الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار حلب انتصار للقضية الفلسطينية

نعيم الأشهب

2016 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



انتصار حلب المدوّي يتجاوز، في مدلوله ومغزاه، وبشكل غير عادي،البعد السوري المحلي الى البعدين الاقليمي والدولي . فهو يؤشر،على النطاق الاقليمي، على بداية تشكل توازن للقوى جديد في منطقة الشرق الأوسط، حصيلته المنطقية ستكون ظهور نظام اقليمي بديل، تفقد فيه القوى الرجعية، بقيادة السعودية، تفوقها وزمام المبادرة، الذي استحوذت عليه منذ النكسة الكبرى لحركة التحرر القومي العربية، في الخامس من حزيران 1967. أما في البعد الكوني لهذا الانتصار، فهو تأكيد نهاية النظام الدولي أحادي القطبية. وفي هذا الصدد فإن أية مقارنة بين الدورين الروسي والأميركي في الصراع على الساحة السورية، وقبل ذلك في اﻷزمتين الجورجية 2008 واﻷوكرانية 2014 اللتين افتعلتهما واشنطن، يؤكد ذلك.
بمعنى آخر، جاء انتصار حلب حصيلة مواجهة انتظمت فيها ليس فقط قوى سورية محلية وانما قبل ذلك وأبعد من ذلك بكثير قوى اقليمية ودولية في الأساس ؛ ومن هنا، بالضبط ، تكتسب هذه المعركة مغزاها التاريخي باعتبارها نوعا من حرب عالمية . ولعل أفضل معيار لرصد أبعاد انتصار حلب، هو في متابعة مظاهر المآتم والعويل المنتشر على امتداد دوائر الرجعية والصهيونية والامبريالية على النطاقين الاقليمي والعالمي .
من المعلوم أنه منذ أن أفلح التحالف الرجعي في المنطقة بالتعاون مع الامبريالية واسرائيل في اغتيال الحراك الشعبي العربي، الذي اندلع منذ بداية العام 2011، في سبيل مطالب مشروعة، فقد بقيت سورية "الجوزة" التي استعصت على الكسر، ومنها بدأ الرد المعاكس. ومعلوم أنه منذئذ تركز ثقل هجوم التحالف المذكور وتصاعد ضد سورية، وكان من الطبيعي أن تستقطب هذه المعركة وتتحوّل الى بؤرة لمواجهة اقليمية ودولية ؛ وجاء انتصار حلب، بعد صراع طاحن قارب، زمنيا، سني الحرب العالمية الثانية، ليؤشر بوضوح الى اﻷفق الذي ستنتهي عنده هذه المواجهة، بعد تصفية بقية بؤر اﻹرهاب فوق اﻷرض السورية والعراقية.
وغني عن القول بأنه لا يمكن فصل هزيمة المحور الامبريالي - الصهيوني - الرجعي في حلب عن مسلسل هزائمه المتلاحقة، منذ أواسط العقد الأول للقرن الحالي حصرا. ففي صيف العام 2006 حرّكت واشنطن كلب حراستها في الشرق الأوسط - اسرائيل - للعدوان على لبنان لتصفية حركة المقاومة فيها، تمهيدا ﻹخضاع بقية أطراف محور المقاومة، وفتح الطريق أمام فرض مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الأميركي، والنتيجة معروفة .
وهكذا، شكل فشل العدوان اﻹسرائيلي على لبنان، صيف العام 2006 نهاية مرحلة وبداية أخرى .فقد سجّل هذا الفشل نهاية حروب العدوان المباشر بجيوش الوﻻيات المتحدة وحلفائها، بمن فيهم اسرائيل، تلك الحروب التي وقعت في الشرق اﻷوسط حصرا، بمجرد انهيار اﻻتحاد السوفييتي والنظام الدولي ثنائي القطبية .. وفي الوقت ذاته، كان فشل العدوان اﻻسرائيلي على لبنان بداية مرحلة الحروب بالوكالة، بتجنيد عصابات اﻹسلام التكفيري.
واليوم، فإن انتصار حلب هو مؤشر على فشل الحروب بالوكالة كذلك. وليس مردّ ذلك أن واشنطن وحلفاءها أصبحوا أقل عدوانية وأكثر انسانية، بل لأن الشعوب غدت أكثر وعيا واستعدادا لخوض الصراع دفاعا عن بقائها وحقوقها . في الوقت ذاته، فإن انتصار حلب مؤشر على النهاية المحتومة لسيطرة هذا اﻹرهاب على اﻷرض، في سورية والعراق، بعد ان تمدد فوق مساحات شاسعة، تضم ملايين البشر والثروات واﻵثار، واحتمال تحوّل هذا اﻹرهاب كلية الى الاغتياﻻت وزرع المتفجرات وأعمال التخريب والشقاوة اﻷخرى.وجرائم هذا اﻹرهاب اﻷخيرة، التي رافقت انتصار حلب وتلته في عدد من المواقع: ألمانيا، اﻷردن، تركيا، قد تكون مؤشرا على هذا التحوّل.
لقد دخل اﻹرهاب ترسانة العولمة الرأسمالية المأزومة كأحد أدواتها الفعالة،للتخريب والتدمير ضد من يستعصي على إرادتها، وسيبقى هذا السلاح التدميري ملازما لها كظلها. بمعنى آخر: أصبح الصراع ضد اﻹرهاب المعولم يتلازم عضويا مع الصراع ضد العولمة الرأسمالية في أية بقعة من العالم.
إن تشكل نظام إقليمي جديد، تفقد فيه القوى الرجعية والصهيونية زمام المبادرة، ويفتح اﻷفق لعودة العنفوان لحركة التحررالقومي العربية، جنبا الى جنب، مع متغيرات دولية يتضاءل فيها الوزن النسبي لمعسكر اﻹمبريالية والعدوان بقيادة الوﻻيات المتحدة ..هذه وتلك هي مصادر واقعية لدعم نضال الشعب الفلسطيني في سبيل استعادة حقوقه القومية المهضومة.
إن حكام اسرائيل الصهاينة الذين وقفوا طيلة اﻷزمة السورية، سرا وعلانية، مع عصابات اﻹرهاب العاملة فوق اﻷرض السورية، وقدموا لها مختلف أنواع الدعم والمساندة، يولولون اليوم بسبب انتصار حلب،ويعلنون بأن ذلك سيعني أن حزب الله وايران سيصبحان، مباشرة، على حدودهم؛ وهذا اعتراف ﻻ يحتمل التأويل بأن عصابات اﻹرهاب في سورية تمثل حاجز أمان لهم.
يبقى بعد هذا، أن تدرك القيادة الرسمية الفلسطينية، ولو متأخرة، أين مكانها الطبيعي في الصراع الدائر في المنطقة، وأن تتخلى عن الانتظام في المحور، ليس فقط المتآمر على القضية الفلسطينية، بل الخاسر في الصراع الدائر في المنطقة، كما تشير الدﻻئل، وكما يرمز انتصار حلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعيم الأشهب
مازن دخلله ( 2016 / 12 / 31 - 11:18 )
هل أنت نعيم الأشهب الذي كان عضوا في الحزب الشيوعي الأردني ؟
!!مش معقول إنت هو !!


2 - تحرير حلب الشهباء
ثلجي العطامنه ( 2016 / 12 / 31 - 11:23 )
ثمانون جنرالا ايرانياً استشهدوا في تحرير حلب الشهباء


3 - منذ خمسين سنة
عبد العزيز سيد علي ( 2016 / 12 / 31 - 12:09 )
إنتصار لإيران وروسيا بوتين وحزب الله....لم تكن إسرائيل آمنة مثلما هي كانت آمنة في ظل حكم آل الأسد...وستظل آمنة ما دمت هذه العائلة تتسلط على سوريا .....منذ خمسين سنة كانت الجبهة الإسرائيلية السورية آمنة وهادئة ولم تطلق سوريا ولا طلقة واحدة تجاه إسرائيل...من الذي ارتكب مذابح تل الزعتر في السبعينات؟؟؟


4 - ابعدوا شرّكم عنّا !
ملحد ( 2016 / 12 / 31 - 14:14 )
اقتباس عنوان المقال:( انتصار حلب انتصار للقضية الفلسطينية ) ????!!!!
ايها الكاتب : انا فلسطيني واقولها لكم بكل صراحة ووضوح
ابعدوا شرّكم عنّا وسنكون بالف خير
فزمن الزعرنات والخرفنات واستغفال الشعوب انتهى الى غير رجعة
نقول لكم مرة اخرى وبالفلسطينية: حلّوا عنا حلّوااااااااااا


5 - اشك بانسانيتك
صلاح بدرالدين ( 2016 / 12 / 31 - 16:05 )
اشك في شيوعيتك وانسانيتك وفلسطينيتك من المعيب عليك زج االقضية الفلسطينية في غير محلها هذه العقلية المتخلفة أدت بالشيوعية في المنطقة الى الحضيض انت وأمثالك لايليق بكم الا ان تكونوا خدما لأنظمة الاستبداد البعثية والفاشية ولمن يدفع لكم هكذا وبدم بارد تستهين بثورة الشعب السوري وبحوالي مليون شهيد ومعتقل وملايين المهجرين ياحيف ياحيف


6 - تفضل
أمين نور ( 2016 / 12 / 31 - 16:18 )
بقايا الفكر العربي المتفسخ للحرب الباردة لا يزال موجوداً و ناطقاً.
كأنما هناك محاولة لتربية الشعب السوري على كره القضية الفلسطينية!
حط حالك محل السوري المقصوف بيته, و حضرتك جاي تقله -قصف بيتك نصر للقضية الفلسطينية-, ماذا تظنه سوف يعتقد بالقضية الفلسطينية بعد سماع كلامك؟

الجبانون من يتحامون بقناع قضاياهم لطرح انحيازاتهم الشخصية المقيتة. المرة القادمة أنصحك ألا تتكلم باسم القضية الفلسطينية, فأنت تضر القضية قبل كل شيء.


7 - يبدو انك من المتاجرين بالقضية الفلسطينية
عبدالحكيم عثمان ( 2016 / 12 / 31 - 16:33 )
ماعلاقة انتصار حلب بالقضية الفلسطينية
يبدو انك من المتاجرين بالقضية الفلسطنية امثال الخميني وصدام حسين
فالخميني كان يقول طريق تحرير فلسطين يمر ببغداد او كربلاء وصدام كان يقول طريق تحرير فلسطين يمر عبر طهران وعبر الكويت
ولم تتحرر فلسطين
اقول لك كما قال الاخ ملحد كفوا الفلسطينين شركم
تحياتي

اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا