الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براءة

حسام الخطيب

2017 / 1 / 9
الادب والفن


نظرت حولي في البداية علني أتبين مصدر الصوت قبل أن أنتبه الي انه يصدر من أسفل ساقاي ، طفلة صغيرة أبنه الخامسة ، قصيرة ، ضئيلة الجسد بوجه في حجم راحة اليد وعينان نضرتان حزينتان ، لم لأتبين ما تقول فانحنيت مقربا اذني من فمها مستفهما ، قللت بكلمات ركيكة متلعثمة
- يا عمي ، ماما نائمة ولا تريد الأستيقاظ
لم أفهم ما الذي دعاها الي طلبي وما الذي دفعها الي دخول المقهي لتختارني من وسط الجميع ، تبعتها في صمت حتي وصلنا الي الرصيف المقابل لأري أمها ، أمراة في أواخر الثلاثينات ، شاحبة الوجه ، متشحة بالسواد ، تفترش الأرض وتتوسد احدي يديها ، انحنيت عليها مشفقا علي من تجور عليه الدنيا فيصبح الشارع عنوانه ، هززتها برفق ، فلم تنتبه ، هتفت بها أن تستيقظ وما من مجيب ، ساورني القلق فربت علي كتفيها بشدة قبل ان اضع اصابعي علي عنقها اتلمس النبض ثم أصعد بها الي انفها ، لم يكن هناك بض أو نفس ، تمتمت في حزن عميق " إنا لله وإنا اليه راجعون "
حملت الصغيرة وعدت بها الي المقهي ، أجلستها علي أحد المقاعد وطلبت لها أرزا باللبن ثم ذهبت لأبلغ الجهات المختصة في سرعة حتي يحملوا الجثمان للتصرف فيه ، عادة لتشريحه ثم دفنه ، أشفق مالك البيت الذي ماتت أمامه عليها فحمل الجثمان مع الرجال الي الداخل بعد أن تجمع المارة حوله ، هو نفسه ذات الرجل الذي رفض ان يفتح بيته لهذا الجثمان وهو حي بأن يعطيها غرفة صغيرة تحت السلم
عدت الي الصغيرة كانت قد أنهت طبقها بالكامل ، لابد أها كانت جائعة منذ أيام فالجثمان قد تيبس بشدة ، نظرت أليها حائرا لا أدري ماذا أفعل أو أقول، قالت لي في براءة غريبة
- هل استيقظت ؟
لم أدري ماذا أقول، جلست بجانبها في المقهي واضعا رأسي بين يداي مفكرا، أعدت النظر اليها ، انتبهت الي جمال عينيها الحزينتان ، سألتها
- أتريدين طبقا أخر "
هزت رأسها موافقة ، أدركت ساعتها أنني علي وشك اتخاذ بعض القرارات بشأنها لن أندم عليها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر