الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معوقات تحقيق العدالة الإنتقالية

فتحى سيد فرج

2017 / 2 / 11
دراسات وابحاث قانونية


تتشابه أغلب البلدان في المعوقات التي تقف أمام تحقيق العدالة الانتقالية، ولعل أهمها هو الآتي:
أولا : غياب الإرادة السياسية : حيث أن الحديث عن تحقيق عدالة انتقالية في بلد ما ، بدون وجود إرادة سياسية تعتزم محاسبة مرتكبي الجرائم، يعد أمراً لا جدوى منه، لذا يجب أن تقوم الدولة بتطبيق عدّة خطوات :
1. عدم تسييس المحاكمات، أي نزع الطابع السياسي عنها، ويكون ذلك مثلا بتعيين مجلس مستقل للإشراف على التحقيقات والمقاضاة، مثلما حدث في جنوب إفريقيا في منتصف التسعينات.
2. افتراض البراءة قبل المحاسبة لضمان نزاهة المحاكمة، مثلما حدث في المكسيك عندما طلب الرئيس فنسنتي فوكس تعين مدعي عام خاص، للتحقيق في الجرائم الفيدرالية التي ارتكبها الموظفين العموميين ضد الحركات الاجتماعية والسياسية، معلناً ضرورة وجود ثقة في القانون، ونفس الأمر مع اختلاف التوجه بعزل النائب العام من قبل الاخوان وتعين نائب عام يلبى تبرءة أو إدانة من يرغبون .
ثانيا : عدم صياغة إستراتيجية واضحة : لا شك أن تخبط السلطة في صياغة القرارات، وعدم قدرتها على رسم طريق واضح للانتقال بالبلاد إلى وضع أفضل، يضعف كثيراً من فرصة تحقيق العدالة الانتقالية، لذا لا بد من وجود خطة إستراتيجية تصاغ بطريقة جيدة، حتى في حالة وجود عدد ضخم من مرتكبي الجرائم الذين يجب محاسبتهم.
ولوضع خطة إستراتيجية ناجحة، لا بد من مراعاة الآتي:
• أولا : يجب أن تتسم الخطة بالشفافية، بالإضافة إلى رسم الخريطة قبل وضع أي إستراتيجية تفصيلية للمقاضاة، وذلك بإعطاء فكرة عامة عن نوع الجرائم المرتكبة، وزمن ومكان ارتكابها، والهوية المرجحة لمرتكبيها، ويمكن أن يعتمد رسم الخريطة على تحقيقات تفصيلية أو رسمية، كما ينبغي أن يقوم بذلك مجموعة مؤهلة.
• ثانياً يجب توعية الجمهور بإستراتيجية المقاضاة، وأن يتم ذلك بشفافية ووضوح، بالإضافة إلى مشاركة الإعلامي المهني والمجتمع المدني.
ثالثا : عدم وجود نهج تقني ملائم” لفهم جرائم النظام” : ولعل من أهم معوقات تحقيق العدالة الانتقالية، هو اختلاف تقنيات التحقيق في جرائم النظام، عن التقنيات المتعلقة بالجرائم العادية، حيث غالباً ما تكون الأولى “منظمة” يتم فيها تقسيم العمل بين المخططين والمنفذين، بالإضافة إلى وجود ترتيبات في بناء الجريمة وتنفيذها يجعل من العسير إثبات الصلة بين هذين المستويين، خاصة أن تلك الجرائم في كثير من الأحيان يتم ارتكابها من جانب كيانات رسمية، وغالباً بمشاركة أشخاص يتمتعون بقوة سياسية.
أي أننا يمكننا تشبيه عمل النائب العام عند التحقيق في جرائم عادية، بمخرج الفيلم الذي تقتصر مهمته على وصف وقائع الجريمة لتحديد مسئولية المجرم، أما عند التحقيق في جرائم النظام، فهو يشبه المهندس الذي لا تقتصر مهمته على وصف التنفيذ، وإنما أيضاً توضيح الطريقة التي تعمل بها عناصر الجهاز، وهذا يحتاج إلى وجود:
1. تعدد تخصصات القائمين بالتحقيق في الجرائم، لأن أغلب جرائم النظام ترتكبها قوات الجيش أو الشرطة أو قوات شبه عسكرية –سواء رسمية أو غير رسمية- وهذا يتطلب معرفة كيفية عمل تلك المؤسسات قانوناً، وتحليل تصرفاتها الفعلية، وأيضا كيف يتم هيكلة القيادة وأنظمة الاتصالات والأوامر والذخائر والإجراءات التأديبية. وللأسف قد يفتقر المحامون إلى المهارات اللازمة للقيام بهذا التحليل، ويمكن أن تكون المدخلات الكبيرة من الخبرات والتخصصات الأخرى مفيدة جداً في هذا العمل.
2. جمع الأدلة من خلال استرجاع الوثائق وتحليلها، وتحليل الاتصالات والمسائل التشغيلية والذخائر وطريقة رفع التقرير والممارسات التأديبية، لأن ذلك قد يقود إلي أدلة قوية عن السيطرة العامة، ويتطلب ذلك ابتكار ومهارة في التعامل معها لمنع الأشخاص موضوع التحقيق من تخريب الأدلة.
3. يجب تحليل الأنماط عند التحقيق في جرائم النظام، حيث يشير كل نمط إلى مجموعة من الوقائع التي تنطوي على درجة من التخطيط والسيطرة المركزية، بسبب تكررها ومكان حدوثها وطبيعتها، وقد يساعد ذلك على إثبات أن جريمة بعينها جزء من عملية مخططة. ورغم أن جرائم النظام لا تتصل جميعها بشكل منظم، فإن التحقيق في الأنماط يمكن أن يكون حاسماً لتحديد مسئولية الأشخاص الذين يعملون من وراء الستار.
4. يجب وضع نموذج مقترح لهيكل التحقيقات، وإنشاء وحدة متعددة التخصصات للتعامل مع الجرائم الخطيرة كالآتي:
• محامون يتمتعون بالمهارة في طرق إجراء التحقيقات في جرائم النظام.
• خبراء تحليل في مختلف الميادين” عسكريون، تاريخيون، سياسيون”.
• عدد كافي من محققي مسرح الجريمة “الطب الشرعي” .
• وحدة اتصال مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات الضحايا لمساعدتهم وتوعيتهم بحقوقهم، وعلى سبيل المثال فإن 95% من المعلومات والحقائق في جنوب أفريقيا تم التوصل إليها عن طريق منظمات المجتمع المدني.
• خبراء للتعامل مع الاحتياجات المحددة للنساء والأطفال. وقد تم استخدام هذا الهيكل من قبل في المكسيك.
رابعا : عدم احترام احتياجات وحقوق الضحايا : لا فائدة من الحديث عن العدالة الانتقالية، إذا لم يتم إشراك الضحايا في العملية، لأنهم يعتبرون الهدف من تحقيقها في الأساس، وأكثر من عانوا من غيابها، لذلك يجب على الدولة:
1. إشراك الضحايا في العملية : أي إقامة التوازن بين إعطاء الضحية دورا ملائماً في عملية المقاضاة، وبين تجنب إعطائهم انطباع بأن لهم سلطة رفض إجراءات المقاضاة. ومن الناحية العملية سيعتمد أعضاء النيابة اعتماداً فعالاً، على استعداد الضحية لتقديم الأدلة ضد المتهم، ولكن الضحايا يستطيعون عموما تقديم معلومات محدودة لأنه ليس لديهم فكرة عن هيكل المجموعات التي تقف خلف جرائم محددة، لذا فمن المهم أن يفهم الضحايا إستراتيجية المدعي العام وأسباب اختيارهم كشهود ليشعرون بأهمية مشاركتهم في العملية.
2. حماية الشهود.أو مسيس : هناك عنصر جوهري آخر يجب مراعاته احتراماً لكرامة الضحايا، وهو كفالة الحماية الكافية لمن يتعين عليه الإدلاء بالشهادة، وكفالتها أيضاً بعد إدلائه بشهادته، وهو ما يمكن تسميته بمبدأ “عدم الإضرار”
خامسا : قيود تطبيق العدالة الإنتقالية : ترتكز العدالة الإنتقالية على تصور مركزى مفاده أن المطالبة بالعدالة الجنائية ليست مسألة مطلقة، بقدر ما يجب أن تتم موازاتها بالحاجة إلى السلم، والديمقراطية، والتوزيع العادل لنواتج التنمية، وسيادة القانون، وتواجه فى هذا الإطار جملة من القيود، مثل وجود ننظام قضائى ضعيف أو فاسد أو مسيس، انتقال ديمقراطى هش أو شكلى، نقص فى الأدلة الجنائية أو التعمية عليها وعدم أظهارها للمحققين، ارتفاع عدد مرتكبى الانتهاكات خاصة من المسئولين الكبار أو رجال الأمن أو السياسيين المتحكمين فى أتخاذ القرار، ارتفاع عدد الضحايا .
العدالة الإنتقالية بين السياسة والقانون :
من المفيد التأيد ان العدالة الإنتقالية ليست مجرد مفهوم قانونى قائم على عقاب المخطئينبصورة فردية، وتعويض المجنى عليهم، بل هى قائمة فى الأساس على أرادة سياسيةتستهدف تحقيق العدالة للجميع، وإصلاح الاخطاء، والارادة السياسية ليست مجرد ارادة الجهاز السياسى وحدة، بل هى تعبر ايضآ عن ارادة الجماعات والأفراد التى تعرضت للانتهاك فى الفترات السابقة ومرحلة الأنتقال والتحول الديمقراطى .
العدالة الإنتقالية والتحول الديمقراطى :
تتداخل العدالة الإنتقالية مع التحول الديمقراطى فى ثلاث عوامل رئيسة :
• تقوية الديمقراطية : فالديمقراطية لا يمكن أن تقوم إلا بوجود توافق بين مختلف االفاعلين السياسيين، وهو الأمر الذى لا يتحقق إلا بمصالحة البلد مع ذاته وأبنائه، ذلك أن بناء أى مشروع ديمقراطى يقتضى إشراك الجميع بدون إقصاء أو تمييز، بشرط أرساء ثقافة المحاسبة، وضرورة اعتراف المخطئين بما اقترفوه، وتوافق الجميع على احترام حق الاختلاف الفكرى والعقائدى، والألتزام بعدم العودة لحالات النزاع والعنف .
• الواجب الأخلاقى فى مواجهة الماضى : هناك واجبا أخلاقيا فى ضرورة الاعتراف بانتهاكات الماضى، وعدم نسيان الضحايا والناجين من الفظائع التى قد تشكل إعادة الاحساس بالظلم، إذ يستحيل تجاهل الماضى وإلا طفى على السطح مرة ومرات ، لذلك من الأفضل غظهاره بطريقة شفافة .
الارتباط بمعايير الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان : يحضر هذا العامل بشكل قوى، حيث نظام العولمة السائد حاليا لم يعد يقوم فقط على التبادل الاقتصادى، بل ان ذلك لا يحدث بدون احترام مبادئ حقوق الإنسان التى أصبحت معترف بها عالميا .
التجارب المختلفة للعدالة الانتقالية :
سنستعرض تجربتين لدولتين استطاعتا تحقيق العدالة الانتقالية ، مع الأشارة لعجز البلدان العربية عن تطبيق العدالة الإنتقالية :
جنوب أفريقيا : تعد تجربة جنوب أفريقيا هي التجربة الأشهر في تحقيق العدالة الانتقالية، حيث تطلعت إلى القضاء على نظام التميز العنصري الذي كان سائداً فيها، وبدأت فعاليات التجربة في أوائل التسعينات، بعد إطلاق سراح المناضل نيلسون مانديلا.
وتم إجراء مفاوضات مع الحكومة وكيان سياسي يسمى “المؤتمر الوطني الأفريقي”، وبناء على ذلك بدأت التجربة في تشكيل محاكمات شعبية أطلق عليها “لجان الحقيقة والمصالحة”، للكشف عن التجاوزات التي حدثت أثناء نظام الفصل العنصري، وقد استمعت اللجان إلى أكثر من 7 ألاف شهادة ورغم ذلك لم يقدم أحد إلى المحاكمة، لتبني لجان الحقيقة والمصالحة شعار “العفو مقابل الحقيقة، وهو ما جعل الأمر يفشل في البداية بعد غياب محاكمة المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان.
وتعرضت تجربة جنوب إفريقيا إلى انتقادات واسعة، حيث قدّم الضحايا شكاوى جديدة لعدم حصولهم على تعويضات، وعدم تقديم مرتكبي الجرائم في حقهم إلى المحاكمة.
الأرجنتين : في عام 1976، استولى الجنرال خورخي فيديلا بانقلاب عسكري على الحكم في الأرجنتين، و امتدت ممارساته الديكتاتورية إلى حكم أربعة جنرالات بعده، وانتهت في العام 1983 إثر هزيمتها في حرب” جزر الفوكلاند” ضد بريطانيا.
منذ ذلك الحين، شهدت الأرجنتين تغييرات جذرية في التحقيقات والمحاكمات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت بين العامين 1976 و1983، عندما كانت البلاد خاضعة للحكم الدكتاتوري الذي أدى إلى اختفاء حوالي 30000 شخص قسراً، وبعد استعادة الحكم المدني، وضعت الحكومة مجموعة من المبادرات المرتبطة بالبحث عن الحقيقة والمحاكمات والتعويض.
ورث راؤول ألفونسين، وهو الرئيس الأول المنتخب ديمقراطياً بعد انتهاء الحكم العسكري الاستبدادي، نظاماً ضعيفاً وجيشاً قوياً لطالما قاوم المحاسبة عن جرائم الماضي وانتهاكات حقوق الإنسان، لذلك كانت محاولاته الأولى لتعزيز العدالة والمحاسبة كلها ضعيفة.
ووضع ألفونسين قوانين عفو أشير إليها بالـ”نقطة” أو بـ”قوانين الطاعة الموجبة”، حددت مهلة من ستين يوماً بدأت بعدها المحاكمات الجديدة، ومنحت الحصانة لأفراد الجيش من رتبة كولونيل وما دونها بما أنهم نفّذوا الأوامر، وحوكم بعض القادة العسكريين الأساسيين في محاكمتين كبيرتين بعد مرور 18 شهراً فقط على سقوط الحكومة العسكرية.
كذلك أسس ألفونسين اللجنة الوطنية حول الاختفاء القسري للأشخاص لتقصي مصير المفقودين، وأصدرت اللجنة في عام 1984 تقرير Nunca Más (أبداً)، أدرجت فيه أعداد الضحايا ومراكز الاعتقال التي تم فيها تعذيب المعتقلين وقتلهم بأمر من السلطات العسكرية.
وتم، في عهد الرئيس ألفونسين أيضاً اقتراح تعويض الضحايا (على شكل تقاعد جزئي)، وتم سن القانون المنظّم لها في أوائل التسعينيات تحت إدارة الرئيس منعم، فيما أشارت اللجنة الوطنية حول الاختفاء القسري للأشخاص إلى أن عدد الأشخاص المختفين في ظل النظام العسكري بلغ 8960 شخصاً، وتضمنت الملفات الخاصة بهم السجلات الأساسية لبرنامج التعويضات.
ثم أصدر الرئيس منعم عفوين في العامين 1989 و1990، شمل الأول عدداً صغيراً من الضباط الذين حوكموا، أما الثاني فشمل من سبق أن تمت مقاضاتهم والحكم عليهم. وبحلول عام 1990، لم يكن قد تمت إدانة سوى 10 أشخاص، حصلوا كلهم على العفو وأُطلق سراحهم. ولكن قضايا عديدة فُتحت في المحاكم في القسم الأخير من التسعينيات واستمرت منذ ذلك الحين.
المحكمة لها صلاحيات الاستدعاء وليس إصدار الأحكام: وطلب مركز الدراسات القانونية والاجتماعية (CELS) وجمعية Madres de Plaza de Mayo(وهي جمعية أمهات المختفين)، ومجموعات أخرى “محاكمات الحقيقة” بحق المواطنين في المعرفة، ومارس مركز الدراسات القانونية والاجتماعية ضغوطاً على المحاكم لتقصي بعض القضايا، في الوقت الذي تمتعت فيه المحاكم بحق استدعاء المشتبه بهم بجرائم للمثول أمامها والشهادة، غير أنها لم تتمتع بصلاحية الحكم عليهم. وهذا يعني أن التحقيقات القضائية قد تتابع بالتحقيق والتوثيق، ولكن ليس هناك إمكانية للمحاكمة بسبب قوانين العفو.
في موازاة هذه الجهود، استُكملت محاكمات أخرى لأن قانوني “النقطة” و”الطاعة الموجبة” لم تكن تنطبق على الحالات التي تمّ فيها خطف الأطفال عند اعتقال أمهاتهم، وحوكم العسكر بهذه الجرائم على الرغم من أنه لم يكن بالإمكان اعتبارهم مسئولين عن الاعتقال التعسفي والقتل الذي تعرض لهما أهاليهم.
في العام 1999، وفي ظل حكم الرئيس فرناندو دي لاروا حكم قاضي التحقيق الأسباني المشهور “جارسون بالتزار”، في مدريد، على أفراد من القوات المسلحة في الأرجنتين بجرائم الإبادة والإرهاب. ولكن الرئيس رفض مذكرات التوقيف الدولية.
في العام 2001، دفع تحقيق أجرته المحكمة بالقاضي غابرييل كافالو إلى الحكم بعدم دستورية قوانين العفو وعلى كون أحكام القوانين والمعاهدات الدولية تتفوق على القوانين المحلية في الأرجنتين، وعلل ذلك بقوله إن قانوني “النقطة” و “الطاعة الموجبة” ينتهكان مواد الدستور. فيما أيدت محكمة الاستئناف الفدرالية هذين القانونين، غير أنّ المحكمة العليا أعلنت عدم دستورياتها.
انتخب نستور كيرشنر رئيساً في العام 2003، فعالج المسائل المرتبطة بالعدالة والمحاسبة وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت قبل 25 عاماً، وأمر مثلاً بالتعاون مع أوامر تسليم العسكريين المسئولين عن الانتهاكات والذين لم يحاكموا في الأرجنتين.
ولا شك أن منظمات حقوق الإنسان قد ساهمت كثيراً في تحرك الأرجنتين لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان،.فمثلاً قامت جمعية Madres and Abuelas de Plaza de Mayo (أمهات وجدات ضحايا الاختفاء القسري) بالبحث عن الأولاد المختفين الذين ولد بعضهم في مراكز الاعتقال أو الذي اختفوا مع أهاليهم، منذ العام 1977، ولعبت هذه الجمعية إلى جانب جمعيات أخرى دوراً أساسياً في تعزيز العدالة الانتقالية في الأرجنتين، وبالإضافة إلى التحقيقات والمحاكمات، نشر الناشطون الحقوقيون أنواعاً أخرى من المبادرات كالصروح والحدائق، كما حرصوا على الاحتفاظ بالوثائق وإنشاء أرشيف تاريخي. .
تجارب تطبيق العدالة الإنتقالية فى البلدان العربية :
يلاحظ إن أزمة العدالة والمحاسبة فى البلدان العربية تعود إلى ضعف القضاء، وتبعية أجهزة التحقيق والنيابة للسلطات التنفيذة، وغياب إرادة تسوية ملفات الماضى، حيث أن معظم الدول العربية شهدت انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان على مدار عقود طويلة بعد الاستقلال، وفى إطار سعيها للتستر على مثل هذه الانتهاكات تبنت بعض الحكومات ما يعرف بقوانين العفو بدون محاسبة، وفرضت تدابير ضد كل من يسعى إلى انتقاد مثل هذه القوانين، لذلك أضطر بعض الضحايا إلى اللجوء لجهات دولية لانصافهم، حيث أصبحت وسائل العدالة الدولية تطور بشرى وإنتاج حضارى مشترك، والتى تعد العدالة الإنتقالية أحد تجلياتها .
الخلاصــــــــة:
وأخيراً فإنه يمكننا اعتبار العدالة الانتقالية حزمة من الإجراءات التي يجب أن تتخذها الدولة التي خرجت من صراع أو ثورة، وعانت من انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، وهنا يصبح العائق الرئيسي أمام تطبيقها هو عدم رغبة الحكومة في ذلك، أو عجزها.
وكثيراً ما تكون مشكلات الماضي أكثر تعقيداً من القدرة على حلها بمبادرة أو إجراء واحد بدون أي جهود للكشف عن الحقيقة أو التعويض، على سبيل المثال قد ينظر إلى معاقبة قلة قليلة من الجناة على أنه شكل من أشكال الانتقام السياسي، والكشف عن الحقيقة بمعزل عن الجهود الرامية لمعاقبة مرتكبي الانتهاكات.
ويمكن اعتبار الإصلاح المؤسسي بدون نية حقيقية من الدولة، مجرد أقوال لا قيمة لها، فيما يمكن اعتبار التعويضات دون ارتباطها بالمحاكمات القضائية أو الكشف عن الحقيقة “دية”، أي محاولة لشراء صمت الضحايا أو رضاهم.
وعلى الرغم من أن عناصر العدالة الانتقالية من ” لجان الحقيقة، والإصلاح المؤسسي، برامج جبر الضرر، جهود تخليد الذكري” هي العمود الفقري لأي مبادرات للعدالة الانتقالية، إلا أنها في نفس الوقت لا تقبل التجزئة أو الإضافة، ومن مطالعتنا لهذه العناصر نجد أننا في مصر قمنا بتنفيذ معظمها بشكل عشوائي، أدى في آخر الأمر إلى إفلات المجرمين من العقاب وصعوبة – وإن لم يكن مستحيلا- محاكمتهم مرة أخري.

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا




.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم