الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الشاملة

هاشم العيسمي
كاتب سياسي

(Hashem Aysami)

2017 / 2 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


منذ انطلاق ثورات الربيع العربي اتخذ الكثير من نشطاء العرب على اختلاف مسمياتهم من معارضين وموالين و إصلاحيين و حزبيين وغير حزبيين و من كافة فئات المجتمع طريق النقد البنّاء لتصحيح مسار المجتمعات والحكومات ومعالجة آثار الثورات ، مقدمين دراساتهم و تقاريرهم و مقالاتهم و نصائحهم لإنجاز ما أقدموا عليه متخذين من تعريف النقد الذي هو اتخاذ موقف سلبي تجاه فكرة أو حادثة ما الغاية منه تحقيق مفهوم العقلانية بما يخدم مصلحة المجموع، قاعدة لعملهم

لكن وبعد مرور خمس سنوات على تكثيف جهودهم في مواجهة الاختلالات التي أصابت جسد البلدان العربية أصبح النقد إعادة للكلام نفسه و تكرار لدراسات حصلت وفقد أهميته مع تجاهله من قِبل المؤسسات المعنية و لم يعد النقد ضالة هذه المرحلة.

في هذه المرحلة نحن بحاجة إلى ما يسمى مفاهيمياً بالثورة الشاملة، وهذه تتعدى كونها عنفا مسلحا يستهدف تغيير النظام السياسي وإبداله بنظام حكم جديد، إلى مفاهيم أوسع ليشمل في طياته الثورة الأخلاقية التي تقوم على تحديد المفاهيم الأخلاقية الجمعية و الاحتكام لها على مستوى الشعوب و الحكومات ووضع معايير جديدة لتحديد الانتهاكات الأخلاقية للمجتمع ككل.

وأيضاً الثورة على التقاليد، فانطلاقا من معيار أن التقليد هو السير على خطى من ماتوا قبل مئات وربما آلاف السنين، هنا يجب إعادة النظر بتقاليدنا و إتلاف غير الصالح منها و التشجيع على بعضها اللاتي اندثرت بفعل عوامل التغيير الغير مراقب إبان الخمس سنوات السابقة.

ولا ننسى أيضا الثورة على المعتقد، وهنا ليس المقصود العولمة أو الانقلاب على المفاهيم الدينية بل إخضاع جميع المعتقدات الدينية و اللادينية إلى الدراسة و التحليل و التقعيد العلمي حتى يتسنى الفصل بينها وربطها بما سبقها وما يليها، وتحديد الصالح منها لتتشاركه كافة فئات المجتمع وإبعاد ما لا يصلح منها نتيجة الاختلاف عليه ليتسنى رسم طريق واضح لمفهوم حق المعتقد و حرية التدين و نشره شعبيا قبل تقعيده دستورياً.

و هنا ننتقل إلى الثورة القانونية، التي تعد التفصيل النظري أو التبويب العملي لمكونات الثورة الشاملة، لتصنيف كل النتائج المترتبة على التغيير في قانون جديد يراعي أولاً و أخراً حقوق الإنسان وحرياته قبل واجباته المرتبطة بإمكانياته.

وضمن هذا المفهوم تندرج ثورة الشخوص التي لا تعني بالضرورة الإنقلاب على أشخاص بعينهم بل وضع الرجال المناسبين في أمكنتهم لتشكيل مؤسسات تكنوقراطية تؤدي عملها بكفاءة عالية.

ونجد في هذا المفهوم أيضا مفهوم الثورة الحية بمختلف مؤشراته من إضرابات و اعتصامات و غيرها من مؤشرات ما يسمى إصطلاحاً "الثورة" و فيها ننتقل إلى المرحلة النهائية من ترسيم ملامح المجتمع الجديد و تصفية عوامل الشد العكسي و القضاء على مؤرقات المجتمع كالفساد و البطالة و الفقر وانعدام الأمن المجتمعي و اللاإنسجام في النسيج الوطني.

ولا يزال هذا المفهوم يتسع للكثير من أنواع الثورات -إذا سمحت لنا التسمية بذلك- من مثل الثورة الإقتصادية و السياسية والصناعية الإنتاجية و العلمية و غيرها الكثير على اعتبار الثورة هي التغيير الجذري، و كل هذه الثورات مترابطة و متوازية و نتائجها شاملة متبادلة و لا يمكن تحقيق أحداها دون الأخرى فلا يمكن الانتقال إلى ثورة الترسيم دون الاحتكام إلى أخلاق موحدة و الإتفاق حول المعتقدات و حدودها و إمكانية تأثيرها بالإضافة إلى تقنين هذه الثورة، وبغير ذلك تكون الثورة مجرد تبديل للشخوص لا أكثر، فالتغيير الحقيقي يبدأ من المجتمع و ينتهي إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا