الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية للقانون المُحدث للمجلس الوطنى للتونسيين المقيمين بالخارج(الجزء الاول)

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة نقدية للقانون المُحدث للمجلس الوطني للتونسيين المقيمين بالخارج(الجزء الاول)
خلافا لكافة النقاشات والمقترحات التي تقدمت بها مكونات المجتمع المدني التونسي المهتمة بالقوانين المتعلقة بالتونسيين بالخرج وأساسا ببعث إطار يوحّدهم حول أهداف وطنية كبرى ويهتم بمطالبهم الحيوية، تمكنت كتلة النداء والنهضة من تمرير قانون عدد 68 لسنة 2016 مؤرخ في 3 أوت 2016 يتعلق بإحداث مجلس وطني للتونسيين المقيمين بالخارج.ليكون هذا القانون التفافا وتراجعا عن طموحات الجالية التونسية بالخارج وكذلك عن القوانين السابقة مثل قانون عدد 52 لسنة 1990.
1 - خلاف حول التّسمية: التّسمية المكرّسة للتفرقة بين التونسيين
ورد بالفصل الأول "يحدث مجلس استشاري يسمّى المجلس الوطني للتونسيين المقيمين بالخارج "، وتم التعرض إلى مصطلح "المقيمين"بكل من الفصل الأول والثالث والعاشر والثاني عشر والثالث عشر و الثامن عشر بمجموع اثني عشر مرّة.صحيح أن الضرورة القانونية تقتضي التكرار،ولكن يدلّل ذلك على أهميته في القانون كعنصر أساسي في تاطير الموضوع من الناحية القانونية والإجرائية.إن التسمية تحمل أهمية خاصة في النص القانوني لأنها المدخل الرئيسي للموضوع، ويترتب عنها ضوابط خاصة وعامة. يتبيّن من خلال القانون عدد 68/2016 أن موضوعه يتعرض للمقيمين بالتخصيص، والى التونسيين بالخارج بالتعميم، مما يطرح علينا المزيد من التدقيق في هذا الموضوع. يستعمل مصطلح "الإقامة" للتدليل عادة على محل سكنى، شخص أو أشخاص ويتوسع معنى ذلك ليشمل المؤسسات وغيرها من المصالح الخاصة والعامة ونعبّر عنه كذلك بالمقر الاجتماعي. لكن عندما يكون الأمر يتعلق بتونسيين بالخارج فان المعنى يتغير واستعمال مصطلح "المقيمين" يحيل إلى وضع قانوني خاص متعلق بشخص ليس موجود على التراب التونسي.إذا الإقامة أو المقيمين في صيغة الجمع بالنسبة للتونسيين بالخارج، تعنى الصفة القانونية التي منحتها إياّهم الدولة المستضيفة ولا تعود تلك الصفة لصلاحية الدولة التونسية التي من المفترض أن تتعامل وان تعتبر كافة المواطنين التونسيين المتواجدين خارج التراب التونسي على حد السواء أي التونسيين بالخارج بالتعميم وليس التونسيين المقيمين بالخارج بالتخصيص للأسباب التالية:
-يمكن للدولة التونسية أن تمنح صفة الإقامة لشخص يحمل جنسية أجنبية ولا يمكنها أن تمنح الصفة القانونية لمواطن تونسي على انه مقيم على أراضيها لأنه احد مواطنيها.
-بعث هيئة للاهتمام بالتونسيين بالخارج بالمعنى المذكور أعلاه لا يستقيم من الناحية القانونية لان صفة المقيم ليست من صلاحية أية جهة مشرعة تونسية، إلا إذا كان الأمر يتعلق بضبط شروط وإطار قانوني لإقامة الأجانب بتونس.
-بعث مجلس وطني للتونسيين المقيمين بالخارج يكرس غياب صفة المواطنة المشتركة بين التونسيين مقابل تكريس لصفة تمييزية بينهم. فالصفة المشتركة غير محمولة على الإقامة وإنما على التونسيين بالخارج بالتعميم وليس بالتخصيص أما الصفة التمييزية فتتمثل في الوضع القانوني الخاص بكل دولة ذات سيادة واستقر بها احد الأجانب ومتّعته وفقا لضوابط خاصة بها صفة المقيم. من بين أهم شروط الإقامة القانونية أنها محددة زمنيا. إذا المجلس الوطني للتونسيين المقيمين بالخارج يستثنى وفقا لهذه التسمية التونسيين من غير المتمتعين بالإقامة القانونية وكذلك يستثنى أو يتعسف على التونسيين الحاملين لجنسية مزدوجة لأنهم ليسوا بمقيمين بل هم من بين مواطني الدولة المتواجدين بها.لذلك فانه من المفترض أن يكون مجلس لكافة التونسيين بالتعميم وليس بالتخصيص.إن التسمية الأدق والمنسجمة وتطلعات القوى المدنية والسياسية التونسية بالخارج والتي ناضلت من اجلها طيلة سنوات تتمثل في بعث هيئة خاصة بالتونسيين بالخارج دون تجزئة أو تفرقة بينهم وهي"المجلس الأعلى للتونسيين بالخارج".أما القانون الحالي فقد حافظ على نفس معنى "المجلس الأعلى للتونسيين المقيمين بالخارج" الذي بُعث بقانون عدد 55 لسنة 1990 ومما يؤكد عدم جديّة اللذين صاغوا القانون أنهم لم ينتبهوا أو لديهم نوايا أخرى في غضهم الطرف عن تسمية متجانسة من حيث المعنى العام وهو"ديوان التونسيين بالخارج " وليس للتونسيين المقيمين بالخارج.من جهة التجارب المقارنة، فان الدول التي أرست منظومة الاعتناء بمواطنيها بالخارج وهي بعض الدول الأوروبية أساسا فان وضعها يختلف تمام الاختلاف عن تونس.أولا، هي دول «استقطاب"للمهاجرين.ثانيا، هي ذات تأثير، خارجي مهم،متعها بامتيازات خاصة بكافة مناطق العالم، مما جعل مواطنيها محصنين حتى لو كانوا في وضع لا قانوني.أما تونس فتعتبر من دول"النفور"أي أن هناك فئة واسعة من مواطنيها يرغبون في الهجرة وينفرون البقاء بها كما أنها بصفة عامة ليست بلد استقطاب.هذه الخصوصية تجعل من التسمية ذات دلالة و تحمل استتبا عات هامة من بين ذلك أن الدولة يجب أن تكرس في قوانينها رمزية الدفاع عن كافة التونسيين دون التمييز بينهم على أساس الإقامة القانونية من عدمها.
2 - خلاف حول المهام:مهمات شكلية، خلفيتها التوظيف الحزبي
ضبط القانون مهام المجلس بالفصل الثاني والثالث ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
-أولا: "إبداء الرأي في السياسة الوطنية في مجال العناية بالتونسيين المقيمين بالخارج". صحيح أنّه من الضروري تشريك التونسيين بالخارج في السياسة الوطنية خاصة المتعلقة بهم ولكن ليس بإبداء الرأي وإنما بالمشاركة الفعالة باعتبارهم الطرف الأساسي، و المجلس هو الإطار الذي يطرح رؤية وتصور لكيفية مساهمتهم، في بلورة السياسة الوطنية المتعلقة بهم،وبلورة التشريعات و التراتيب الضامنة للحقوق والحريات وضمان الانتماء الوطني والسيادة فاهتماماتهم ومشكلاتهم لا تتلخص في "العناية"بهم، فمنطق العناية بالجالية لم يعد يعنى سوى استغلالهم من قبل السلطة السياسية في دعايتها وفي مدى مساهمتهم بالعملة الصعبة التي يدرونها كل سنة. كما أن التونسيين بالخارج يطوقون إلى أكثر من إبداء الرأي ،إنهم يتطلعون إلى أن يكونوا مساهمين من موقع مواطنتهم في اتخاذ القرارات وتطبيقها في مجال تواجدهم على الأقل.
-ثانيا:"الاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم".ليس المطروح اليوم الاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم بعناوين مختلفة وإنما توحيدهم على أهداف وطنية كبرى تساهم في الرقيّ الشامل لبلادنا، وذلك عبر اطر وهياكل ممثلة وفعالة وديمقراطية تكون جسرا بينهم وبين مجتمعهم ودولتهم أي بلدهم في شموليته.
-ثالثا:"اقتراح التدابير التشريعية والترتيبية التي تساهم في تعزيز مساهمة التونسيين المقيمين بالخارج في التنمية الوطنية الشاملة".إن هذه المهمة، هي عبارة عن فضفضة لغوية لا غير، وردت في صيغة عامة ومفتوحة على كل قول.واقل ما يقال فيها أنها لغة خشبية خالية من المعاني التطبيقية.
-رابعا:"اقتراح آليات تربط الجالية بالوطن".أما هذه المهمة فهي عبارة عن عنصر من عناصر المهمة الأولى لا غير.
-خامسا:"يستشار وجوبا في مشاريع النصوص التشريعية والترتيبية وفي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتونسيين بالخارج المراد إبرامها". من مهامه أن يستشار وجوبا في مواضيع من المفروض أن يكون طرفا فاعلا فيها، وهي الاتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف الخاصة بالهجرة عموما وبالتونسيين بالخارج خصوصا.وتمثل هذه المهمة عملية سطو على حق التونسيين بالخارج في صياغة وتصور مشاريع هي من صلب مجال اهتمامهم.أما الإشارة إلى وجوبيّة الاستشارة فهي نقطة للمزايدة لان لا اثر قانوني أو اثر عملي لها نظرا لعدم وجود أي نص يوضح مال الاستشارة.
-سادسا:"إعداد تقرير سنوي حول نشاطه".تمثل هذه المهمة التفاف على مهمة أصلية من المفترض أن تعهد إلى المجلس وهي تقرير حول الأوضاع العامة للتونسيين بالخارج يكون مشفوعا باستنتاجات على كافة المستويات، ويكون التقرير بمثابة البرنامج المستقبلي لنشاط المجلس.
يتبين إذا من خلال المهام المسندة إليه أنه:
-ليست لديه أية مهمة أصلية ،ففي كل الحالات إما انه "يُبدى" أو "يقترح" أو "يُستشار" في حين أن المهام الأصلية الراجعة له بالنظر مسندة إلى هياكل أخرى متعددة ومتداخلة الاختصاصات.
-انحصار مهمّاته في الجوانب الإجرائية والشكلية في ظل رؤية قديمة التعاطي مع التونسيين بالخارج. إن المهام المطروحة عليه وحتى تكون بالفعل ضمن رؤية جديدة تقطع مع سلبيات الماضي وعقلية الاستغلال السلبي والنظرة النفعية الضيقة تطرح علينا إعادة صياغة مشروع ورؤية شاملة على قاعدة مبادئ واضحة على خلاف ما ورد بهذا القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة