الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل الثالث1949(من اخراج كارل ريد وتمثيل اورسون ويلز):عودة الدكتور مابوس

بلال سمير الصدّر

2017 / 2 / 9
الادب والفن


الرجل الثالث1949(من اخراج كارل ريد وتمثيل اورسون ويلز):عودة الدكتور مابوس
حقق هذا الفيلم بعد قنبلة اورسون ويلز الأولى (المواطن كين) وهو احد اشهر الأفلام-ان لم يكن اشهرها على الاطلاق التي لعب فيها اروسون ويلز دور الممثل من دون ان يتولى الاخراج،حيث قام بالمهمة المخرج البريطاني كارل ريد،وابسط مايقال عن هذا الفيلم بأنه قريب جدا من العوالم الليلية التي يعالجها وعالجها اورسون ويلز على الدوام،والأقرب من ذلك هو الشخصية العظيمة الاسطورية التي هي المحور الرئيسي لكل اعمال أورسون ويلز والتي ربما يرمز بها الى اناه الذاتية.
الشخصية فوق العادية..الانسان المؤثر على المحيط وعلى العالم كله الذي سيظل محط وتساؤل العالم المحيط به ولكن مع غموض وحيرة شديدة،ومما لاشك فيه أن هذا هو الذي شاهدناه في فيلمه الأشهر المواطن كين...
المواطن كين هو الفيلم الذي سنتوقف عنده في نهاية الحديث عن اروسون ويلز والتي لن تطول طويلا،فنحن-تقريبا-سنتوقف على أربع أو خمس أفلام من افلامه فقط،ففيلم على شاكلة المواطن كين يستحق ان يكون الأخير في مسيرتنا النقدية ومعه سنتعتزل الكتابة السينمائية سوى ربما من شذرات بين فترة واخرى وعلى الغالب ستكون بعيدة جدا.
هذا الفيلم لايختصر ابدا المسيرة الابداعية للعظيم أورسون ويلز،المغرم بشكسبير،على ان الكتابة عنه تعتبر جزءا أساسيا حين ان البعض قال ان هذا الفيلم كان قد طواه النسيان لولا ظهور أورسون ويلز فيه وهو ظهور لايقل روعة عن ابداعاته كمخرج.
المدينة هي فينا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة،وهي الآن مقسمة الى اربعة مناطق من حيث النفوذ بين الامريكان والروس والبرطانيين والفرنسيين.
من الجدير ذكره أن الرجل الثالث صنع من قبل اشخاص عاصروا وعرفو ا الدمار الذي لحق بأوروبا بعد الحرب،فالمخرج كارل ريد عمل مع الجيش البريطاني خلال فترة الحرب في وحدة الوثائقية،بانيا فيلمه على سيناريو كان قد كتبه (جراهام جرين)،وتولى المصور السينمائي الحاصل على جائزة الأوسكار مهمة التصوير(Robert Krasker)،كما أن موسيقى الفيلم التي كانت جلها على آلة القيثارة هي للموسيقي(Anton Kras) الذي كان يعزف ذات مرة في حانة في فينا حيث سمعه ريد صدفة واصر على حضور موسيقاه في الفيلم وهو الخيار الذي لن يندم عليه نهائيا.
لي مارتن،كاتب روايات بوليسية رخيصة وتافهة قادم من الولايات المتحدة لملاقاة صديقه (هاري ليم) في فينا الذي وعده بأن يدبر له عملا بعد افلاسه،وبمجرد وصوله الى بيت صديقه يجده وضع في تابوته منذ 10 دقائق بعد ان ضربته سيارة خلف منزله.
خادم القصر يقول بأنه رأى هذا الحادث بنفسه وبأنه مات على الفور،ويقول هو حاليا اما في الجنة أو في الجحيم.
هذه الثيمة كنا قد رأيناها سابقا في (المواطن كين)،ونحن قلنا أن الفيلم يحتوي على عناصر كثيرة من عناصر اورسون ويلز الاخراجية،على الرغم من أنه لم يتولى اخراجه بل اكتفى بلعب دور البطولة الأولى فيه قليلة الحضور،فالموت منذ البداية وما يدور حول هذا الموت من غموض وماضي لرجل يبدو عملاقا،وليس من المبكر القول أن هذا الفيلم ينطق بكل ثيمات أورسون ويلز في صياغة الحبكة والديكور والعوالم الليلية وحتى السيناريو كما سنلاحظ هذا لاحقا،ولكن وبالرغم من كل ذلك فمن الظلم ان ننسب هذا الفيلم اخراجيا الى اروسون ويلز.
الموضوع مختلف هنا،والقصة مختلفة أيضا،فالفيلم هو من اخراج البريطاني كارل ريد ولانعرف من قريب أو من بعيد ان كان اورسون ويلز قد بسط سلطته الاخراجية على هذا الفيلم...
تبدأ الشكوك تحوم في راس مارتن عندما يلتقي بآنا صديقة (هاري ليم) التي تشكك بموت صديقها فعلا،ولكن الخادم يؤكد استحالة وجوده على قيد الحياة،على ان الأدلة الواقعية الملموسة بالنسبة لهولي تشير الى ان صديقه لازال على قيد الحياة...
يقول الخادم:ثلاثة رجال تولوا حمل صديقك الى النصب...هناك رجل ثالث لم يقدم دليل على موت صديقك،وهذا الرجل الثالث مجهول الهوية...من الممكن ان يكون اي شخص
السؤال هو:من هو الرجل الثالث...هل هو ليام نفسه؟!
حتى الآن،كما هو واضح الحبكة تدور في حيز بوليسي على نمط افلام (Noir)،وتلك الحبكات التي تصلح بالتأكيد لفريتر لانغ...ولكن هناك شيء مختلف،فالرجل الثالث في احداثه وحتى الآن يقدم النموذج الخالص للسينما الأمريكية...الحقائق تتكشف الواحدة بعد الأخرى حتى يظهر هاري لأول مرة ومن خلال نظرة ساخرة من قبل اورسون ويلز...مبتسمة ابتسامة مجهولة المغزى...
هل هذه الحبكة مؤثرة فكريا...هل لها اي تأثير من ناحية فكرية...فلسفية مثلا؟!
الموضوع يكمن بالعظمة...اضفاء العظمة الخارقة على شخصية بشرية مثلما انتهينا قبل قليل من الدكتور مابوس.
قد يكون اورسون ويلز في كل افلامه سواء الاخراجية أو التمثيلية د مابوس جديد...د مابوس على طريقته الخاصة وليس على طريقة لانغ الاخراجية أو التمثيلية لأن هناك شيء مختلف بين لانغ وويلز...ويلز يكثف العنصر البشري لدى الشخصية بحيث نشعر ان شخصياته التي على الغالب هي نفسه أو انعكاس لنفسه،شخصية عبقرية اكثر منها ما ورائية،فالتعبيرية التي تضفي الشرور على (الماورائي) معدومة تماما،وهذا افضل وصف مقارن بين شخصيات أورسون ويلز وشخصيات لانغ(الدكتور مابوس تحديدا)
على ان المحاكمة الذاتية ومحاكمة العصر والتاريخ قادمة،فمبررات الشخصية الاجرامية حاصلة هنا من دون ان نجد مبررات مقنعة في شخصية الدكتور مابوس القادم من عبقرية مجهولة قد يكون مصدرها غير بشري اساسا.
يقول هاري لصديقه في معرض لقائه العابر معه:
في ايطايا ولمدة 30 عاما تحت المساومة والحرب والرعب والجريمة واراقة الدماء ولكنهم انتجو مايكل انجلوا وليناردو دافنشي والنهضة الأوروبية..
في سويسرا امتلكوا الحب الأخوي وامتلكوا 500 عام من الديموقراطية والسلام،ولكنهم ماذا انتجو؟
ساعة الكوكو....اشار الى ابداع سويسرا في صناعة الساعات.
قال جرين(كاتب السيناريو)أن كاتب هذه الجمل هو اورسون ويلز نفسه
هذه الكلمات تعتبر محاكمة تاريخية تضفي حس واقعي على الشخصية،فهي تعيش على الأرض وليس في الخيال...الخيال غير المحسوس الذي يشعر به المشاهد فقط...
الحبكة سوف تتحدث عن نفسها وسوف تخبر بكل شيء...
بلال سمير الصدّر
16/9/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى