الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد يوسف والرمز الأوحد

مجدي مهني أمين

2017 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


خالد يوسف والرمز الأوحد
من زمان وأنا أسأل نفسي ، ليه الرموز تناقصت بعد الثورة، أقصد ثورة يوليو، حتي الرموز التي كانت موجودة وقتها، زي طه حسين والعقاد وغيرهم، نجد أنها رموز نمت وترعرعت في زمن سابق لثورة يوليو، طبعا كان عندي إجابة بسيطة وهي أن الحاكم بقي هو الرمز، اقصد "الرمز الأوحد"، وهنا يجب أن تكون باقي الرموز في درجة أقل أهمية وتأثيرا من هذا "الرمز الأوحد"، أو تكون تابعة له سياسيا يعني تكون صورة وهو الأصل، زي هيكل وعبد الناصر، هيكل مش ممكن مهما كتب يكون رمز زي العقاد وطه حسين، حتى كتابته فهي قليل من الفكر والتحليق وكثير من الوثائق التي لم تكن تتاح لغيره، مش رمز، مش ها يكون في وجدان الناس، من يسكن وجدان الناس غير الرئيس الرمز، فلتتراجع الثقافة ويتراجع الفن، ويقل رويدا رويدا من يغذي وجدان الناس، فيصبحون طائعين، ورموزهم الحقيقية في غياهب السجون صامتون، أو متمردون في الحواري والأزقة ينشدون مع حد زي الشيخ أمام دون أن يمثلوا رصيدا واسع التأثير، أو تحت مقص الرقيب يقولون كلاما فيه صنعة بدون روح، بدون وجدان، أو فيه قليل من الروح، قليل من الوجدان المصرح به، والنتيجة يتراجع الرمز.
النظام الرمز، مع الوقت تعلم وترك هامشا محدودا للفن كي يعبرعن الوجدان بطريقة رمزية وفنية، طلعت من هذه الفسحة أعمال زي: الأبن الضال، شئ من الخوف حدودتة مصرية، جواز بقرار جمهوري، ضد الحكومة، عايز حقي، هي فوضى،... لكن كلها أعمال رمزية تتلقاها قلة وتفسرها قلة، ويتوه الكلام ويضيع الرمز.
ثورة يناير أفرزت بعض الرموز، تأسست فكرة الرمز اللي تتخطى قامتة الحاكم الرمز، تراجعت فكرة الحاكم المؤله، أصبح نقد الحاكم أمرا مشروعا، مقاضاته -إن لزم الأمر- أصبحت واجبا وطنيا، وناس عادية تكسب قضايا مرفوعة على هذا الحاكم، الناس بقت تفهم الفرق بين احترام الجيش وبين تجاوز بعض رجاله على ثروات البلاد، عين الناس على تقرير المستشار هشام جنينة، تقديم المستشار للمحاكمة أثار فضول الناس أكتر لتقريره، ورغبتهم في محاسبة المخطئين.
الناس اصبحت تفرق بين أهمية الامن وبين اعتداء رجل الشرطة على مواطن، علشان الشرطة تكتسب مصداقيتها؛ الناس أصبحت تواقة لمحاكمة الشرطي المعتدي، الناس أصبحت تنظر بريبة لكل من يجامل الحكومة عمال على بطال، فرق كبير بين جو النهاردة وأجواء الأمس، فرق كبير ظهرت براعمه مع الوقت وظهرت ثماره في ثورة يناير، ثمار عدم التحفظ وعدم المواربة، وتخطي قامة الرئيس الرمز، كي تظهر قامات اخرى تغذي وجدان الشعب، ولو كان الرئيس هو من يعمل على تغذية هذا الوجدان بأعماله وقراراته فلن يصبح الرمز الوحيد بعد، ولو قصّر وتراجع لحاسبته هذه الرموز ولتأكدت أيضا من أن التاريخ سيحاسبة، الثورة أنضجت الشعب.
بعض الرموز عرفوا طريقهم المختصر السريع، منهم "خالد يوسف"، الذي ذهب للبرلمان كي يمثل الشعب، فالبرلمان هو المطبخ الأساسي للدول الرشيدة، حيث تصنع القوانين التي تحمي الشعب وتحقق الصالح العام، أو بالعكس أن يكون المطبخ الذي يحمي الحاكم ضد الشعب وضد الصالح العام.
يعني "خالد يوسف" ترك الفن اللي ممكن يعبر فيه بطريقة مواربة عن رأيه وذهب للبرلمان اللي يعبر فيه عن رأيه بطريقة مباشرة؛ فيساند القوانين التي تخدم الناس ويقاوم القوانين والقرارات تضر بمصلحتهم، دخل البرلمان رجل واعي ، فنحن أمام رمز يضر مباشرة بمصالح النظام الحاكم، لذا قد يسعى النظام للاقتصاص منه أو لتشويه صورته، وهنا يلجأ لتشويه الرموز النامية أولا بأول ، بدلا من أن يقدم رموزا تترقي بوجدان الناس كي يباري رموز الشعب، وهي محاولة فاشلة، لأن الثورة أسقطت المواربة، وأقرت حرية التعبير كحق أصيل لا يمُنح ولا يمُنع بقرار من النظام الحاكم؛ فلا يصح إلا الصحيح.
إن محاولة النيل من "خالد يوسف" هي محاولة فاشلة ستعلي من أسهم خالد كي يتشجع أكثر، وكي يتشجع أخرون في بث روح الأمل وبناء الوطن برؤية صادقة جديدة تريدها ثورة يناير المباركة، نعم لقد أوضح خالد أنه تم تصحيح الموقف، ولكن تظل الفكرة قائمة وملحة أن يحافظ النظام على رموز الوطن، ويحدو بإعلامه ألا يتصيد لهم؛ فرموزنا الوطنية قليلة جدا تدعونا للمحافظة عليها، رموزنا الوطنية ليست بديلا بل شريكا "للرمز الأوحد" سابقا، لأنه لا يوجد حقيقة "رمز أوحد" وتقدم رهن لرموز كتيرة متفاعلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية