الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسلام التعدد أم تعدد -الإسلامات-؟ ... -الإسلام بين إرادة الله، وأزمة التأويل- ... -إسلامي هو الحق، وما دونه باطل-

العياشي الدغمي

2017 / 1 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


صرنا صباح مساء، في واقع لا نسمع إلا عن شكل من أشكال الإسلام : الإسلام الشيعي، والإسلامي السني، ودولة الإسلام، وإسلام الدولة، والدولة الإسلامية، والإسلام الشعبي، والإسلام السياسي، وإسلام الفقيه، وإسلام الشارع، وإسلام العصر، والإسلام المعتدل، والإسلام المتشدد/المتطرف.. وغيره من الإسلامات.. فعلى ماذا يدل كل هذا وذاك؟ هل ما دون إسلام وإسلام آخر » باطل «؟ هل هو راجع لطبيعة الإسلام ذاته كتصور ديني للحياة والوجود؟ أم هو راجع لتصورات الأفراد والجماعات المتعددة والمختلفة ؟ أم أن كلا أصبح يصنع لذاته إسلامه الخاص به؟
في الواقع من الصعب الحديث عن مثل هكذا مواضيع في مجتمع يرى ذاته «إسلاميا».. ومن الأصعب نقد أو انتقاد أي تصور حول الإسلام ولو كان النقد من صلب الإسلام ذاته.. غير أن هذا لن يمنعنا من التعبير عن فضولنا المعرفي والبوح بما يخالجنا من تساؤلات ورقصات فكرية، قد تبدو للبعض - في أحسن الأحوال -"خاطئة" منذ الوهلة الأولى، دون حتى أن يمنح نفسه مهلة للتفكير في عمق الإشكال أو نقده نقدا بناء ومؤسسا، وقد تبدو للبعض الآخر ضربا من الخروج عما ينبغي أن يكون، وما يجب القبول به والإيمان به دون أدنى تفكير أو شك، فيذهبون مسار التكفير والتلحيد، والشتم والسب، ولما لا استباحة الدم وهدره والقضاء على صاحبه وتدميره ونفيه حتما من الوجود.
فعلا، هذا ما يحدث غالبا، فأي محاولة في التفكير في موضوع كهذا، وإن هي مشروعة مبدئيا، وإبيستيمولوجيا، تواجه بالرفض المبدئي والمسبق وبجاهزية فورية، وبأي سند أو مبرر قوي ومقنع لتحطيم الذات الأخرى وتلحيدها وقتلها حتى..
ما علينا .. يبقى ذاك ما اعتدناه وألفناه من قوم يدافعون عما يجهلون في الأساس، وهو حق مشروع أيضا يفهم ويحترم، ما دام يتأسس على منطلق الدفاع والتبرير، وما دام يراهن على حماية حق في الوجود والتموجد والاستمرار والبقاء، لا يمكن أن يتم خارج فقاعة من هذا القبيل..
بالعودة إلى إشكالنا الأساس، يمكن القول مبدئيا، بأننا أمام معضلة حقيقية، حيث كل شيء أصبح يقام ويفعل باسم الإسلام، الخير باسم الإسلام، والسلف باسم الإسلام، والزواج باسم الإسلام، والانتخابات باسم الإسلام، والنجاح باسم الإسلام، والخسارة باسم الإسلام أيضا (هذا ما كتب علينا)، والقتل باسم الإسلام، وحتى الاغتصاب باسم الإسلام، فكل يرى من زاويته أنه صاحب الإسلام الأحق ..
فذاك (الداعشي) الذي يقتل ويغتصب ويذبح، وهو "يذكر اسم الله" وذاك الذي يقذف بقنبلة هو يعي حتما أنها ستقتل أحدهم أو مجموعة منهم، وتشرد أبناء وترمل زوجات أو تكلم قلوب أمهات وهو يقول (اللهم سدد هدفنا، اللللله أكبر) ويأتي آخر فيقول : "له إنك قتلت مسلما، فأنت كافر"، وصار الكل يكفر الكل.. وكل يكفر الكل باسم الإسلام .. حتى صار الإسلام يكفر الإسلام.. فأيهما المسلم حقا؟ وعن أي إسلام يتحدث؟
صراحة الحديث عن "الإسلام الحقيقي" أضحى من الماضي، فقد صار الحديث بهذا المعنى، كالحديث عن معنى الحقيقة ذاته، من حيث إنها حقيقة نسبية ومبناة، لا جاهزة ومطلقة ومعطاة، حيث أصبح كل واحد، كل فرد حتى "يفصل" لذاته إسلامه الخاص، "يستورد" منه ما يليق بمواقفه وأيدولوجياته، بل أهدافه وأجنداته، فحينما يريد الصدقة، يبحث عما يبرر فعله ذاك، وعندما يريد السرقة، و«الزنى» والاغتصاب، والقتل ما عليه إلا تغيير بعض البنى اللغوية، ولما لا بعض الأحرف، ليصوغ له معنى يكيف فعله ذاك مع ما يرضي أتباعه ويدفعهم لذاك الفعل، وهم آمنون مطمئنون..
ولا ينطبق الأمر هنا على الأفراد ذاتهم، وإنما -الأخطر من ذلك- عندما يتم مأسسة وتنظيم هذا الأمر، فيصير التأويل، في يد جماعات "منظمة"، فيصر بذلك الفعل الناجم عنه من فعل فرد إلى فعل جماعة وتنظيم معين، نفسه الأمر مع تنظيم "بوكو حرام، طالبان، وبني واهبان، والنصرة، وداعش ووووو" حينها، يصير للتأويل سلطة أقوى وعواقب أوخم..
إن تأويل الجماعة والتنظيم، يكون أكثر خطورة من تأويل الفرد، فهذا الأخير لا يعدو كونه حالة متفردة ومحكوم عليها بالزوال، وأثرها قليل.. أما الأول فأخطر بكثير، حين يتحرك أفراد الجماعة وفق إرادة الجماعة، أو إرادة شيخ الجماعة والتنظيم في الواقع، إذ هنا بالذات تتجاوز خطورة التأويل مجرد قناعة فردية، قد تتأثر وتتغير في أي وقت إن هي عزلت أو قمعت أو وجهت، إلى قناعة جماعية/منظمة تكتسح إرادة أفرادها وتطمسها، حتى يصيروا مجرد آلات يحركها قانون/نظام الجماعة وتوجهاته وأهدافه، حينها يصير من الأخطر مواجهة هذه الآلات أو إعادة برمجتها، فيصر معها من الصعب الحديث عن إسلام آخر غير إسلام جماعتها، وتوجهاته وأهدافه وأيديولجياته. لكن من أين لهذا بتأويلاته تلك؟ ومن أين لهذه الجماعة بتوجهاتها تلك؟
إن الأمر لا يتطلب جهدا للتفكير، إن تصالح الإنسان مع ذاته ومع غيره، وصارحهما، وأعلن أن المشكل لا يوجد لا في هذا ولا في ذاك، وإنما يظهر المشكل حينما يختلط الحابل بالنابل، حينما يختلط الديني بالدنيوي، والأخطر، حينما يكون إسلامي هو الإسلام الوحيد والدين الوحيد الذي ينبغي أن يحكم واقع الجميع، وحينما يكون إسلامي هو الحق وما دونه باطل، حينما يكون إسلامي هو مصدر الحقيقة، وما دونه هرطقة، وزندقة، وكفر، وضروب من الإلحاد..

العياشي الدغمي
بتاريخ : 07/01/2017
المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست