الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاطعات بين الأديان 6 نظرية الخلق 1 خلق الكون

عبد المجيد حمدان

2017 / 1 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هل يمكننا البدء بالقول أن كل الديانات التي عرفتها البشرية ، قديمها وحديثها ، البدائية منها والحضارية ، الوثنية والتوحيدية ، أعطت اهتماما كبيرا لمسألة نشأة الكون ، وكان لكل منها تفسيره الخاص ، أو نظريته الخاصة لهذه النشأة ؟ وهل نستبق الأحداث بالقول أن هذه النظريات ، ولكونها نتاج التفكير البشري ، جاءت متقاربة ، من حيث تصورها لمادة الكون الأولى ، ومن حيث نشوء فكرة الخلق ، وأخيرا من حيث رؤية البشر لمركزية الأرض ، كونهم يعيشون عليها ويرون اتساع أبعادها ، ومن ثم تساويها مع السماء ؟
وبسبب كثرة النظريات ، أو أساطير خلق الكون ، ولكون المجال لا يتسع لعرضها كلها ، أو حتى أغلبها ، فقد اخترت بعضها ، أو اللصيقة منها بمنطقتنا . كما اخترت أن يقف دوري في هذه الحلقة عند السرد ، وأن أبدأ من الأبعد تاريخيا ، أي الأسطورة المصرية ، ولأنتقل بعدها للجغرافيا ، أي من الشرق إلى الغرب ؛ الصين ، وفارس ، والعراق فالديانات التوحيدية .
1
أسطورة الخلق المصرية :
قبل توحيد القطر المصري انتشرت فيه ما يمكن وصفها بالديانات الإقليمية ، وبتقارب في العام واختلاف في التفاصيل . وظهرت ، نتيجة لذلك ، أسطورة خلق لكل منها ، مع شبه تطابق في العام . وكانت أسطورة " أون " الأشهر بينها .
تقول الأسطورة أنه كان " نون " في البدء . ونون تعني الأم أو الرحم الكونية التي خرجت منها كل الأشياء ، كما تعني العدم أو السكون والصمت المطلقين .
وفي هذا البدء كان المحيط الأزلي أو المياه الأزلية . وكانت بيضة ذهبية ضخمة تسمى البيضة الكونية ، تطفو على سطح المحيط الأزلي هذا . وكان أن حدث انفجار لهذه البيضة . وخرج من الانفجار الإله آتوم ، الإله الأول . عطس الإله آتوم ، ومن عطسته خُلِق الإله " تشو " إله الهواء . ثم بصق فخلق الإلهة " تفنوت " ، وهي إلهة الحقيقة في قول ، وإلهة الرطوبة في قول آخر . وأنجب زواج هذين الإلهين " نوت " ربة السماء و" جب " رب الأرض . ثم فصل " شو " بينهما فرفع " نوت" عاليا لتصبح السماء ، وبقي " جب " في الأسفل مكونا الأرض . في هذه الأثناء خرج الإله " رع" من زهرة لوتس عائمة على سطح المياه ، وخالقا نفسه بنفسه ، أي بدون مساعدة من "آتوم " ، الإله الأول . أخيرا نشب صراع بين " آتوم" و" رع " بسبب استيلاء رع على مكانة كبير الآلهة . قسمت الحرب الآلهة لفريقين . فريق مع رع وفريق مع آتوم . ولحسم نتيجة الحرب خلق فريق من الآلهة الشياطين والشر لمواجهة الفريق الآخر . وبسبب تعاظم قوة الشر على الأرض تركت الآلهة الأرض وانتقلت للعيش في السماء . فريق الآلهة المتبقي على الأرض خلق البشر لمواجهة قوى الشر ، كما خلق الماء والزرع والجنس لاستمرار الحياة وتطهير الأرض من قوى الشر .
2
أسطورة الخلق الصينية :

تقول الأسطورة أن بطلا بقوى خارقة ، اسمه " بان قو " ، كان يسكن البيضة الكونية . استيقظ البطل بعد نوم طويل دام 18 ألف سنة . وجد البطل الظلام يحيط به من كل جانب . قرر " بان قو " تحرير نفسه من الظلام . أخذ في الدوران حول نفسه بغرض تهشيم جدران البيضة . تحطمت جدران البيضة وسقطت المواد الثقيلة من داخلها مكونة الأرض ، فيما تطايرت المواد الخفيفة مكونة السماء . وخوفا من عودة التصاق السماء مع الأرض وقف " بان قو" بينهما ، وظل على هذا الحال 18 ألف سنة أخرى ، حيث بدأت قواه تخور وتضعف ، وأخيرا مات .
تطايرت أعضاء جسده بعد موته مشكلة الكون . تشكلت الشمس من عينه اليسرى ، وتشكل القمر من عينه اليمنى ، فيما تحولت أنفاسه إلى الرياح ، وصوته إلى الرعد ، ولحيته البيضاء إلى نجوم زينت السماء . ومن رأسه تشكلت الجبال ، ومن أطرافه الوديان . أما البحيرات والأنهار فقد تشكلت من دمائه .
3
الأسطورة الفارسية – الزرادشتية - :

على عكس الأسطورتين المصرية والصينية لم تشر الأسطورة الفارسية إلى البيضة الكونية ، وقالت أن الصراع بين النور والظلمة كان هو البدء . قوة النور يقودها الإله " أهورامازدا " فيما يقود الظلام الإله " أهريمن " .
نشب الصراع الذي دام ثلاثة آلاف سنة بسبب رغبة " أهريمن " في انتزاع السلطة من بين يدي " أهورامازدا" . وبعد انقضاء هذا الوقت في الصراع أمهل " أهريمن " غريمه " أهورامازدا " تسعة آلاف سنة : هدنة بدون حرب ، يتخلى بعدها " أهورامازدا" عن الحكم . استغل "أهورامازدا " فترة الهدنة وخلق الكون على ستة مراحل . خلق السماء في المرحلة الأولى ،الماء في الثانية ، الأرض في الثالثة ، النباتات في الرابعة ، الحيوانات والماشية في الخامسة ، وأخيرا خلق الإنسان في السادسة . أما " أهريمن " فقد استغل فترة الهدنة بدوره وخلق الشياطين والمسوخ ، استعدادا لاستئناف الحرب .

4

الأسطورة السومرية :

لا يعثر الباحث في النصوص السومرية التي وصلتنا ، وضمها ديوان الأساطير بين دفات كتبه ، على نص كامل لأسطورة الخلق السومرية . وفي هذا البحث توجب على محاولة الجمع بين الشذرات المتفر قة هنا وهناك ، للتعرف منها على الأسطورة .
من هذه الشذرات يفهم الباحث أن السومريين أعطوا اهتماما كبيرا لنشأة الآلهة ، وأن هؤلاء قاموا بعدها بخلق الكون بجميع تفصيلاته . والسومريون ، مثل غيرهم ، اضفوا صورة مجتمعهم البشري على مجتمع الآلهة . فالآلهة يتزاوجون ويتوالدون . والإبن يقتل أباه ويحتل مكانه ، يتزوج من أمه وأخته ، وكل إله يُكلفه كبير الآلهة بخلق جزء من الطبيعة ، تخضع لإدارته ويكون إلهها . ولأن الآلهة والإلهات يتقاتلون جيلا بعد جيل ، يفنون في النهاية ويبقى ما خلقوه في الطبيعة .
تشير الشذرات أنه كان في البدء إلهة أم ؛ مامي أو ماخ وتعني الفائقة السمو . والإلهة الأم هي من ولدت آلهة السماء وآلهة الأرض ووزعت المهمات بينهما . أعطت الإله آن ، أو آنو ، السيادة على السماء ، وأعطت الإله إنليل السيادة على الأرض .
وفي شذرات أخرى يتكرر القول بأن الآلهة ؛ آن إنليل وإنكي أو إيا ، هم من قرر في اجتماع مهيب خلق السماء والأرض . وهم من ثبت المنازل على أسسها ورسموا مواضع الكواكب . وهم من حدد مواضع النجوم في مجموعات كوكبية . وبعد أن قدروا زمن النهار والليل خلقوا الشهر والسنة ، ثم خلقوا الشمس والقمر ووضعوهما في مساريهما .
كما تقول الشذرات أن الأرض والسماء كانتا ملتصقتين ، ومشدودتين معا بقوة . وبقيتا على هذا الحل حتى قرر الإلاهان آن وإنليل فصلهما . آن حمل معه السماء وصار سيدها ، وحمل إنليل الأرض ودانت له السيادة عليها ، فيما مُنحت الإلهة إيريشكيجال السيادة على العالم السفلي .
وكما أشرنا منح كل إله وإلهة ، مواليد الزيجات الإلهية ، اختصاصا وسيادة وكلف بخلقه . إلهة منهم خلقت البحر ، وإله آخر خلق دجلة والفرات والجداول والسواقي التي ترفدهما . وإلهة خلقت المروج والغياض والأشجار ، وثالث خلق الأهوار والقصب ، ورابع خلق الحيوانات البرية ، وخامس خلق الماشية . وإلهة أخرى خلقت المحراث والفأس .. الخ . وجاءت الخطوة الأخيرة بخلق البشر .

5

الأسطورة البابلية :

يمكن القول بداية أن أسطورة الخلق البابلية ، ال " إينوما إيليش " ، هي الأكمل بين نظيراتها التي تم العثور على ألواح رقمها في الحفريات الآثارية . والأسطورة ، مثل نظيرتها السومرية ، تعود بنا إلى بدايات خلق الآلهة ، زواجاتهم ، توالدهم ، وتاليا صراعاتهم ، وبما يوضح استلهام مؤلفي الأسطورة لصورة مجتمعاتهم البشرية .
تقول الأسطورة أنه في البدء كان العماء البدئي أو المياه البدئية . وكان الإله أبسو والإلهة تيامت اللذين يرمزان لعنصري هذه المياه ، العذبة والمالحة ، وحيث مَثَّلَ امتزاجهما لحظة البداية للتكوين والخلق .
وتقول الأسطورة أن زواج تيامت وأبسو أثمر من الخلفة ما كون مجتمعين من الآلهة ؛ أبسو والإيجيجي في الأعلى ، وتيامت والإينونوكي في الأسفل . وكما في المجتمعات البشرية بدأت الأزمات بين هذين المجتمعين في الظهور .
اكتشف الإيجيجي أن أبسو ضاق بهم وقرر ، مسنودا بصمت تيامت ، إفناءهم . وبعد مشاورات عهد إلى أكثر أحفاده حكمة وروية ، وهو الإله إيا ، بتولي الأمر . وجاء الحل بقتل أبسو والصعود مكانه .
ثم كانت الأزمة الثانية و تيامت بطلتها . تيامت أعلنت الحرب على الإيجيجي والتف آلهة الإينونوكي حولها . واستعدادا للحرب خلقت جيوشا من التنانين والمسوخ والثعابين السامة والأسود الكاسرة والكلاب الشرسة .. الخ . أحد عشر سلاحا لا يستطيع أحد مواجهة أي منها .
وكان قد ولد للإله أيا إلها فتيا ، يتمتع بسمات لا يملكها غيره من الآلهة ، اسمه ميردوك – ميردوخ - . حاول كبير الآلهة أن يعهد للآلهة الكبار ، ومنهم الإله إيا ، بمواجهة تيامت . لكنهم وبمجرد رؤيتهم لأحد جيوشها تراجعوا عن قبول المهمة . أخيرا عُهِد للإله الفتي والمتميز ميردوك بمهمة القضاء على تيامت . قبل مردوك المهمة ، ولكنه طالب بسلطات تجعله الإله الأوحد . طالب :" أن أفوض بتقرير المصائر ، وأن لا يُبَدَّل أي شيء في ما سوف أنظمه بنفسي ، وأن يبقى كل قرار صادر عن شفتي دون معارضة ، وغير قبال للنقض " . قبل الآلهة الطلبات ، وتقدم ميردوك لمواجهة تيامت . انتصر مردوك . وبقتله تيامت بدأت مسيرة ميردوك في خلق الكون ، نقلا عن ديوان الأساطير وعلى النحو التالي :
" وبارتياح عمل الإله إلى التأمل في جثة تيامت . كان ينوي تقطيع هذا الجسد الهائل ليصنع منه العجائب . شطره إلى نصفين ، مثل سمكة ينوي تجفيفها . تناول نصفها وقنطره وجعل منه شكل سماء ، ثم بسط جلده ووضع عليه حراسا . عين لهم مهمة منع تدفق المياه . اجتاز السماء بعد ذلك ودرس أماكن الاحتفالات " ، وأماكن إقامة الآلهة . وتمضي الأسطورة في القول :" ثم أحدث فيها مجموعات كوكبية . النجوم التي هي صور لهم – للآلهة - . عين السنة ورسم لها إطارها . ومن أجل الأشهر الإثني عشر أحدث لكل منها ثلاث نجوم . وعندما أنهى بالنسبة لتتمة السنة ، رسم مخططها على هذا الشكل ؛ عمد إلى تثبيت المحطة القطبية ، بقصد تعيين تماسك الكواكب ، ولكي يحول دون أي منها من ارتكاب أي خطأ أو إهمال في مسارها . "
تنتقل الأسطورة بعد ذلك لتوضيح كيفية إكمال بناء السماء . تقول :" وإذ فتح بعد ذلك من جهتيّ السماء بوابات كبيرة ، زودها بمتاريس قوية إلى اليسار وإلى اليمين . وفي موضع كبد تيامت أحدث المناطق السماوية العلوية . ثم جعل نانا – القمر – يظهر ، وعهد إليه بالليل الذي عين له الجوهرة الليلية لتحديد الأيام : " في كل شهر ، قال له ، وبدون انقطاع فليمض قرصك في مسيرته . في الأول من الشهر أضئ نفسك فوق الأرض ، ثم حافظ على قرنيك اللامعين ، للإشارة إلى الأيام الستة الأولى . وفي اليوم السابع يجب أن يكون قرصك في نصفه ، وفي اليوم الخامس عشر ، وفي منتصف كل شهر ، ضع نفسك في اقتران مع شمش – الشمس - . وعندما يتوجه شمش نحوك وهو في الأفق ، وكما هو ملائم ، إنقص وتضاءل . وفي يوم التعتيم اقترب من مسار شمش ، لكي تتمكن في اليوم الثلاثين أن تدخل في اقتران معه " . الأسطر التالية غير واضحة لإصابة الرقم بالتلف ، وحيث يفهم منها تحديد دور شمش – الشمس – في السهر على العدالة .
وتتابع الأسطورة مع خلق السماء لتقول :" قام – ميردوك – بتجميع رُوال تيامت ، وبه شكل ميردوك الغمام ، وبعد أن حوله سحابا جعله عائما في السماء . وكذلك هبوب الرياح وسقوط زخات المطر ودخان الضباب وتراكم زبد تيامت – الثلوج – ". وعهد إلى الإله أدد ، إله الصواعق والرعود بإدارة كل ذلك .
وبعد إكمال خلق السماء ينتقل ميردوك لخلق الأرض . وتقول الأسطورة :" وبعد أن أعد رأس تيامت ، كَوَّم فوقه جبلا وأخرج منه ينبوعا يرتعش فيه سيل دائم . وفتح في عينيها دجلة والفرات . كما سد منخريها ، وعلى ضروعها كدَّس الجبال البعيدة ، وحفر فيها عيونا لكي تسيل مياهها في شلالات ، وأخيرا قام بلي ذيلها وتوثيقه إلى الكتلة الشامخة – البلاد المرتفعة حيث تلتقي السماء بالأرض - . كما أعد ردف تيامت لسند السماء ، ثم سقف نصفها الآخر لتدعيم الأرض . ثم نشر شبكته ومدها من كل جهة لتشكل بذلك غلافا للسماء والأرض يؤمن ارتباطهما بشكل دائم " .
تمضي الأسطورة بعد ذلك عارضة خطوات خلق الحياة على الأرض وصولا لآخر مراحل الخلق وهي خلق الإنسان ، و ذلك ما له حديث آخر .

6

الخلق في التوراة :
قصة خلق الكون في التوراة تبدأ من السطر الأول ، من السفر الأول وهو سفر التكوين . تقول القصة أن الله ، في البدء ، خلق السماوات والأرض ، وفي ستة أيام .
في اليوم الأول خلق الليل والنهار :" كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة ، وروح الله ترف على وجه المياه * وقال الله ليكن نور فكان نور * ورأى الله أن النور حسن . وفصل الله بين النور والظلمة * ودعا الله النور نهارا والظلمة ليلا * " .
في اليوم الثاني خلق السماء . " وقال الله ليكن جلد في وسط المياه . وليكن فاصلا بين مياه ومياه * فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد . وكان كذلك * ودعا الله الجلد سماء * " .
وخلق الأرض في اليوم الثالث : " وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة . وكان كذلك * ودعا الله اليابسة أرضا . ومجتمع المياه بحارا . ورأى الله ذلك أنه حسن * وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض . وكان كذلك * فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه . ورأى الله أن ذلك حسن * " .
وفي اليوم الرابع خلق الشمس والقمر : " وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل ، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين * وتكون أنوارا في جلد السماء لتنير الأرض . وكان كذلك * فعمل الله النورين العظيمين . النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل . والنجوم * وجعلها الله في جلد السماء لتنير الأرض * ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النور والظلمة . ورأى الله أن ذلك حسن * " .
وفي اليوم الخامس خلق الحيوانات البحرية والطيور :" وقال الله لِتَغِض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء * فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذي جناح كجنسه . ورأى الله أن ذلك حسن * وباركها الله قائلا أثمري وأكثري واملأي المياه في البحار . وليكثر الطير على الأرض * "
وأخيرا خلق في اليوم السادس الحياة البرية وخاتما بخلق الإنسان :" وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها . بهائم ودبابات ووحوش أرض كأجناسها وجميع دبابات الأرض كأجناسها . ورأى الله ذلك أنه حسن * وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا .......فخلق الله الإنسان على صورته . على صورة الله خلقه . ذكرا وأنثى خلقهم * " .
وفي اليوم السابع فرغ الله من خلقه : " فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل * " .
وأخيرا ، وحتى لا يخطر ببال القارئ أن يوم الخلق هو غير اليوم الذي عرفه ويعرفه الناس ، يوم إكمال الأرض دورتها حول نفسها ، ظل يوم الخلق ينتهي بالتالي : " وكان صباح وكان مساء يوما واحدا " ، ويوما ثانيا ، وثالثا ، ورابعا ، وخامسا ،و سادسا وسابعا .

7

خلق الكون في القرآن :
وعلى عكس التوراة لا تقدم سورة في القرآن نصا متكاملا لقصة الخلق . والقارئ يفاجئه تناثر النصوص في عديد من السور ، مع تكرار في بعض الأجزاء . وتحوطا من احتمالية النسيان ، أو الإضرار بالصورة ، وليعذرني القارئ ، سأعرضها كلها وبالتتابع حسب ترتيب السور في مصحف عثمان .
ونبدأ مع سورة البقرة حيث جاء :
" الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءا وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا مع الله أندادا وأنتم تعلمون " الآية 22 . " وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم " الآية 29 . " بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول كن فيكون " 117
وفي سورة الأعراف :
" إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين " 54
وفي سورة يونس :
" إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله فاعبدوه ألا تذكَّرون " 3
وفي سورة هود :
" وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنَّ الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين " 7
وفي سورة الرعد :
" الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون *2 وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون *3 وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * 4 " .
وفي سورة الحِجر :
" ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين * 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم *17 إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين *18 والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون *19 وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين *20 وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءا فأسقيناكموه وما أنتم بخازنين *21 "
وفي سورة النحل :
" وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون "15
وفي سورة الأنبياء :
" أوَ لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون *30 وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون 31 * وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون *32 وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كلٌّ في فلك يسبحون *33 "
وفي سورة الحج :
" ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير 61 "، " ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم 65 " .
وفي سورة المؤمنون :
" ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين " 17 .
وفي سورة الفرقان :
" الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا 59 " و " تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا *61 وهو الذي جعل الليل والنهار خِلْفَة لمن أراد أن يَذَّكَر أو أراد شكورا * 62 " .
وفي سورة النمل :
" أمَّن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءا فأنبتنا حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم لا يعدلون *60 أمَّن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون * 61 " .
وفي سورة الصافات :
" إنا زينا الدنيا بزينة الكواكب *6 حفظا من كل شيطان مارد *7 لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويُقذفون من كل جانب *8 دحورا ولهم عذاب واصب *9 إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب *10 " .
وفي سورة ص :
" خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل ٌّ يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار *5 خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون *6 " .
وفي سورة فصلت :
" قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين *9 وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين * 10 ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * 11 فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم *12 ".
ملاحظة . عدد أيام الخلق في هذه السورة ثمانية وليس ستة .
وفي سورة الذاريات :
" والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون *47 والأرض فرشناها فنعم الماهدون *48 ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون *49 " .
وفي سورة الطلاق :
" الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما " 12
وفي سورة الملك :
" الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فاجمع البصر هل ترى من فطور *3 ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير *4 ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير *5 " .
وفي سورة نوح :
" ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا *15 وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا *16.............. والله جعل لكم الأرض بساطا *19 لتسلكوا منها سبلا فجاجا *20 " .
وفي سورة المرسلات :
" ألم نجعل الأرض كفاتا * 24 أحياءا وأمواتا *25 وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماءا فراتا *26 " .
وفي سورة النبأ :
" ألم نجعل الأرض مهادا *6 والجبال أوتادا *7 وخلقناكم أزواجا *8 وجعلنا نومكم سباتا *9 والليل لباسا *10 وجعلنا النهار معاشا *11 وبنينا فوقكم سبعا شدادا *12 وجعلنا سراجا وهاجا *13 " .
وأخيرا في سورة الشمس :
" والسماء وما بناها *5 والأرض وما طحاها *6 " .
ملاحظة ثانية : كان أسهل علي استخلاص صورة التكوين كما وردت في هذه الآيات . لكنني اخترت هذا العرض المطول للآيات نظرا لما يدور حولها من جدل ومن تزييف علمي هذه الأيام .

8

خاتمة :
والآن فهذا العرض ، لسبعة من أساطير خلق الكون ، يُمَكِّن القارئ من رؤية التقاطعات بينها . هذه التقاطعات والافتراقات التي توجب إفراد حلقة خاصة لها .
كما أن عرض القرآن لقصة التكوين ، بما حوته الآيات من عدم اتساق ومن تناقضات ، يوجب هو الآخر إفراد حلقة خاصة أخرى . فإلى لقاء متجدد في هذه وتلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البندورة مش اسطورة
ابراهيم احمد ( 2017 / 1 / 26 - 10:54 )
اولا علشان ما نرجع لقضايا حسمها العلم بان المادة اتت من العدم ولم تكن ازلية ،لان على هذا يترتب التصديق او التكذيب او تسمية الاحداث باسطورة او حقيقة
فهناك من سبق المادة وكان ازليا ورتب المكان بزمان وجعل له اجل وهذا ما نراه يوميا باعيننا ويكفيك كمزارع ان تلاحظ دورة البداية ونهاية اجل الدورة سنويا
وما كتبته من ايات الله في القران هات اي حرف منه يشكل اسطورة او له عدم لزومية لتشكيل المكان والزمان الذي نسميه اليوم الكون المحكوم بقوانين صارمة وثابتة لا تاتي من عشوائية
فالاسطورة للاسف في تصورات البعض عندما يدعون بعشوائية تاتيهم بقوانين رتيبة لا تحيد ولا تتغير تبعا لاي عشوائية طارئة
واستغرب من الانسان الذي لا يلاحظ بانه الطاريالوحيد والاخير على هذا الكون واستغرب لانه لا يدرك بان كل هذا مسخر له وهو المستفيد والوريث الوحيد؟
يقول انعمت عليكم فننظر الاكل والشرب والطيبات موجودة
ويقول خلق الجبال وفجر الانهار موجودة
ويقول جعل فيها اقواتها فانظر لاي دلتا والطمي فيها من اين؟
اما ما تناولته في التوراةالمحرفة وغيرها من المحرفات فلم تكن بسبب بلاهة بشر بل فيها ذكاء وسر صنعة كهنة لاحتناك البشر


2 - قليل من التامل ياتي بنور
ابراهيم احمد ( 2017 / 1 / 26 - 12:21 )
اما ما اشرت اليه بانه ملاحظة وعدد الايام ستة
خذ هالمثل من الميدان
دعوت اصدقائك لوليمة شواء لحمة وكفته
وعملية الشواء استغرقت ساعتين وعملية تناول الطعام ساعة ونصف فهل مدة الحفلة 3 ساعات ونصف؟؟
عندك عمارة انشاؤها عظم يستغرق سنتين وتقطيع الطوب 2سنة وشهر والقصارة 2 سنة وشهرين
فكم استغرق العمل بالمشروع؟
احسبها يا صديقي فتدرك وين راحوا اليومين الذين اعتبرتهم متسرعا زيادة؟
والسؤال
كاستاذ وباحث في القضايا التاريخية والفلسفية فهل لرجل يتيم وفقير وامي ان يتكلم بهذا البيان CPM المدمج بارقى انظمة الادارة وبرامج لادارة
بمعنى الطريق الاقصر منطقيا للانتاج
رضى الله اهم يا اخي من اطراء بعض الناس
وتكون بالعدل في التقييم
فلا تظلموا الله فتظلموا انفسكم بمجانبة الحقيقة واطفاء نورها
وظلم الله لا احد يقدر عليه واما ظلم النفس يكون بتجاهل الحق الواضح وطمسه فيمشي الانسان بضبابية يتخبط ولا يرى شيئا


3 - رد من الكاتب
عبد المجيد حمدان ( 2017 / 1 / 26 - 20:09 )
تحياتي يا أستاذ إبراهيم أحمد . إذا كان زعلك من توصيف التكوين في القرآن بالأسطورة فاسمح لي أن أعذرك . كل ما أوردته كان نقل الآيات ذات العلاقة بهذا التكوين . لم أحلل بعد ولم أعلق .وأمثلتك تتعلق بفعل بشري في استخدام مادة . ولو أن الإشارة بأن إحدى الآيات قالت بأن الخلق تم في ثمانية أيام لا ستة هي ما أزعجك لكان بإمكانك تفسيرها علميا لا بتقديم مواعظ على طريقة علماء لا علاقة لهم بالعلم لا من قريب ولا من بعيد . أيضا كان بإمكانك ملاحظة ما حوته أساطير أديان هي صناعة بشرية كاملة من رؤية مطابقة ، في بعض جوانب الخلق ، لما جاء في ثلاثة أديان تقول أنها تنزيل إلهي لا علاقة لانتاج العقل البشري بها . وكان بإمكانك أن ترد وأن تفسر كيف حدث هذا . يا أخي تعال مرة واحدة في العمر نتحاور عقليا ، نستند إلى العلم فعلا ، مرجئين المواعظإلى حين . شكرا لمشاركتك .

اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53