الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلوي

حسام الخطيب

2017 / 1 / 7
الادب والفن


تعرفت عليها للمرة الأولي في ليلة الزفاف ، وإن كنت قد سمعت عنها الكثير من مناجاته لي في ليالينا الدافئة ، كنت أغار عليه من تلك التي أتت لتستولي علي قلبه وعلي مكاني قرب جسده ، كنت حبيبيته وعشيقته الوحيدة ، وها هو يصدمني بزواجه منها ، ولكن لشدة حبي له كتمت أحزاني وغيرتي وطويت عليها غلالة قلبي .
لازلت أذكر أحاديث حبه لي وهو يحتضنني في قوة الي صدره ، ويلثم وجهي في عشق، أحسست إني لم أكن وقتها أكثر من وعاء للشهوة يقضي معه وقته ويبدد فراغ عزوبيته ، جذبها من يدها من وسط الجمع الحاضرون بين شقته وشقة أبيها المتقابلتان ليعرفني عليها قائلا
" سلوي هذه هي هويدا ، هويدا هي صديقتي الوحيدة ولكن الآن لم يعد هناك سواك "
نظرت إليه في خجل واحمرت وجنتاها بلون الكرز وهنا عرفتها حقا، (سلوي) تلك الفتاة الرقيقة الوادعة ، بيضاء قوقازية في جمال يفتن العابد في محرابه ، عينان عسليتان تذوب فيهما النظرات ، فم دقيق يبدأ بانف صغير وينتهي بذقن صغيرة ، وجنتان كالفراولة حينما تسبح في اللبن ، شعر أسود ناعم مسترسل قد جمعته في ضفيرة واحدة أرسلتها علي كتفها في وداعة ، ملامح أبدع الخالق في رسمها ولو وزع كل جزء منها علي إمرأة لكفاها حسنا ، تسمع صوتها كأنه همس الطيف في أذان النائمين ، حسنة التقاسيم ، هيفاء القد وممشوقة القوام مع ميل الي النحافة
ومنذ ذلك اليوم صارت صداقتنا أوثق ما يكون ، كانت تهرع لاحتضاني كل صباح وهي تنتشي بإشراقة وجه كالقمر ، وأحيانا كنت ترتمي علي كتفي لتغرقني بدموعها حينما يكون (نادر) قد أغضبها أو خاصمها يوما ، تقاربنا وأصبحنا نفهم بعضنا بشكل كبير ، وكنت أقرب ما يكون إلي غرفة نومهما وأتاح لي ذلك أن أري وأسمع رغما عني كل ما يدور بينهما منذ لحظة زواجهما
أعلم أنني ابدو خائنة مخادعة في نظر الجميع ولكن حبي القديم ل (نادر) لا استطيع نسيانه ، إنني أنثي ، وأحتاج الي الرجل الذي كنت يوما ما حبيبته الوحيدة ، وهذه فرصتي الذهبية لكي أسترق السمع والنظر الي حياتهما الخاصة ، علها تسلي بعض وقتي الذي افرغه غياب ( نادر)
أذكر انه بعد ان عرفها بي خرجت هي وهي خجلي نحو الجمع الحاضر لتتبادل حديثا قصيرا مع بعض قريناتها قبل أن يبدأ الزفاف التلقيلدي نحو غرفة نومهما ويغلق عليها بابا واحدا ، ويبدأ الحاضرون في الأنصراف وهنالك جثي نادر علي احدي ركبتيه وهو يمسك أنامل ( سلوي) الرقيقة بين كفيه قائلا لها :
-سأعمل علي إسعادك طوال حياتي
أمسكت بكتفيه لترفعه وهي تلثم خده لتجلسه علي الفراش بعدها ، وتجثو هي تحت قدميه قائلة في همس
-ربنا يقدرني أن أسعدك أنا ايضا العمر كله
ومضت ليلتهما الأولي هانئة لا يعكر صوفهما شيئ ، كانت معرفتي ب (نادر) قبل أن أعرف ( سلوي) بنحو سنة او أكثر ولكني كما ذكرت مجرد جسد ، عشيقته ، يستلذ منها بأحضان وقبلات ، بل إنه بين أحضاني كان يستدعي بخياله ولسانه أسماء وملامح نساء آخريات ، العجيب أنه لم تكن ( سلوي ) من بينهن ، هنا تأكدن أنه يحبها حبا حقيقيا فمن يحب بعذرية يأبي أن يستدعي حبيبته الي خياله في لحظات حميمية
أحيانا أشعر بالغيرة منها لأنها أختطفته مني ، ولكن بعد أن عرفتها صرت احبها اكثر منه حتي أنه عندما سافرا سويا ليقضوا شهر العسل في (دهب ) أحسست أنه قد سرقها مني ، ومر الشهر عليهما ككل لحظات السعادة قصيرا سريعا حتي عادا مره أخري الي عشهما الهادئ ليتاح لي فرصة رؤيتهما كل يوم ، وعاد (نادر) الي عمله في هيئة الارصاد وهي الي عملها كمعلمة ، ومضت بهما الحياة علي هذا الحال ، وادعة جميلة شهرا تلو الآخر ، صيفا فخريفا فشتاءا فربيعا ، قبل ان تاتي والدته لزيارته فجاة وتطلب الانفراد به ، دخل بهما الي غرفة نومهما وهو لا يدري إني منصتة لحديثه كله قبل أن تباغته امه قائلة :-
-هل هناك جديد ؟
اجابها في فضول :
-بشأن ماذا ؟
قالت وهي تشير الي بطنها :
-ولي العهد
عاد يجيب عليها وهو يبتسم :
-لا يا امي ، ليس هناك جديد ، لم يحدث بعد
-ومتي سيحدث ان شاء الله ، لقد مضت سنة الان
-هناك من يظل لاكثر من سنة بلا انجاب
-تحقق اولا انه ليس هناك سبب يمنع الانجاب
-ماذا تقصدين يا أمي ؟
-أقصد اجروا تحاليل طبية ، ربما يكون هناك سبب يمنع الانجاب فنتعامل معه منذ البداية
غادرت الأم الغرفة وهي تلقي بكلمة تعمدت ان " نحن لازلنا علي البر " ، ليلتها فاتح (نادر) زوجته ( سلوي ) بما حدثته به امه فأسبلت ( سلوي ) اهدابها وهي تقول في استسلام
-حسنا غدا نحدد موعدا مع الطبيب لنري
سمعت فيما بعد انهما قد ذهبا الي الطبيب الذي اجري فحوصاته لكليهما واكد انهما لا يشكوان من أي شئ علي الاطلاق وأن المسالة مسالة وقت فحسب قبل أن يصرخ في وجههما مداعبا وهو يطردهما برفق خارج العيادة قائلا " لما العجلة ، هل البلد ينقصها طفل اخر زيادة "
أطمئنا لكلام الطبيب الذي تعمدوا نشره بين أهله وأهلها حتي يقضوا علي أي أشاعات قد تكون قد نمت عليه أو عليها ولكن بعد مرور نحو سنة ونصف بدون حمل بدأ الموضوع يصبح مقلقا ، غيرا الطبيب أكثر من مره والنتيجة احدة ، استعملا الكثير من الأشياء ، واستمعا لنصائح كل من سبقوهما الي الإنجاب
(هناء ) زميلتها تقول " قميص نوم احمر مع وجبة دسمة وياتي الوريث في نفس الليلة " ( محمود ) صديقه يقول " لاشئ سينفع غير توليفة عطارة بعدها ادعو لي " ( مروة ) أختها تقول " جربي أدوية التبويض انها فعالة للغاية " ( مجدي ) جاره نظر اليه بنظرة الخبير قبل ان يقول " جرب البانجو انه حل كل شئ " الجميع قالو " الجاؤا الي النذور والصدقات "
ولكن لا قمصان النوم التي تتغير كل يوم ، ولا الوجبات الدسمة التي تمد علي المائدة ، ولا الزيوت أو الادوية او حتي الصدقات والنذور للمساجد والكنائس استطاعوا ان يغيروا شيئا ، فقط اورثوهما مرارة في القلب وأسي يسيل من خلايا الروح ، و ( سلوي ) صابرة علي كل هذا التجريب بلا طائل.
كانت العيون تحاصرهما في كل وقت بثقافة ذكورية بحتة بأن السبب لابد أن يكون منها ، كثيرا ما ذرفت الدوع علي كتفي من فرط يأسها وهي تبثني المها ووجدها ، وكنت أترك لها العنان في ذلك عسي أن يخفف ذلك من شجونها
ومرت سنتان دون جديد ، وبدات أركان ذلك العش الهادئ الذي يضمهما في نقض نفسها مع تدخلات امه المتوالية ، كانت تأتيه كثيرا تخبره أنها قد أختارت له عروسا اخري ويمكن له أن يطلق (سلوي ) ويتزوجها ، ولكن (نادر) كان مصرا علي التمسك ب ( سلوي) فقالت له الام وقد زادتها شدة الشوق الي رؤية حفيدها " يمكنك الجمع بين الاثنين "
ومر الحال علي هذا عدة أيام اخري قبل أن تأت امه الي ( سلوي ) ذات يوم لتصطحبها معها في أمر يخص مسألة الحمل وفي الطريق اخبرتها انه هناك ذلك الشيخ ذائع الصيت حيث سيتوجهوا اليه ربما تحل البركة عليهما وتحمل
أرادت (سلوي ) أن ترفض هذا الاسلوب ولكن أمام استماتة حماتها صمتت علي مضض ، وتوقفت بهما السيارة عند بيت حديث حسن المعمار له باب حديدي بنوافذ زجاجية ملونة
طرقت الام الباب وانتظرت قليلا ولكن لم تجدي صدي لطرقاتها ، دقت الجرس في رنين متواصل ،انفتحت شراعة الباب ليظهر وجه سيدة بيضاء حسنة الملامح في اوائل الثلاثينات ، بدينة ، قصيرة القامة ، تساءلت السيدة في خوف " من " ردت الام بسرعة
-نريد مقابلة الشيخ ( يحيي)
-لماذا؟
مدت الام يدها لتخرج ورقة مالية كبيرة سال لها لعاب المرأة لتدسها في يد المرأة هامسة :
-نريد بركته
فتحت السيدة لهما الباب في سرعة وهي تقودهما عبر درهات المنزل ، كان حسن التأثيث ، بسيط ، اضاءته خافته بفعل الزجاب الملون المنتشر في كل نوافذ المنزل مما اضفي علي البيت رهبة وغموض ساحرين ، قبل ان يتوقفوا عند احدي الحجرات بالطابق الثاني لتطرق السيدة البدينة الباب في تبجيل واضح قائلة :
-دستور يا سيد الناس
انتظرت لحظة وهي تحاول استراق السمع قبل أن تفتح الباب برفق وتدلف الي الداخل قبل ان تخرج قائلة :
-الشيخ بالانتظار
ترددت ( سلوي ) في الدخول قليلا فدفعتها حماتها في غير رفق الي الداخل ، كان المكان مظلما لا يكاد يري فيه شئ وان كانت هناك مجمرة للبخور مشتعلة في وسط الغرفة مع مقاعد ومائدة صغيرة للجلوس تشبه المجلس العربي الخليجي المعروف ، وقد جلس في صدر المجلس رجل ابيض البشرة ، مشرئب بحمرة خفيفة ، سمين ، عريض الصدر، قصير القامة ايضا علي نحو ملحوظ ، مفتول العضلات ، يرتدي جلبابا ابيض عليه عباءة سوداء ، كانت عيناه تتفحصهما كعيني مجهر عملاق قبل أن يشير لهما بالجلوس في صمت
حاولت (سلوي ) أن تشعر بالارتياح لوجهه ونظراته ولكنها لم تستطع ، تمتم الشيخ ببعض كلمات مبهمة قبل أن يسالهما في صوت عميق :
-لما اتيتما؟
قالت الام في احترام شديد :
-زوجة ابني متزوجة منذ عامان ولم تنجب حتي الآن والاطباء يقولون أنها سليمة وهو كذلك
صاح فيها بصوت أجش غليظ :
-لا شأن لك بالاطباء فحتي لو كانت عقيم سنجعلها تنجب
هنا انتفضت (سلوي ) صائحة :
-أتتحدي ارادة الله ؟
هتف بها مصعوقا من جرأتها عليه:
-ماذا تقولين؟
-أقول اتتحدي أرادة الله ، لقد قال في كتابه العزيز عز وجل " ويجعل من يشاء عقيما " ولن تستطيع أنت ولا من هو اعلم منك أن تغير ذلك
هز رأسه نفيا وقد احنقه قولها
-كل بأمره ، لقد اعطانا الله أسرار علمه وهذه منحة لنا خاصة لا نبتغي بها كسبا ، إننا مجرد اسباب
-أذن هل لديك حل لمشكلتي ؟
وقف الشيخ وهو يدور حولهما ويغمغم بكلمات غير مفهومة ممزوجة بأيات قرانية قبل ان يقول :
-لقد صنعت لك احدي النساء الحاقدات عليك وعلي زوجك عمل سفلي ودفنته في حديقة بالمنصورة ، ولذا لابد من فك ذلك العمل بأستحضار الجني القائم عليه
تمتمت الام في خوف :
-بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم احفظنا ، هل ستستحضره الأن يا مولانا
قال وهو يعود ليجلس مكانه مشيرا بأصبعه الي ( سلوي)
-بالطبع ولكن لحضور الجني لابد من الخلوة لذا اريدك أن تتركني معها وأن تغادري الغرفة ولا تدخلي حتي أذن لك
توجست ( سلوي) خيفة وهي تتشبث بيد حماتها ولكن تلك الأخيرة أفلتت منها وهي تقوم مبتعدة لتغادر الغرفة وتغلق الباب من خلفها ونظر الرجل الي سلوي نظرة مريبة وهو يقول في صوت مرتجف:
-الآن سنقوم باستحضار الجني ، ولكن لابد من دهن جسدك اولا بماء الورد وكتابة بعض الكلمات عليه
ارتجفت وهي تضع كفيها علي صدرها قائلة:
-ماذا؟
-هذه هي الاصول
-أتطلب مني أن اكشف لك عن جسدي
-ألا تفعلين مع الطبيب ، لا حياء في العلم ولا حياء في الدين
-مستحيل ، لن افعل ذلك ابدا ، أنت انسان مدع ، لقد اخطأت حينما قدمت إليك
نهضت واقفة وهي تهم بالمغادرة قبل ان يمسك بذراعها ليجذبها اليه في قسوة وهو يقول في عنف :
-أنني لم افكر في نصف ما بعقلك التافه ، أنت لن تضاجعيني ، لو كان الحل هكذا لما جاءت إلي النساء ، أننا سنستخدم الصوفة
-وما هي تلك الصوفة؟ لم افهمك
-قطعة قماش عليها ماء الرجل
-رجل غير زوجي
-وما الذي يهم ، ساهبك الولد
تملصت منه وهي تقول في ذعر :
-أنت شيطان
-يا جميلتي ، أنت تعصين أوامر الجن وسيؤذونك
-بل أنت من سيؤذيني
-أنني ساهبك ولدا ، يبعد عنك العار
-ما ستفعله بي هو العار بحد ذاته
-لن يعلم أحد سوانا
-الله يعلم ويري من فوق سبع سماوات
نظر اليها حانقا وهو يعود ليجلس علي كرسيع ويلملم عباءته الي صدره قائلا :
-أنك حمقاء ، ما ستفعلينه ليس فيه مخالفة للشرف في شئ ، أتعلمين كم من نساء استسلمن لي وهن يحببن ازواجهن ، بعضهن سيدات مجتمع فاضلات ، أنك لن تفعلين فعل فيه متعة ، ولكن للحصول علي طفل يسعد زوجك وتقر به عيني أمه ، أنه علاج
-أأدخل طفلا غريبا علي زوجي من غريب ، هذا مثل الزنا
-أنك لن تزنين ، فقط استسلمي لي
أقتربت منه في هدوء وبط مثير قبل ان تميل عليه بجسدها وقبل ان يخمن خطوتها التالية كانت تهوي بيدها علي وجهه لتصفعه في قوة ، ولم يحتمل الرجل فصرخ فيها وهو يصفعها هو الاخر فدخلت الأم والمرأة البدينة ليشهدا الموقف والرجل يصيح مشيرا الي (سلوي)
-أن الجن يأمرها بعدم الاستجابة للعلاج ويصور لها خيالات
صاحت سلوي في حنق :
بل أنت كاذب ، خبيث
ثم التقطت حقيبة يدها التي سقطت علي الأرض وهي تمسك بيد حماتها مغادرة للمكان برمته ، وعنفتها الأم المسكينة طوال الوقت اثناء عودتهما الي المنزل وهي صامتة لا تتحدث ، والدموع تكابح لتندفع عبر مقلتيها ولكنها ما ان وصلت الي المنزل حتي ارتمت في احضاني لتسترسل في البكاء وهي تشكوني حزنها وبثها واشفقت علي ( سلوي ) بشدة فها هي توشك علي الانهيار بعد أن سدت في وجهها كل الابواب الا باب الخطيئة ، ولكن ( سلوي ) بعد دقائق معدودة قامت وهي تكفكف دموعها قائلة بأن هناك باب أخر لم يغلق بعد.
قامت لكي تتوضأ في خشوع ودموعها تتشابك مع ماء وضوئها فلا تعرف لهما فرقا ، قبل ـن تتوجه الي الله في صلاة روحانية عظيمة ، شعرت بأن الزمن توقف في المكان وأنا أراها في دعاء وابتهال ، في ركوع وسجود ، تقرأ القرآن بصوت مختنق غلب عليه النشيج ، قبل أن تفرغ من صلاتها وقد هدأت عاطفتها وسكنت جوانحها ، وعادت سلوي بوجه غير الذي ذهبت به ، وجه ملائكي ملئ بالنور ، ويشع بضياء ايماني خلاب
وتبدل حال ( سلوي ) منذ تلك اللحظة ، فجأة ارتدت الحجاب وبدأت في ارتياد المسجد والمواظبة علي الصلاة مع بعض زميلاتها الملتزمات لسماع الدروس والصلاة ، نفضت التراب عن مصحفها وبدات تقرأ به في خشوع واضح ، زادت من ادائها للفروض والنوافل ، بل ووهبت وقتا للصوم وآخر للفقه ، وأخذت تكثر من افعال الخير في كل اتجاه ، وشعرت ( سلوي) بطاقة نور وامل تنفتحان أمامها وبراحة نفسية هائلة تجتاحها لتحيل شقائها وتعاستها الي سعادة لا حدود لها ، وهمست لنفسها " يا هم لي رب كبير"
ومن داخلها أحست أنها قد ولد لها مولود بالفعل هو ايمانها العميق بالله وقدرته التي تغير كل شئ ، وسعد ( نادر) لتغيرها وحالتها الروحانية الجديدة ، وحاول أن يشاركها أياها قدر استطاعته ، والعجيب أنها نسيت امر الانجاب تماما ، فقط تمنت من الله أن يقبضها اليه وهي علي هذه الحالة الايمانية العظيمة .
لقد استغفرت واحست أنها قد تطهرت من ذنوبها كلها دفعة واحدة ، حتي (نادر) بدأ يتأثر ولم يعد يطالبها باطفال او يذكر أمامها هذا الموضوع ، وجائت احدي صديقاتها يوما قائلة لها :
-( سلوي ) هناك ذلك الطبيب البارع في مجال النساء والولادة ، يمكننا ان نذهب اليه
ردت عليها ( سلوي) باسمة :
-لقد استشرت طبيبا بالفعل
هتفت صاحبتها في لهفة :
-وماذا قال لك ؟
اجابت ( سلوي ) في رضا عظيم
-قال " فعال لما يريد " صدق الله العظيم
كان رضائها بقضاء الله وقدره قد تسامي علي حتي تجاوز حدود البشر الضيقة وشعرت بأنها تسمع تسابيح الملائكة وحفيف اجنحتها ، رأت ما كانت عيناها مغشيتان عنه طوال حياتها ، بل واشتمت رائحة الجنة من حولها .
وذات يوم بينما كانت تشرح لتلامذتها داخل الفصل ، شعرت بدوار ثقيل انتابها وسقطت علي الارض مغشيا عليها وسط هرج شديد من الطلاب الذين هرعوا لاحضاء المدرسين من الفصول الاخري لمساعدتها وحملتها احدي زميلاتها لتدخلها غرفة المدرسات قبل أن ياتي الطبيب الذي استدعوه لفحصها
وفتحت ( سلوي) علي صوت الطبيب وهو يقول لها اجمل ما اشتهت سماعه :
-انها اغماءة خفيفة بسبب الحمل فقط
لم تصدق اذناها ، اخيرا حدث ما انتظرته بلا طب او علاج او وسائل او حتي دجال حاول ان يغويها ، كم انت عظيم يا الله ، في منعك وعطائك ، لم تستطع الانتظار فحملت حقيبتها واستئذنت من العمل لتسرع لابلاغ (نادر) فقد احتمل معها كثيرا حتي لقد اسرعت تستقبل اتوبيسا قديما متهالكا القت بنفهسا فيه رغم انها لم تجد اي مقعد
وفي الطريق كانت تشعر بالايمان والسعادة يغمرانها بلا حدود ، وشعرت ان رحمة الله تسع كل شئ حتي لقد أحست أن الاتوبيس يهتز طربا افرحتها وأنه قد بدأ في الميل يمينا ويسارا ، وظنت انها تتوهم ولكنها كانت حقيقة ، كان الاتوبيس يتمايل بالفعل فقد حاول سائقه تفادي أحدي السيارات فاندفع يحول عجلة القيادة في سرعة ولكن الاتوبيس اقلت من سيطرته ليدور حول نفسه قبل أن يندفع نحو النهر ساقطا من شاهق مرتطما بالماء ، حاولت ( سلوي) التملص للهرب ولكن المياه داهمتها لتغرقها في عنف
سقطت ( سلوي ) شععيدة واستجاب لها ربها في كلتا دعوتيها أن تصبح حامل وان يقبضها الله علي حالتها الروحانية تلك ، شعرت أنا و(نادر) بالحزن الشديد عليها ، ذرف الدموع مرارا عليها واقسم الا يتزوج بعدها ، وان كنت قد عدت عشيقة له انام بين احضانه ويطفئ بي شهوته ، ولكني عدت اشعر بانه يري في وجه ( سلوي) وانه كان يستدعيها بخياله في جسدي ، وعندما كان يحتضنني كان يذكر اسمها وهو يبكي ليغرقني بدموعه، ولم املك من نفسي سوي الآسي له فما عدت سوي وسادة خالية افتقدت (سلوي ) وعطرها وشعرها المنسدل علي وجهي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية