الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يخسر لبنان مستقبلهم مقابل رضى -سورية -

فراس سعد

2006 / 1 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هل يخسر شيعة لبنان مستقبلهم مقابل رضى " سورية " ؟
كان الشيعة دوما و عبر تاريخهم الدامي أهل قيم و مثل عليا و لا غرابة فهم ورثة كربلاء و دماء الحسين و أهله و رفاقه , و في كل محطة من محطاتهم المفصلية خلال أربعة عشر قرناً كانوا شهداء للقيم المحمدية الحسينية التي تقاتل من أجل تلك القيم لتربحها , بهذا لم يكن الشيعة عموما و عبر تاريخهم أهل سياسة كما نعرفها اليوم كفن تحقيق الممكن من المصالح الدنيوية المعاشية , بل كانت السياسة عند الشيعة تقوم على ربح السماء تحقيقاً للمبادئ الحسينية و لا همّ حجم المصالح الني ستخسرها مقابل هذا الربح , يحضرني هنا مثل من تاريخ الشيعة المعاصر في العراق , ففي بداية القرن الماضي – القرن العشرين – تحديدا سنة 1921 رفض الشيعة المشاركة في العملية السياسية آنذاك بتوجيه من مراجعهم الدينية بسبب وقوع العراق تحت الأحتلال البريطاني و كانت النتيجة أنهم خسروا موقعهم الذي يستحقوه من الحصة السياسية و السلطوية في العراق الأمر الذي استمر طوال القرن الماضي حيث عانوا التهميش السياسي من قبل جميع الأنظمة و الحكومات التي تعاقبت على العراق حتى الأنتخابات الأخيرة التي جرت كانون ثاني 2005

و على الطرف الآخر الى الغرب من سورية الى لبنان و الازمة الاخيرة بين لبنان و سورية نلاحظ ان الاداء الشيعي يعاني كالعادة من عقدة التصلّب العقائدي الذي يمكن ان يشل البلاد و يعيدها الى اجواء سلبية , و السؤال اما كان بامكان شيعة لبنان - كما هو حال طوائف لبنانية اخرى - أن يقسموا نفسهم قسمين , يقف الأول مع المعارضة اللبنانية ,المعارضة الشعبية على الأقل فيشاركوا في الأعتصامات و المسيرات الرافضة للنظام الأمني المشترك و الداعية لاستقلال و سيادة لبنان , و يقف القسم الثاني مع سورية و حلفاءها ليضمن سير الأمور الخاصة بحزب الله لاحقاً لاسيما أن الحزب مقبل على استحقاق هام و خطير يتمثل بمطالبة دولية و ربما عربية بتجريده من السلاح , كما أن بقاء الحزب على علاقة جيدة مع سورية بعد انسحابها من لبنان يمنح لبنان و الشيعة خصوصاً مزيداً من القوة في مستقبل قريب مقبل على تطورات قد لا تحمد عقباها حتى لمن يعد نفسه حليفاً لأمريكا في لبنان , فنجاح المشروع الأمريكي في المنطقة سيفتح الشهية الأمريكية - و ربما ما هو أبعد منها- على آخرها و لن ينجو من تلك الشهية إلا كل طويل عمر لاسيما إذا ترافق ذلك مع دخول العامل الأسرائيلي الذي لديه أطماع و حاجات حيوية في لبنان بالمفهوم الجيوسياسي و الأقتصادي .
قد يثير هذا الكلام الطائفة الشيعية من ناحية و يثير قسم كبير من اللبنانيين من نواح أخرى و قد يكون الجميع على حق في هذا الجو الضبابي الذي أثارته جريمة اغتيال الرئيس الشيخ رفيق الحريري , لكن مع ذلك يجب ألاّ ندع العواطف تأخذنا بعيداً ليكون بأمكاننا النظر جيداً من وراء الدموع , فالعلاقة اللبنانية السورية علاقة تاريخية على كافة المستويات الأجتماعية الأقتصادية السياسية الثقافية .... و هي علاقة سابقة لدخول الجيش السوري و أجهزة مخابراته كما أنها سابقة لمجيء البعث إلى السلطة في الأنقلاب الشهير يوم 8 آذار 1963 و هو التاريخ الذي بدأت معه معاناة السوريين لتصل لاحقاً إلى معاناة لبنانية أوصلت البلد إلى وضعه الراهن , من أجل ذلك ستستمر العلاقة السورية اللبنانية بعد انسحاب الجيش السوري و مخابراته و أول ما يجب أن نشهده هو عودة العمال السوريين- البريئين من الاجهزة الامنية- الذين فرّوا خوفاً على حياتهم جرّاء الوضع الناشئ مؤخراً .
أما بالنسبة لتجريد حزب الله من السلاح فليست بالمسألة المستحيلة كما يعتقد البعض - في حال استمر الوضع اللبناني كما هو عليه بعد اتفاق الطائف 1989- لسبب بسيط هو أن سلاح حزب الله أصلاً ليس من النوع الذي لا يمكن تعويضه بسرعة , كما أن حزب الله مندرج في الحالة الشعبية الشيعية و ليس لديه قواعد عسكرية ثابتة فلا يمكن القضاء عليه مثلما لو كان جيشاً نظامياً, و في حال عادت اسرائيل لاحتلال الجنوب اللبناني بشكل دائم أو مؤقت أو في حال قيامها بتغلغل عسكري بين وقت و آخر كما كانت تفعل حتى وقت قريب في قطاع غزّة فمن السهل على حزب الله أو أي مجموعة اخرى العودة إلى العمل العسكري عن طريق حرب عصابات جديدة , مع ميلي للأعتقاد أن مسألة حزب الله لا يحلها إلا اتفاق لبناني سوري اسرائيلي برعاية أمريكية أوروبية لحل النزاع مرة واحدة , هذا في حال سارت الأمور بين سورية و أمريكا بشكل جيد ؟!

هل يرتكب شيعة لبنان الخطأ الذي ارتكبه شيعة العراق سنة 1921 الخطأ الذي عاد فارتكبه سنّة العراق سنة 2005 بإحجامهم عن المشاركة في الأنتخابات , فيحجموا عن الوقوف صفاً واحداً مع بقية الطوائف اللبنانية المطالبة برحيل الجيش السوري و رفع الوصاية السورية و كف أجهزة المخابرات العسكرية السورية و المخابرات اللبنانية عن الشعب اللبناني , مقابل نيل رضى سورية ظناً منهم أن القيادة السورية أمام الضغوط الأمريكية و الدولية سوف تبقى تعارض نزع سلاح حزب الله إلى مالانهاية , و هو اعتقاد – كما أعتقد – خاطئ لسبب بسيط هو أن أحداً لا يضمن بقاء القيادة السورية نفسها على رأس السلطة بعد عدة شهور في حال تأزمت الأمور نتيجة لتصلّب سوري ما , فالأعصار الأمريكي الأوروبي هو أكبر بما لا يقاس من تسونامي , لذا ينتظر شيعة لبنان العمل من أجل المستقبل بمشاركة فعلية مع الأكثرية اللبنانية كي يؤمّنوا حداً أدنى لوفاق سياسي يجب أن يحصل لضمان مستقبل مستقر للشيعة و للبنان , فلا مفر لهم من تدقيق حساباتهم جيداً , بمن فيهم حزب الله بحيث لا يخسروا موقعهم الداخلي في حال كان لا مفر من القدر الأمريكي الدولي .

ايار 2005
فراس سعد
كاتب سوري -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد