الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الذكرى السادسة لاندلاع الثورة: التونسيين بالخارج جزء لا يتجزأ من الشعب التونسي
لطفي الهمامي
كاتب
2016 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية
في الذكرى السادسة لاندلاع الثورة
التونسيين بالخارج جزء لا يتجزأ من الشعب التونسي
عرف التونسيون الهجرة بمعناها الحديث والمعاصر منذ أواخر القرن الثامن عشر ,وأخذت تتطور خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانطلاق البلدان الأوروبية في النهضة الصناعية و الإعمار, فأخذت اليد العاملة تتدفق عليها تدريجيا. منذ أواسط الخمسينات من القرن الماضي بدأت الهجرة تتغير تدريجيا, فمنها ما كان لغاية اقتصادية واجتماعية ومنها ما كان بعثات حكومية للدراسة، ومنها للتربص وكسب المهارات في عدة ميادين مثل الطب والتعليم والهندسة والإدارة ...الخ. ومن بين اللذين غادروا تونس بقصد الهجرة المؤقتة من تمكن من تأسيس أسرة امتدت الآن جذورها إلى الجيل الثالث على الأقل, فتكوّن بذلك جسم اجتماعي تونسي حامل لخصوصية اصطلح عليها "التونسيون بالخارج"ورغم أن هذا التصنيف يعتبر مغايرا للتقسيم الاجتماعي المعتمد لتحديد طبيعة المجتمع التونسي إلا أنه تصنيف يرمز إلى شريحة تعيش خارج التراب التونسي وتقيم على ارض بلد أخر بصفة الإقامة سواء ما كان منها بصفة قانونية اوغير ألقانونية. أما تصنيفهم السوسيولوجي فهو خاضع لنفس المقاييس الموضوعية المعتمدة لدراسة مجموعة بشرية مشكلة لكيان اجتماعي فمن بينهم الفقراء والعمال والعاطلين عن العمل و رجال أعمال وكوادر من مختلف الاختصاصات قادمين من مختلف الجهات التونسية ومن أجيال مختلفة.
لقد تجاوز عدد التونسيين المقيمين بالخارج 1223213 نسمة سنة 2012 أي خلال الفترة التي بدأت خلالها تحولات ذات أهمية في عدة بلدان عربية كانت مقصدا للتونسيين وهي بالأخص ليبيا وسوريا واليمن، دون اعتبار الآلاف من غير المسجلين منهم نظرا لتواجدهم بطريقة غير قانونية إضافة إلى غياب الجيل الثالث من المهاجرين عن الإحصائيات وكذلك أبناء التونسيين المتزوجين من أجانب.ففي فرنسا تجاوز عدد التونسيين المقيمين 668668 ألف نسمة وبايطاليا حوالي 189 ألف وبألمانيا 87 ألف كما بلغ عدد الطلبة التونسيين بفرنسا وفقا لوزارة التعليم العالي الفرنسية إلى 9000 طالب سنة 2010 دون احتساب المتربصين أو الدارسين بمعاهد تابعة لوزارات أخرى وتمثل نسبة الشباب اقل من 18 سنة حوالي22,7 بالمائة من مجموع المهاجرين.أما بالدول العربية فيقيم حوالي 17 ألف بالسعودية و19 ألف بالإمارات العربية المتحدة .
وبصفة عامة يمثل التونسيون بالخارج نسبة تفوق 11 بالمائة من مجموع السكان ويرجّح أن تكون مساهمتهم المالية بحوالي 3539 مليون دينار سنة 2012.منهم من يحملون الجنسية المزدوجة إلا أن ولاءهم لتونس ولشعبها لا حدود له.كما تبلغ نسبة العمال 40,1 بالمائة وتجاوزت نسبة الكوادر 6,8 بالمائة و14,3 بالمائة من المتقاعدين. كما ان نسبة المرأة التونسية المهاجرة بلغت 36,5 من إجمالي المقيمين بالخارج
يلعب التونسيون بالخارج أدوارا هامة منها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعلمي والتكنولوجي لتواجد عدد هام من الخبرات الأكاديمية.وعرف التونسيون بالخارج في عهد بن علي تعامل مزدوج اثر على الذهنية العامة للتونسيين فمن ناحية نظر لهم كبوق دعاية له و قد جند مؤسسات الدولة من إدارة وغيرها من المصالح الدبلوماسية لترويضهم خدمة لبرامجه فبعث بديوان التونسيين بالخارج سنة 1988 كإطار مسخر لإدخال العملة الصعبة على حساب حقوق المواطنين ومن هذه الزاوية أسس منظومة "مواطنونا بالخارج"تحت تصرف شامل للتجمع والبوليس والعناصر المقربة منه أو العاملة في مجال الرشوة والفساد. واقر للتونسيين بالخارج التصويت في الانتخابات الرئاسية باعتبار انه المترشّح الوحيد على الدوام.ومثّل كذلك التونسيين بالخارج بمجلس المستشارين الصوري والذي ارتكز على ممثلي "التجمع" للسيطرة على اختياراتهم وتوجهاتهم ومراقبة ونهب أموالهم بذريعة الاستثمار وللترويج" للمعجزة الاقتصادية" التي ابتدعها، لذلك تركز اهتمام النظام السابق أساسا على رجال الأعمال والتجار وشجع على الانتهازية والرشوة والفساد المالي والإداري كمقياس أساسي للمعاملات فتحول المئات إلى أبواق دعاية له بالخارج حفاظا على مصالحهم وبحثا عن امتيازات على حساب التونسي المهاجر .لقد رسم لدى التونسي بالداخل صورة مهينة للتونسي بالخارج وتحول "مواطنونا بالخارج"إلى مجموعة اجتماعية منبوذة وصورتها الحقيقية مشوهة.
كما ابرم نظام بن علي اتفاقيات لمطاردة خصومه السياسيين بالخارج وأطلق وسائل الإعلام في الداخل لهتك أعراضهم والنيل من كرامتهم وتشويههم ومن هذه الزاوية أصبحت صورة التونسي بالخارج سلبية ومرتبطة لدى بعض النخب بالعمالة للخارج.
أما في الخارج فان الإدارة التونسية وغيرها من المصالح الدبلوماسية ضلت حكرا على الحكم ففقد الآلاف من التونسيين حقوقهم المدنية والسياسية جرّاء ذلك.
لقد استمر حال التونسيين المحتاجين إلى مساندة من طرف بلدهم دون آمل خاصة منهم الآلاف الموزعين على دول أوروبية وكندا وخاصة منهم من هم محرومين من الإقامة القانونية ووثائق إقامة في حين كان الفساد يعم المصالح التونسية بالخارج وتركزت مهماتها الأساسية في الدعاية لبن علي ونظامه وملاحقة المعارضين.من بين أهم نتائج ذلك أن الدولة التونسية تخلت عن دورها في الإحاطة ومتابعة عدة أجيال من أبناء الجالية التونسية بالخارج على كافة الأصعدة، كما تركت المجال مفتوح لقوى أخرى تقدمت على أساس أنها رافعة لشعار العروبة والإسلام ودافعة عن الهوية كمدخل إيديولوجي لاستقطاب عدد هام لغايات مختلفة.
من الناحية النضالية فلقد لعب جزء هام من أبناء وطننا بالخارج في التشهير والعمل على الإطاحة بالدكتاتورية فانتظموا في جمعيات ومنظمات وهيئات دفاع عن ضحايا القمع ودعموا كافة التحركات الاجتماعية والانتفاضات وعلى رأسها انتفاضة الحوض ألمنجمي ,كما تحملوا مسؤولياتهم النضالية تجاه نضال الشعوب العربية وبالخصوص القضية الفلسطينية وناصروا القضايا العادلة في العالم فكانت حركة النضال التونسي من ابرز الحركات فاعلية في الخارج وأساسا بأوروبا وكثيرا ما شكلت عنصر متقدم في فضح الانتهاكات وتعرية حقيقة النظام السابق.
كما أن المكونات الحالية للجبهة الشعبية بالخارج كانوا من بين الديمقراطيين والتقدميين في النضال ضد الدكتاتورية منذ بداية التسعينات على أساس وطني وديمقراطي و من اجل ثورة شعبية تونسية تطيح بالدكتاتورية ومن اجل مجلس تأسيسي يصوغ دستور تونس الجديدة ولقد ساهموا في تطوير حركة النضال خلال فترة طويلة للضغط على الدكتاتورية والتشهير بجرائمها ومساندة المعتقلين والملاحقين وإسناد الحركة الاجتماعية والسياسية ,كما ناضلوا إلى جانب الجمعيات والمنظمات والأحزاب التونسية بالخارج من اجل تحقيق الديمقراطية وحماية كرامة المواطن التونسي وحقه في العودة إلى بلده دون ملاحقة بوليسية.ومثلما ناضلوا خلال سنوات حكم بن علي فلقد كانوا من ابرز القوى السياسية والمدنية التي انخرطت في الثورة التونسية وفي هذا الإطار فان التونسيين بالخارج بدورهم كانوا في الصفوف الأمامية لدعم الثورة وإسقاط بن علي ونظامه.
كما للثورة مطالب مباشرة في تونس، فان لها مطالبها كذلك من قبل التونسيين المقيمين بالخارج من اجل إعادة تنظيم العلاقات بين التونسيين وإعادة تنظيم الإدارة والمصالح المختلفة التي يمكنها أن تحقق طموحات الثورة التونسية. و كما أن الثورة لم تحقق أهدافها بالداخل فان مطالب التونسيين بالخارج ظلت بدورها دون تحقق نظرا لالتفاف منظومة 23 أكتوبر 2011 عليها ولتزال مهمشة من قبل الحكم إلى اليوم.
ديسمبر 2016
لطفي الهمّامي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف
.. القيادة الوسطى تعلن تدمير 4 طائرات مسيرة للحوثيين كانت تستهد
.. ميليشيات إيران في سوريا.. قصة عقد وأكثر | #الظهيرة
.. السلطات الأردنية تؤكد أن التضامن مع غزة عبر مسيرات شعبية لا
.. السلطات الأوكرانية: ثلاث محطات طاقة أوكرانية استُهدفت بقصف ر