشاعر" بالعلم والمال يبني الناس ملكهم.. لا يُبنى ملك على جهل وإقلال".
وأيضا قول الشاعر" يا أمة ضحكت من جهلها الأمم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا