الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


M1931(فريتر لانغ): فيلم ممتاز متكامل في الحبكة وفي التصميم وفي الشكل يجمع بين الأثر السياسي والهاجس الاجتماعي والخوف من المستقبل

بلال سمير الصدّر

2017 / 2 / 6
الادب والفن


M1931(فريتر لانغ): فيلم ممتاز متكامل في الحبكة وفي التصميم وفي الشكل يجمع بين الأثر السياسي والهاجس الاجتماعي والخوف من المستقبل
تاريخيا هو فيلم (Noir) الناطق الأول لفريتر لانغ،وتاريخيا أيضا هو الأفضل في تاريخ لانغ السينمائي من بين كل أفلامه الناطقة ومشتركا مع الشهير الصامت الآخر (متروبوليس)...
كالعادة،حقق لانغ فيلمه هذا بالتعاون مع زوجته( Thea-von-Harbo)وهو بكل اختصار فيلم جريمة كامل ناطق اول،لذلك بدا سابقا لعصره بأشواط كبيرة،وليس هذا فقط،بل النقطة-وربما هي النقطة الأبرز-أن البعض رأى فيه تحذيرا من العصر النازي وتلميحا واضحا اليه،ومن دون اي شك-ونحن نتفق مع ذلك-أن M الذي هو اختصار لكلمة (murder) بالأساس أي قاتل،وهو ان لم يكن يرمز تاما الى النازية فبالتأكيد هو تلميح واضح لها واليها.
يبدا الفيلم مع الأطفال ومع اغنية الرجل الشرير الذي سوف يحضر ليقطعك بمروحيته الصغيرة...هذه الأغنية يتضايق منها الكبار ويطلبون من الأطفال التوقف عن غنائها وهذا ان كان يشير الى شيء،فهو يشير ان القاتل M يقبع بينهم.
M-قام بدوره الممثل Petere Lore-هو شخص يدعى فرانز بيكر،وهو ممثل سيصبح لاحقا أحد كبار ممثلين هوليوود،بدين وذو وجه طفولي ينظر الى وجهه في المرآة محاولا ان يغير ملامح وجهه ليظهر كأنه وحش،ولكن هذا التصرف لايضفي شيئا على كتلة لا تتصف سوى بالسذاجة.
أول ما نراه هو ظل ذلك الرجل،والظل سيظل ثيمة ملازمة لفريتر لانغ كعنصر تعبيري مطلق،على اننا أنتهينا من هذه الحكاية الآن.
الشخصية المركزية تمثل حكاية القاتل المسكين المريض السيكولوجي الذي يقوم بغواية الأطفال من خلال شراء الألعاب والبالونات لهم ومن ثم يقوم بقتلهم,ولكن الذي نشاهده على الشاشة فعل الغواية فقط،بينما القتل يخبر عنه لانغ من خلال السيناريو فقط،والحالة لن تكون مختلفة عندما يكون M من النمط الاجرامي الذي يتحدث عن نفسه فهو كان قد راسل الشرطة التي رفضت ان ترد عليه وهو الآن يكتب الى الصحافة مباشرة،فان كان M يرغب من الآخرين ان يتحدثوا عنه،فهذا لن يضيف شيئا جديدا لهذه الحبكة الناطقة باللغة الألمانية،على انه ليس من ذلك النمط من المجرمين الذين يتركون من وراءهم دليلا أو لمحة من باب التحدي.
قصة القاتل المتسلسل المهووس تكررت كثيرا في هوليوود وعلى كافة المستويات،بحيث بدا من المستحيل احصاءها،ولكن لانغ يضع البذرة هنا...قد لاتكون البذرة المعرفية بل البذرة الشكلية ايضا،ولكن الأهم من ذلك هو مستويات الفيلم.
المستوى المركزي الأول للفيلم هو القاتل نفسه الذي بالكاد يظهر في الفيلم،فهو شخص قتل ثمانية اطفال وبالتالي هو المحرك الكامل للحبكة،كما ان اعتباره رمزا تلميحيا للنازية من الممكن ان يعطي الفيلم حضوره على الرغم من قلة اهميته كمستوى مؤثر في الحبكة.
المستوى المركزي الثاني للفيلم وهو الأكثر حضورا وتكثيفا هو فعل القتل وتأثيره بالمحيط،فهناك مظاهر شك داخلية تعم كل المجتمع محور الفيلم،والحركة مع واتجاه اي طفل يجب ان تكون حذرة ومحسوبة وتتسبب لصاحبها بمشاكل كثيرة،ليتحول الأمر الى ثورة شعبية بينما لومان المحقق في الواجهة يقود تحقيقا مكثفا-وليس اعتقال جماعي كما فسره البعض-.
هناك شرطة اكثر بكثير من العاهرات....حينما تبصق فهي بالتأكيد سوف تسقط على شرطي
هل من الممكن القول أن M عطّل النشاط الاجرامي في المدينة؟!
نرى لانغ يلقي بظل تكثيفي عالي على ردة الفعل اكثر من الفعل نفسه،فليس هناك من الشيء الكثير حول الجرائم التي يرتكبها M،ولاكيفية التخطيط لها،وكما قلنا فنحن لانرى فعل القتل نفسه،بل التكثيف واقع من حيث تأثير هذه الجريمة على المجتمع وردة فلعه اتجاهها واتجاه الخوف من قاتل مجهول الهوية حتى الآن.
الفعل هو البطل وليس القاتل نفسه
ففعل القتل والخطف غير الوضح حتى الآن هو مركزية الفيلم،وهذا شيء بعيد جدا عن المألوف
لانغ ينسج جريمة في فيلم Noir اسود من عدة اتجاهات والشخصية المركزية غائبة فعليا عن الحدث،والفعل هو الباقي ومركزية الاحداث،فالجمهور-أو المجتمع تحت الأرضي-هو من سيجد القاتل الذي أدى تحليل خطه اليدوي أن هذا القاتل فيه شيء من جنون...
ولكن هل هذا الجنون كافي كذريعة لما يقوم به M
علينا ان ننظر الى الطريقة التي يقدم بها لانغ هذا الجنون،ففي المحاكمة التي يقيمها الجمهور للقاتل يتذرع فقط بانه مهووس بخطف الأطفال وقتلهم من دون اي سبب معقول يخضع حتى لتحليل سيكولوجي مقنع نظري أو علمي،بينما محامي الدفاع عنه-الذي يعينه الجمهور له-ينادي بضرورة اطلاق سراحه لأن مسكون بهاجس لايستطيع التحكم فيه ويسيطر على تصرفاته.
فيلم M هو فيلم ممتاز متكامل في الحبكة وفي التصميم وفي الشكل يجمع بين الأثر السياسي والهاجس الاجتماعي والخوف من المستقبل وبالرغم من كل ذلك من الممكن النظر اليه كفيلم Noir ليس الا.
بلال سمير الصدّر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .