الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوك الهمجي في مجتمعاتنا العربية - العراق نموذجا

عباس موسى الكعبي

2017 / 1 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


السلوك الهمجي في مجتمعاتنا العربية– العراق نموذجا
المجتمع الهمجي أشبه بغابة تحتكم فيها كائناتها إلى قانون وحيد: (الغاية تبرر الوسيلة) ...! فقد أصبح مألوفا لدينا رؤية عينة من المواطنين العراقيين لا يرتقون الى مستوى الإنسان، فهم أقرب إلى الفضاضة والعنف والوقاحة والبذاءة والنذالة في سلوكياتهم منها إلى الإنسان العادي. وسنحاول ؛ في هذه الورقة تشخيص ظاهرة الهمجية، وهل هناك ثمة علاج لها وكيف..؟
رصد سلوكيات المجتمع الهمجي
يمكن رصد عدة مجالات بمقدور الباحث وحتى الملاحظ العابر أن يكون قريبا من أنماط متعددة لسلوكيات همجية، سواء تعلق الأمر بالسلوكيات المصاحبة للسير في الطرقات والشوارع، وما يرافقها من الاستعمال المفرط لمنبهات السيارة والسباب والتراشق الكلامي ... أو النزاعات التي تفضي في أغلب الأحيان إلى أعمال إجرامية وخاصة بين الشباب.. كما يمكن اعتبار المقاهي والحافلات مسرحين حيويين لمعاينة السلوكيات الخرقاء عن كثب، كالقهقهات المدوية واستعمال الهاتف بأصوات عالية مقززة وفي مواضيع غالبا ما تكون باعثة على الغثيان!
وتوجد داخل المدن الكبرى مرافق رياضية تشهد وباستمرار، سواء قبل وأثناء أو بعد انتهاء المباريات ومغادرة الملاعب، عينات عديدة لسلوكيات رعناء مصحوبة بأعمال شغب وعنف منها تحطيم المقاعد والرقص المجاني والقذف والتشهير في حق اللاعبين وانصارهم معا... أما الولوج إلى المرافق العمومية كالحافلات والدوائر الرسمية، وحتى زيارة المراقد الدينية! فتشهد هي الأخرى تدافعا بشتى الوسائل حتى ليخال المواطن العادي أنه أمام حلبة للمصارعة!.. أما الاصطفاف وانتظارالدور في الطابور فيبدو في أعين الانسان الهمجي هدرا للوقت وباعثا على السأم.
وحري بنا الإشارة إلى موضوعة الجار وما يمثله من معاناة مؤرقة لفئة غير قليلة من السكان جراء اصطدامهم بسلوكيات مستهجنة من قبل جيرانهم ليلا ونهارا... وكلما حاول أحد إقناع جاره بالتزام ضوابط حسن الجوار خدش هذا الأخير سمعه بأقذع العبارات الشنيعة ...
وبتعدد أوجه وأنماط السلوكيات الفجة والهمجية وما تؤول إليه من اصطدامات عنيفة وأحيانا دموية، تشهد مراكز الشرطة والمحاكم العراقية ارتفاعا في وتيرة القضايا الجنائية الناجمة في مجملها عن سلوكيات خرقاء تقف وراءها أسباب تافهة، لا يمكن صدورها من أشخاص أسوياء منضبطين ومندمجين في الحياة العامة.
ولرصد خارطة تواجد هذه الأنماط الهمجية في السلوكيات والمواقف، تكفي الإشارة إلى ظاهرة الهجرة القروية المتعاظمة والتي تتخذ من أحزمة المدن الكبرى كبغداد والبصرة والموصل مستوطنات لها، ناهيك عن مدن الصفيح (الحواسم) التي تعتبر غالبا أوكارا لتفريخ الجريمة بمختلف أشكالها. فمثل هذه الاماكن، من المنظور الاجتماعي الثقافي، هي حاضنة لصور فظيعة لأنماط سلوكية خطيرة خارجة عن المألوف، يتميز الشخص الحاضن لها بمستوى اقتصادي متدن وعدم مبالاته بامور التعليم والمدرسة، فضلا عن كونه، في أغلب الحالات ينحدر من أسرة مفككة، يتشرب داخلها الطفل والمراهق ألوانا شتى من سلوكيات عدوانية منحرفة وجانحة تشكل منه، فيما بعد، شخصية عدوانية فضة ميالة إلى العنف والهمجية . سيما إن اصبح بقدرة قادر، فيما بعد، ثريا يمتلك اموالا او سياسيا او متنفذا.
علاجات مقترحة رغم صعوبة تطبيقها حاليا
إذن العراق، يقف الآن في مرحلة تاريخية خطيرة إذا استمرت المؤسسات المعنية (الاسرة والمدرسة والجامعة والاعلام ومنظمات المجتمع المدني...) بالوقوف موقف المتفرج وترك هذا الدور للقبيلة والعشيرة واصحاب المنابر .. عندها سنرى قطعان تشبه الزومبي تتجول في المدن دون رادع اجتماعي او قانوني..
إن إحياء دور هذه المؤسسات أصبح أمرا ملحا قبل فوات الأوان، وذلك بعقد شراكة فيما بينها متعددة الوظائف والمهام وبتنسيق وتأطير سياسة تربوية حضارية واضحة المعالم يشترك في إرساء معالمها كل ممثلي مكونات المجتمع المدني ووسائل الاعلام بمختلف أطيافها ووزارت التربية والتعليم والداخلية والمالية وممثلو النقابات والجمعيات ... والسعي الى تأسيس جمعيات لاباء واولياء الطلبة، مع تفعيل إلزامية التعليم وإنشاء صندوق لدعم الأسر ذات الدخل المحدود، والتكثيف من المرافق التعاونية كالأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، وتخصيص جوائز داخل هذه الأندية والجمعيات وخلق فرص العمل ومواكبة التطور الى جانب انشاء مراكز للبحوث متخصصة، دون أن نغفل الإشارة إلى دور السجون بضرورة إعادة النظر جذريا في سياستها تجاه نزلائها قصد إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، بدلا من تكريس واقع أصبح مرادفا لتطبيع الإجرام والقبول به كقدر يومي للعراقيين...
عباس الكعبي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف