الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعاً عام التناقضات

خالد دزدار

2017 / 1 / 2
السياسة والعلاقات الدولية


وداعاً عام التناقضات!!!
خالد دزدار
العام "2016" إمتاز بالعديد من التطورات والمتغيرات والأحداث الغريبة والتي يمكن اعتبارها خارجة عن المألوف والمعهود ... لن أخوض في جميع احداث العام وسأقتصر على الأسبوع الأخير من العام، حيث أثار انتباهي ثلاثة أحداث وجدتها جديرة بتدوينها في نهاية العام المنصرم "2016".
أول حدث في الأسبوع الأخير هو وصول تركيا وروسيا لاتفاق وقف إطلاق نار تام في سوريا ... قد يحمل الخبر أمل طال انتظاره يضع نهاية لمعاناة الشعب السوري، ويوقف المذابح والقتل والتشريد للمدنيين المسالمين (الضحايا الرئيسيين) في حرب لا يعلموا عدوهم من حليفهم فيها. الحدث بواقعه يبعث للتفائل في مستقبل أفضل ونهاية مأساة شعب لا حول له ولا قوة، ولكن الغريب في الامر ان يأتي هذا الاتفاق بين طرفان غريبان أجنبيان، وليس بين أصحاب القضية أو بين "النظام السوري" و"المعارضة السورية"!!! وهذا إن دل فإنه يدل بان الصراع في سوريا تجاوز الأزمة المحلية والحرب الأهلية، وتحول إلى صراع قوى أجنبية على أرض سوريا وبدماء سورية، كما أنه يقدم أدلة بأن لتركيا دور أكبر مما يبدو واقعيا وأن الحرب في سوريا هي حرب بالوكالة لأطراف أجنبية ... الجميع يعلم علم اليقين الدور الروسي والجهة التي يدعمها وربما يفوض أو ينوب عنها للتفاوض على وقف العمليات العسكرية، ولكن لا أحد يدري من تمثل تركيا أو تنوب عنه من بين العشرات من المنظمات المعارضة السورية المتشعبة؟؟!! فإن كانت الحكومة التركية على تفويض من المعارضة ولديها القدرة على فرض الإتفاق على الأطراف المعارضة؛ فهذا يدل على الدور الخفي لتركيا في الصراع السوري، وعملها الحثيث على تأجيجه من خلال تمويل وتدريب وتوفير التسهيلات اللوجستية وحماية وتوفير غطاء وتسهيل تحرك المنظمات المعارضة، والتي تشمل الإسلامية المتشددة والأكثرها وحشية وإرهابا مثل "داعش" نفسها، وهذا يثبت التعاون الحميم بين تركيا والإرهاب المتطرف الإسلامي ... وبرأيي جميع الأطراف ذات العلاقة في النزاع في سوريا؛ مذنبون وجميعهم مجرمو حرب ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية والمدنيين، وساهموا جميعا في تدمير سوريا وقتل وتشتيت شعبها لأجندات وأهدافه خارجية تخدم مصالح دول أجنبية، والتباكي على الاطفال والمدنيين ما كان إلا دموع تماسيح.
الحدث الثاني في نهاية العام كان تبادل التصريحات بين "جون كيري" و"نتانياهو" على خلفية قرار مجلس الأمن المدين لإسرائيل وسياستها الاستيطانية، فالقرار لم يكن إدانة فقط، ولكن تأكيد على عدم شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وسياستها: في سلب الاراضي والعقارات الفلسطينية، وضم القدس وتهويدها، وممارسات التفرقة العنصرية ضد السكان الأصليين لفلسطين، وإنتهاك حريات الشعب الفلسطيني برمتها؛ ومنها حريته في العبادة، ومحاولة اغتصاب المقدسات الفلسطينية (بعد اغتصابها لأرضه) ومصادره الطبيعية والتاريخية، وكذلك سلب حرية التحرك والتنقل بين أطراف الوطن، ونقضها جميع القوانين والأعراف الدولية ... هذا لب ما يمثله القرار في عدم الاعتراف بأية انتهاكات إسرائيلية للأراضي الفلسطينية المحتلة، والتأكيد بأنها كيان محتل، ولا شرعية لأي تغيير تنفذه على أرض الواقع.
القرار بحد ذاته لم يأتي بجديد، فهو يضاف للعشرات من القرارات السابقة والتي تدين إسرائيل واحتلالها وسياستها في فرض الإحتلال قهرا، ولكن الغريب كان رد فعل "نتانياهو" للقرار وإمتناع الولايات المتحدة عن التصويت (أي عدم استخدامها الفيتو كعادتها الدائمة في الدفاع وحماية الكيان الصهيوني في المحافل الأممية)، وليس غريبا إمتناع أمريكا عن التصويت بقرار يدين اسرائيل وممارساتها، فلقد سبق وأن استخدمت الولايات المتحدة هذا الأسلوب لتمرير امتعاضها لعدم امتثال اسرائيل وساستها لمطالب وتوجيهات الإدارة الأمريكية (الامتناع عن التصويت هو تصويت بحد ذاته للأعضاء الدائمين) فهي تعتبر ضرب على مؤخرة الطفل عندما يسيء التصرف ... الأغرب في هذا الحدث هو وقاحة "نتانياهو"، وليس في رفض القرار الأممي وعدم الاعتراف به فقط، فإسرائيل لم تعترف ابدا بالقرارات الأممية، والتي جميعها تدينها ولم تقبل بهم كذلك، (كما لا تعترف بدور الأمم المتحدة في عملها في الأراضي المحتلة، بل وتمنع وتعرقل عمل أعضائها العاملين في منظماتها المختلفة)؛ بل بانتقاده لوزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" وسياسة الإدارة الأمريكية المغادرة (إدارة أوباما) وقوله أنه يرفض أخذ النصائح من دولة أجنبية غريبة!!! وهذا التصريح جاء بعد أن تحدث "كيري" في مؤتمر صحفي عن تأثير سياسة الاستيطان الإسرائيلية في عرقلة العملية السلمية ... هذا التصريح ليس بغريب عن الإدارات الأمريكية في نهاية فترتها الإدارية وفي فترة خروجها من الحكم، فتقوم بالتحدث بصراحة دون أي اعتبارات سياسية أو دبلوماسية!!! وليس غريبا وقاحة "نتانياهو" فهو معروف ومميز بعنجهيته ووقاحته والتي تعتبر من سمة من سيماته المميزة وفي العديد من الأحيان يخرج عن العرف الدبلوماسي؛ ولكن الأمر الذي يدعو للدهشة ويعتبر قمة الوقاحة أن يصرح "نتانياهو" برفضه النصائح من غرباء!!! ولكنه يرحب ويقبل المساعدات والهبات المادية والعسكرية والمعنوية من ذات الجهة الغريبة الاجنبية!!! هذه الوقاحة عهدناها من "نتانياهو"، فالرجل لا يخلو له تصريح دون أن يطرزه بعبارات وقحة وعنجهية مطرفة، ولكن الغريب ان تأتي قمة الوقاحة من رئيسة وزراء بريطانيا عن حكومة حزب المحافظين "ثيريسا ماي"، والتي صرحت عبر الناطقة الرسمية لها ولحكومتها؛ إدانتها التصريحات "كيري" وادعائها بانها تصريحات لا تخدم العملية السلمية (كأن العملية السلمية تجري في ماراثون)، وأنه من الخطأ التركيز فقط على الاستيطان في العملية السلمية!!! فالسيدة لا ترى الاستيطان كعامل معرقل للعملية السلمية! بل وزادت الناطقة في جب الهبل استهبالا بعتبها ونصحها "لكيري" بأنه لا يمكن التعامل مع حليف منتخب ديمقراطيا (وتعني اسرائيل) بهذه الصورة!!! السيدة "ماي" تحاول أن تغازل وتخطب ود الرئيس القادم "ترامب"، بانتقادها الإدارة الأمريكية المغادرة ولو كان على حساب "القضية الفلسطينية" و"الشعب الفلسطيني" ... ويبدو انها نسيت الدور العظيم "لبريطانيا العظمى" في تقويض أسس دول وتدمير وتشريد وسلب مقدرات ومصادر وتاريخ وثقافة شعوب في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عبر إستعمارها الذي طال جميع القارات فكان لها نصيب 75% من إستعمار شعوب ودول ونهبها (باقي القسمة فرنسا لها 15% وباقي الدول؛ اسبانيا، بلجيكا، هولندا، ايطاليا، اليابان والولايات المتحدة 15%) وعدم تعويض تلك الدول والشعوب عما سلبته منهم، بل لم تقدم أية حكومة بريطانية اعتذارا عن فعل أجدادهم في "الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية" ودورهم الخاص في نكبة "الشعب الفلسطيني" وسلبه أرضه وتشريد أبنائه واستبدال سكانه الأصليين بمهاجرين أوروبيين صهاينة، وما زال "الشعب الفلسطيني" يعاني من سياسة "الاستعمار البريطاني" بواقع "الاحتلال الإسرائيلي" الذي أوجدته وفرضته بريطانيا غصبا.
التناغم بين الإدارتان المحافظتان (الأمريكية والبريطانية) يعيدنا لعهدين سبقا حملا ذات العلاقة المشئومة وهي فترة "بوش الأب" و "جون مايجور"، وهي الفترة التي رسمت عهدا جديدا في المنطقة سمي بعهد “العالم الجديد”، والذي كان مقصده: حكم العالم بعد تقويض الاتحاد السوفييتي وتشتيته!! وهو أيضا العهد الذي وضع الأساس لدمار المنطقة والعالم ... والفترة الثانية كانت فترة العلاقة المشينة بين "بوش الابن" و" توني بلير" سيئ السمعة (والذي عوض عن جرائمه بتفويضه ممثلا عن الرباعية الدولية حتى اليوم) وهي العلاقة التي أدت إلى دمار المنطقة (الشرق الاوسط) تماما وتقويضها وكذلك وضع العالم في قلاقل وفوضى ورعب وإرهاب. الرئيس الامريكي القادم “دونالد ترامب” سيكون مختلفا عمن سبقه من الرؤساء بخروجه الدائم في تصريحاته المثيرة للجدل عن المعهود، وأسلوبه الصبياني في تمرير تصريحاته وانتقاداته عبر حسابه على "التويتر"!!! والأغرب والأكثر إثارة وغرابة؛ كان تصريحه على "التويتر" مادحا عدو بلده الأول روسيا ورئيسها "بوتين" ووصفه ‘بالذكي’، لكونه لم يرد على الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد روسيا بعد ثبوت تورطها في التأثير والتدخل في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ومن هذه الاجراءات طرد العشرات من عملاء المخابرات الروسية العاملين في الولايات المتحدة تحت غطاء موظفي السفارة الروسية ... "ترامب" يعتقد بأن الخطوات التي اتخذتها حكومته ورئيسها ضد عدوهم الأول والرئيسي غير مبررة.!!!!! كما انتقد "أوباما" لاتخاذه هذه الاجراءات ... الغريب والمثير للدهشة أن يقف شخص في صف عدوه وضد بلده، والاكثر غرابة بان هذا الشخص سيحكم البلد قريبا!!!!
الحدث الثالث الكثير والذي قد يبدو خاصا كنديا ولكنني أراه عاما وعالميا (وان اختلفت مسميات وألقاب أصحاب العقد)، فهو سعر لتر البنزين على المستهلك وارتفاعه الغير مبرر ليصل (112 سنتا) مع بقاء سعر الدولار متأرجحا حول سقف (75 سنتا) مقابل الدولار الأمريكي وهي ذات النسبة لذات الفترة قبل ثلاث سنوات، كما أن المستهلك يدفع ذات الثمن للتر الواحد من البترول!! ولكن الاختلاف الوحيد هو سعر النفط (الكرود) فهو يقف على (53 دولار) للبرميل فين نهاية العام، وقد كان فوق سقف (115 دولار) لبرميل النفط قبل ثلاث سنوات وهذا يعني أن هنالك من يستغل المستهلك في سلبه عند تعبئته خزان وقود سيارته!!! وفي هذا الشأن هنالك ثلاث شركاء لهم نصيب الأسد في مردود المحروقات (محطات الوقود أرباحها بالسنتات وهي بريئة من الجريمة) وهم: شركات النفط، الحكومة الفيدرالية والحكومات الاقليمية، ثلاثتهم هم المسئولين عن استغباء المواطن (المستهلك) وسلبه كما "للحكوميتين الفيدرالية والإقليمية" مردود (ضريبة خفية) إضافي ومن مصلحتهم ابقاء المستهلك مغشوما عن واقعه!! والخصوصية الكندية في موضوع المحروقات والنفط كون كندا دولة مصدرة للنفط ولكنها لا تملك مصفاة لتكرير النفط على أراضيها! فعليها استيراد النفط المكرر من الولايات المتحدة حسب اسعار السوق الامريكي لذات النفط الذي تصدره كندا لأمريكا حسب السعر العالمي النفط (كرود) وذلك تنفيذا للاتفاقيات المعقودة بين الطرفان (النافتا) والتي وعد ترامب بإلغائها!!!!
خلاصة القول العام “2016” كان مليئا بالتناقضات والغرائب، والعام “2017” سيبدأ بمراسم تسليم “ترامب” الإدارة الأمريكية؛ فهنيئا لنا العام “2017” والأعوام القادمة لتليه، ووداعا “2016” بكل ما حملته من تناقضات!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام