الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباط ليس اسودا

جواد البياتي

2017 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


شباط ليس اسودا ، اكثر من وجوه البعض

لم يكن يوما عاديا ذلك اليوم الزمهريري القارس ، كانت جمعة مرعبة ، عندما طلع علينا انكر الاصوات ليقرأ البلاغ الاول للانقلاب القبيح ، كان رد الفعل سريعا جدا من قبل الشعب الذي لم ينتظر ليسترد الخونة انفاسهم فإنطلقت من كل مكان تظاهرات عفوية راكضة بعيدة عن كل انتماء طائفي او ديني او قومي او فكري .
مجموعتنا اتجهت الى الكرادة خارج باتجاه بيوت قادة الثورة مثل فاضل عباس المهداوي وماجد محمد امين ، فيما تحركت مجموعة اخرى لحماية منزل عبد الكريم قاسم ، وكان بين ساحتي معسكر الرشيد ( عقبة بن نافع ) حاليا وبين ساحة المسبح شارعا تتراصف على جانبيه اشجار اليوكالبتوس الكثيفة الاغصان ، ويبدو ان البعثيين قد تأهبوا لمواجهة الشعب باستخدام القوة المفرطة معه وبشكل قاسي عن طريق الاختباء بين الاغصان ، انتشر المتظاهرين في انحاء ساحة المعسكر الواسعة لتشكيل حواجز صد بوجه الاليات العسكرية التي يمكن ان تكون داعمة للانقلاب والتي يمكن ان تتحرك باتجاه معسكر الرشيد والسماح للجنود والضباط الملتحقين بالمعسكر رغما عن منع التجول الذي ورد في بلاغ المغامرين المتأمرين على ثورة 14 تموز ، لكن ما ارهب المتظاهرين هو فتح النار الحي بكثافة من بنادق بور سعيد المصرية الصنع نحو صدور المتظاهرين والتي اطلقت من بين اغصان الاشجار بل وفوجئ المتظاهرون خروج اعداد من الرجال المدنيين يحملون شارات خضراء مكتوب عليها ( ح . ق ) وتعني الحرس القومي ويباشرون بالرمي باتجاه الجموع المتظاهرة بلا رحمة او تمييز ، وتراجع المتظاهرون العزل بعد ان سقط العديد منهم بين قتيل وجريح وهنا وردت الاخبار باغتيال جلال الاوقاتي قائد القوة الجوية امام داره في كرادة مريم .
كانت هناك اخبار تنتشر بين المتظاهرين معظمها من قبيل اشاعات الرتل الخامس لأحباط حماسهم ، ومنها تلك التي انطلقت بعد الظهيرة التي تدعو الناس الى التوجه الى وزارة الدفاع في باب المعظم لمؤازرة القوات التي تقف مع الزعيم في القتال ضد الطغمة الانقلابية ، ويبدو ان ذلك كان جزء من خطة الانقلابيين للسيطرة على مدخل معسكر الرصيف وانتظار بعض القطعات العسكرية التي تتحرك نحو بغداد للسيطرة على المعسكر ، جن الليل على بغداد وعاشت ظلمة معتمة وظل تلفزيون بغداد يذيع بعض الاغاني الوطنية المصرية مثل الله اكبر وحي على السلاح وبعض الاغاني التي انطلقت بعد العدوان الثلاثي على مصر .
في اليوم التالي ، اشتركت طائرة في قصف مقر وزارة الدفاع وقيل ان طيارا اسمه منذر الونداوي هو من يقوم بالقصف ، وكان اليوم الثاني شديدا على اهل بغداد عندما انتشر خبر انتصار عبد الكريم قاسم ورفاقه على الانقلابيين من خلال رفضه طلب الشعب اليه بتسليمه السلاح للوقوف الى جانبه ، مما اعتبر ذلك من قبيل السيطرة على الموقف خاصة عندما خرجت احدى الدبابات من باب وزارة الدفاع دبابة ترفع علم العراق وصورة عبد الكريم قاسم وعندما تقدمت اليها مجموعة للصعود عليها للهتاف بالانتصار ، تم رشقها بالرصاص ، ويبدو ان تلك اللحظات هي لحظات القاء القبض على الزعيم واقتياده الى دار الاذاعة واعدامه مع رفاقه .
في الساعة الثامنة او التاسعة من مساء اليوم التالي ، كانت الصدمة قوية عندما فاجأ تلفزيون بغداد العراقيين بعرض فيلم قصير جدا عن عملية الاعدام ، الذي تكرر عرضه عدة مرات ، ثم عرض الفيلم المصري ( الزعيم الهمشري ) الذي كانت تتخلله عروضا لصور قادة الثورة بعد الاعدام .
من هذا اليوم بدأت احزان العراق ، وما اثار الحزن اكثر هي المعلومات التي كانت تتسرب بمرور الزمن عن الاطراف التي شاركت في اغتيال العراق . فتأكدنا بأن شباط لم يكن اكثر إسودادا من تلك الوجوه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية