الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم أنا احب ترامب

عبدو خليل

2017 / 2 / 10
كتابات ساخرة


نعم أنا احب الرئيس ترامب.
قادتني الظروف للتعرف على أغلب قادة الحركة الكردية و المعارضة السورية، كنت على احتكاك دائم معهم. زيارات. لقاءات. ندوات، والبعض منهم ربطتني بهم علاقات عائلية جميلة. تعرفت عن قرب على بيئاتهم الاجتماعية. أقارب و أصدقاء، لم أقف يوماً سوى باحترام أمام ظروفهم المعاشية القاسية. بدءاً من البيوت المتواضعة الفقيرة و انتهاءاً بفناجين القهوة ذات الحواف المكسورة التي كنت أرشفها بمتعة لم تعوضني عنها أناقة فناجين المقاهي. صحيح أنني لم أكن بأفضل حال، لكن الظروف منحتني كفاف العيش وجنبتني العوز و الضنك، تلك العلاقات كانت جزءاً من ممارستي لتحدي النظام القمعي. شعور بالوجود و بمقارعة الاستبداد، ومع أن تلك العلاقات طالما جلبت لي المتاعب ووجع الراس كما يقال، لكنني لم أتخل عنها، حتى أذكر أنه في إحدى المرات قال لي أحد المسؤولين الأمنيين على خلفية تلك العلاقات. أنت رجل سيد نفسك لديك منشأة خاصة بك و أوضاعك عين الله عليها ما لك وهؤلاء. التفت لحياتك. بعد ساعة من خروجي من الفرع كنت أرشف قهوتي في منزل أحد الأصدقاء. من المغضوب عليهم.
اليوم وبعد خمسة سنوات من الحرب و التشرد لم أعد ألتق بهؤلاء الأصدقاء. أشاهد البعض منهم على شاشات الفضائيات. صادفت آخرين في لقاءات عابرة. ندوات. مؤتمرات صحفية. اعتصامات. أجدهم بربطات عنق أنيقة و معاطف من الجوخ الفاخر. البعض أوقف التصحر الذي كان يغزو فروة رأسه و زرعها بخصلات تبدو لامعة بعدما تسوق أجود أنواع البريانطين . وجوههم باتت حادة و عابسة كوجوه مسؤولي النظام ، الذين كنا نكرههم و هم يمتشقون منصات المراكز الثقافية قبيل أمسيات الشعر والموسيقا ليمتدحوا القائد و معجزاته التاريخية. وجوه لا تضحك حتى للرغيف السخن. كما يقول المثل. نسوا المزاح وبساطة الملامح. باتوا يتحدثون كرجال مصنوعين من معدن ثمين. مضبوطين بعناية فائقة. وقار ما بعده وقار. صوت أجش و خالي من العواطف. حركات اليد مدروسة. و الابتسامة إن وجدت صفراء. لإضفاء غموض على الموقف.
هكذا فهموا القيادة و السياسة. البعض من أصدقاء الأمس، رغم أنهم لم يحققوا أي منجز سياسي للشعب السوري، لم يتنازلوا حتى لزيارة جريح أو لاجئ خشية أن تتلوث أحذيتهم بوحل المخيمات. حتى على مستوى الفيسبوك. رغم بساطة المهمة. تراهم يترفعون عن التعليق على متابعيهم أو مجاملتهم . يعتبرون ذلك ينقض وضوء هيبتهم . هم أكبر من ذلك. خاصة بعدما ذاقوا الوجبات الدسمة في عواصم عربية وأجنبية. البعض منهم كان يحار في كيفية تناولها. ناموا على فراش من ريش النعام في فنادق الخمسة نجوم و ارتاحوا على مراحيض مصنوعة من البورسلان الفاخر. نسوا ( البخشة) في زنازين النظام، وقصعات البرغل المسلوق.
تلك ليست الصورة كلها. هي أقسى من ذلك بكثير. الثروات التي راكمها البعض و الرحلات السياحية و حفلات الميلاد و أشياء أخرى يخجل القلم من سردها. تلك هي الجانب الآخر من المأساة السورية. بعيداً عن ارتطام البراميل و دوي المدافع. تلك مهنة أخرى تخص النظام و زبانيته.
لهذا أجدني اليوم. كأي سوري مثقل بالوجع و الألم. أراقب جنون ترامب. رغم كل القيل والقال. يراقص زوجته بلا حرج و يقبلها على الملأ. يدخل مطاعم البيتزا و يتوقف قرب السلالم الكهربائية يمازح و يضحك. يشد شعره ليثبت لخصومه أنه ليس مستعاراً. يحرك يديه يميناً و شمالاً غير آبه بتحليلات حركات الجسد. يمتعض بكل تقاسيم وجهه. يغمز بعينيه و يحك أنفه. يتباهى بغراميات عفى عليها الزمن. كأي رجل أحمق، ولا يخشى الحديث عن إفلاسه مرات عدة. يكشف عن مشاريعه السياسية بلا تردد. عن حقده وعن إعجابه. يخاطب الخائفين من جنونه، ولم يتردد عن التعبير عن كرهه لقناة سي ن ن. هكذا ببساطة قال للصحافي. أنتم تكذبون. لم يراوغ أو يجامل. لأجل هذا أحب ترامب، مع أنني متخم بأحلام اليسار الذي علمني أن الرأسمالية. كذب ودجل ونفاق واستلاب. لكنني عندما أشاهد أو أصادف البعض من الأصدقاء. المعارضين، ممن ذاقوا طحل السلطة و النفوذ و المال و ظنوا السياسة تصنع بمعطف من الجوخ الانكليزي او بحذاء من جلد التمساح. عندئذ لا أجد غير القول . نعم أنا أحبك سيد ترامب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أشرف زكي: أشرف عبد الغفور كان من رموز الفن في مصر والعالم ا


.. المخرج خالد جلال: الفنان أشرف عبد الغفور كان واحدا من أفضل ا




.. شريف منير يروج لشخصيته في فيلم السرب قبل عرضه 1 مايو


.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح




.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار