الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البروستانتية والثورة الدينية في الإسلام

فرانسوا باسيلي

2017 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في هذا العام 2017 ذكري مرور 500 عام علي حدث من أهم الأحداث الدينية التاريخية في العالم، ففي هذا اليوم قام القس الكاثوليكي مارتن لوثر بتعليق عريضة احتجاجية نقدية هائلة تتضمن تسعين نقطة نقد واحتجاج ضد الكنيسة الكاثوليكية وعلقها علي جدار الكنيسة-القلعة في ويتنبرج بألمانيا، وفيها انتقاده لتصرفات البابوات والكهنة مثل منح صكوك الغفران والتسلط الشديد لرجال ألدين علي كل مناحي حياة الانسان وكذلك كان ضد تبتل القساوسة فتزوج من راهبة وأنجبا عدداً من الاولاد، فقام بثورة دينية هائلة أدت إلي إنشقاق الكنيسة ولكنه إنشقاق جاء في مصلحة الكنيسة لأنه أنقذ الكنيسة الكاثوليكية من نفسها ومن طغيانها فاضطرت أمام هجومه الكاسح أن تكبح جماح رجالها وتعيد النظر في سلوكياتها وتطرفها في بعض معتقداتها مثل قضية المعجزات وقضية القديسين فقامت بوضع شروط أكثر دقة لها

وعموماً لم تنتهي المسيحية علي يديه بسبب اصلاحاته كما يخشي عادةً التقليديون ولكن ازدهرت البروتستانية وكانت أكثر حيوية في جذب الناس إليها لتحررها من قيود الشعائر والطقوس والمظاهر والعبادات وتركيزها فقط علي جوهر الإيمان المسيحي ونشره بالوعظ والترتيل فقط وبلا "قداس"، وقضت علي كل "أسرار" الطقس الكنسي، وأهمها سر التناول وسر مسحة المرضي، وأعادت البروستانتية المسيحية إلي وضع أقرب من وضعها الأول في التركيز علي التعاليم المسيحية وليس الطقوس التي ادخلها الكهنة في إستمرار لدور الكهنة في الديانة اليهودية، وفعلاً صارت العبادة في الكنيسة البروستانتية بسيطة وخالية من الشعائر والتفاصيل الزائدة، فلاقت دعوة مارتن لوثر قبولاً سريعاً لدي الكثيرين خاصة من يريدون علاقة مباشرة مع الله بدون وساطة كهنوتية، ولكن بعد رحيله كما يحدث عادة في كل الأديان والمذاهب قام اتباعه بالتشدد بطرق أخري ففي تركيزهم علي الإيمان وليس الأعمال منحوا فكرة الخلاص الفردي مكانة مبالغا فيها وتحولت لديهم إلي جوهر المسيحية، بينما من يفحص سيرة السيد المسيح في الثلاث سنوات التي قضاها يعلم من سن الثلاثين وحتي صلبه بعد ثلاث سنوات يجد أنه كان "يتجول يصنع خيراً" أي أن الأعمال لديه كانت ذات أهمية قصوي وليس مجرد الإيمان فقط، كما أن تركيزه كان علي محبة الناس بعضهم لبعض بل حتي محبة الأعداء، وليست فكرة الخلاص الفردي التي يركز عليها البروستانت اليوم

وفي النهاية فإن هذا الحدث التاريخي يمكن أن يجد فيه المسلمون اليوم دروساً وهم يبحثون قضية تجديد الفكر الديني في الإسلام أو الثورة الدينية بتعبير السيسي، لأن حجة المحافظين دائماً هي أن أي محاولة للتجديد قد تقضي علي "الثوابت" أي علي الدين نفسه، ولا شك كان رجال الدين الكاثوليك يقولون مثل هذا وهم يهاجمون مارتن لوثر ولكن كما قلت فالإصلاح لم يهدم المسيحية بل خدمها، وهكذا كل إصلاح سواء كان دينياً أو فكرياً أو سياسياً، ويبدو أن الإسلام اليوم قد وصل إلي وضع يشبه ما وصلت إليه المسيحية الكاثوليكية منذ 500 سنة، ولاحظ أن الإسلام جاء بعد 600 سنة من المسيحية، ونأمل أن يستطيع المصلحون المجددون للفكر الديني أن يقوموا بثورة دينية في الإسلام ينقذون بها دينهم مما أوصله إليه المتطرفون والإرهابيون اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اخي الكاتب المحترم
ملحد ( 2017 / 2 / 5 - 13:29 )

لدينا عشرات (مصلحين دينيين)! كمارتن لوثر اذكر منهم , في عصرنا هذا, على سبيل المثال لا الحصر وماذا كان مصيرهم!:
1- نصر حامد ابو زيد: طُلّق من زوجته!وهرب ومات خارج الوطن???!!!
2- فرج فودة: تم قتله!على يد الارهابيين داخل الوطن نفسه???!!!
3- سيد القمني: هرب ويعيش في المنفى الان??!!!!
4- فاطمة ناعوت: هربت وتعيش في المنفى???!!!!
5- اسلام بحيري وكلنا نعرف قصته!!!!!

اذن نموذج ,مارتن لوثر, (لاصلاح) الاسلام لا يصلح لواقعنا وحالتنا....

السؤال الان الذي يطرح نفسه: هل الاسلام قابل للاصلاح?
هنا مربض الفرس

تحياتي


2 - شيء من الجحود
رفيق التلمساني ( 2017 / 2 / 5 - 13:58 )
رأيي، سيد باسيلي، أنك غيّبت عاملا هاما ساهم في انتصار الإصلاح الديني في أوربا. وهو التنوير الذي قام به العلمانيون. لا وجود لدين تمكن من داخله من تجاوز نفسه إيجابا. وهكذا الأمر بالنسبة للإسلام. الحل لن يأتي من رجال الدين مادام هناك مستهلكون لبضاعتهم الفاسدة يعدون بمئات الملايين.
محاولتك محمودة لكنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ضمن سلسلة المحاولات لإصلاح الإسلام، بينما الحل في تنوير الناس حتى يتوقفوا عن الانخداع بالحلول الوهمية. وهنا لا أراك تنويريا كما يجب، حسب رأيي، لأنك تغمط حق أولئك المصلحين الحقيقيين (العلمانيين من كل حدب وصوب) وما كابدوه وعانوه من أجل كشف الحقائق وتعرية الزيف ورفع القصور عن الناس وإبطال وصاية رجال الدين على عقولهم.
تحياتي


3 - المسألة معكوسة
سمير ( 2017 / 2 / 5 - 14:45 )
تحية للاستاذ باسيلي الفاضل , الاصلاح الديني في اوروبا الذي قام به مارتن لوثر ومن تبعه كان بالعودة الى تعاليم الانجيل, تطبيق نفس المبدأ على الاسلام سيكون كارثة مع احترامي. كل الحركات المتطرفة والارهابية ابتداء بالاخوان ووصولا الى داعش قد عادت لتعاليم القران. الاصلاح يبدا بنسخ القران المدني, متى؟ اعتقد سيمر وقت طويل حتى يتطور المجتمع ويدرك انه لايمكن تطبيق تعاليم ظهرت في الصحراء قبل 1400 عام. اعطيك مثالا: خذ المجتمعات المصرية واللبنانية والسورية والعراقية خلال القرن العشرين, كيف كانت وكيف اصبحت بعد الرجوع لتعاليم القران! الشجاعة والتضحية وحدها لاتكفي, يجب تحريك المجتمع. احترامي


4 - شكرا يا سمير يا مبين
معلق قديم ( 2017 / 2 / 6 - 14:03 )

جالت أفكار واعتراضات على ما في المقال في خاطري وأنا أقرأه فأرجأت التعليق حتى مطالعة تعليقات السادة القراء

بوصولي إلى التعليق الثالث توقفت عن تنسيق ما سأكتب لأنني وجدت فيه كل ما أردت قوله موضحا ببساطة وبفصاحة

شكرا يا أستاذ سمير على التعليق (المبين)..صدقت


5 - شكر
سمير ( 2017 / 2 / 6 - 14:57 )
شكرًا سيدي المعلق القديم، ولكنني اتعجب لماذا لايناقش السيد الكاتب تعليقاتنا؟ احترامي


6 - اختلاف
على سالم ( 2017 / 2 / 6 - 17:05 )
يوجد خلاف جذرى بين الاسلام وبين اى ديانه اخرى , الاسلام عقيده تشريعيه اجراميه بدويه وتستند على ايات عنيفه دمويه متوحشه ويجب تطبيقها حرفيا , المسيحيه ديانه دعويه وليست تشريعيه ولم تقم على الغزو والسلب والنهب واغتصاب النساء واحتلال الدول , استحاله اصلاح الاسلام لان اصلاحه يعنى الغاؤه ,الحل هو اقتلاع الاسلام من جذوره , اكيد هذا سوف يأخذ وقت طويل من الزمن


7 - سيد سمير
جندي ( 2018 / 2 / 21 - 10:18 )
انا لا اعلم كيف تتكلم وانت لا تعلم شيئا عن ما اتى به مارتن لوثر وغيره
مارتن لوثر قام بالغاء 3 اسفار من العهد القديم والغى رسالة يعقوب من العهد الجديد
بالعامية تخيل ان ياتي رجل ويلغي 4 سور من القران الكريم
هذا ما فعله مارتن لوثر
الاصلاح الديني في اوروبا الذي قام به مارتن لوثر ومن تبعه كان بالعودة الى تعاليم الانجيل,
1 لا تنسى انه الغى بعضها
الاصلاح يبدا بنسخ القران المدني,
1 االقران وحدة واحدة لا تتجزا
2 واحباقلك القران المدني انت لا تعلم عنه شيء
فاية لا اكراه في الدين
والله لا يحب المعتدين
ومن قتل نفسا فكانما قتل الناس جميعا ومن احيى نفسا فكانما احيى الناس جميعا كلها ايات مدنية

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت