الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايها الشيوعيون، طهروا انفسكم بقليل من الحب!

منير العبيدي

2017 / 1 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



حين انتمينا للحزب الشيوعي كنا نرى ان جوهر الشيوعية هو المحبة. فالشيوعي ينسلخ في الغالب من طبقته و يقرر الانحياز للفقراء و المسحوقين. الكثرة الكاثرة من الشيوعيين هم من ابناء الطبقة المتوسطة و المثقفين و كان بإمكانهم، لو ارادوا ان يعيشوا بيسر... حتى ان اسم الشيوعية بجوهرها الاقتصادي ، اي اشاعة ملكية وسائل الانتاج و جعلها ملكا مشاعا، سواء كانت مشروعا قابلا للتحقيق او حلما طوباويا، كانت قبل كل شيء محبة..
لكن المحبة كانت غائبة تماما عما مررت به و خبرته و لا ازال امر به و اخبره . بل إن الكراهية منفلتة تجاه المختلف و الناقد ليس من قبل الشباب المتحمس بل حتى من الجيل القديم من القادة.
و رغم انني واحد من الذي دفعوا ثمنا باهظا بسبب شيوعيتي و كانت سنوات المرارة و الصعوبات اكثر بكثير من سنوات العمل في الحزب فقد حاربتني السلطات بأربع سنوات من المطاردة في ظروف غاية في الصعوبة تخللها الجوع و العوز و الخوف و انعدام المستقبل و الافق اعقبتها مرحلة اخرى من المطاردة انتهت بالقاء القبض علي و قضائي فترة في اقبية الامن تعرضت فيها للتعذيب ، ثم تلتها ثلاث سنوات من المراقبة بين عامي 80 و 83 ثم بعدها استمر التمييز ضدي و ضد عائلتي في مجال العمل و الدراسة و بقي الاضطهاد و التمييز يلاحقني حتى اضطررت لطلب اللجوء فمنحت اللجوء السياسي من قبل السلطات الالمانية عام 2000
كل هذا كان يهون مقارنة بالاقصاء و المحاربة التي لقيتها من قبل ممن يفترضون ان يكونوا رفاقي لسبب بسيط انني كنت ناقدا و اصرح برأيي هنا و هناك كلما وجدت ان الحقيقة تملي على ان افعل ذلك. كانت محاربة الرفاق هي الاشد مضاضة رغم انهم لم يمتلكوا وسائل السلطة في التعذيب و القتل ما ذكرني بقول الشاعر: " و ظلم ذوي القربى اشد مضاضة "
القضية ليست شخصية . ما سقته من مثال و محاولة اخرى للتبصير اسعى ان اجعله منطلقا لحقيقة مرة: ان الكثير من الرفاق كانوا و لا يزالون محكومين بالكراهية تجاه المختلف و الناقد.
اني لأعجب كيف يستمر الكثير من القادة السابقين او اللاحقين ممن تسنموا مراكز متقدمة في الحزب على هذا القدر من الكراهية و الميل للاقصاء و التجاهل للاخر المختلف. هذا النوع من الكراهية يسم البدن و يقض المضجع. أما آن لكم ان تراجعوا انفسهم و تطهروا ارواحهم بالقليل من المحبة؟
كانت المحطات في الموقف من المثقفين بشكل خاص مؤشرا مهما بهذا الصدد . لا يزال البعض مثلا ينبش قبر السياب و يصب اللعنات عليه و قبل سنوات كتبت مجموعة مقالات ارد بها على واحد من اولئك الذين اعادوا مأساة العداء للسياب دون ان يعتبروا. فقد اعتبر هذا الكاتب السياب مرتدا و غازل في سبيل ذلك كاتبا اسلاميا قائلا له : هلم لنا نحن الشيوعيين كما انتم الاسلاميون امميون ، اما هذا السياب المرتد فهو قومي!!
ستجدون ايضا في قوائم الكراهية كتابا و مبدعين امثال يوسف الصائغ و جبرا ابرهيم جبرا و عبد الرزاق عبد الواحد.. و تجدون في قوائم الاقصاء و التجاهل المئات من المبدعين الذين قرروا ان يكون لهم رأيهم الخاص.
و تجدون في قوائم المرحب بهم كل انواع الانتهازيين من الذين بدلوا جلودهم و مستعدين للمرة الالف ان يبدلوا جلودهم اذا ما الريح مالت.
و تجدون في قوائم المحتفى بهم كل انواع الفاشلين ابداعيا ممن يسعون للسلم السياسي وسيلة ارتقاء بدلا من الابداع.
كل النشاطات الثقافية في الداخل و الخارج التي يقودها شيوعيون محكومة بمعيار الولاء او الصمت على الاقل. فالدعوات توجه حسب الولاء السياسي و ليس حسب المعيار الابداعي و كذلك احتفالات التكريم حيث يتم تبادل الدعوات لهذا "المبدع" او ذاك وفق مبدأ : ادعوني ادعوك . و هكذا يجد من يختلف الى هذه الفعاليات نفس الوجوه تكرر نسفها و تلقي علينا نفس القيء الذي نفرنا منه قبل عام و عامين.
كم سيكون جميلا ان يحظى رفاقنا ببعض النضج و يقرروا الاحتفاء بالمختلف، ان يقولوا له : انت تنتقدنا و تخلتف معنا لكننا نحترم ابداعك!
كم يكون جميلا ان يقرر قادة المؤسسات الثقافية في الخارج و الداخل ان يعملوا بمبدأ الرأي و الرأي الآخر!
كم سيكون جميلا ان يتخلى البعض عن نسج المؤمرات و حركات الالتفاف المقيتة في المؤسسات الثقافية.
اغرق رفيق لي في الضحك مرة حين قلت له : اما آن للبعض ان يحّدثوا اساليبهم الخبيثة؟ حتى الخبث يحتاج الى تحديث. هذا النوع من الحركات المقيتة خبرناه منذ السبعينات و نحن الان في القرن الواحد و العشرينّ.
لقد بذلت جهدا كبيرا بدون طائل لكي احمل مؤسسة ثقافية عراقية في المانيا على ان تناقش 14 تموز وفق مبدأ الرأي و الرأي الاخر فتدعوا مؤيدين للحدث و معارضين له حين كانت القضية ساخنة فلم افلح ابدا... كانوا يحبون ان يسمعوا نفس الرأي الذي يكررونه بدون مراجعة منذ عقود.
هذا الدوران في حلقة مفرغة من تبادل الرأي نفسه تشبه الزواج الداخلي الذي ينتج مشوهين و معاقين.
لا ادري ما هي الفائدة من اسمع رأيا يتفق مع رأيي في كل التفاصيل؟
و رغم انني فقدت الامل ، فلا تعويل على من لم يتغير و قد بلغ من العمر عتيا، اجد نفسي اكتب هذه الخواطر من اجل جيل الشباب عسى ان يحل يوم نجعل فيه المحبة هي الهادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - زيـــــاد حيدر
عامر سليم ( 2017 / 1 / 9 - 11:25 )

الفنان المبدع منير العبيدي المحترم

و أنا اقرأ مقالك هذا تذكرت ماكتبه في هذا الموقع عام 2005 الطيب الذكر الفنان التشكيلي الجميل والصديق وابن المحله وابن الجيران - زياد حيدر - والذي مرت قبل ايام الذكرى الحاديه عشر لوفاته بعد ان تمكنت منه ذبحه صدريه نفضت اوجاعه التي حملها معه في غربته.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=52317

تحياتي وتقديري لكم على هذا المقال الصريح الموجع


2 - ! مذلون مهانون
طلال الربيعي ( 2017 / 1 / 9 - 14:39 )
الاستاذ منير العبيدي المحترم
وهل يستطيع شخص ان يتوقع من من مذلين مهانين, مع الاعتذار لدستويفسكي, ان يحبوا او ان يشعروا بالحب؟
ولكنهم بالطبع اساتذة في علوم التزلف وفقه الرياء مع مَن هم في السلطة فيوجهون لهم الدعوات لحضور مؤتمرهم والقاء كلماتهم, رغم انهم من عتاة الفاسدين واقطابهم, بدلا من ان يدعوا فقراء الشعب او مهمشيه, و كأن لسان حالهم يقول -لا للفساد, نعم للمفسدين!-
مع وافر تحياتي وتقديري


3 - الصراحة مطلوبة في وقتنا الحاضر خاصة
طارق عيسى طه ( 2017 / 1 / 9 - 16:14 )
تذكرت الرفيق سميع جاني كان مخلصا للحزب وللشعب يتقدم المظاهرات فيتلقى ضربات الشرطة وعندما يلتفت الى رفاقه يلقى ضربات رفاقه لكنه يستمر في المناوشات ضد الشرطة المفروض ان تبدأ حملات تثقيفية لقد كنت حاضرا يوم الشهيد وعندما تكلمت احدى الرفيقات الكرديات تلقت التهم وكان قرارها عدم الحضور مستقبلا مثل هذه ألأجتماعات المثل يقول في الصراحة راحة وقد ايدت كلام الرفيقة الكوردية احدى الرفيقات لكن رد فعل البعض كان مخزيا والحمد لله ان كان هناك تجاوبا من قبل اغلبية الحضور تحياتي للاستاذ منير العبيدي والمفروض ان يساهم على الاقل في نشاطات منظمات المجتمع المدني في برلين وان يقدم الخدمات الثقافية ويساهم في مثل هذه الحملات


4 - عامر سليم
منير العبيدي ( 2017 / 1 / 9 - 19:32 )
ا
الصديق عامر سليم
تحياتي وتقديري لكم على هذا المقال الصريح الموجع
قرأت المقال الموجع عن مؤيد نعمة. كما آلمني مصير الكاتب زيد حيدر...
هكذا للاسف جرت الامور و لا تزال تجري
تحياتي مرة اخرى


5 - طلال الربيعي
منير العبيدي ( 2017 / 1 / 9 - 19:36 )
الصديق طلال الربيعي
اثارة ممتازة!
لقد تصالحوا مع التيار الديني الظلامي الحاكم و باتوا عمليا حلفاء له
لم يمارسوا اي نقد او ادانة


6 - طارق عيسي طه
منير العبيدي ( 2017 / 1 / 9 - 19:39 )
الصديق طه عيسى طه
انا اقول انهم لم و لن يتغيروا... نفس العقليات هي التي تسيطر على كل شيء و لا تقبل بأي تغيير و انت تقول لي تعال ساهم في النشاطات الثقافية...
لا ادري لماذا علي ان اضيع وقتي فيما لا طائل وراءه .. لقد حاولت ذلك لسنين طويلة بدون جدوى و وجدت ان الاجدى ان انصرف الى لوحاتي و كتبي
دمت صادقا


7 - هذا مقال جرئ وتاريخي غير مسبوق تهانيي استاذ منيرال
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2017 / 1 / 10 - 04:08 )
محتوى هذا المقال لن يمر مرور الكرام على كاتبي تاريخ حشع واليسار في العراق وعموم العراق المعاصر -اهنئك استاذ منير على جرءتك انا عندي عشرات القصص المبكيه المضحكه عن العلاقات-الرفاقيه-في حشع والله اخاف ذكرها بعد ان بلغت من العمر ارذله وانا باشد الحاجه لمن ينعيني حتى ولو نفاقا ولمن يوصل جنازتي للقبر -تحياتي


8 - أنتم قساة يا ش ش ش العراق
جلال البحراني ( 2017 / 1 / 10 - 20:20 )
في الثمانينات كان لدينا رفاق، لم أكن بعد شيوعي! من القطيف وسيهات بالسعودية يأتون للبحرين
بعضهم أيضا كتاب هنا بالحوار، لم ألتقي بهم في البحرين!
تخيلوا شيوعي ش ش ش بالسعودية، وأضيف عليها س سيد!!
كلما أتذكرهم وأنا بالسعودية بمناطق الشيعة المحاطة الآن بالوهابية أقول بنفسي لا بد وأنهم حمقى كيف صمدوا!! كيف تحملوا؟؟ شيعة ووهابية تحيط بهم، أكيد هم مجانين! ليتمكنوا بالعيش أم فقط هو الحب لشيء ما جعلهم صابرين؟ و أسموا حزبهم بالحزب الشيوعي السعودي، هههههه
عندما كنت بالعراق، رأيت نفس الحال وأسوأ، في كربلاء البصرة الناصرية أكثرهم لم أعرف عنهم أنهم شيوعيين بل و لم أعرف أنهم شيعة!!، ببغداد رأيت حسب الشيخ جعفر مفلس (يشحذ) وعريان يحمل الطابوق لكي يعيش، ثم خرج بتلك القصيدة التي مدح فيها غزو الكويت فانهالت عليه الشتائم من كل حدب وصوب، من البعث ومن الشيوعيين!!
أحيانا أقول: أنتم قساة يا ش ش ش العراق!
لكم أجمعين كل الحب و التقدير

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري