الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة متواضعة من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق وآفاق تطورها ..يوسف سلمان يوسف (فهد ) سيرة شخصية وسياسية (الجزء السادس )

عبد الحسن حسين يوسف

2017 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


دراسة متواضعة من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق وآفاق تطورها
الجزء السادس

يوسف سلمان يوسف (فهد )
سيرة شخصية وسياسية


ولد يوسف سلمان فهد سنة 1901 بعد ان انتقلت عائلته من القوش (الموصل ) قبل عشرة سنين من ولادته وذلك للضروف الاقتصادية السيئة في منطقتهم الاصلية ودخل في احد مدارس السريان الابتدائية ثم في مدرسة (الرجاء الصالح ) وكانت لغة التعليم الاساسية في هذه المدارس هي اللغة الانكليزية ولكنه بسبب مرض والده وكبر عائلته اضطر الى ترك التعليم والاتجاه الى العمل وانتقل الى البصرة ليعمل مستخدم في ميناء البصرة وكان احتكاكه مع عمال الميناء والعمل الصعب والاجور القليلة والفصل الكيفي لهم زرع عنده اول بذرة اشتراكية في داخله وخصوصا ان الميناء يصل اليه الكثير من الاشخاص الغير عراقيين واستطاع ان ياخذ منهم الكثير من افكاره الجنينية هذه وكان لاجادته اللغة الانكليزية ان اصبح هو المرجع للعمال في عرض مظالمهم على ادارة الميناء الانكليزية وكان اظافة الى انه يصوغ المطالب العمالية فانه ايضا بدا يتصدر العمال من اجل تحقيق هذه المطالب وفي سنة 1919 عادت العائلة مرة اخرى الى مدينة الناصرية هذه المدينة التي اصبحت تغلي ضد الانكليز وتهيء نفسها للثورة التي بدأ الشاعر محمد سعيد الحبوبي بجعلها مركز من مراكز المقاومة ضد الانكليز وكان يساعد الثوار العرب في الناصرية قوة كردية كبيرة قادمة لها من كردستان الجنوبي (كردستان العراق حاليا)بقيادة الزعيم الكردي الشيخ محمود الحفيد وكان يوسف سلمان يوسف (فهد لاحقا ) يحصل على تحركات القوات الانكليزية عن طريق اخيه المترجم عند هذه القوات ويوصلها بدوره الى الشيخ (الحاج رويضي ال بشاره ) احد شيوخ عشائر الناصرية التي يوصلها بدوره الى الثوار ورغم ان الانتفاضة قد فشلت بفعل القوة البريطانية الهائلة امام ضعف التسليح العشائري الا ان الشيء المهم ان ابناء هذه المدينة قد امتلئوا حقد على بريطانيا الاستعمارية وكان فهد قد اعلن اثناء محاكمته سنة 1947 ان ثورة العشرين والتجاوزات البريطانية على الشعب العراقي هي التي هيأت الارضية التي جعلتني ان اكون شيوعيا لاحقا واثناء هذه المحاكمة قال مقولته المعروفة (لقد انغمرت في النضال الوطني قبل ان اكون شيوعيا وبعد ان صرت شيوعيا لم اجد في الحقيقة ما ينافي او يتمايز مع معتقدي الوطني قبل ان اكون شيوعيا وبعد ان صرت شيوعيا سوى صرت اني اشعر بمسؤلية اكبر اتجاه وطني وانا شيوعي ) وظل يوسف سلمان يوسف الذي اصبح فيما بعد فهد يتنقل بين الناصرية والبصرة ولكن لقاءه في الناصرية مع الخياط ابو ناصر (بطرس شمعون ) اواخر العشرينات من القرن السابق حسم موقفه اتجاه الانتماء الى
الفكر الشيوعي الذي اخذ بعد ذلك كل كيانه وعمله وتطور فكريا بشكل كبير وتوجه الى العمال واصبح هو اللولب الذي يعتمد عليه الجميع من حملة الفكر الماركسي حتى اندمج بالحركة الشيوعية ليكون بعد ذلك سكرتيرا للحزب ومنظره ومرجعه التنظيمي سوى أكان في السجن اوخارجه.






فهد وقيادته للحزب الشيوعي العراقي
....................................................................
كانت احدى اهم النقاط التي بنيت عليها الماركسية هي العلاقة بين الاممية والوطنية وكيفية التوازن بينهما ويجب على أي حزب شيوعي ان لا ينسى هذا التوازن وان لا يكون امميا (كوسموبو ليتيا ) الى الحد الذي يفقد فيه وطنيته ويصبح غريبا عن بيئته وهموم مجتمعه المصغر الذي يسمى الوطن وايضا عليه ان لا يكون حزب وطني يتصرف وكأنه حزب لا تعنيه الصراعات العالميه لانه شاء ام ابى جزء من هذا العالم الا ان المشكلة التي مر بها الحزب الشيوعي العراقي واعلب الاحزاب الشيوعية العالمية انها جندت نفسها الى الدفاع عن الاتحاد السوفيتي حتى على حساب الروح الوطنية بدعوى ان القضاء على الاتحاد السوفيتي هو القضاء على البذرة الثورية العالمية وهذا الامر جعل الحزب الشيوعي العراقي يتراجع عن كثير من المواقف الوطنية والقوميه بعد ان اعلن الاتحاد السوفيتي انه ضدها او لا يؤمن بها مثل القضية الفلسطينية والوحدة العربية مما جعل بعض الاحزاب المعادية وعلى رأسها (البعث ) ان تتمدد على حساب هذه التبعية مستغلة تعاطف الجماهير مع هذه القضايا القومية او الوطنية والعمل على اثارة الجماهير بطريقة (ديموغوجية )
كانت سنوات الاربعينات من القرن الماضي سنوات خصب فكري عالمي وذلك لانتصارات الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية وبدايات ظهور المنظومة الاشتراكية والانتصارات العسكرية الصينية في الحرب ضد اليابان وضد قوات (الكومنتانغ .حكومة الصين التي سبقت الانتصار الشيوعي ) التي توجها الحزب الشيوعي الصيني بالانتصار الحاسم في الحرب وظهور

الجمهورية الشعبية الصينية في نهاية الاربعينات وقد انعكست هذه الاوضاع على الحزب الشيوعي العراقي وتطور عدديا وبظل القيادة الكفوءة لفهد الذي عرف عنه انه قليل الكلام ولكنه صارم في العمل التنظيمي ومدافع عن الشيوعية الى الحد الذي قال عنه كامل الجادرجي انه ((عنيد حد الوقاحة )) حتى وصلت قوة قيادته ان اغلب خصومه الشيوعيين انتهوا اما الى ترك الشيوعية او الانصياع له بعد ان فشلوا في بناء تنظيم بديل وقد استطاع في منتصف الاربعينات من القرن السابق ان يخلق تنظيم قوي مطيع لارادته الفولاذية وقد تنكر فهد لحياته الخاصة واصبح الحزب والعمل التنظيمي كل حياته وكان لانتقاله الى مدينة الناصرية والتقاءه بأهلها الذين تعودوا على ازدراء أي نوع من انواع الظلم الاثر البالغ به لانه وجد البيئة الحقيقية التي كان يريدها وكانت سنة وصوله الى مدينة الناصرية هي نفسها سنة بداية الثورة ضد الانكليز(1919 ) الامر الذي جعله ينغمس حتى اذنيه في هذه الثورة التي استطاع بها اهل الناصرية طرد الانكليز من كل ارياف الناصرية ..
كان فهد كثير التحرك وقد سافر الى بلدان عديده سيرا على الاقدام وتعلم كثيرا وعاش في ظنك مادي لا يطاق ووقع في مرض شديد ولكن ما ان تجاوزه حتى عاد الى سيرته الاولى بالسعي لبناء تنظيمات صغيره قسم منها انتهى الى الفشل والقسم الاخر كان نواة لبناء تنظيمه الشيوعي الذي جند نفسه وكل حياته له وقد سافر بعد ان كان التنظيم الشيوعي في بداياته وفي قيادة آ خرين غيره الى الاتحاد السوفيتي ليكون طالبا في جامعة كادحي الشرق من سنة 35 19 الى سنة 37 19 من ا لقرن الماضي وحضر مؤ تمر الكومنترن السابع (الاممية الشيوعية ) ولكن الحزب الشيوعي العراقي كان وجوده بصفة مراقب فقط ولا يحق له التصويت وبعد عودته سنة 38 19 رحب به في البداية عبد الله مسعود الذي كان يقود الحزب كونه شيوعيا جيدا ولكن سرعان ما بدأ التنافر معه بعد ان اصبحت قيادته للحزب وكفاءته هي التي تسير الحزب ولكنه ومنذ البداية عمل على التخلص من اعضاء اللجنة المركزية القدامى وبعد اعتقال عبد الله مسعود سنة 41 لم يبقى معه من القيادة القديمة الا شخص واحد هو وديع طلبه وقام بتشكيل لجنة مركزية جديده من اهم الاشخاص فيها هم( داود الصائغ وذو النون ايوب ووديع طلبة وحسين الشبيبي) وانتخب فهد سكرتيرا للحزب وكانت هذه المرة هي الاولى الذي يكون فيها فهد سكرتيرا من خلال اجتماع حزبي وبطريقة التصويت وكانت افكار فهد في ذلك الوقت لم تخرج من طريقة تفكير الاممية الشيوعية التي يقودها الاتحاد السوفيتي وستالين شخصيا من ان مهمة الشيوعيين في البلدان المتخلفة هي بناء نظام برجوازي ديمقراطي وليس نظام اشتراكي لان هذا الطرح يخدم الاتحاد السوفيتي وقد جعل من الاممية الشيوعية صدى لهكذا تصور وهي التي قلت عنها ان خضوع الاحزاب الشيوعية الى الاتحاد السوفيتي هو الذي جعل الاممية مسيطرة على العمل الشيوعي في البلدان الاخرى و تابع لها على حساب التطور الوطني .
سافر فهد مرة اخرى برفقة هادي هاشم الى ايران ومنها الى الاتحاد السوفيتي ليقوم عبد الله مسعود بعد اطلاق سراحه ببناء تنظيم جديد ويستولي على الات طباعة الحزب ويطرد اغلب اعضاء قيادة فهد ولكنه لم يطرد فهد لمعرفته انه لا يستطيع التخلص منه لامكانياته الفكرية والتنظيمية وفعلا حال عودة فهد ترنحت قيادة عبد الله مسعود وأعاد فهد تشكيل الحزب من جديد ويبقى عبد الله مسعود يقود كتلة صغيرة سرعان ما تبخرت وانتهت من الوجود بعد اعتقاله مرة اخرى ورفض فهد أي مؤتمر للتسوية لانه يعتقد انه مؤتمر للثرثرة وقد يوقع الشيوعيين الجيدين في انياب امن النظام الملكي .. تكونت مجموعات انشقاقية صغيرة كان حظها لا يختلف كثيرا عن حض مجموعة عبد الله مسعود وتشرذمت بين تاركي عمل او معتقلين واختصر فهد اسرار الحزب مع مجموعة صغيرة من اللجنة المركزية على راسهم زكي بسيم وعلي شكر واحمد عباس وهم عمال ويلقب الاخير باسم عبد تمر لكونه فقيرا وابن فلاح واغلب اكله لا يتجاوز الخبز والتمر واوكل الى علي شكر قيادة نقابة عمال السكك التي تكاد تكون اهم تنظيم نقابي في ذلك الوقت
في سنة 1944 تم عقد الكونفرنس الاول للحزب وكان اغلب الحضور لا يعرف سبب الاجتماع حتى فؤجيء به حفاظا على سرية الكونفرنس الذي عقد في بيت علي شكر في دور عمال السكك في منطقة الشيخ عمر وقدم فهد تقريرا موسعا ولكنه متاثرا بالعلاقات السوفيتية العراقية الجديده وخصوصا بعد نية الطرفين في التبادل الدبلوماسي بينهما فكان التقرير لا يختلف كثيرا عن تقارير الاحزاب الديمقراطية العلنية في العراق وقد تم تسمية التقرير بالدستور وكان اهم شيء فيه هو الطلب من الحكومة امداد الناس بما يحتاجونه من مواد في حياتهم اليومية وتحرير الناس من قبظة الاحتكارات الاجنبية وخلق اسواق حرة والسماح للعمال بتنظيم عملهم النقابي وتقليل الضرائب عن ذوي الدخل المحدود واعفاء الحرفيين من الضرائب وتشجيع التعليم واخيرا هو العمل على التبادل ا
لدبلوماسي مع الاتحاد السوفيتي ..انتهى الكونفرنس باقرار البرنامج والنظام الداخلي الذي اهم فقرة فيه ( ان الحزب الشيوعي العراقي هو حزب الطبقة العاملة العراقية والفلاحين الفقراء وبعض شرائح البرجوازية الصغيرة والكسبة) وتم انتخاب لجنة مركزية ومكتب سياسي وسكرتير هو الشهيد يوسف سلمان (فهد )...
لقد واجه الحزب الشيوعي العراقي معظلة كبرى هي ان المانيا هاجمت الاتحاد السوفيتي ناقضة اتفاقتها بعدم الاعتداء وكان توجيه الاتحاد السوفيتي لكل الاحزاب الشيوعية العالمية ان تشد من ازر الاتحاد السوفيتي والجبهة الديمقراطية المعادية للنازية وكانت بريطانيا هي ضمن جبهة الدول الديمقراطية ولدى بريطانيا قواعد عسكرية في العراق وقد حاولت قيادة الحزب الشيوعي العراقي التأقلم مع الحالة الجديده بعيدا عن السكوت عن الاستعمار البريطاني وقلل الحزب جهد الامكان من المطالب الشعبية ولكن الوضع العالمي لم يسمح باستقلالية الحزب وكانت النها ية ان اصدر الحزب في يوم 17 آيار 1942 وعلى لسان فهد ان الحزب مع الدول الديمقراطية (نظرا لان أي اذى يصيب أي جزء من الجبهة الديمقراطية العالمية الموحدة يؤثر على الاتحاد السوفيتي فان حزبنا ينظر الى الجيش البريطاني الذي يحارب النازية الان على انه جيش تحرير ) وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبدا الصراع الغربي السوفيتي من جديد انعكس ايضا على العلاقة بين الحزب الشيوعي العراقي والحكومة المرتبطة بالانكليز وكثرت الاضرابات وعلى راسها اضراب عمال النفط في كاورباغي توج هذا الصراع باعتقال فهد ورفيقه زكي بسيم في بيت صيدلي في منطقة الصالحية في بغداد ونقلوا الى التحريات الجنائية وبدا معهم التحقيق حال وصولهم وباشراف الجلاد المعروف نائل الحاج عيسى مباشرة وكان الاثنين من الصلابة والبطولة بحيث ان زيادة الضرب عليهم تزيدهم صلابة وشجاعة واعترف فهد انه فعلا سكرتير الحزب وهذا شيء يعرفه الجلادون ولكنه لم ينطق بحرف واحد اساء فيه للحزب واسراره وحكم على فهد ورفيقيه زكي بسيم والصيدلي براهيم ناجي شمويل بالاعدام بعد محاكمة سريعة حاولت المحكمة ان تكون جهد الامكان مهنية ولكن تدخل الحكومة والوصي حال دون استمرارها المهني خفض الحكم بعد ذلك الى الاشغال الشاقة المؤبده لفهد ورفيقيه الى الاشغال الشاقة خمس عشر سنة وثم نقلهم من سجن بغداد المركزي الى سجن الكوت وعاشوا في قواويش جماعية مع الاخرين يقول زكي خيري في كتابه (صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم ) ( لم يفرط فهد بالمناضلين في السجن بل كرس كل جهوده على العناية بمعيشتهم من مأكل وملبس ومنام ونظافة ورياضة وترويح عن النفس وقد عنى بتثقيفهم ليس سياسيا فقط ولا بمبادىء الشيوعية العلمية وحدها بل بثقافتهم المدرسية ايضا و بالعربية والانكليزية وبالادب الروسي خصوصا الذي عهد بتدريبه الى الاديب المناضل حسين الشبيبي عضو المكتب السياسي ....كان فهد مربيا للرجال صارما صابرا طويل الاناة وفي احد ايام السجن حدثت مشادة بين علي شكر رئيس نقابة عمال السكك وفهد فقال علي شكر محنقا ..تصعدون (يعني قيادة الحزب )على اكتافنا الى كراسي الحكم فرد عليه فهد (لا بل نصعد على اكتافكم الى المشانق )وهذا ما كان مع بالغ الاسف والحزن فتأثر علي شكر وخجل واعتذر على الفور وانتهى كل شيء ...وكان فهد حسب ما قال زكي خيري في كتابه مار الذكر ...وكان لشدته في الخصومة السياسية مع الوطنيين تأثير سلبي فعندما اشتدت الخصومة بينه وبين عزيز شريف بسبب دعوة الاخير لحل الحزب الشيوعي السري شبهه فهد بالديدان التي لا تريد مفارقة الطين وربما كان قد فرط ببعض المثقفين الذين يطالبونه بحرية المناقشة او بصياغة برنامج ونظام داخلي للحزب كما انه لم يتحمل النقد من خارج حزبه فقد نقلت له في سجن الكوت بعض الانتقادات من الاحزاب اليسارية الاخرى للحزب الشيوعي فنهض من جانبي وكنا جالسين القرفصاء على الارض وتركني وحيدا وكأني اقترفت اثما ولم اكن كما يقال (ناقل الكفر ليس بكافر ) بل كنت متعاطفا مع النقد المتعلق بطابع العلاقات بين الحزب الشيوعي العراقي وبين الاحزاب الاخرى اعني طابع التشدد ......كان فهد يتحمل المناقشات الشفوية الحادة بين الرفاق بطول بال ولكن لم يرد له على بال نشر أي رأي مخالف في صحافة الحزب لانه كان يطبق المركزية الديمقراطية على الطريقة الستالينية أي حكم الاكثية دون اعطاء أي حقوق الى الاقلية كحق الدفاع عن الرأي مثلا في الصحافة ........ ورغم ذلك يقول زكي خيري ...كان حديث فهد اخاذا آسرا ومعرفته موسوعية وكان ملما بالفولكلور وبحياة الجماهيرمتضلعا بالشيوعية العلمية ولا سيما في الاقتصاد السياسي وكان يدرسه بنفسه للرفاق ويعيد الدرس بعده محمد حسين ابو العيس وكانت مسائله الايضاحية مستمدة من الحياة حياته بالذات الغنية بالتجارب ...... ......كان زكي بسيم اقرب مساعدي فهد اليه ويده اليمنى في التنظيم وكان ملاكا طاهرا كشعاع الشمس وكل وقته حركة دائمه في خدمة الرفاق والجميع حتى فهد يخضع لمحاسبته الرفاقية ..ص 130 ..132 المصدر السابق ....هكذا ربى فهد رفاقه وتربى منهم واستطاع ان يقود الحزب بكفاءة وهو في السجن وبعد اعتقاله استلم الشهيد يهودا صديق الحزب ولكنه ليس بنفس الامكانية والكفاءة التي يملكها فهد وشعر فهد بذلك وطلب منه تسليم القيادة الى مالك سيف المعلم ابن مدينة العمارة الجنوبية ورغم انه كان الاقدر من يهودا صديق ولكنه لم يكن الاخلص ولكنه لم يسلم المسؤولية لمالك سيف وحتى بعد اعتقاله استلم الحزب بدله اخيه حزقيل صديق ولم يستلم مالك سيف الحزب الى ان تم اعتقال حزقيل صديق وكانت توجيهات فهد اصبحت تصل الى مالك سيف بطريقة منتظمة وتطور الحزب عدديا اضعاف اعداده السابقة وكان مؤثرا جدا في الساحة السياسية وفي هذا الوقت هبت عاصفة كبيرة هي وثبة كانون سنة 1947 التي تلاحمت بها جموع الشعب العراقي بكل احزابه الوطنية وكان الحزب الشيوعي هو المتصدر لهذه الانتفاضة بعد ان كانت مضاهرات 1946 ومذبحة كاورباغي العمالية قد مهدت الطريق لهذه الوثبة وشحذت الهمم ولم تترك أي مجال للمساومة مع القصر الملكي الذي اندفع كليا تحت جناح الا ستعمار البريطاني وعند بداية الغليان تخلى نوري سعيد عن منصب رئاسة الوزراء ليدفع باحد ابناء المذهب ((الشيعي ))ليتحمل وحده نتائج أي عمل يحدث مستقبلا وكان هذا الجديد هو صالح جبر وكان الهدف من ذلك هو ان يتحمل رجل شيعي ضرب انتفاضة كبيرة متوقعة يكون اغلبها من ابناء الشيعة وان يكون نوري السعيد نضيف اليد من هذه الانتفاضة وكان وزير الخارجية المسؤول عن التفاوض هو فاضل الجمالي (( الشيعي )) ايضا وتم اعلان الاتفاقية وسميت في وقتها اتفاقية بور تسموث وذلك نسبة الى مكان انعقادها وكان من اهم بنودها ان تكون القواعد والمطارات العراقية تحت سيطرة بريطانيا في حالات الحرب وان تكون قاعدة الحبانية والشعيبة البريطانيتين لهما حرية الحركة في حالة الحرب ولم تكن اتفاقية بور تسموث تختلف كثيرا عن اتفاقية سنة30 19 الا انها كانت بصياغة جديده واستطاع احد وزراء بريطانيا تسخين الهيجان الشعبي العراقي بتصريحه ان بريطانيا تعتبر العراق جزء من العائلة البريطانية وبدأت الانتفاضة بأ ضراب طلابي استمر 3 ايام كانت اللجنة الطلابية الشيوعية هي الموجهة له وتجذرت الانتفاضة التي اشتركت فيها كل القوى الوطنية الرافضة للاتفاقية وكانت قيادة الشيوعيين للانتفاضة واضحة ومعروفة وكان الدم الذي سال من المتظاهرين وقتل الطلاب المنتفضين جعل الهيجان اكثر واضرب طلاب الجامعات والاساتذة وفي اليوم الثاني تبرأ الوصي علنا من القضية لانه لا يستطيع الاعتماد على الجيش في قمع الانتفاضة بعد تجربة 1942 ولكن تلك البراءة لم تنفع شيئا بعد ان تسلح المتظاهرين بالعصي واصبح الشيوعيون هم في واجهة الاحداث وتجذرت المطالب الى اكثر من الغاء المعاهدة وطالبوا باسقاط النظام الملكي الذي اصبح وجوده خطرا على الشعب العراقي وظهرت شعارات (عاشت الجمهورية ) التي انطلقت من المتظاهرين وهي شعارات غير مرخص بها من الحزب وطلبت قيادة الحزب المشرفة على التظاهرة من اعضاء الحزب التفتيش عن مطلقيها لاسكاتهم وكانت هذه الشعارات في الحقيقة هي ان الجماهير قد تجاوزت الحزب في شعاراتها وكانت هي التي اصبحت الطليعة بدلا عنه واجبرت هذه الشعارات الحزب الشيوعي الى اصدار بيان يرفض فيه هذه الشعارات ((ويطمأن)) الحكومة ان الثورة الشيوعية غير موجوده في قاموس الحزب وان العملاء والمتطرفين هم من رفع هذه الشعارات بنفس الطريقة التي تجاوزت فيها الجماهير الحزب الشيوعي في آيار سنة 59 19عندما رفعت شعارات( حزب شيوعي بالحكم مطلب عظيمي) واستنكرها ايضا لانها تجاوزته بطريقة اكثر جذرية واتهم رافعيها بالتطرف والتجاوز على الشعارات الحزبية ((وطمأن)) في وقتها قيادة الحزب عبد الكريم قاسم انه ليس رافع هذا الشعار ولكن اعداءه رفعوها اساءة له ..
تطورت الانتفاضة ولم تستطع الشرطة رغم انها قد احتلت سطوح البنايات ومأ ذنة جامع المرادية واستعملت السلاح بشكل مباشر وقتلت العشرات من المتظاهرين وصل عددهم الى اكثر من ثلاثمائة شهيد ولم يتوقف الزحف الجماهيري وهرب صالح جبر في الليل الى الفرات الاوسط ومنها الى بريطانيا وكلف محمد الصدر رجل الدين ((الشيعي ))ايضا بتشكيل الوزارة البديلة وصدر تقرير الشرطة متهما الحزب الشيوعي انه هو الذي نظم ومول التظاهرة ودليلهم ان آلاف المتظاهرين نقلوا من المحافظات بشاحنات كبيره وتم توفير الغذاء لهم وتسائل تقرير الشرطة من هو الذي يمكنه القيام بهذا العمل الكبير غير حزب منظم ومن هو هذا الحزب المنظم غير الحزب الشيوعي الذي تقول الشرطة ان المفوضية الروسية متابعة للمظاهرة وان مسؤول الفرع الارمني للحزب الشيوعي العراقي قد زار المفوضية اثناء الاحداث واتهم التقرير ان التبرعات من العراقيين واهمهم اليهود وصلت الى اكثرمن خمسمئة دينار للفرد الواحد وان الشيوعيين اليهود يقومون بهذه المهمة...
انتشرت الافكار الشيوعية في زمن حكم محمد الصدر الى الحد الذي اصبح الكادر الحزبي الواعي لا يستطيع استيعاب الاعداد الهائلة من المنتمين وكثرت الاضرابات العمالية الى الحد التي قام عمال النفط في (كي ثري الحدودية )بمسيرة 350 كم الى بغداد وكانت محطة المسير الاولى في مدينة هيت المعروفة بيساريتها وكانت قد سبقت المسيرة الكبرى الصينية التي قام بها الجيش الاحمر الصيني وكان فهد من سجنه هو القائد والموجه لكل النشاطات الحزبية التي تحدث خارج اسوار السجن وان اللجنة المركزية للحزب قد قبلت قيادة فهد بشكل مباشر لقناعتها انه مؤهل الى هذه المهمة حتى وهو داخل جدران السجن وارسل الى قيادة الحزب ان حكومة الصدر تحاول في ادعائها الاعتدال هو السماح للقوى المعادية للشعب ومنها بريطانيا بجر الانفاس للقيام بهجوم على الشعب العراقي من جديد ودعى فهد الى العمل من اجل حكومة تظم كل القوى الوطنية العراقية وحتى ممثلي البرجوازية الوطنية التي لم يطالب فهد باخراجها من هذه الدعوة وطالب المسؤول الاول بتمتين العلاقة مع
من يمثلها واهم من يمثلها حزب الاحرار الصغير الغير مؤثر ولكن لقيمته المعنوية كونه ممثل طبقة موجوده في الواقع العراقي لم يتعاون أي حزب من الاحزاب بشكل مباشر مع الحزب الشيوعي عدى بعض المواقف البسيطة وهذا دليل ان الحزب الشيوعي العراقي في كل تاريخه السياسي لم يرفض التعاون مع القوى الاخرى التي تعمل من اجل التغير بل العكس ان هذه القوى هي التي رفضت ذلك وهي دائما صاحبة الدعوة في معاداته وحتى الافتراء عليه ومحاولة اضعافه من خلال تعاونها مع القوى المنشقة عنه ولم يستمر الربيع للحزب الشيوعي طويلا بل توج بخيانةاحد اعضاءه وهو عبد الوهاب عبد الرزاق وقيامه بارشاد الامن الى بيت الحزب الرئيسي والقاء القبض على مالك سيف ويهودا صديق وقد خانت الشجاعة مالك سيف تماما لينهار بالكامل ويجر معه الكثير من قيادات الحزب وكوادره وقواعده ويعطي مبررللحكومة الملكية لاعادة محاكمة فهد واثنين من رفاقه بتهمة العمل الحزبي من داخل السجن وتحكمهم بالاعدام وتنفذه بهم في الساحات العامة في بغداد بحقد لا مثيل له وكان لصمودهم وهتافاتهم بحياة الحزب والشعب اثناء عملية الاعدام ابلغ الاثر على الصمود الشيوعي الذي قل نظيره في كل التاريخ السياسي العراقي ..
تحول الحزب بعد اعدام فهد والقاء القبض على مالك سيف وانهياره المشين الى مجاميع غير مترابطة ولكن الكثير من الشباب شمروا عن سواعدهم وبدا العمل التنظيمي صحيح انهم لا يملكون الخبرة الكافية ولكن ليس الى مستوى(( انهم الشيوعيين الاطفال ))كما سماهم حنا بطاطو بل انهم الشيوعيون الشباب وقد وصل في خضم هذه الاوضاع الى قيادة الحزب احد هؤلاء الشباب هو (ساسون دلال ) الذي رفع شعار (ارادوها حرب اباده فلتكن حرب اباده ) في ذكرى مرور سنة على وثبة كانون والتي تعرض فيها الى انتقادات كثيرة واعتبروها شعارات متطرفة وتوجهت له كثرة من الاتهامات منها التروتسكية والفوضوية والتطرف وغيرها من الاتهامات الجاهزة من مصطلحات ذالك الوقت وحتى بعد اعدامه لم يعتبره الحزب الشيوعي العراقي احد شهداءه مثل ما فعله ايضا مع من سبقه الشيوعي اليهودي يهودا صديق !!!!
مرثية كتبها أحد الشيوعيين عشية اعدام الشهيد فهد كتبها يوم 22 -5 1949

ايها الراحل العظيم ...

ان الايادي الملطخة بدمائك ايها الراحل العظيم ..... وان الرؤوس التي دبرت هذه المؤامرة النكراء والجريمة التاريخية الشنعاء بحقك .... تلك العصابات المتوحشة الدنيئة التي سلبت الطبقة العاملة اياها قائدها العظيم وحارسها الجبار ستلاقي حسابها قريبا فالويل بما كسبت ايديهم الاثيمة .....
ان هذه الطغمة الحقيرة من الجزارين الوحوش ومن الذئاب المفترسة التي دبرت بحقك هذه المؤمرة السافلة التي رجت من ورائها ايقاف عجلة التاريخ ولكن حكمه سيصلي معها الحساب وتوضع الحد لهم ولاثامهم ويقبرون حيث المكان اللائق لهم ....
لا عجب في ذلك ايها الراحل العظيم .....
لا عجب ان تلاقي على يد هؤلاء البرابرة السائبين وقد رموك في سجنهم المظلم واثقلوا كاهلك بسلاسلهم تلك السلاسل التي ستكون اثرا لاثامهم وجرائمهم .... ورمزا لنضالنا البطولي الجبار لتبقى للاجيال المقبلة ليعرفوا بربرية واضطهاد هذه العصابات من الديدان القذرة وتشبثا تهم النكراء لادامة حكمهم الاسود والمحافظة على كيانهم المنهار....اقول لا عجب وانت اول من سددت لهم بيدك الفولاذية على حكمهم الجائر الذي لا يطاق ....لم تنفك تحاربهم ليل نهار دون هواده ....لا عجب ان ينصبوا لك المشانق بعد ان خابت ضنونهم بسجنك وان تصوروا لغباوتهم
بان كل شيء يهدا بسجنك ولكنهم اصتدموا قويا بصخرة الواقع ....حيث راوا المئات من ابنائك وتلاميذك حاملين لوائك ....مناضلين --- لانجاز رسالتك انهم اصابتهم الجنون الهستيرية حتى راوا الجماهير و قد تبنت شعارات حزبك واهدافه ....حينذاك جلبوك من بيتك المظلم بعد ان ارهقوك باساليبهم الدنيئة وعذبوك وساموك اشد انواع الاضطهاد فمسوا كرامة الطبقة العاملة وحبيبها .....فنصبوا لك المشنقة فتصوروأ ان الامر سينتهي ....نعم ان الامر سينتهي بايديهم وحصدهم من الوجود على يدنا نحن وفنائهم برمتهم .ايها الراحل المحبوب .
انك رفعت راية النضال وعصفت بوجه الطغات المجرمين في وقت كان العالم يسوده نظام بربري غاية في الفضاعة .....والطبقة العاملة تسام اشد انواع الاضطهاد ....حربا لا تعرف فيها استقرار ولين .... حربا على طول الخط..... متى نمحيهم من الوجود ونطهر الارض من ارجاسهم .ايها القائد المحبوب .
انك وضعت الاساس لحركتنا وسايرتها وحافظت عليها بدهائك وحكمتك وبذلت جهودك لتنمية هذه البذرة .. شربتها بماء حكمتك .سهرت عليها الليالي . ربيت في مدرستك خيرة ابناء الطبقة العاملة ودرستها. اننا مدينون لك ايها الراحل العظيم .في احضانك دربت رفاقا مثل حازم وصارم نفذوا تعاليمك وحافظوا عليها بكل امانة واخلاص ..زأرت في وجه الطغاة وصفعت وجوههم بنضالك . كافحت المستعمرين وعصاباتهم دون لين .. كافحتهم كفاحا مجيد سجله لك التاريخ باسطر من نور يكون انجيلا للاجيال المقبلة وموضع تقديسها واحترامها ...سهرت الليالي والايام لاجل الطبقة ولمصلحتها ....اننا مدينون لك ايها الراحل ..
فالى الخلود ايها الراحل ..(هذا جزء من المرثية لانها طويلة ...الكاتب )
كان كاتب المرثية يكتب باسم (حارس القافلة حسن)

(يتبع في الجزء السابع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على